أهدانى رئيس تحرير جريدة الرياض الأستاذ تركى السديرى .. كتابا غاية فى
الروعة والجمال والمتعة .. يحمل عنوانا تحذيريا مباشرا (إياك والزواج من
كبيرة القدمين!) وهو مترجم للعربية من أصل نص لكاتبة هولندية متخصصة فى
دراسة الأمثال والأساطير حول النساء من حياة الشعوب جميعا.
تقول مينيكة شيبر مؤلفة الكتاب: ميراث التراث هو ميراث أخلاقى.. فهو يعلم
الناس ما ينبغى فعله والتفكير فيه فى موقف معين .. إنه يشكل جزءا من العقل
والقيم وطرق التصرف .. ولأن للأمثال سلطة، مثلها فى ذلك مثل غيرها من
النصوص الشفوية المكتوبة ذات القيمة ..فإنها تقدم الطرق التى ينبغى أن تكون
عليها الأشياء من منظورات معينة، ووجهات النظر ذات السلطة تلك التى تسهم
فى تشكيل أدوار الناس وهواياتهم، وتستمر فى أن تكون ذات تأثير بعدة طرق.
ورغم أنه نادرا ما يمكننا أن نعرف ما إذا كان صاحب المثل الأصلى رجلا أو
امرأة، فإنه يمكننا أن ننظر إلى المصالح المتضمنة فيه، ما هى تلك المصالح،
وكيف يتم تشكيلها فى ثقافات معينة، من حيث النظريات والتيمات هى أسئلة يجب
التفكير فيها عند النظر إلى الأمثال حول النساء، وهذا هو ما يدور حوله
الكتاب.
وقد أوردت مؤلفة الكتاب العديد من الأمثال حول النساء من تراث شعوب العالم
المختلفة مثل: المرأة الجميلة وليمة للأعين ووحدة للروح (فلبينى)، لا شابة
بلا مرآة، ولا عجوز بلا حكمة (أسبانى)، لا عروس بلا طرحة، ولا امرأة بلا
غيرة (لادينو)، زوجة غبية أفضل من بيت مدمر (باسار)، المعيش مع تنين أفضل
من امرأة سيئة (إنجليزى)، إذا لم يتصرف الأب كأب، فيجب أن تتصرف البنت كبنت
(صينى)، عندما تولد البنت، لا ترعها، فسوف تنمو كما ينمو الصبار، وعندما
يولد الولد، ارعه جيدا، كما تفعل مع شجرة ورد (هندى)، من يتزوج المرأة
لجسدها سوف يفقد الجسد ويحتفظ بالزوجة (هولندى)، الزوجة المخلصة هى جسد
زوجها (ألمانى)، الرجل هو الرأس، ولكن المرأة تحركه (أمريكى)، إن النساء
يملن إلى حب الرجال من أجل شخصياتهم، بينما يميل الرجال إلى حب النساء من
أجل مظهرهن (برتراند راسل).
وتضيف مينيكه شيبر فى وصف الأمثال السائدة بحق النساء قائلة: تبالغ الأمثال
وتقدس وتبسط وتنمط وتفكخ وتهرج، وفى الاستخدام السياقى تكون حقيقتها أقل
أهمية من قدرتها على إيصال المعنى القابل للنقاش، وهكذا، فإنه فى السياقات
المحلية يمكن لوزن المشاعر المعادية للنساء والموجودة بكثرة فى الأمثال أن
يخفف عن طريق المناظرة والمفارقات الضاحكة، وتعتد قيمتها فى السياق على ما
يناسب المتحدث لأغراض الجدل.
فى هذا الكتاب الضخم المؤلف من 660 صفحة، تجوب المؤلفة فى مئات القصص
والحكايات والأمثال والأساطير من كافة دول العالم .. حول النساء وصفاتهن
وبواطن قبحهن وجمالهن .. وما يفضله الرجال منهن حسب ثقافات كل شعب من
الشعوب .. وقد أوردت صفات النساء الجسدية والفكرية والثقافية والشكلية التى
تفضلها الشعوب المختلفة .. ومن الصفات المهمة التى توقفت عندها ما ذكرته
عن أقدام النساء فقالت:
وعادة ما يكون للنساء صغيرات الحجم أقدام صغيرة، ويبدو أن كلا من صغيرات
الحجم وصغيرات الأقدام أكثر جاذبية من صاحبات الحجم الكبير، ففى الصين
القديمة، كانت كثير من النساء تربط أقدامها من الإصبع إلى الكعب لجعلهن
أكثر إغراءً. أما الأقدام الأنثوية الكبيرة فهى لا تعد مثيرة للتصور الجنسى
حرفيا فقط، ولكنها عند الإشارة إليها فى الأمثال، عادة ما تمثل شيئا آخر.
واستعاريا تشير الأقدام الصغيرة للنساء إلى (المقاس الصحيح) فى العلاقات
الزوجية، فبصفة عامة، يبدو أن النساء اللاتى يبدين ضعيفات ذوات قدر أكبر من
الجاذبية الجنسية للرجال من الإناث ذوات المظهر القوى حيث يؤكد الضعف
الأنثوى التراتيبية النوعية السائدة، فيقدم (المقاس الصحيح) فى الأمثال
معادلا لعلاقة على قدم المساواة، ويحذر السينا الذين يعيشون فى ملاوى
وموزمبيق ضد خطر الأقدام الأنثوية الكبيرة من خلال مثل ذى تنويعات متعددة.
إياك والزواج من امرأة ذات قدمين أكبر من قدميك .. وفى الصين يقولون:
المرأة طويلة القدين ينتهى بها الحال وحيدة فى غرفة.
وتضيف الكاتبة .. قدما المرأة، وبخاصة كعباها، هما مقياس ثابت لجمالها فى
بعض الثقافات، ففى مجتمع الأورومو الإثيوبى، على سبيل المثال، يوجد مثل
يقول (يمكن التعرف على جمال الفتاة من كعبيها)، فى إشارة إلى كعبى المرأة
المستديرين كعلامة على الجمال.
وتقول إن اللطافة واللباقة ينتصران على الجمال، فالجمال الخارجى يقدم ضد
"الجمال الداخلى"، وهو صفة تتساوى مع الطهر والخير والشرف والالتزام والرقة
والفضيلة، أما مجرد الشكل الحسن، فهو يقدم بصفته سطحيا وإشكاليا وهو لا
يجتمع مع الخير والعفة، وهما عين الصفات التى يحتاجها الرجال بشدة فى
زوجاتهم.
وتورد بعض الأمثلة العالمية بهذا الشأن مثل .. الزوجة هى من تحبها لذاتها
وليس لجمالها (سواحيلي)، ما هو حسن ليس بالضرورة جميلا (ياباني)، الجمال
مجوف وفارغ عندما يفقد الشرف (إنجليزي)، لا تتخذ زوجة لجمالها ولكن
لفضائلها (عربي).
وتختتم الكاتبة كتابها القيم بالقول .. إن عدم وجود دلائل على أمثال قاسية
عن الرجال لا يعنى أن النساء أكثر ملائكية مقارنة بالرجال، كما أنه لا يعنى
أن النساء لا يحملن آراء سلبية أو يعبرن بمقولات سلبية عن الرجال.
ما ورد فى هذا الكتاب بحث قيم قضت كاتبته سنوات طويلة فى البحث والتجميع
حتى شملت أكبر قدر من الحكم والأمثال والأقوال الأساطير الممتعة عن النساء
.. اللاتى هن فى الواقع نصف المجتمع .. وبرأيى هن النصف الأهم .. ودمتم
سالمين.
منقول