مطالب بدعم الديمقراطية فى مصر
قالت مجلة فورين بوليسى الأمريكية إن دعوات الناشطين لأوباما من أجل
استغلال أجندة الديمقراطية فى مصر كفرصة إستراتيجية فى منطقة الشرق الأوسط
المضطربة، تبدو بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكى مصدر إزعاج أكثر من كونها
فرصة.
واستنادا على الخفض المدمر من الولايات المتحدة لميزانية دعم الديمقراطية
فى مصر خلال العام الماضى، وبالإضافة إلى ضرب هذه الميزانية مرة أخرى
لتتقلص من 45 مليون دولار إلى 20 مليون دولار، ربما يكون ما هو أكثر ضررا
هو فرض الإدارة الأمريكية لوائح جديدة تمنع وصول المعونة الأمريكية
لجماعات حقوقية لا ترضى عنها الحكومة المصرية. وهذا سيستهدف على وجه
التحديد الجماعات التى تمثل أقوى الإصلاحيين وهم أكثر المحتاجين للتمويل.
وتشير الصحيفة، بينما يثار القلق أحيانا حول اعتبار تمويل الولايات
المتحدة العلنى للإصلاحيين على أنه مصدر خطر وتشويه لهم، تبقى حقيقة أن
تمويل الديمقراطية منح فقط للمصريين الذين تقدموا بطلبات وهم يعلمون وعلى
استعداد لتحمل أى مخاطر. وهناك العديد من الجماعات والأفراد مثل صفوت جرجس
وأحمد سميح وراديو حريتنا والمركز المصرى لحقوق الإنسان ممن هم على
استعداد لطلب التمويل والدعم من الولايات المتحدة علنا بعد أن تم خفض
الميزانية.
وما هو أكثر أهمية من التمويل نفسه، الدعم المعنوى الأمريكى لنشطاء
الديمقراطية الذى يمكنه أن يدعم مجال عملهم وحمايتهم ويمثل تحذيرا للأنظمة
الاستبدادية من التكلفة الدبلوماسية الكبيرة مقابل قمع أى شخص.
وترى الصحيفة أن الأمر يرتبط من جانب آخر بالإصلاح الاقتصادى، إذ أن رجال
الدولة المصرية لا يحتكرون الحياة السياسية فحسب لكن الاقتصاد أيضا. وعلى
الرغم من تسارع معدلات النمو الاقتصادى فى البلاد خلال السنوات الأخيرة
إلا أنها لم تواكب تزايد عدد السكان. فإن قيود نظام مبارك الاستبدادية على
الحرية السياسة والاقتصاد قد أضمرت الطبقة الوسطى النابضة بالحياة
والمجتمع المدنى. وبدلا منها غرقت مصر فى دوامة سلبية من انعدام الفرص
الاقتصادية، تاركة أعدادا كبيرة من الشباب والمواطنين دون عمل، وهم الذين
لم يجدوا سوى منافذ قليلة للتعبير السياسى البناء.
وعلى الرغم من التاريخ الفكرى والثقافى الثرى وتوافر المواد الطبيعية
والموقع الإستراتيجى، لاتزال مصر تقبع فى مستوى منخفض فى معظم مقاييس
التنمية السياسية والاقتصادية. على سبيل المثال، جاءت مصر فى الثلث الأخير
عالميا للأسس الاقتصادية، كما ظهرت من بين أدنى دول العالم فى المؤسسات
الديمقراطية والحكم والحرية الفردية، وتظهر آخر المؤشرات إلى أن المواطنين
المصريين ينقصهم الثقة ليس فقط فى حكومتهم ولكن فى بعضهم البعض.
وتوصى الصحيفة إدارة أوباما باتباع إستراتيجية من ثلاثة أركان، أولها
استعادة بل زيادة تمويل الديمقراطية المحاصرة فى مصر ونشطاء حقوق الإنسان،
وألا تسمح للحكومة المصرية أن تقرر من يحصل على المعونة. ثانيا أن تعمل
الإدارة الأمريكية على إعادة تخطيط برامج التنمية الاقتصادية بشكل يسمح
بدعم صغار رجال الأعمال المصريين بالمناطق الحضرية ودعم المشروعات الصغيرة
والمتوسطة. والأهم أن يقوم كبار مسئولى الولايات المتحدة خاصة الرئيس
أوباما ووزيرة الخارجية هيلارى كلينتون بإعلان دعمهم المستمر لمبادئ
الحرية الدينية وحرية التعبير وحرية التجمع وفتح مجال المنافسة الانتخابية
فى مصر.
وقد يرى البعض أن تنفيذ هذه الخطوات بأى حال من الأحوال من شأنه أن يمنع
العمل البناء مع مبارك الذى لا يزال رئيسا لمصر والذى قد يكون فى بعض
الأوقات حليفا مفيدا، إلا أن سياسة مبارك قصيرة النظر وغير فعالة. علاوة
على أنها تقوم على وجه نظر مبارك فقط وهى التى عملت على إحباط المنشقين
الليبراليين، بينما قدم نفسه بوصفه الرجل القوى الحاسم الذى هو البديل
الوحيد للمتطرفين الإسلاميين.