الدكتور محمد البرادعى
قالت
صحيفة الجارديان، إن صعود الدكتور محمد البرادعى، هو انعكاس لحالة الفوضى
التى تسيطر على أحزاب المعارضة المصرية، وعدم قدرتها على الاستفادة من
السخط الشعبى وحشد الجماهير للقيام بإجراءات فعالة. وأن ترشيح البرادعى
المحتمل للرئاسة يمثل إدانة محزنة لسياسات النظام المصرى فى خنق المعارضة،
وتشكيل المناخ السياسى بحيث يبدو الرئيس مبارك الوحيد بداخله.
وقالت الصحيفة إن وصول البرادعى إلى مصر وموجة الدعم الشعبية الجارفة التى
وجدها دبت حياة جديدة فى الساحة السياسية فى مصر. ففى تحد غير مسبوق
لسياسات الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة فى مصر، تم إقناع البرادعى للعودة
إلى وطنه وإطلاق حملة لتطهير البلاد من الانحلال السياسى بعد ثلاثة عقود
من الحكم الفاسد من قبل نظام الرئيس مبارك.
وقالت الصحيفة إن ترشيح البرادعى يمثل إدانة محزنة لسياسات النظام المصرى
فى خنق المعارضة، وتشكيل المناخ السياسى بحيث يبدو الرئيس مبارك الوحيد
بداخله. بالإضافة إلى أن صعود البرادعى هو انعكاس لحالة الفوضى التى تسيطر
على أحزاب المعارضة وعدم قدرتها على الاستفادة من السخط الشعبى وحشد
الجماهير للقيام بإجراءات فعالة.
غير أن الكاتب يتساءل: كيف أصبح محام ينتمى لعائلة من المحامين الموقرين، والذى يفتقر إلى الخبرة السياسية، وجهاً للإصلاح فى مصر؟
وفى التقرير الذى كتبه خالد دياب، قالت الصحيفة إن عودة البرادعى كانت
أشبه بزيارة رسمية من جانب زعيم عالمى أكثر من كونها عودة لدبلوماسى دولى
رفيع المستوى إلى بلاده. ورصد الكاتب استقبال الأبطال الذى قوبل به
البرادعى فى مطار القاهرة واحتشاد المئات من بينهم ممثلون وشخصيات فى
المعارضة وأدباء لاستقباله.
وتمضى الصحيفة فى القول إنه إذا تم السماح للبرادعى بخوض انتخابات
الرئاسة، وتمكن من الفوز، فإنه سيصبح أول رئيس منتخب ديمقراطياً فى مصر،
بعد أربعة رؤساء أمضوا ما يقرب من 60 عاماً بعد ثورة يوليو 1952 وعدوا
فيها بالديمقراطية والحرية للمصريين.
غير أنه فى الوقت الحاضر، تقول الصحيفة، إن هذا البطل المفترض لرغبة مصر
العميقة فى التغيير يتجرأ بشكل حذر. فقد لمست قدميه بالكاد الأرض عندما
احتفت به الحركة المناهضة للرئيس مبارك واسعة النطاق وجعلته يترأس إئتلاف
التغيير السياسى، والذى يهدف إلى الضغط على الحكومة لجعل الدستور أكثر
ديمقراطية وتعزيز العدالة الاجتماعية. فقد أبدى البرادعى استعداده لخوض
الرئاسة لكن فقط كمرشح مستقل وفى ظل ضمانات بإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
ويجيب قائلاً إن جزءا من الأسباب التى تكمن وراء ذلك هو مكانته الدولية
التى جعلته يحظى بقدر كبير من الاحترام والإعجاب فى بلده. والأكثر من ذلك،
إن شعبية البرادعى دلالة على إخفاق النظام مبارك المتقدم فى العمر فى
إحكام قبضته على السلطة، ودليل أيضا على الإحباط الشعبى من السياسات
الفاسدة وغياب العدالة الاجتماعية والاقتصادية، والمعارضة الواسعة لفكرة
ترشح جمال مبارك للرئاسة. وهذا الإحباط ينعكس فى أسماء حركات المعارضة
التى ظهرت فى السنوات الأخيرة مثل كفاية.
وترى الجارديان أن قرار الإلتفاق حول البرادعى تولد من إدراك النشطاء
والمعارضة فيما عدا الإخوان المسلمين، بأنهم يفتقدون الشخصية التى تتمتع
بكاريزما لتمثيل الشعب. كما أنهم يراهنون على أن مكانة البرادعى الدولية
ستحميه من غضب النظام، ومن أن يلقى نفس مصير أيمن نور. وحتى الآن، يبذل
النظام قصارى جهده لتجاهل عودة البرادعى والتقليل من أهميته.
أما عن فرص نجاح البرادعى، فإن الكثير من الخبراء يتشككون فى أن البرادعى
سيكون قادراً على خوض الانتخابات كمرشح مستقل، وأن الوقت ينفذ أمامه
لإلحاق نفسه بحزب سياسى. والأكثر من ذلك إن الانضمام إلى حزب ما سيقف
عائقاً أمام اتجاه الوحدة الذى يدعو إليه. لكن ربما يكون الوقت مبكراً
للحديث عن فرص البرادعى، فقبل أشهر قليلة لم يكن الكثيرون يفكرون فى الوضع
الراهن. وإلى جانب ذلك، فإن على البرادعى ألا يقلل من تقدير قوة الشعب حتى
فى ظل النظام السلطوى.
وفى النهاية يتوقع الكاتب ألا تتحول مصر بطريقة سحرية إلى الديمقراطية إذا
أصبح البرادعى الرئيس القادم، مشيراً إلى أن هذا الأمر يحتاج إلى جهود
أجيال متعاقبة. وحث الكاتب البرادعى فى حال أصبح رئيساً، أن يمكث فترة
واحدة يتمكن خلالها من تحويل مؤسسات الدولة إلى الديمقراطية تسليم راية
الحكم إلى أجيال جديدة من القادة المنتخبين.