هذا هو السؤال الذي وجدنا أنفسنا ننشغل به كثيراً ونحن نطالع تفاصيل
هذا الحكم القضائي الذي أصدرته مؤخرا المحكمة الاقتصادية بالقاهرة، بتغريم
المطربة أنغام بمبلغ 20 ألف جنيه؛ لأدائها أغنيتي "ما جابش سيرتي" و"عمري
معاك" في إحدى الحفلات دون الحصول على إذن بهذا من شركة عالم الفن "مزيكا"
وهو ما أثار دهشتنا كثيراً؛ لكوننا نعلم تماما أن أي مطرب أو مطربة إذا
أراد أن يُقدّم أغنيات مطربين آخرين بصوته فيجب عليه الحصول على موافقة
جمعية المؤلفين والملحنين والمنوط بها حفظ الحقوق الأدبية والمادية
للملحنين والشعراء وأيضا الناشرين.
ومن ثم فيجب عليه -أي المطرب أو المطربة- دفع حق الأداء العلني عن
الأغنيات التي يريد تقديمها بصوته طالما أنها ليست ملكا خالصا له، وإذا لم
يفعل ذلك يقع تحت طائلة قانون حماية الملكية الفكرية.
ومن ثم فإن الأمر يختلف تماما في حالة المطربة أنغام فهي لم تقُم
بالاستيلاء على أغنيات مطربين آخرين، بينما قامت بتقديم أغنيات خاصة بها
هي، أي أنها هي التي تغنّت بها، بل وقامت بإصدارها في ألبومات غنائية،
فكيف إذن يتم معاقبتها على تقديم أغنياتها الخاصة.. وبهذا الشكل؟!!
توجهنا بالسؤال لعلي عبد الفتاح -المستشار الإعلامي لشركة عالم الفن
"مزيكا"- فماذا قال: هذا الكلام غير حقيقي على الإطلاق، بمعنى أنه ليس من
حق المطرب أو المطربة تقديم الأغنيات التي سجلها لصالح الشركة إلا بعد
الحصول على إذن مسبق منها، وهو أمر للأسف يجهله الكثيرون، فالشركة هي
المالكة لهذه الأغنيات وليس المطرب الذي تغنّى بها، وبوضوح أكثر أقول إن
المطرب ليس سوى مجرد مؤدٍ لهذه الأغنيات بينما الشركة هي المالكة لها فهي
-أي الشركة- قامت بدفع كافة الأجور المتعلقة بهذه الأغنيات ابتداءً من
المؤلفين والملحنين ومروراً بالاستوديو والموسيقيين بل والمطرب نفسه حصل
على مقابل الأداء وغير هذا من النفقات الأخرى.
ويواصل علي عبد الفتاح كلامه قائلاً:
"وأكبر دليل على هذا هو أن المؤلف أو الملحن حينما يتوجه للشهر
العقاري؛ للتنازل عن العمل يكتب في هذا التنازل أنه تم لشركة كذا أي ليس
للمطرب الفلاني، ومن ثم فالشركة من حقها التعامل مع النص واللحن كيفما
تشاء، بمعنى أننا إذا أردنا اليوم مثلا أن نقوم بإعطاء نفس الأغاني التي
قدّمتها أنغام لصالح الشركة لأي مطرب أو مطربة غيرها، فالقانون يُجيز لنا
ذلك، بينما ليس من حقها هي أن تُصرّح لأي مطرب آخر بتقديم أغنياتها هذه
طالما أنها لم تنتجها على نفقتها الخاصة، وأيضا ليس من حقها تقديمها
بصوتها في أي حفل إلا بعد الحصول على إذن مسبق من الشركة وهو الخطأ الذي
وقعت فيه أنغام، حيث إنها لم تطلب التصريح بهذا فتم تحريك الدعوى ضدها
وبناء عليه صدر الحكم المشار إليه!!".
وردة وهيفاء
ويختتم علي عبد الفتاح كلامه معنا مستشهدا بواقعة المطربة هيفاء وهبي
حينما أرادت تقديم أغنية "حرّمت أحبك" لوردة الجزائرية فهي -أي هيفاء- لم
تطلب إذن وردة بينما تقدّمت بالطلب لعالم الفن المالكة للأغنية، وقمنا
بكتابة تصريح مكتوب ومختوم من الشركة بهذا، وهكذا الحال مع العديد من
الأغنيات الأخرى التي قدمها مطربون ومطربات آخرون وسعى غيرهم للتغني بها
فلم يتوجهوا للمطربين الذين تغنّوا بها، بينما توجّهوا للشركات المنتجة
لها وما أكثر هذه الوقائع.
فرحة المنتجين
بقي أن نقول إن هذا الحكم الذي أصدرته المحكمة في حق المطربة أنغام
ويعد الأول من نوعه ألهب صدور معظم منتجي الكاسيت في مصر ليس لشيء سوى
للخلفيات التي حملها، ولفتت أنظارهم لشيء هام وخطير كانوا يغفلونه وهو ما
دفع عدد كبير منهم لإرسال إنذارات صريحة وواضحة للمطربين الذين سبق لهم
التعاون معهم بعدم تقديم الأغنيات التي سبق لهم تسجيلها لصالح شركاتهم إلا
بعد الحصول على إذن مسبق بهذا منهم وإلا سيعرضون أنفسهم لقضايا مشابهة
لقضية أنغام وهو أمر أثار انزعاج كل المطربين بلا استثناء؛ لكون كل
الأغنيات التي قاموا بتقديمها خلال مسيرتهم الغنائية ملكا لشركات أخرى
والقليل منها ملكا خالصا لهم!!
فهل نتوقع أن يتقدّم المطربون والمطربات –خاصة الذين بينهم مشاكل
مشتعلة وبين الشركات القديمة التي كانوا يتعاونون معها- بطلبات لجمعية
المؤلفين والملحنين للحصول على موافقة بتقديم أغنيات مطربين آخرين سواء من
القدامى والمعاصرين؟!!
أم إنهم سيسعون لاسترضاء هذه الشركات ومحاولة إنهاء الخلافات معهم
بكافة السبل حتى لا يجدون أنفسهم بداخل دائرة لا تنتهي من القضايا
والأزمات؟؟