لا يبدو أن الجهود التى تبذلها الحكومة
الألمانية لـ «تفكيك قواعد الكراهية العنصرية فى المجتمع» قد نجحت حتى
الآن. هكذا علق، رئيس فرع المنظمة العربية لحقوق الإنسان فى ألمانيا، نبيل
يعقوب، على التخريب الذى نفذه مجهولون فى النصب التذكارى لمروة الشربينى
صباح أمس الأول. ونقل موقع «دويتشه فيله» الألمانى عن يعقوب قوله: إن مثل
هذه الأعمال تقوم بها أقلية تسىء لسمعة المدينة.. كما أن الواقعة ليست
فردية .. فظاهرة الاعتداء على متاجر يملكها أجانب فى دريسدن تتكرر بشكل
مستمر». وانتقد رئيس فرع المنظمة سياسات الحكومة ولفت إلى أنها متباطئة فى
اتخاذ سياسة جريئة لإقرار برامج تعليمية تنويرية فى المدارس. كان مجهولون
فككوا ٣ أعمدة من النصب المقام للصيدلانية المصرية التى قتلت فى «دريسدن»
العام الماضى، على يد متطرف ألمانى من أصل روسى. ورغم الحكم القضائى الذى
صدر العام الماضى بتطبيق العقوبة القصوى على الجانى، لا تنتهى ملفات التطرف
فى تلك المدينة السكسونية.تشتهر «دريسدن» بين الألمان بإيوائها
الكثير من المتطرفين فكرياً ومنهم «النازيون الجدد»، كما أنها معقل لشريحة
الشباب المسماة «سكين هيدز» أو حلقى الرؤوس، الذين تحدثت عنهم «يانج لى»،
المواطنة الكورية الجنوبية المقيمة فى مدينة لايبسج المجاورة، وقالت:
«الحقيقة أنى أشعر بتلك العنصرية هنا أكثر من لايبسج، التى تعد أكثر تعاطيا
مع الأجانب من (دريدسن).. هذه المدينة منغلقة جداً على نفسها». ووفق يانج
لى، فإن تجربتها الشخصية وانطباعاتها سيئة «مع غالبية المدن الشرقية فى
ألمانيا».وانعكاساً على ذلك الاتجاه اليمينى المتطرف، حتى وإن كان
لا يمثل إلا أقلية، رصدت كاميرا «المصرى اليوم» خلال زيارتها المدينة،
لافتات أحد محال الملابس والأحذية الذى أطلق مالكه عليه اسم «مكة»، والذى
جعل شعاره وجها ساخراً يخرج لسانه بشكل غير لائق. ومع ذلك، تجد المواطنين
العاديين فى المدينة ينقسمون حول ذلك التصرف بين منتقد ومقلل من قيمته.فى
المقابل، ومنذ تفجرت القضية، التى اهتز لها المجتمع الألمانى والإسلامى
على حد سواء، صدر العديد من ردود الفعل الغاضبة فى العالم الإسلامى، أثارت
استياء البعض الذين رأوا فيها «بروباجندا زائدة على الحد»، حسب وصف مواطنة
أمريكية فى برلين، رغم إقرارها فى الوقت نفسه بـ«بشاعة الجريمة»، وانسحب
على ردود فعل مواطنين ألمان – بل مصريين – حضروا جلسة الحكم النهائى،
وانتقدوا موقف جماعة «دعوة إلى الجنة»، المكونة من ألمان مسلمين، الذين
نظموا فعالية كبيرة أمام مبنى المحكمة، وقالوا إنهم لفتوا إليهم الأنظار
بلحاهم الطويلة وجلابيبهم السوداء الفضفاضة، قبل أن يؤذن مؤذن فى مكبر صوت
عال ليؤم عشرات المصلين فى الساحة المفتوحة أمام المحكمة، أمام عشرات
المارة المذهولين، وعشرات الكاميرات التليفزيونية التى سلطت أضواءها عليهم،
وسط انتقادات عبر عنها عرب مقيمون فى دريسدن.«أنا كمصرية استغربت
هذا الاستفزاز بالصلاة فى خارج مبنى المحكمة، الإسلام يقول راعى جارك..
والمثل يقول إذا كنت فى روما فافعل كما يفعل الرومان، علينا أن نحافظ على
طقوسنا ولكن دون فجاجة، المسألة ليست بالملبس ولا بالصوت العالى، للأسف نحن
نعطيهم السلاح ليحاربونا به»، هكذا قالت زينب موسى، التى أصرت على حضور
تلك الجلسة بين الزوار باعتبارها مواطنة مصرية معنية بالقضية، واتفق معها
فى الرأى مالك سبيز، مواطن تونسى مقيم فى دريسدن، وقال: «إن الساحة
الخارجية ليست مصلى.. كلنا نمارس طقوسنا فى بيوتنا ولكن ليس بهذه الطريقة..
وجودهم له مردود سلبى لأن كثيراً منهم مدرجون فى ملفات المخابرات
الألمانية».ورغم أن رئيس مجلس الألمان المسلمين فى دريسدن، الدكتور
جاكوب ألكس كولر، أعرب بدوره عن استيائه من الطريقة التى عبر بها المصلون
عن دينهم، وقال إنهم أساءوا إلى الإسلام ولم يفيدوا قضية مروة فى شىء، كان
هناك من المواطنين الألمان من عبر عن عدم ضيقه من تلك الجماعة، وقالت إيفا،
ألمانية من أصل إسبانى مقيمة فى برلين وجاءت دريسدن خصيصاً لحضور الجلسة
«إطلاقا، لا يضايقوننى، هم مرعوبون لأن البعض يتعامل معهم باعتبارهم
أعداء»، وأيدتها صديقتها نوران الألمانية من أصل تركى وقالت: «إنهم لا
يؤذون أحداً، وفعالياتهم سلمية من الألف إلى الياء».