قرأت هذا الموضوع واعجبنى
فنقلته لكم لنتحاور فيه حوار جادا وفعالا
المهدي محمد بن عبدالله هو أحد الخلفاء الثلاثة
يملك من سبع إلى تسع سنين تنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط، تخرج
الأرض نباتها وتمطر السماء قطرها، ويعطى المال بغير عدد. ويلقب بالمهدي،
لكن هناك ثلاثة خلفاء قادمون، وسنبين أن هناك خلافة قادمة وسيكون فيها
ثلاثة خلفاء راشدين وليس واحد فحسب، بل كل منهم لقب بالمهدي، لذلك اختلط
الأمر على العديد من العلماء والباحثين وضعفوا بعض الأحاديث لتناقضها دون
العلم بوجود ثلاثة خلفاء كل منهم يختلف عن الآخر وكل منهم لقب بالمهدي،
وسنبين ذلك بإذن الله.
ومن الحقائق الهامة التي يجب معرفتها، أن الشيعة ينظرون إلى أن المهدي قد
ولد منذ قرون وأنه مازال حياً إلى الآن، وأنه يظهر أحياناً، والبعض يظن أنه
مختبيء في سرداب أو مغارة، ولاحقيقة لكل ذلك. والشيعة أيضا يلقبون مهديهم
بالمهدي حينا وبالقائم حينا آخر، والحقيقة أن الروايات الصحيحة تبين لمن
يمحصها أن المهدي رجل والقائم رجل آخر، لكن كان التخبط في الإستيعاب عندما
ظن العلماء أنه مهدي واحد. والحقيقة أن المهدي رجل والقائم رجل آخر، وهذا
ماسنبينه بإذن الله.
الإستنتاج: المهدي ليس في سرداب وليس في مغارة إنما هو آت، وهناك ثلاثة
خلفاء وليس خليفة واحد، وكل منهم لقب في أحد ألقابه بالمهدي. فليس هناك
مهدي بل هناك ثلاثة خلفاء كل منهم لقب في حديث أو أثر بالمهدي لذلك اختلط
الأمر على العديد من علماء السنة وقطعا على أغلبية علماء الشيعة، وسنبين
البرهان في وجود الثلاثة بإذن الله.
الخلفاء المهديين الثلاثة
قبل المضي في ملاحظاتنا حول تفسير آيات الإفساد في سورة الإسراء وقبل القول
بأن الخلفاء الثلاثة المهديين هم من عبادا لنا وجب علينا أن نبين أن هناك
خلفاء ثلاثة كل منهم ملقب بالمهدي.
توضيح وجود الخلفاء المهديين الثلاثة
نحن قلنا دائما أن هناك ثلاثة خلفاء في مرحلة الخلافة القادمة، ولكل منهم
عدة ألقاب ومنها لقب المهدي ولذلك كان الإرتباك في فهم الأحاديث والآثار
عند أهل السنة وعند أهل الشيعة.
لأن الأغلبية لم تدرك أن هناك ثلاثة خلفاء، وأن كل منهم قد لقب أحيانا بالمهدي وأحيانا بألقاب أخرى،
فالخليفة الأول من ألقابه البارزة: "الهاشمي"، "الجابر"، "الخرساني"، ولكنه لقب أيضا بالمهدي.
والخليقة الثاني هو "محمد بن عبدالله" وهو المعروف في أغلبية الأحاديث والآثار وعند الناس بالمهدي.
والخليفة الثالث هو "الرجل الصالح" ومن ألقابه "القائم" ومنها أيضا المهدي.
لذلك ارتبك أهل السنة وأهل الشيعة فيما ورد في الصحيح وفي الضعيف، حيث أصبح
هناك تناقض في ماورد لمن لم يفقه حقيقة وجود ثلاثة خلفاء كل منهم لقب
بالمهدي، وبما أن أكثر الأحاديث والآثار التي تذكر المهدي كانت في محمد بن
عبدالله، استنتج الأغلبية أن كافة الأحاديث والآثار التي تذكر لقب المهدي
هي في محمد بن عبدالله وهذا خطأ كبير. واستنتج البعض أن بعض الأحاديث
والآثار التي تذكر المهدي ولكن تتعارض مع أكثرية الأحاديث والآثار الواردة
في المهدي محمد بن عبدالله فلا بد أن تكون غير صحيحة وهذا أيضا خطأ كبير،
فالحقيقة هي عدم وجود تناقض بين الأحاديث والآثار لمن يتدبرها ويمحصها ولمن
يتخصص في علامات الساعة.
سنبين الآن بإذن الله وباختصار شديد برهان وجود ثلاثة خلفاء مهديين.
عدم حصر الخلافة القادمة بخليفة واحد
حدثنا سليمان بن داود الطيالسي، حدثني داود بن إبراهيم الواسطي، حدثني حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير قال:
"كنا قعودا في المسجد مع رسول الله ، وكان بشير رجلا يكف حديثه، فجاء
أبو ثعلبة الخشني فقال: يابشير بن سعد تحفظ حديث رسول الله في الأمراء؟
فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته، فجلس أبو ثعلبة، فقال حذيفة: قال رسول الله
تكون النبوة فيكم ماشاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون
خلافة على منهاج النبوة، فتكون ماشاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله
أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ماشاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا
شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ماشاء الله أن تكون ثم يرفعها
إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت". (مسند أحمد -
أول مسند الكوفيين)
إن الحبيب عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام لايعجز أان يقول: "ثم يأتي
خليفة يحكم على منهاج النبوة، أن كان لاخليفة غيره، لكن قول الحبيب عليه
وعلى آله أفضل الصلاة والسلام " ثم تكون خلافة على منهاج النبوة" يشير إلى
عدم حصر الخلافة بخليفة واحد.
ثلاثة خلفاء صالحين يمكثون أربعين سنة ثم لاخير في الدنيا بعدهم
حدثنا علي بن محمد بن عبدالله الربعي قراءة منى عليه من أصل كتابه قال
أخبرنا محمد بن محمد بن اللباد قال حدثني يحيى بن عمر قال حدثنا أبو جعفر
الأيلي هارون بن سعيد عن عبدالله بن وهب عن ابن أنعم عن أبي عبدالرحمن
الحبلي عن عبدالله بن عمرو قال سيلي هذه الأمة ثلاثة يتوالون يقيمون أربعين
سنة لاخير في الحياة بعدهم الْمُجَبِّرُ وَالْمُفَرِّخُ وذو العصب، قال
قلت ماالمجبر؟ قال يجبر الناس على يديه قال فقلت فالمفرخ؟ قال يكون للناس
كالطير لفروخها، قال قلت له فذو العصب؟ قال هو رجل صالح وقد نسيت ماقال لي
فيه (السنن الواردة في الفتن للداني). المقصود بالأربعين سنة هي المدة الذي
يحكمون خلالها وليس مجموع زمن حكمهم، والمجبر هو الهاشمي والمفرخ هو محمد
بن عبدالله وأمير العصب هو الرجل الصالح.
الدليل على وجود خليفتين كل منهما له لقب المهدي
نحن نعرف أن المهدي محمد بن عبدالله سيحكم من سبع إلى تسع سنين، وأن فترة
حكمه لن ترى أي نوع من القحط، بل تكون سنين خير يسقيه الله الغيث، وتخرج
الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، ونحن نعرف
أيضا أن المسيح الدجال سيخرج ثم ينزل نبي الله عيسى عليه السلام فيصلي عيسى
عليه السلام خلف المهدي في القدس، إذن يخرج الدجال في زمن المهدي.
ونحن نعرف أيضا أن الدجال يسبق خروجه ثلاث سنين قحط لاينزل الغيث، ولاتخرج
الأرض نباتها، ولاتكثر الماشية، فكيف يكون هناك تناقض واضح في أحاديث صحيحة
تصف مرحلة حكم المهدي
بسنين خير ينزل فيها الغيث، وتخرج الأرض نباتها، وتكثر الماشية فلا قحط ولا جوع.
وأحاديث أخرى تصف ثلاث سنين من مرحلة حكم المهدي ممايعادل تقريبا نصف مدة حكمه بسنين قحط، لا مطر ولا نبات ولا خير.
والجواب بسيط، توصف الأحاديث مرحلتين مختلفتين من الزمان، يحكم في الأولى
مهدي، ويحكم في الثانية مهدي آخر. فهناك المهدي محمد بن عبدالله وهو
الخليفة الثاني وفي زمانه الخير ولايوجد أي قحط، وهناك المهدي الرجل الصالح
وهو الخليفة الثالث وفي زمانه ثلاث سنين قحط تسبق ظهور الدجال، فينزل عيسى
عليه السلام فيصلي خلف المهدي الرجل الصالح ثم يقتل الدجال، وإليكم القليل
الملخص مما لدينا من أحاديث وآثار تثبت مانقول.
مرحلة الخير والغيث والنبات في زمن المهدي محمد بن عبدالله باختصار شديد
عن مجاهد رضي الله عنه قال: حدثني رجل من أصحاب النبي أن المهدي لايخرج
حتى يقتل النفس الزكية، فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن
في الأرض، فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها،
وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا وتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء مطرها وتنعم
أمتي في ولايته نعمة لاتنعمها قط، (أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف إسناده
صحيح قوي).
يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي
المال صحاحا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعا أو ثمانية، (سلسة
الأحاديث الصحيحة).
الإستنتاج الأول: هذه الأحاديث تشير إلى المهدي محمد بن عبدالله وتؤكد أن
خلال مدة حكمه تنعم الأمة حيث يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي
المال صحاحا، وتكثر الماشية فيحكم سبعا أو ثمانية وفي أحاديث أخرى من سبع
إلى تسع، فلا قحط في زمانه.
خروج الدجال وثلاثة سنين القحط باختصار شديد
عن أبي أمامة مرفوعاً إلى النبي أنه قال: "وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات
شداد، يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن
تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء، في الثانية
فتحبس ثلثي مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر الله السماء،
في السنة الثالثة، فتحبس مطرها كله، فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض، فتحبس
نباتها كله، فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت، إلا ماشاء الله"،
(جزء من حديث رواه ابن ماجة وابن خزيمة والضياء).
حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا جرير بن حازم عن قتادة عن شهر بن حوشب عن
أسماء بنت يزيد قالت: كنا مع النبي في بيته، فقال: "إذا كان قبل خروج
الدجال بثلاث سنين حبست السماء ثلث قطرها وحبست الأرض ثلث نباتها، فإذا
كانت السنة الثانية حبست السماء ثلثي قطرها وحبست الأرض ثلثي نباتها، فإذا
كانت السنة الثالثة حبست السماء قطرها كله وحبست الأرض نباتها كله فلا يبقى
ذو خف ولا ظلف إلا هلك، فيقول الدجال للرجل من أهل البادية أرأيت إن
بعثت إبلك ضخاما ضروعها عظاما أسنمتها أتعلم أني ربك؟ فيقول نعم، فتمثل
له الشياطين على صورة إبله فيتبعه ويقول للرجل أرأيت إن بعثت أباك وابنك
ومن تعرف من أهلك أتعلم أني ربك؟ فيقول نعم فيمثل له الشياطين على صورهم
فيتبعه ثم خرج رسول الله وبكى أهل البيت، ثم رجع رسول الله ونحن نبكي،
فقال: مايبكيكم؟ فقلت يارسول الله ماذكرت من الدجال، فوالله إن أمة
أهلي لتعجن عجينها فما تبلغ حتى تكاد تفتت من الجوع فكيف نصنع يومئذ فقال
رسول الله يكفي المؤمنين عن الطعام والشراب يومئذ التكبير والتسبيح
والتحميد، ثم قال لاتبكوا فإن يخرج الدجال وأنا فيكم فأنا حجيجه، وإن
يخرج بعدي فالله خليفتي على كل مسلم"، (مسند أحمد).
الاستنتاج الثاني: هذا الحديث يشير إلى ثلاثة سنين قحط تنتهي بخروج الدجال
ممايثبت أن الدجال لايخرج في زمن المهدي محمد بن عبدالله لأنه لاقحط في
زمانه، فيستحيل أن يخرج الدجال في زمن المهدي محمد بن عبدالله.
خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام وصلاته خلف الرجل الصالح باختصار شديد
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم
فيكم، وإمامكم منكم"، (أخرجه الإمامان، البخاري ومسلم في صحيحيهما).
ومن الحديث الذي أوردناه سابقا في ذكر عيسى عليه السلام، فقالت أم شريك بنت
أبي العكر: "يارسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال: هم يومئذ قليل، وجلهم
ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح، إذ
نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح، فرجع ذلك الإمام ينكص، يمشي القهقرى،
ليتقدم عيسى يصلي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له تقدم فصل،
فإنها لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم، فإذا انصرف قال عيسى عليه السلام:
"افتحوا الباب، فيفتح، ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي، كلهم ذو سيف
محلى وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذاب، كما يذوب الملح في الماء، وينطلق
هاربا، ويقول عيسى عليه السلام إن لي فيك ضربة، لن تسبقني بها، فيدركه عند
باب اللد الشرقي، فيقتله، فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مماخلق الله
يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا حجر، ولا شجر، ولا حائط، ولا
دابة، إلا الغرقدة، فإنها من شجرهم، لا تنطق، إلا قال: ياعبدالله المسلم
هذا يهودي، فتعال اقتله"، (سنن ابن ماجة).
والنص الذي أورده إسحاق بن حنبل، فقالت له أم شريك: "يارسول الله، فأين
الناس يومئذ؟ قال: بأكناف بيت المقدس، ثم يخرج حتى يحاصرهم وإمام الناس
يومئذ رجل صالح يقال له: صل الصبح، فإذا كبر ودخل في الصلاة نزل عيسى ابن
مريم عليه السلام فإذا رآه ذلك الرجل عرفه، فيرجع يمشي القهقرى، ليتقدم
عيسى، فيضع عيسى يده بين كتفيه، فيقول له: صل فإنها أقيمت لك، فيصلي عيسى
ورائه، ثم يقول: افتح الباب، فيفتح الباب مع الدجال يومئذ سبعون ألف يهودي،
وكلهم ذو ساج وسيف محلى، فإذا نظر إلى عيسى ذاب كما يذوب الرصاص في النار،
والملح في الماء، ثم يخرج هاربا فيقول عيسى: إن لي فيك ضربة ولن تفوتني
بها، فيدركه عند باب اللد الشرقي فيقتله، فلا شيء مماخلقه الله يتوارى به
يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا شجرة ولا حجر، ولا دابة إلا قال:
ياعبدالله المسلم، هذا يهودي فاقتله، إلا الغرقد فإنها من شجرهم"، (الفتن
لإسحاق بن حنبل ومسند الروياني).
الإستنتاج الثالث: هذا الحديث يشير إلى أن ظهور الدجال يكون في عهد الرجل
الصالح، وهو الذي يكون في زمانه ثلاثة سنين قحط حيث تسبق سنين القحط خروج
الدجال فيخرج الدجال في زمانه ثم ينزل عيسى عليه السلام ويصلي خلف إمام
المسلمين الرجل الصالح وهو غير محمد بن عبدالله.
تعريف الرجل الصالح بالمهدي باختصار شديد
قال الحارث بن أبي أسامة في مسنده حدثنا إسماعيل بن عبدالكريم حدثنا
إبراهيم بن عقيل عن أبيه عن وهب بن منبه عن جابر قال قال رسول الله : ينزل
عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا فيقول لا إن بعضهم أمير بعض
تكرمة الله لهذه الأمة، (وهذا إسناد جيد، المنار المنيف في الصحيح والضعيف
- ابن قيم الجوزية فصل - 50 - حديث لامهدي إلا عيسى ابن مريم).
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول ، وذكر الدجال، وقال
فيه إن المدينة لتنفي خبثها، كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم
يوم الخلاص قالت أم شرك: فأين العرب يارسول الله يومئذ؟ قال هم يومئذ قليل،
وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم مهدي رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي
بهم الصبح، إذ نزل عيسى ابن مريم، حين كبر للصبح فرجع ذلك الإمام ينكص،
ليتقدم عيسى يصلي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه فيقول تقدم فصلها، فإنها
لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم، (أخرجه الحافظ أبو نعيم، في كتاب الحلية
وأخرجه والروياني وابن خزيمة وأبو عوانة والحاكم وأخرجه الحافظ أبو عبدالله
محمد بن يزيد بن ماجة؛ في سننه أتم من هذا وأخرجه الحافظ أبو عبدالله نعيم
بن حماد، في كتاب الفتن بمعناه)
الإستنتاج الرابع: هذه الأحاديث توضح أن الذي يصلي خلفه عيسى عليه السلام هو رجل صالح مهدي أي غير المهدي محمد بن عبدالله
الإستنتاج الأخير: لاشك أن هناك رجلان كل منهم خليفة وكل منهم يلقب
بالمهدي، أحدهم محمد بن عبدالله وهو المعروف عند الناس بالمهدي الذي يحكم
من سبع إلى تسع والذي ينعم بسنين خير ينزل فيها الغيث، وتخرج الأرض نباتها،
وتكثر الماشية، فلا خروج للدجال في زمانه ولا قحط في زمانه. وأما الآخر،
فهو الذي يلي ويحكم بعد محمد بن عبدالله وهو الرجل الصالح ولقب أيضا
بالمهدي وهو الذي يظهر الدجال في زمانه وينزل عيسى عليه السلام ويصلي خلفه.
الدليل في وجود الخليفة الثالث المهدي
نحن نعرف أن بيعة المهدي محمد بن عبدالله تكون في مكة بين الركن والمقام،
وكما وضحنا فهو يحكم قبل خروج الدجال، ونعرف أيضا أن الدجال يظهر في زمن
الرجل الصالح وبذلك اتضح لنا أن الرجل الصالح يحكم بعد محمد بن عبدالله.
إذن يحكم أولا محمد بن عبدالله ثم يحكم الرجل الصالح. وسنبين الآن أن هناك
خليفة ثالث وهو الهاشمي حيث يبايع قبل محمد بن عبدالله فيكون الترتيب في
مراحل الحكم كالتالي:
الخليفة الاول: هو "الهاشمي" وهو الجابر ولكنه لقب أيضا بالمهدي. الخليفة
الثاني: هو "محمد بن عبدالله" وهو المعروف عند الناس بالمهدي. الخليفة
الثالث: هو "الرجل الصالح" ولكنه لقب أيضا بالمهدي.
بيعة الخليفة الأول الهاشمي في المشرق وميز هنا بلقب خليفة الله المهدي
عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا رأيتم الرايات
السود قد جاءت من قبل خراسان فأتوها فإن فيها خليفة الله المهدي"، (رواه
أحمد، والحاكم والروياني والبيهقي في دلائل النبوة)
قال ابن ماجه: حدثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف قالا، حدثنا عبدالرزاق عن
سفيان الثوري عن خالد الخزاعي أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يُقْتَلُ عند كنْزِكمِ ثلاثةُ
كلَّهُم ابن خليفةٍ لايصير إلى واحد منهم ثم تَطْلُعُ الراياتُ السود من
قِبَل المشرق فيقاتلونكم قتالاً لم يقاتله قوم، ثم ذكر شيئاً لاأحفظه قال
فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله المهدي"، (تفرّد
به ابن ماجه، وهذا إسناد قوي صحيح أورد العلامة ابن كثير).
عن سين بن حفص ثنا سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن
ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يقتتل عند
كنزكم هذا ثلاثة، كلهم ابن خليفة ثم لايصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات
السود من قبل المشرق فيقاتلونكم قتالا لم يقاتله قوم ثم ذكر شيئا فقال إذا
رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج إنه خليفة الله المهدي"، (سنن ابن ماجه
كذا ذكره السيوطي وفي الزوائد كذا إسناده صحيح رجاله ثقات ورواه الحاكم في
المستدرك على الصحيحين وقال صحيح على شرط الشيخين).
وفي رواية ابن عبدان، ثم تجيء الرايات السود فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم،
ثم يجيء خليفة الله المهدي فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه، فإنه خليفة الله
المهدي. "وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن
الحسين الخسروجردي، حدثنا موسى بن عبدالمؤمن، حدثنا أبو جعفر محمد بن
مسعود، أخبرنا عبدالرزاق، فذكره بإسناده ومعناه وقال: فإذا رأيتموهم
فبايعوهم ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي"، (تفرد به
عبدالرزاق، عن الثوري، وروي من وجه آخر، عن أبي قلابة، وليس بالقوي، دلائل
النبوة للبهيقي).
وفي العرف الوردي، قال العلامة الألباني رحمه الله: ضعيف، (ضعيف
الجامع)(6434) و (الضعيفة)(85)، وقال الشيخ بشار عواد معروف: إسناده صحيح،
لكن في متنه نكارة كما بينة العلامة الألباني مفصلا في (الضعيفة) .اهـ و
قال ابن كثير في (النهاية)(ص26): تفرد به ابن ماجة وهذا إسناد قوي صحيح اهـ
وقال البوصيري في (زوائده)(1442): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رواه الحاكم
في (المستدرك)(4\463\4880) من طريق الحسين بن حفص عن سفيان به وقال هذا
صحيح على شرط الشيخين، ورواه أحمد في (مسنده)(5\277) ولفظه: (إذا رأيتم
الرايات السود وقد جاءت من قبل خراسان فأتوها فان فيها خليفة الله
المهدي).اهـ
إذن تأتي هذه الرايات وفيها خليفة ولاتكون الخلافة إلا بالبيعة، فميز هذا
الخليفة بلقب خليفة الله المهدي، هناك من قال أن عبارة "خليفة الله المهدي"
زيادة في الحديث وقولهم هذا خطأ، فكيف يكون الحديث صحيحا ومن رواته رجال
أهل ثقة ثم نحذف جزء من الحديث. فمن قال أنها زيادة كان على خطأ وسببه عدم
إدراكهم بوجود أكثر من مهدي.
الإستنتاج الاول: هناك بيعة للهاشمي الذي يأتي برايات سود من قبل المشرق،
أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بمبايعته ولو حبوا على الثلج. والآن سنبين
أن بيعة الهاشمي تكون قبل بيعة المهدي محمد بن عبدالله.
الأحاديث التي تشير إلى أن هدف هذه الرايات السود تحت خلافة الهاشمي هو
بيعة المهدي محمد بن عبدالله وبذلك تكون بيعة محمد بن عبدالله بعد بيعة
الهاشمي.
أخبرني أبو بكر بن دارم الحافظ بالكوفة، ثنا محمد بن عثمان بن سعيد القرشي،
ثنا يزيد بن محمد الثقفي، ثنا حبان بن سدير، عن عمرو بن قيس الملائي، عن
الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس، وعبيدة السلماني، عن عبدالله بن مسعود
رضي الله عنه، قال: "أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلينا
مستبشرا يعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به، ولاسكتنا
إلا ابتدأنا، حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلما رآهم
التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يارسول الله مانزال نرى في وجهك شيئا نكرهه،
فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنه سيلقى أهل بيتي
من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد، حتى ترتفع رايات سود من المشرق فيسألون
الحق فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، فيقاتلون
فينصرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبوا على
الثلج فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم
أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما"،
(المستدرك على الصحيحين للإمام محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري، رجاله
ثقات إلا حبان).
لكنه ورد عن طريق آخر حدثنا عثمان ابن ابي شيبة ثنا معاوية بن هشام ثنا علي
بن عاصم عن يزيد بن ابي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله قال: "بينما
نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم
النبي صلى الله عليه وسلم اغرورقت عيناه وتغير لونه، قال: فقلت: مانزال
نرى في وجهك شيئاً نكرهه، فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على
الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتى يأتي قوم
من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون،
فيعطون ماسألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملؤها
قسطاً كما ملؤوها جوراً فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواًعلى الثلج"،
(كتاب 'الفتن' الحافظ أبو عبدالله- نعيم بن حماد شيخ الإمام البخاري
وأستاذه والذي توفي في عام 229 هـ، وسنن ابن ماجة والمصنف لابن ابي شيبة،
وابن عدي في الكامل، وأخرج مثله أبو عمرو الداني والبزار والطبراني والحاكم
-- وقالو يسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون، رجاله ثقات - تحقيق
العلامة أحمد بن محمد بن الصديق الشافعي المغربي في كتابه - إبراز الوهم
المكنون من كلام ابن خلدون).
وعند الإمام نعيم بن حماد زايدة في آخره "فإنه المهدي" وعند المتقي الهندي
نسبا الإكمال "فانها رايات هدى" وفي العرف الوردي - قال البوصيري في
(زوائده)(1441): هذا إسناد فيه يزيد بن أبي زياد الكوفي مختلف فيه رواه ابن
أبى شيبة في (مسنده( ..وأبو يعلى الموصلي بزيادة ونقص ألفاظ، لكن لم ينفرد
به زياد بن أبى زياد عن إبراهيم فقد رواهـ الحاكم في (المستدرك) عن طريق
عمرو بن قيس عن الحكم عن إبراهيم به .اهـ ،قلت: رواية الحاكم (4\464\8434)
التي أشار إليها البوصيري، وقال الحافظ الذهبي في (تلخيصه): هذا موضوع، قال
الألباني رحمه الله: ضعيف، (ضعيف ابن ماجة)(886) وقال الشيخ أحمد الغماري
في(إبراز الوهم المكنون)(97) حديث حسن، وقال أخوه عبدالله في كتابه (ص28)
وذكر قول الذهبي: موضوع، فقال: لا والله ماهو موضوع ومن أين يأتيه الوضع،
وليس في رجاله إسناده كذاب ولا وضاع، فالحكم بوضعه مجازفة، لاسيما وله طرق
منها ماتقدم عن ابن ماجة ومنها عن ثوبان، والعجب أن هذا الطريق. أخرجه
الحاكم وصححه على شرط الشيخين، وأقره الذهبي نفسه.
قوله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام فليأت إمام أهل بيتي ولو حبوا على
الثلج، أي فلينصر الهاشمي وقول، فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل
بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي أي يدفعون الخلافة الذي يملكونها
إلى محمد بن عبدالله
الإستنتاج الثاني: هدف هذه الرايات السود الأول هو البيعة لمحمد بن عبدالله
في مكة إذن تكون بيعة الهاشمي قبل بيعة المهدي محمد بن عبدالله في مكة.
الإستنتاج الأخير بعد التوضيح السابق لوجود خليقتين وبعد توضيح وجود خليفة ثالث، يكون هناك ثلاثة خلفاء كل منهم لقب أيضا بالمهدي
الخليفة الأول: هو "الهاشمي" وهو الجابر ولكنه لقب أيضا بالمهدي. الخليفة
الثاني: هو "محمد بن عبدالله" وهو المعروف عند الناس بالمهدي. الخليفة
الثالث: هو الرجل الصالح ولكنه لقب أيضا بالمهدي.