فى تطور لأزمة العلاقة بين الدولة والفضائيات الخاصة، أصدرت الهيئة العامة للاستثمار، قراراً، أمس، بإغلاق مؤقت لمجموعة قنوات «الخليجية» و«الحافظ» و«الصحة والجمال» و«الناس» التابعة لشركة «البراهين» السعودية، اعتباراً من الخميس المقبل، لمخالفتها شروط الترخيص، لتنهى الهيئة سلسلة طويلة من الإنذارات وجهتها للقنوات الأربع، وأعلنت الهيئة أيضاً عن توجيه إنذارات لقناتى «أون. تى. فى» و«الفراعين» لمخالفتهما أيضاً شروط الترخيص، دون أن توضح الهيئة الشروط التى تمت مخالفتها.
وبينما كشف مصدر مسؤول بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، عن أن هذه القرارات تأتى على خلفية «شكاوى» مقدمة للهيئة ضد هذه القنوات، فقد أكد رؤساء القنوات التى تقرر إغلاقها أنهم لم يتلقوا أى إنذارات سابقة بمخالفة شروط الترخيص، وقال بعضهم إنهم سيلجأون إلى قانون «حماية المستثمرين» للحصول على «حقنا» - بحسب تعبيرهم.
اعتمد أسامة صالح، رئيس الهيئة العامة للاستثمار، أمس، القرارات الصادرة عن مجلس إدارة المنطقة الحرة الإعلامية بإيقاف بث القنوات الأربع.
وأكد رئيس هيئة الاستثمار، فى بيان أمس، أن هذه القرارات تأتى نتيجة رصد بعض المخالفات لشروط التراخيص الممنوحة لهذه القنوات، مشيراً إلى أن مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة الإعلامية قام بإعداد مراجعة للضوابط العامة والخاصة للعمل بالمنطقة الإعلامية، وإضافة بعض الضوابط العامة والمبادئ التى يتعين على جميع القنوات الفضائية مراعاتها مستقبلاً فيما تقدمه على شاشاتها، بهدف ضمان مزيد من الالتزام من جانب القنوات بميثاق الشرف الإعلامى ومبادئ العمل بالمنطقة.
وأشار صالح إلى ضرورة التزام جميع القنوات الفضائية بآداب وأخلاقيات العمل المهنى وبميثاق الشرف الإعلامى فى كل ما تبثه على شاشاتها، انطلاقاً من أن حرية الرأى والتعبير تنتهى حدودها عند التسبب فى إحداث الضرر أو الأذى للمجتمع أو للمتلقى بشكل عام، منوهاً بأن حرية التعبير لا تعنى تقديم مواد علمية تثير الفتن والكراهية، أو تنشر ما هو غير صحيح علمياً أو فكرياً أو عقائدياً بين الناس.
فى سياق متصل، كشف مصدر مسؤول بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أن القرارات التى تتخذها الهيئة ضد القنوات الفضائية تأتى على خلفية «شكاوى مقدمة للهيئة، وتتم دراستها والتأكد من صحتها، تمهيداً للبت فيها».
وأكد المصدر فى تصريح لـ«المصرى اليوم» أن القنوات التى تم إيقافها أو إنذارها تواجه شكاوى تم التحقيق فيها، رافضاً الإفصاح عن مصدر هذه الشكاوى.
غير أن المصدر - الذى طلب عدم ذكر اسمه - قال إن هيئة الاستثمار تقبل الشكاوى المقدمة من أشخاص أو مؤسسات، موضحاً أن بعض هذه القنوات الدينية التى تعلن عن فتاوى باجتهادات من مشايخ غير معتمدين لدى الجهات المعنية، تتعرض لشكاوى «قد تتقدم بها مؤسسة الأزهر»، كما هو الحال فى قنوات تعرض بعض الأدوية غير المعروفة، وهو ما يثير حفيظة وزارة الصحة.
من جانبه، أكد الدكتور عاطف عبدالرشيد، رئيس قناتى «الحافظ» و«الصحة والجمال» التابعتين لشركة «البراهين»، أنه فوجئ بقطع الإرسال عن القناتين بعد ظهر أمس، دون سابق إنذار، وقال: «لم تتلق إدارة القناة أى إنذارات من قبل سواء كتابياً أو تليفونياً، تحذرنا من وقف برنامج معين ولم يعترض أحد من قبل على سياسة القناة والعمل بها».
وأضاف: «حتى الآن لا أعرف سبب ما حدث، واتصلت بالمسؤولين لمعرفة سبب قطع الإرسال فلم أصل إلى إجابة محددة، وأنا شخصياً أتمنى أن أعرف السبب حتى أتحاشاه مستقبلاً».
وأشار إلى أنه لا يحب الدخول فى تصادم مع أجهزة الدولة، وقال: «أنا رجل مصرى ولن أقدم أى شىء يضرها، وحريص على أن أقدم كل ما يخدم مصر، لذا أحاول تنفيذ أى شىء يطلب منا، وخلال الفترة المقبلة سنحاول تصويب كل الأخطاء التى يراها المسؤولون فى القناتين اللتين أتولى إدارتهما، سواء كانت بإلغاء برنامج أو تغيير سياسة القناة كلية».
وأكد عبدالرشيد أن الهجوم الذى شنه الإعلام التليفزيونى خلال الفترة الماضية على القنوات الدينية كان المقصود منه قناتى «الناس» و«الخليجية»، وليس المقصود منه قناتى «الحافظ» و«الصحة والجمال»، مستطرداً: «لكن لأن القنوات الأربع تتبع شركة واحدة تم إغلاقها جميعاً».
وقال: «المحامية التى أثارت ضد قنوات (البراهين) ضجة واتهمتها بالإساءة إلى الدين الإسلامى بهدف الربح لا أعرفها وليس لى بها أى علاقة، ولو كانت هناك قضية فسيتم تداولها فى المحاكم».
وأكد نبيل بدر، رئيس قناة البدر الفضائية، التى تم إغلاقها منذ أيام، أنه سيلجأ إلى قانون حماية المستثمرين ليأخذ حقه الأدبى والمعنوى جراء إغلاق القناة.
وقال: «أنا صرفت على القناة ١٥ مليون جنيه، إضافة إلى أننى سأخسر أكثر بسبب قطع الإرسال عنها».
وأضاف: «أنا أردنى وقناتى ليست دينية، فلماذا يأخذوننى بذنب هذه القنوات، واسم (البدر) الذى أطلقته على القناة هو اسم جدى ولن أغيره ولا يشير إلى أى مضمون دينى».
وقال ألبير شفيق، رئيس قناة «أون تى فى»: إن القناة تلقت إنذاراً لمنع شريط الأخبار، الذى يربط المشاهد بكل ما يحدث حوله فى العالم، ويجعله على اتصال دائم بالأحداث الجارية، وذلك دون سبب واضح.
وقال لـ«المصرى اليوم»: الإنذار الذى تلقيناه يقول إننا لا نملك رخصة بوضع شريط أخبار، وأول مرة أعلم أن شريط الأخبار الخدمى الذى يكلف المحطة ملايين، ولا يكلف المشاهد شيئاً يحتاج إلى ترخيص، ونحن الآن فى اجتماعات لدراسة الوضع القانونى للإنذار، مع العلم بأن الإنذار لا يترتب عليه أى إجراءات»، وأضاف: «أمامنا حلان إما أن نضيف هذه الخدمة على الترخيص، وإما أن نلغيها، وهذا متوقف على قرار مجلس الإدارة».
واعتبر الإعلامى توفيق عكاشة، صاحب قناة «الفراعين»، الإنذار الذى ورد إلى القناة «خاطئاً» وقال لـ«المصرى اليوم» الإنذار جاء عن طريق الخطأ، لأننا لم نخالف شروط الترخيص، وحاصلون على كل التراخيص التى تبيح لنا العمل بحرية مطلقة.
وأضاف: ترخيصنا يتضمن بنداً يسمح لنا بتغطية الأحداث الجارية على الهواء لمدة ١٢٠ دقيقة، ولا يوجد فارق لغوى بين الأحداث الجارية والأخبار، وما أعرفه أن شريط الأخبار ليس له ترخيص، ولا توجد لائحة إدارية تنص عليه، لأنه جزء أصيل من تغطية الأحداث الجارية المصرح لنا بها فى القناة.
وتابع عكاشة: «اللى ورا الموضوع ده وزير الإعلام»، معتبراً أنه كان الأولى بهيئة الاستثمار أن ترسل إنذاراتها إلى قنوات دريم والمحور والحياة، «لأنها تقدم برامج على الهواء رغم أن تراخيصها تسمح لها بتقديم برامج مسجلة».
وقال عكاشة إنه بمجرد وصول الإنذار رددت على الهيئة، وأرسلت لها ترخيص القناة موضحاً به بند نقل الأحداث الجارية، والخريطة البرامجية المعمول بها فى القناة، وحتى الآن أتعامل باعتبار أن الإنذار الذى جاءنى وصلنى بطريق الخطأ، لأننى إعلامى وأعلم جيداً حدود الإعلام وما يجب أن يقدمه وما يجب أن يبتعد عنه.
كانت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى عقدت اجتماعاً عاجلاً قبل أسابيع برئاسة الدكتور فوزى فهمى، اقترحت فيه على وزارتى الإعلام والاستثمار تشكيل لجنة من خبراء الإعلام لمراجعة تراخيص القنوات الفضائية الدينية التى يتم بثها على القمر الصناعى المصرى «نايل سات» من داخل المنطقة الإعلامية الحرة.
وأكد الاجتماع أن هذه القنوات تسببت فى إثارة العديد من الحوادث الطائفية والدينية ولم تلتزم بميثاق الشرف الصحفى.