ثروة عائلة مبارك بين مزاعم "الجارديان" وبلاغ السادات
محيط - جهان مصطفى
url=http://www.up.v90v.com/uploads/images_2010_2/v90v.com_20d7a6b687.jpg]
[/url]
ما أن أصدر النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود قرارا بمنع أمين التنظيم السابق فى الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم أحمد عز وثلاثة وزراء سابقين هم زهير جرانة وأحمد المغربى ورشيد محمد رشيد من السفر للخارج وتجميد حساباتهم فى البنوك ، إلا وسارع كثيرون للتساؤل حول ما إذا كانت الخطوة السابقة هي البداية على طريق محاسبة المشتبه بهم بالتقصير والفساد أيا كانت مناصبهم أم أن الأمر مجرد محاولة من النظام الحاكم لامتصاص غضب المحتجين في ميدان التحرير؟ .
ولعل ما ضاعف من أهمية التساؤل السابق أيضا أن الفساد لم يقتصر على شخص أو جهة بعينها وإنما تغلغل على مدى السنوات الماضية في قطاعات واسعة من مؤسسات الدولة ولذا فإنه في حال قام النظام الحاكم بتقديم عدد قليل فقط من الأشخاص ككبش فداء ، فإن الأزمة السياسية المتصاعدة التي تشهدها مصر منذ تفجر ثورة شباب 25 يناير لن تجد طريقها للحل في الأمد المنظور بل إنها قد تتخذ أبعادا أكثر خطورة في حال شعر المحتجون أنه حدث التفاف على مطالبهم وخاصة فيما يتعلق بمحاكمة الفاسدين والمسئولين عن الانفلات الأمني .
وهناك أمر آخر يبعث على القلق في هذا الصدد ألا وهو تركيز أغلب وسائل الإعلام المصرية على فتح ملفات الوزراء والمسئولين السابقين الذين صدر بحقهم قرار النائب العام وتجاهل مزاعم نشرتها صحيفة "الجارديان" البريطانية في 5 فبراير حول ثروة الرئيس مبارك وعائلته رغم أن تسليط الضوء على ثروات أبرز رموز النظام الحاكم لا يعني بالضرورة أن هناك شبهة اتهامات بالفساد تلاحقهم وحتى في حال وجدت مثل تلك الشبهة فإن فتح تحقيق حولها قد يبريء ساحتهم تماما ويزيد من شعبيتهم والأهم أنه يبعث برسالة للجميع مفادها أنه لا أحد فوق القانون .
بل إن التقرير الذي نشرته صحيفة "الدستور" المستقلة في 6 فبراير وكشف عن حجم ثروات الوزراء والمسئولين الذين صدرت قرارات ضدهم من النائب العام جاء هو الآخر ليؤكد أن هناك ضرورة قصوى لعدم الاكتفاء بالخطوة السابقة بالنظر إلى ما عرف عن زواج السلطة والمال في مصر خلال السنوات الماضية ولأن حجم الثروات التي تم الإعلان عنها حتى الآن قد يفسر لغز انتشار الفقر والبطالة في مصر حيث كانت ثمار التنمية على ما يبدو حكرا على قلة من المصريين دون غيرهم وتحديدا رجال الأعمال المقربين من الحزب الحاكم .
ثروات عز والمغربي وجرانة
url=http://www.up.v90v.com/uploads/images_2010_2/v90v.com_9fa705dd13.jpg]
[/url]
أحمد عز
وكانت صحيفة "الدستور" نشرت تقريرا هاما قدمت خلاله قائمة بثروات الوزراء الذين صدرت قرارات من النائب العام بمنعهم من السفر وتجميد حساباتهم المالية في البنوك وهم وزراء الداخلية حبيب العادلي والإسكان أحمد المغربي والسياحة زهير جرانة إضافة إلى أمين التنظيم السابق بالحزب الحاكم أحمد عز.
وقدرت الصحيفة ثروة المغربي بـ17 مليار جنيه مصري وفقا لإقرار الذمة المالية الخاص به في حين أن ثروته قبل توليه منصبه قبل سنوات قليلة كانت حوالي 4 مليارات جنيه فقط .
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد نقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة القول إن المغربي رفض تسديد قروض حصل عليها من البنوك أثناء توليه الوزارة بقيمة 3 مليارات جنيه.
أما جرانة ، فقد كشفت الصحيفة أنه اقترض 4 مليارات جنيه من البنوك قبل توليه الوزارة وذلك لإنقاذ شركته الخاصة التي تعمل في مجال السياحة والفنادق وبعدما تولى منصبه قام بسداد ديونه فضلا عن جمع ثروة تقدر بثمانية مليارات جنيه.
وبالنسبة للعادلي ، قالت "الدستور" إن هناك تكتما على قيمة ثروته الحقيقية ، في حين تبقى التهمة الرئيسية التي يتوقع أن يحاسب عليها هي انهيار الأمن واختفاء الشرطة بعد اندلاع شرارة الثورة خاصة مع ظهور وثيقة لموقع "ويكيليكس" لم تتأكد بعد تشير لتورطه في هذا الشأن.
كما ألمحت الصحيفة إلى غموض مماثل يتعلق بحقيقة ثروة أحمد عز الذي اشتهر بلقب "إمبراطور الحديد" بالنظر إلى غياب الشفافية في مصر، لكنها قالت إنه حصل على قروض من البنوك تقدر بنحو مليار و600 ألف جنيه، كما بلغت مديونية شركته للحديد المستحقة لشركة الدخيلة المملوكة للدولة نحو 750 مليون جنيه سنويا ولم يقم بسدادها.
وكشفت "الدستور" أيضا أن هناك بلاغات قدمت للنائب العام تطالب بالتحفظ على أموال رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف وسلفه عاطف عبيد إضافة إلى وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان.
url=http://www.up.v90v.com/uploads/images_2010_2/v90v.com_313b65607a.jpg]
[/url]
ادعاءات الجارديان
وبصرف النظر عما نشرته "الدستور" وإلى حين انتهاء التحقيقات مع
الأشخاص الذين صدرت بحقهم قرارات من النائب العام لإثبات مدى براءتهم أو إدانتهم في هذا الصدد ، فإن التساؤل الذي بات يشغل أذهان العديد من المصريين : هل يمكن إجراء تحقيق في ادعاءات صحيفة "الجارديان" البريطانية
فمعروف أن الصحيفة زعمت في 5 يناير أن ثروة عائلة الرئيس المصري حسني مبارك تتراوح بين 40 و70 مليار دولار وفقا لتحليل خبراء في الشرق الأوسط.
ونقلت "الجارديان" عن الخبير في سياسات الشرق الأوسط البروفيسور كريستوفر ديفدسون من جامعة دورهام البريطانية القول إن عائلة الرئيس مبارك تمكنت
من جمع ثروتها عبر شراكات في مجال الأعمال مع مستثمرين أجانب وشركات .
وتابعت الصحيفة "ليس مستغربا أن تصل قيمة ثروة أسرة مبارك إلى أكثر من 40 مليار دولار لأن أغلب الشركات الكبرى مفروض عليها أن تقدم 50% من أرباحها السنوية
لأحد أفراد الأسرة".
بل وزعمت "الجارديان" أيضا أن جمال مبارك يملك وحده ثروة
تقدر بـ17 مليار دولار موزعة على عدة مؤسسات مصرفية في سويسرا وألمانيا
والولايات المتحدة وبريطانيا ، قائلة :" جمال يملك حسابا جاريا سريا
في كل من بنك يو بي أس وآي سي أم وتتوزع ثروته عبر صناديق استثمارية عديدة في الولايات المتحدة وبريطانيا منها مؤسسة بريستول آند ويست العقارية البريطانية
ومؤسسة فايننشال داتا سيرفس التي تدير صناديق الاستثمار المشترك".
كما ادعت الصحيفة أن قيمة ممتلكات علاء مبارك وأمواله
الشخصية داخل وخارج مصر تقدر بنحو 8 مليارات دولار
منها عقارات تعدت قيمتها 2 مليار دولار في شارع روديو درايف
بلوس أنجلوس أحد أرقى شوارع العالم وفي ضاحية منهاتن في نيويورك ،
بالإضافة إلى امتلاكه طائرتين شخصيتين ويخت ملكي تفوق قيمته 60 مليون يورو.
بلاغ السادات
ورغم تجاهل أغلب وسائل الإعلام المصرية وخاصة الرسمية منها للإدعاءات السابقة
، إلا أنه سرعان ما كشف راديو "سوا" الأمريكي في 6 فبراير أن محمد أنور عصمت السادات وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية وابن شقيق الرئيس المصري الراحل أنور السادات قدم بلاغا إلى النائب العام ضد جمال مبارك نجل الرئيس المصري حمله فيه مسئولية تدهور الأوضاع في البلاد ، مؤكدا أن محاسبة أحمد عز وحبيب العادلى وأحمد المغربى وزهير جرانة
ومحمد رشيد ليست كافية وإنما لابد من محاكمة الذين صفقوا لهم وشجعوهم على الاستمرار فى الفساد.
واللافت للانتباه أن بلاغ السادات جاء بعد يوم من إعلان التليفزيون
المصري عن استقالة هيئة مكتب الحزب الوطني الديمقراطي
الحاكم التي تشكل أعلى هيئة قيادية فيه
وتضم جمال مبارك نجل الرئيس المصري.
ووفقا للتليفزيون المصري ، فإن الرئيس حسني مبارك "بصفته رئيس الحزب
عين حسام بدراوي أمينا عاما للحزب ولجنة السياسات بدلا من صفوت الشريف وجمال مبارك ".
ورغم أن البعض أكد أن الخطوة السابقة ليست كافية ومجرد محاولة
لتجميل صورة النظام والحزب الحاكم بل وقد تكون خدعة لإجهاض ثورة شباب 25 يناير ،
إلا أن هناك من سارع للقول إن الرئيس مبارك طالما عرف بوطنيته الشديدة ونزاهته وعشقه لمصر
ولم يكن يتساهل يوما مع أي تقصير أو فساد إلا أنه يدفع حاليا ثمن فساد
البطانة المحيطة به والتي يبدو أنها لم تكن تنقل له الصورة كما هي على أرض الواقع بل إن
نجله جمال يدفع أيضا ثمن ثقته في بعض
رجال الأعمال ممن استغلوا قربهم منه لتحقيق الثراء الفاحش .
وأيا كانت حقيقة التفسيرات السابقة ، فإن التحقيق في مزاعم "الجارديان"
وبلاغ السادات قد يكون بمثابة فرصة ذهبية للرئيس مبارك ونجله لإزالة أي لبس في هذا الصدد
وتبرئة ساحتهما ليس فقط أمام الشعب المصري وإنما أيضا أمام التاريخ .