الجنس : عدد المساهمات : 6134نقاط : 8769 تاريخ التسجيل : 29/03/2011الموقع : القاهرة
موضوع: البحث عن السعادة .. الأحد أبريل 01, 2012 2:25 am
البحث عن السعادة --------------------------------------
كل إنسان في هذه الحياة الدنيا ينشد السعادة و يبحث عنها، ولكن لابد من السؤال أولاً: ما هي السعادة؟ أهي الغنى بعد شدة الفقر، أم الصحة بعد المرض و القوة بعد الاستضعاف، أم هي التخلق بالحكمة و العفة؟ هل هي تناول الشهوات، وأن يعيش الإنسان حراً طليقاً دون قيود يفعل ما يحلو له، ولو كان معارضاً للخلق والدين؟ كل هذه الأمور يمكن أن تخطر ببال الإنسان؛ فالسعادة شيء حقيقي وليست وهماً، فالعالِم يسعد بعلمه، والكريم يسعد بكرمه، و المجتهد يسعد باجتهاده، ولذة هؤلاء أعظم ممن يسعد بأكله وشربه و كسبه، ولكن هل هذا هو منتهى حلم الإنسان
تطلعاته؟ فالإنسان بفطرته يتوق دائماً إلى أشياء أخرى. يتوق إلى الأفضل أو الأجمل، ويريد الازدياد؛ فالغني يريد شيئا آخر، والذي حقق فكرته يبحث عما هو أعظم، وليس هناك نهاية إلاّ أن يصل الإنسان إلى الله، و يطمئن إليه ويأنس بعبوديته له، وأنه معه يحفظه ويرشده، وعندما وصل عمر بن عبد العزيز إلى الخلافة، تاقت نفسه إلى شيء أسمى وأعلى، قال: "ولم يبق إلاّ الجنة". مهما عمل الإنسان ومهما سعُد، فإن الدنيا فيها آلام وهموم يعجز عن تحملها، فإذا عمل للآخرة فعندئذ يرتاح من هذه الهموم، وليس هنالك طريق آخر.
السعادة هي أن يكون للإنسان هدف سامٍ يسعى إليه، وغاية كبيرة و رسالة يحملها، ومهما أصابه في سبيلها فهو راضٍ، الثقة بالله هي التي تعطي الإنسان صفاءً في النفس وهدوءاً في البال، وشجاعة في القلب؛ فلا يفرح كثيراً بما أصاب ولا يحزن لما فقد، إننا لو نظرنا إلى وجوه الناس فسوف نلاحظ كيف تعبر عما بداخلها من الهموم، مع أن مظهرهم في لباسهم وابتسامتهم لا يدل على هذا، ولكن التنافس في اقتناء الأشياء قد أخذ جزءاً كبيراً من اهتماماتهم، وسدّ عليهم منافذ السعادة الحقيقية، وإن من معجزات القرآن أن يصف هذه الظاهرة الأبرز ما تكون في عصرنا، قال - تعالى -: (ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر)هكذا تذهب سريعاً عند هؤلاء، فقد أخذ جلّ وقتهم التكاثر حتى فاجأهم الموت. ليست السعادة في الراحة التي يتوهمها كثير من الناس، بل السعادة في التغلب على الصعاب، ومعالجة المشاكل بنفس راضية، و التغلب على الضعف؛ فالخامل هو الذي لا يجد لذة العزيمة و ركوب الأخطار، هذا الخامل الذي يعيش كَلاًّ على غيره كالجنازة تُحمل على الأعناق، والسعادة في الألم الذي يعقبه انتصار، وفي الحزن الذي يأتي بعده الفرح وانشراح الصدر، وفي تسخير ما في الكون لمصلحة الإنسان، ولتحقيق إنسانية الإنسان
فكرت في لحظات حزني وضعفي وأيام همومي وكربي كلما ضاقت علي الأرض بما رحبت واختنقت نفسي بما حملت هتفت: يا حي يا قيوم.. يا قريب يا مجيب لم يتركني يوما أو يتخل عني لم يؤاخذني بأخطائي وذنوبي وأنا من تعصيه في ملكه وتحت سماءه!! وهو الملك جل جلاله.. يجود علي بنعمه فكرت كم أنا جاحدة.. وكلما قرأت قوله جل وعلا.. <<وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعلمون>> كلما قرأتها بكيت.. وأحسست كم أنا مسرفة, بل أنا منافقة يا الله وكأنها نزلت تصف حالي فأنا الجأ إليه عند حاجتي له ادعوه في المصائب والمصاعب وكثيرا ما أنسى فضله في الأفراح والمكاسب
فيا من تسأل عن السعادة وتريد العلا والريادة أقم شرع ربك.. وزد في العبادة.. ألزم يديك بحبل الله معتصما.. فإنه الركن إن خانتك أركان.. ولا تمد يدك إلا لخالقها.. ولا تغتر بالحب وتجعل هوى النفس عنوان.. فما الحب إلا الحب في الرحمن.. وما السعادة إلا بجانب خالق الأكوان.. فلا تضحك على نفسك بحب زائل ماض.. وتذكر أن كل من عليها فان.. ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكرام.. فليته يحلو والحياة مريرة وليته يرضى والأنام غضاب.. إذا صح منه الود فالكل هين.. وكل الذي فوق التراب تراب.