حالة من الغموض تحيط بمصير التحقيقات فى حادث
استشهاد 16 من أبناء القوات المسلحة فى شمال سيناء على الحدود المصرية،
بمنطقة كمين «الماسورة» لقوات حرس الحدود، بعد هجوم عناصر جهادية مسلحة،
بعد مرور أكثر من 150 يوما على الحادث الذى وقع خلال شهر رمضان الماضى، حيث
لا يعرف أحد نتائج التحقيقات التى بدأتها النيابة العسكرية فى تلك القضية،
ولم يتم إسناد الاتهام إلى جناة محددين، ولا تزال جهات التحقيق تتابع
الحادث رسميا، وتحاول الكشف عن آثاره وملابساته سواء داخل المخابرات
الحربية ومجموعات الاستطلاع، أو تحريات النيابة العسكرية، أو من خلال أقوال
عدد من العناصر التكفيرية التى تم القبض عليها خلال العملية الأمنية التى
أجراها الجيش فى سيناء ومازالت مستمرة حتى الآن بالتنسيق مع وزارة
الداخلية، من مصادر مطلعة تكشف لـ«اليوم السابع» «أن عمليات محاسبة وملاحقة
العناصر الإجرامية المسلحة توقفت، منذ شهر أكتوبر الماضى، لاسباب غامضة
وتبع ذلك التوقف تماما عن إصدار أى بيانات من القوات المسلحة تخص منفذى
الهجوم على كمين الماسورة فى جنوب رفح، لتبدأ حالة من التعتيم الشديد حول
نتائج تلك التحقيقات استمرت على مدار الخمسة أشهر الماضية.
وأوضحت المصادر أنه على الرغم من أن القيادة العامة للقوات المسلحة أكدت فى
بيانها الصادر فى اليوم التالى للحادث مباشرة مسؤولية عناصر من قطاع غزة
عن الحادث، وقيامهم بأعمال معاونة للعناصر المنفذة للهجوم على الحدود
الإسرائيلية، فإن المتحدث العسكرى للقوات المسلحة أكد فى مؤتمره الصحفى
الأول وقتها أن هوية الجناة لم تتضح حتى بعد وأن الأمر متروك لجهات
التحقيق، فيما تؤكد المصادر أن منفذى الحادث هم عناصر جهادية تنتمى لقطاع
غزة، وأنه تم إغلاق القضية بضغوط من جهات عليا، معتبرة أن ذلك أهدر حقوق
شهداء الواجب من رجال القوات المسلحة، فى ظل التعتيم على الأمر، وعدم ذكر
أى نتائج للتحقيقات التى أجرتها النيابة العسكرية أو العامة فى هذا الحادث
الأليم، حيث تم طى صفحة التحقيقات فى هذه القضية بشكل نهائى داخل الأدراج
المغلقة بناء على طلب الجهات العليا، وضاعت معها حقوق الشهداء والمصابين.
وتلفت المصادر إلى أن هيئة القضاء العسكرى التى يتولى رئاستها اللواء مدحت
غزى لم تصدر أى بيانات أو معلومات حول النتائج التى أسفرت عنها التحقيقات
طوال فترة تولى غزى رئاسة الهيئة بعد خروج اللواء عادل المرسى رئيس هيئة
القضاء العسكرى السابق.
حادث رفح الذى استهدف جنود مصر غدرا وهم يتناولون طعام الإفطار خلال شهر
رمضان ويوم يوم 5 أغسطس 2012 لم تفصح القوات المسلحة حتى الآن عن منفذيه
إلا من خلال بيان صادر فى اليوم التالى من القيادة العامة للقوات المسلحة،
ذكر أنه فى توقيت الإفطار وعند آذان المغرب فى الساعة السابعة من مساء
السابع عشر من رمضان، هاجمت مجموعة إرهابية بقوة 35 فردا أحد مقار تمركز
قوات حرس الحدود المصرية جنوب رفح، ما أسفر عن استشهاد 16 فردا وإصابة 7
آخرين منهم 3 إصابات حرجة تم نقلهم إلى المستشفيات لعلاجهم، وتم الاستيلاء
على مركبة مدرعة واختراق الحدود المصرية الإسرائيلية من خلالها عن طريق
معبر كرم أبوسالم جنوب قطاع غزة، حيث تعاملت معها القوات الإسرائيلية
ودمرتها.
وأضاف البيان أن الهجوم تزامن معه قيام عناصر من قطاع غزة بالمعاونة، من
خلال أعمال قصف بنيران مدافع الهاون على منطقة معبر كرم أبوسالم، فى إتهام
مباشر من القيادة العامة التى كان المشير حسين طنطاوى يتولى مسؤوليتها فى
ذلك التوقيت لعناصر قطاع غزة، قبل إبعاده من الخدمة بأيام قليلة.
وفى بيانها الثانى يوم 7 أغسطس أكدت القوات المسلحة أن عناصر من الجيش
ووزارة الداخلية تعاونها طائرات القوات الجوية بدأت فى خطة استعادة
الاستقرار والسيطرة الأمنية فى ملاحقة واستهداف العناصر الإرهابية والمسلحة
فى سيناء، وأن القوات تمكنت من تنفيذ المهام بنجاح تام وستستمر فى استكمال
تنفيذ المخطط مناشدة القبائل السيناوية والأهالى التعاون من أجل استعادة
الحالة الأمنية فى البلاد.
وتوالت البيانات التى أصدرها الجيش حول حادث الاعتداء على الجنود المصريين
على الحدود جنوب رفح خلال الأيام التى تلت الحادث مباشرة، منها بيان أكد
أنه تم إلقاء القبض على 6 عناصر إرهابية مسلحة فى شمال سيناء، فى إطار
ملاحقة البؤر الإجرامية والعناصر المسلحة بمناطق العريش ورفح والشيخ زويد،
من خلال دوريات مشتركة من رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية، دون توضيح
مصير تلك العناصر الإرهابية والاتهامات التى تم توجيهها إليها، فيما أدلى
اللواء عادل المرسى، رئيس هيئة القضاء العسكرى السابق بتصريحات لـ«اليوم
السابع» وقتها أوضح فيها أن العناصر الإجرامية، التى تم القبض عليها فى
سيناء لم يتم عرضهم على النيابة العسكرية، وأن التحقيقات الخاصة بالاعتداء
على قوات حرس الحدود، تسير فى مسارها الطبيعى، وتمر بمرحلة التحريات
الدقيقة، من خلال شهود العيان من الأهالى، مؤكدا أن القضية خطيرة، وتحتاج
إلى معاونة من كل الأجهزة الأمنية، وأن النيابة العسكرية تنتظر تحليل
الحامض النووى الخاص بعدد من منفذى العملية، الذين تم التحفظ على أشلائهم
لدى الطب الشرعى، إلا أنه ومنذ ذلك التوقيت لم تصدر أى نتائج حول التحقيقات
فى تلك القضية، سواء من القضاء العسكرى أو المتحدث العسكرى الرسمى للقوات
المسلحة.
المتحدث العسكرى الرسمى للقوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد على
تحدث فى أول لقاء له مع وسائل الإعلام فى 16 سبتمبر 2012 عن العملية
الأمنية التى تقودها القوات المسلحة فى شمال سيناء دون أن يسرد تفاصيل
محددة عن المتورطين فى حادث الهجوم على كمين الماسورة برفح، إلا أنه أعلن
أن القوات المسلحة ضبطت 10 أفراد من المسلحين والعناصر الإجرامية
والتكفيرية، وسلمتهم لمديرية أمن شمال سيناء، مشيراً إلى أن زملاءهم
استهدفوا القسم وعناصر القوات المسلحة، بشكل انتقامى، ما أسفر عن إصابة 7
أفراد من القوات المسلحة، واستشهاد آخر، وإصابة مدنيين بينهم طفلة، دون أن
يعلن عن المتورطين الحقيقيين فى الحادث أو من لهم صلة مباشرة به، أو
هوياتهم للرأى العام، إلا أنه أكد أن القوات الجوية ترصد أماكن تمركز
العناصر الإجرامية والتكفيرية، وأن التحرك سوف يتم وفق معلومات دقيقة،
لتجنب إصابة المدنيين، أو سقوط خسائر فى الأرواح، مع التأكيد على مواجهة
الفكر بالفكر، والسلاح بالسلاح.