سعت إسرائيل بتسريبها لرسالة تكليف السفير المصري الجديد لديها إلى إحراج
الرئيس محمد مرسي بإظهار ما رأته تناقضًا بين التعامل معها بشكل عملي وبين
معتقدات جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها وتعتبرها عدوًا خاصة بعد
دعوة مرشد الإخوان للجهاد ضدها".
هذا تفسير قدمه خبيران سياسيان لمغزى نشر صحيفة إسرائيلية الخميس لتلك
الرسالة "البروتوكولية" الخاصة بتكليف السفير المصري الجديد، رغم أن الرئيس
محمد مرسي أرسلها لنظيره الإسرائيلي شيمون بيريز في 19 يوليو الماضي.
وأثارت الرسالة "المسربة" جدلاً في الأوساط السياسية المصرية، لما تضمنته
من عبارات رأى فيها البعض "توددًا زائدًا عن الحد" خاصة مع وصف بيريز بأنه
"الصديق العظيم"، ولكن الرئاسة المصرية أكدت أن خطابات وزارة الخارجية
المصرية لترشيح السفراء الجدد موحدة، وليس بها تمييز لأحد.
وانتقد المتحدث الرئاسي المصري ياسر علي ضمنًا إسرائيل دون أن يذكرها صراحة
وقال "إن هذه الخطابات سرية ولكن الطرف الآخر سربها للرأي العام ليقول له
إن الرئيس مرسي يصفه بصديقي العزيز للإيحاء بموقف معين، ولكن الحقيقة أن
هذه الصيغة لا تعبر عن أي موقف سياسي".
وبحسب النص المنشور، فقد تضمنت الرسالة كلمات مودة ومحبة واعترافًا بدولة
اسرائيل، وهو ما لا يعكسه بأي حال خطاب الرئيس مرسي تجاه إسرائيل في
المحافل الدولية والمناسبات المختلفة منذ توليه قيادة البلاد، حيث إنه
يتجاهل عادة ذكر اسم إسرائيل في تلك الخطابات.
ورغم وصول السفير المصري الجديد لإسرائيل عاطف سالم سيد الأهل إلى تل أبيب
في 2 سبتمبر/ أيلول الماضي بعد تسلم إسرائيل خطاب تكليفه قبل 3 أشهر إلا أن
توقيت تسريب الخطاب لوسائل الإعلام جاء بعد 6 أيام فقط من دعوة مرشد جماعة
الإخوان محمد بديع للجهاد ضد إسرائيل، وهو ما لفت إليه حسين هريدي، مساعد
وزير الخارجية الأسبق، الذي قال لمراسلة وكالة الأناضول "إن تسريب هذا
الخطاب جاء لإحراج مصر بعد دعوة الإخوان إلى الجهاد ضد إسرائيل".
وربط أشرف الشريف، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، في تصريحات
لمراسلة وكالة الأناضول بين تسريب الخطاب وكلمة المرشد أيضًا وقال "الخطاب
ليس هدفه الرئيسى إحراج الرئيس بقدر ما يهدف إلى دعوته لتحقيق توازن بين
الواقع السياسي العملي الذي ينتهجه ومعتقداته".
وأضاف "الرئيس يحاول بشكل عملي التعامل مع العلاقات المصرية الإسرائيلية
وهو ما يعكس الإخوانية السياسية، بينما جاءت تصريحات المرشد لتعكس العقيدة
الإخوانية التي تحفز جمهور الجماعة ضد إسرائيل وهو ما ترفضه الأخيرة، خاصة
أن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو اشتكى سابقًا من تجاهل مرسي ذكر كلمة
إسرائيل في كل خطاباته الدولية منذ تسلمه السلطة في 30 يونيو/ حزيران
الماضي.
وكان مرشد الإخوان محمد بديع قال في كلمته الأسبوعية أن "تحرير القدس لن
يكون إلا بالجهاد وليس عبر أروقة الأمم المتحدة والمفاوضات والصهاينة لا
يعرفون غير أسلوب القوة، ولا يرجعون عن غيهم، إلا إذا أُخِذُوا على
أيديهم"، مؤكداً أن "استرداد القدس لن يتم إلا بجهاد مقدس، وتضحيات غالية
وبجميع صور المقاومة".
وأثارت دعوة المرشد للجهاد ضجة في إسرائيل، حيث طالب مركز "سيمون فيزنتال"
الإسرائيلي من الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأحد الماضي بالتنديد العلني
لتهديدات مرشد الإخوان الداعية للجهاد ضد إسرائيل وبقطع علاقته مع الجماعة
حتى يتم سحب ما اعتبره تهديدًا لبلاده، كما اعتبر الحاخام مارفين
هيروإبراهيم كوبر هذه الدعوة "معاداة للسامية من قبل رجل له عشرات الملايين
من المؤيدين، وجماعة تتحكم في مستقبل مصر" على حد قوله في تصريحات صحفية.
وكانت جماعة الإخوان علقت على الخطاب البروتوكولي لتكليف السفير المصري
الذي سربته إسرائيل مؤكدة أنها "تعتبر إسرائيل العدو الرئيسي لمصر وتطالب
بتحرير فلسطين"، وشددت على لسان محمود حسين أمينها العام في تصريحات صحفية
"على أنها ليس لها علاقة بموقف الدولة المصرية حتى لو كان الرئيس من
الجماعة لأن الدول تحكمها أحيانًا حسابات لا تخصها".
وقبل الكشف عن خطاب التكليف للسفير المصري الجديد في تل أبيب تفجر جدل في
مصر بعد تبادل السفير الجديد "الأنخاب" مع الرئيس الإسرائيلي خلال مراسم
تسلمه مهام منصبه رسميًا الأربعاء 17 أكتوبر/ تشرين الأول، وأصدر ديوان
الرئاسة الإسرائيلية بيانًا قال فيه إن النخب الذي تبادله السفير المصري
والرئيس بيريز هو نخب ماء لأن المصريين لا يشربون الخمر.