هشام طلعت من الإعدام إلى السجن 15 عاما
في مفاجأة غير متوقعة قضت محكمة جنايات القاهرة بالتجمع الخامس برئاسة المستشار «عادل عبدالسلام جمعة» بمعاقبة «محسن منير السكري» بالسجن المؤبد بما أسند إليه من تهمة القتل العمد للمطربة «سوزان تميم»، والسجن المشدد لمدة 3 سنوات لما أسند إليه من البندين الثاني والثالث من أمر الإحالة في حيازة سلاح بدون ترخيص، كما عاقبت «هشام طلعت مصطفي» بالسجن المشدد 15 عاماً عما أسند إليه في قرار الإحالة بالاشتراك والاتفاق علي القتل، كما قررت المحكمة مصادرة مبلغ المليوني دولار والسلاح والذخائر المضبوطة وإلزامهما بالمصاريف الجنائية، وبالنسبة للدعوي المدنية المقامة من «عبدالستار تميم» و«خليل عبدالستار» و«ثريا إبراهيم ظريف» بإحالتها إلي المحكمة المختصة دون مصاريف، وفي الدعوي المدنية المقامة من «عادل معتوق» و«رياض العزاوي» بعدم قبولها لسابقة الفصل فيها للإحالة إلي المحكمة المدنية المختصة، كما قررت رفض الدعوي المقامة من «ممدوح تمام» ــ المحامي ــ ضد وزير العدل بعدم السماح للمحامين الأجانب بالحضور في جلسات المحاكمة.
وشهدت المحكمة مفاجأة مدوية بعد أن قررت المحكمة الفصل في القضية رغم عدم قيام هيئة الدفاع عن المتهمين بالمرافعة وكان «هشام طلعت مصطفي» و«محسن السكري» قد حضرا في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً وتم إيداعهما قفص الاتهام وسط تشديدات أمنية غير مسبوقة، وفي تمام الساعة 15.11 حضرت «سحر طلعت» ــ شقيقة هشام ــ وذلك لأول مرة منذ أن شبت الخلافات بين زوجها «إيهاب ماضي» وأخيها «هشام طلعت» أثناء زيارته داخل محبسه في سجن طرة.
ودخلت القاعة وجلست بجوار عمها ثم لوحت بيدها لشقيقها «هشام طلعت» وابتسم لها ابتسامة عريضة، بعدها توجه «حافظ فرهود» و«فريد الديب» ــ محاميا هشام ــ إلي قفص الاتهام وتبادلا الحديث معه بصوت خافت، ثم بدأت الجلسة في الساعة 30.11 صباحاً، ثم قدم «فريد الديب» مذكرة طلبات جديدة إلي هيئة المحكمة وأقر بأن هيئة الدفاع عن «هشام طلعت مصطفي» بأكملها وقعّت علي هذه المذكرة والتي تضمنت: التنازل عن سماع جميع شهود الإثبات الواردة أسماؤهم في الجلسة الماضية المنعقدة في 26 سبتمبر والتي تم إثباتها وذلك لانتفاء أقوالهم التي سبق أن أدلوا بها في المحاكمة الأولي، سواء كان هؤلاء الشهود من المصريين أو الموجودين في دبي، فيما عدا سماع شهادة الدكتورة «هبة العراقي» ــ الطبيبة الشرعية ــ و«شعيب علي أهلي» ــ وكيل نيابة البر بدبي ــ والنقيب «أحمد عبدالله أحمد ناصر» ــ من شرطة دبي ــ والدكتور «عادل المسيري» ــ أستاذ كلية الطب بجامعة عين شمس ــ الذي استعان به دفاع «هشام» لتقديم تقرير استشاري، وكذلك رئيس وحدة الكلاب البوليسية بدبي، والمختصين بتشغيل جهاز المراقبة يوم 28/7/2008 في برج الرمال أو فندق الواحة، وتمسك دفاع «هشام» بباقي الطلبات التي لم تستجب لها المحكمة في قرارات سابقة في نهاية الجلسة المنعقدة في 26 سبتمبر، وذلك حرصاً علي عدم إطالة أمد نظر الدعوي.
وفي هذه اللحظة حدث انقسام واختلاف بين دفاع «محسن السكري» المتمثل في «عاطف المناوي» ونجله «أنيس» وبين دفاع «هشام طلعت» الذي يرأسه «فريد الديب» والتمس «عاطف المناوي» من المحكمة تمسكه بقرار المحكمة بتنفيذ كل ما صدر عن هيئة المحكمة بسماع جميع شهود الإثبات ورفض طلب «فريد الديب»، ثم تلا «المناوي» آية قرآنية مؤكداً للمحكمة أنه لا يعرف سبب تغيير قبلة دفاع «هشام» بين عشية وضحاها وتنازلهم عن سماع شهود الإثبات، ووجه كلمة إلي المحكمة والنيابة والدفاع بأن الله لن يجزيهم بالخير عن تحقيق العدالة بالعجلة في الأمور، ثم بدأت المحكمة في سماع شهادة الدكتورة «هبة العراقي» ــ الطبيبة الشرعية ــ وتوجه «فريد الديب» ــ محامي هشام ــ لسؤالها: هل إذا اشتم كلب عينة يفسدها؟ فأجابت: لا يفسدها لأنه شمها عن بعد، ثم توجه «عاطف المناوي» لسؤالها وسألها: افتراضاً إذا أمسكنا قطعة قماش لأحد الجناة ووضعناها في فم وأنف الكلب فهل هناك احتمالية لفسادها وعدم صلاحيتها؟ فأجابت: لا أعلم.
وأثناء حديث الدفاع مع الشاهدة كان «هشام طلعت» و«السكري» يتابعان الحديث بشغف وأثناء وضع «هشام طلعت» أذنه علي قفص الاتهام لالتقاط الحديث قامت كاميرات الإعلام بالتقاط الصور له، مما أثار غضبه وقام بالتلويح للمصورين، وكأنه يقول: كفاية حرام، ثم جلس علي مقعده، ثم سأل «عاطف المناوي» الشاهدة: لو تم أخذ منديل عليه آثار دماء وعليه كذلك آثار أخري مثل الدموع أو سائل منوي، ففي حالة فحصها هل يتم كتابة العناصر الكيماوية المستخدمة في استخلاص الحامض النووي منها في التقرير؟، فأجابت: لا تتم كتابة العناصر الكيماوية المستخلصة في التقرير، ثم سألها: علمياً ما معني لفظ أن العينة انكسرت؟ فأجابت: لا أعلم وليس لدي أي تعليق وأثناء ذلك طلب «محسن السكري» من هيئة المحكمة أن يوجه للشاهدة سؤالاً عن طريق دفاعه «عاطف المناوي» فسمحت له المحكمة فوجه «السكري» للشاهدة سؤالاً: «هو إنت لما فحصت القميص والتيشيرت بيولوجياً بأي طريقة استخدمتها سواء بالقص أو المسح وجدت أي بصمة وراثية أو آثار بيولوجية.. وجدتي أي بصمة وراثية تخصني؟!»، فأجابت: لم أجد عليها آثاراً بيولوجية تخص «محسن السكري» أو بصمة مختلطة، لكني قمت بمضاهاة البصمة المختلطة الواردة بتقرير دبي مع البصمة المأخوذة من «محسن السكري».
وبسؤال السكري للشاهدة انتهت المحكمة من سماع الشاهدة وقدمت النيابة العامة إلي المحكمة مذكرة واردة من النائب العام بدبي مفادها تعثر حضور جميع شهود الإثبات الموجودين بدبي الذين طلبت المحكمة استدعاءهم خلال الجلسة الماضية وعلي رأسهم شعيب علي أهلي ـ وكيل نيابة البر بدبي.
ثم استمعت المحكمة إلي أقوال الدكتور عادل المسيري ـ أستاذ الطب بجامعة عين شمس ـ والذي استعان به دفاع هشام في تقديم تقرير استشاري حيث قدم للمحكمة تقريراً خاصاً بالبصمة الوراثية «
DNA» وذلك استناداً للمراجعة العلمية وأهم القضايا المماثلة في ذلك.
وقال الدكتور عادل المسيري إنه من فحص تقارير الطب الشرعي القادمة من دبي تلاحظ وجود أخطاء علمية كثيرة بها، وأن تقرير الدكتورة فريدة الشمالي ـ الخبيرة البيولوجية ـ شابه الخطأ.
وسأل فريد الديب الشاهد: هل من الناحية العلمية إذا اشتم كلب عينة لاستخلاص الحمض النووي يجعلها غير صالحة علمياً لاستخلاص الحمض النووي؟
فأجاب بأن العينة بالطبع تفسد وتكون غير صالحة للاستخدام، واختتم الشاهد حديثه بأن العينة المأخوذة لفحصها في دبي تم بناؤها علي خطأ فإذن النتيجة أيضاً خطأ.
ثم تم رفع الجلسة لغرفة المداولة لمدة نصف ساعة وتبادل هشام خلال الاستراحة الحديث مع شقيقته ومحامييه محمد بهاء الدين أبوشقة وحافظ فرهود بينما قام السكري بالنداء علي محاميه عاطف المناوي والذي تحدث معه بصوت خافت وأشار بعلامة النصر إليه وكأنه يقول إن إجابة الدكتورة هبة العراقي حول عدم وجود آثار بيولوجية له علي التيشيرت والبنطلون الذي عثر عليهما بدبي تعد أول طريق براءته.
وأثناء ذلك خرجت هيئة المحكمة علي المنصة وتلت حكمها السابق الأمر الذي أثار الحاضرين وفور الانتهاء من الحكم دخلت هيئة المحكمة مسرعة إلي غرفة المداولة وحاول الصحفيون والإعلاميون الحاضرون بالجلسة الدخول إلي المحكمة للحصول علي نص الحكم إلا أن الأمن قام بإخلاء القاعة من الحاضرين ومنع الصحفيين من دخول غرفة المداولة.
وفي أول تعليق للواء منير السكري ـ والد محسن ـ بعد الحكم مباشرة، قال إن الحكم جاء ظالماً لنجله لأن الدفاع لم يبد أي مرافعة خلال جلسة المحاكمة وتم إعادة تقديم الطلبات الجوهرية علاوة علي عدم تحقيق المحكمة طلب الدفاع في إعادة التجربة الفنية في التعديل والتلاعب في الصور المخزنة علي جهاز «
DVR» التي التقطتها كاميرات المراقبة ببرج الرمال «1» الذي وقعت به الجريمة.
وأشار والد السكري إلي أنه سيقدم طعناً علي هذا الحكم أمام محكمة النقض وسوف يحصل علي البراءة بعد تقديم الأسباب القوية علي بطلان هذا الحكم.
من ناحيته، أكد شقيق محسن السكري أنه غير راضٍ عن الحكم بالرغم من تخفيف العقوبة من الإعدام إلي المؤبد، مشيراً إلي أن محسن لم يرتكب الجريمة من الأساس وأن شرطة دبي لفقت له التهمة لوجود تصفية حسابات بين هشام طلعت وبعض خصومه بدبي.
وأضاف أن أسرة محسن السكري متماسكة ولن تتنازل عن الدفاع عن نجلهم الذي مازال خلف القضبان.