محمد البرادعي
اهتم معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني بحالتي الأمل والحيوية السياسية
التي أثارتها عودة المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الحاصل
علي جائزة نوبل للسلام د . محمد البرادعي إلي مصر، حيث رأي مدير برنامج
السياسات العربية في معهد واشنطن ديفيد شينكر، أن عودة البرادعي كانت
بمثابة أكثر التطورات المثيرة للاهتمام في السياسة المصرية مؤخرًا، وأنها
شكلت تحديا محتملا للرئيس حسني مبارك ونجله جمال مبارك في الانتخابات
الرئاسية المقبلة المقررة في عام 2011، وتوقع شينكر في تحليله أن النظام
الحاكم الاستبدادي والقانون المصري سيمنعا البرادعي دون شك من الوصول إلي
المرحلة التي يتم فيها انتخابه من خلال صناديق الاقتراع، ولكن مغامرته
بدخول السباق الرئاسي، علي الأقل مؤقتا، ساهمت في تنشيط الناخبين المحبطين
من الأساس.
وأضاف شينكر أن البرادعي يتمتع بجاذبية شعبية وسمعة
دولية كما أنه تم تقليده بأعلي وسام في مصر من الرئيس مبارك شخصيا لجهوده
في خدمة الجمهورية وعمل كمدير للوكالة الدولية لثلاث فترات، ومنذ تقاعده
من الوكالة في ديسمبر الماضي، أصبح البرادعي يتصدر عناوين الصحف لانتقاده
طريقة الحكم في مصر، وتم استقباله عندما عاد مؤخرا للقاهرة من قبل الآلاف
من المؤيدين، وانتقد غياب الديمقراطية وبطء وتيرة الإصلاح وأكد الحاجة إلي
التغيير في بلده في المقابلات التليفزيونية.
ولفت شينكر إلي أن
هناك صعوبات عديدة تواجه أي ترشيح محتمل للبرادعي خصوصا بعد التعديلات
الدستورية الصارمة في عام 2007 ولا سيما المادة 76، بالإضافة إلي أن
القانون يشترط تمثيل أي مرشح مستقل في حزب لمدة خمسة أعوام علي الأقل
والعضوية في الهيئة العليا في أي حزب لمدة عام علي الأقل كما يشترط تأييد
250 عضوا من البرلمان والذي يهيمن عليه أعضاء الحزب الوطني الحاكم، وما
يزيد من صعوبة الأمر بالنسبة للبرادعي هو أنه وافد جديد علي السياسة، ولا
يتوافق مع أي من تلك الشروط، مما يتطلب تعديلات دستورية من أجل ترشيحه،
وتوقع المعهد عدم قبول النظام الحاكم أي تعديل دستوري يساهم في تسهيل
ترشيح البرادعي، خاصة مع حكم الرئيس مبارك لمصر منذ ما يقرب من 30 عاما،
وأضاف ولأن البرادعي يدرك ذلك، لذا قام بتأسيس جمعية وطنية من أجل التغيير
للضغط من أجل تعديل الدستور.
وقال شينكر إن وسائل الإعلام الحكومية
قامت بشن هجوم حاد علي البرادعي في محاولة لتشويه سمعته بزعم أنه لا «يعرف
شيئا عن مصر»، وأنه عميل «للولايات المتحدة» وهو الاتهام، الذي وصفه معهد
واشنطن «بالغريب» في ظل عدم تمتع البرادعي بعلاقات ودية مع الولايات
المتحدة في عهد إدارة بوش، ومن غير المحتمل أن تتحسن تلك العلاقة في عهد
أوباما، فالبرادعي لم يقم فقط بإدانة إسرائيل لدي قصفها منشأة قالت إنها
نووية في سوريا عام 2007 وهو ما أوحي بمعارضة البرادعي لأي عمل عسكري لدرع
البرنامج النووي الإيراني، لكنه أعلن أن إٍسرائيل هي التهديد رقم «1»
للشرق الأوسط.
وقال المعهد إن البرادعي، علي عكس رئيس حزب الغد
المعارض أيمن نور، الذي تسببت حملاته الانتخابية في عام 2005 وشهرته
الكبيرة في الزج به في السجن، إلا أن البرادعي - ولحسن حظه - بما لديه من
جوائز ومكانة دولية، كلها أمور ستبقيه آمنا من مخاطر السجن، ولكنها لن تصل
به إلي صناديق الاقتراع أيضا.
واعتبر شينكر أن ترشيح البرادعي
المحتمل للرئاسة يعبر عن حالة اليأس الذي يعيش فيه كثير من المصريين الذين
يأملون في حدوث قطيعة مع الماضي، وقال: حتي إذا تبددت محاولات البرادعي في
الترشيح للانتخابات إلا أنه سيستمر في إنعاش وجمع المعارضة التي تحاول منذ
وقت طويل البحث عن مستقبل أفضل لمصر.