من البداية ...
كنت حلماً يخترق عظامي
نمنمات تسري بخفوت
في صميم الروح
تزلزل الكيان
كنت أنشودتي الأولى
التي ترنم بها القلب طفلاً
لم أكن أدري أنك ستكون
أنشودتي الأخيرة
من البداية ...
وأنا أقتفي آثار ظلك
يتمشى فوق أهداب أوقاتي
بموجة عاتية من الرغبة
حمامة بيضاء تمر
بهديل أمسياتي
بصوت صباباتي
بهزيم صواعقي
في البداية ...
وحين وصلتني ...
لم تفرغ حقائب سفرك
كانت المطارات تنتظر غربتك عني
ومطارات أخرى تفتح ذراعيها لغربتي
ورحيلي ....
لم تكن لي ....
لم تلتفت لي ...
لم تلحظ وجودي ...
خانتك أزمنة السراب
وخانتني أكاذيب القمر
بأنك عائد على جنح نسمة
دفء يندس تحت غطائي
يلامس الصقيع بشهقاتٍ
تنفلت من هول الزمهرير
تلامس الشوق بجمرات القلق
تحاكي الأماسي بوهم المواعيد
يحزنني أنني لم أبكيك
بحجم إحساسي بالخيبة
بحجم مأساتي ...
بهول مشاعري عند
نقطة اللاعودة
وانحسار المدى
بين حرقة وحرقة
أردتك لي
فكنت ضحيتي ..
وردة لن تبارح منابت الوجدان
وكنت ضحيتك ...
حجراً تجرفه السيول
بعيداً عن المصب
من البداية لم تكن لي
وفي النهاية لست لي
وبين البداية والنهاية
منعطفات ...تجرفني
نحو هشيم الإحتراق
فأحترق بنار غيابك
حتى الرمق الأخير ....
وأفنى من سجلات الذاكرة
إلى أبد الآبدين ...