فتاة تزوجت من ثري عربي وهجرها وهي حامل
ليس مجرد كلام، ولكنه تقرير من جهة رسمية.. التقرير الخطير صادر من
وزارة الأسرة والسكان، حول الزواج العرفي، كشف عن انتشار هذه الظاهرة في
قرى محافظة 6 أكتوبر (خاصة قرى طموه وقرى الحوامدية وقرية العزيزية) من
خلال استطلاع تم إجراؤه بها، أظهر أن نسبة الزواج العرفي في طموه تصل إلى
42% من إجمالي الزيجات، وفي الحوامدية النسبة أكثر من 31% ووصلت في
العزيزية إلى 18%.
وأوضح التقرير أن السبب في انتشار الظاهرة؛ هو
الهروب من مسألة السن القانونية للزواج، والحاجة المادية لأهالي الفتيات،
التي تصل لحد الجشع، والتي تدفعهم لتزويج بناتهم القُصر إلى الأثرياء
العرب، الذين يحضرون خصيصاً إلى تلك القرى من أجل ذلك.
الفتاة ثروة كبيرة عند أهلها
قررت أن أذهب
إلى هذه القرى؛ للتعرف على أسباب وأبعاد الظاهرة الخطيرة، وكانت البداية
في "طموه" التي لا يزيد عدد سكانها عن 50 ألف نسمة، وبمجرد وصولي إلى هناك
وجدت معالم الثراء والرفاهية واضحة على مباني القرية، رغم ادّعاء أهلها
الفقر، وهناك التقيت بأحد الأهالي ويدعى "سيد القاضي" وقال: "الفتاة في
قريتنا تُعتبر ثروة هائلة لأهلها، وولادة البنت في أي بيت تُعتبر عيداً
بالنسبة لأهلها، فبمجرد وصول الفتاة لسن الخامسة عشرة أو أقل يبدأ الأب
والأم في تسويقها للزواج من "العرب" بواسطة عدد من السماسرة المعروفين
بالقرية، والذين يعملون كوسطاء بين أهالي القرية وبين العرب الراغبين في
الزواج السريع من الفتيات الصغيرات".
وأضاف: إن أغلب زبائن الفتيات
يحملون الجنسية السعودية، الباحثين عن مُتعتهم خلال الفترة التي يُقيمون
فيها في مصر، وعادة تكون فترة قصيرة لإنهاء بعض الأعمال.
ثلاث مرات زواج عرفي
قابلت إحدى فتيات
القرية وتُدعى "نسرين" (25 سنة)، وقالت: تزوجت ثلاث مرات من أثرياء عرب، عن
طريق محامٍ موجود بالقرية، يشتهر بقيامه بتحرير عقود الزواج العرفي، التي
أقوم بالتخلص منها بعد سفر الشخص الذي تزوجته؛ لأنني أعرف أنني لن أراه مرة
أخرى، كما أنني أصبح حرة حتى أتمكن من الزواج مرة أخرى.
وأوضحت:
"أول مرة تزوّجت فيها كان عمري 15 سنة، وكنت أنتظر هذا اليوم؛ لأن زواج
الفتيات الصغيرات مُنتشر بالقرية، ولم يستمر هذا الزواج سوى 40 يوماً،
وبعدها سافر الزوج، بعدما قبض والدي منه 50 ألف جنيه، ثمنا لهذه الفترة،
وتكرر الأمر مرة ثانية وثالثة، وتمكّن أبي من شراء قطعة أرض كبيرة، وبناء
بيت جديد، ونسعى حالياً لتجهيز الأخت الصغرى (14 عاما) للزواج، حيث إن
الطلب كبير على الفتيات "البِكر"!
فتاة عائدة من السعودية بعد زواج لم يستمر عام واحد
غيرة البنات تدفعهن
إلى الزواج بالثري العربي
وأشارت "هبة حسن" (17 سنة) إلى أن غيرة
البنات من بعضهن هي سبب انتشار الظاهرة؛ إذ إن كل فتاة تنظر لقرينتها،
خاصة اللاتي ظهر عليهن الثراء بعد زواجهن، وبالتالي ترغب في هذه العيشة دون
التفكير في العواقب.
"هبة" قاومت أهلها كثيراً، عندما أجبروها على
الزواج من رجل سعودي يكبرها بأربعين عاماً، وكان مُتزوجاً في بلده ولديه 10
أولاد، ومع ذلك لم يستجِب أبوها لتوسلاتها ورغبتها في استكمال تعليمها،
لحين زواجها من ابن عمها الذي تحبه.
البنت
عبارة عن "بهيمة" في الحوامدية
تركت طموه وتوجهت إلى الحوامدية
والقرى التابعة لها، والبالغ عدد سكانها 160 ألف نسمة، ولا تبعد عن القاهرة
بأكثر من 17 كيلو مترا.
تقول "شيرين مرزوق" (15 سنة): "الأهالي هنا
يهتمون بالبنت من حيث المأكل والمشرب، حتى تصل إلى سن تصلح لتزويجها، وهذه
السن بالنسبة لهم لا تتجاوز 15 عاما، وكأن البنت عبارة عن "بهيمة" يقدّمون
لها العلف للاستفادة منها".
وأضافت: عندما بلغت سن 13 سنة؛ وجدت
أبي يحدثني عن عريس خليجي -في الستين من عمره- والذي جاء إلى القرية، وما
كان عليه سوى كتابة ورقة؛ ذكر فيها المدة التي سأقيم معه خلالها، وكانت
الفترة شهرين فقط، وبالفعل ذهبت معه للإقامة في شقة بمصر الجديدة، بعدما
دفع 15 ألف جنيه لأبي، وبعد مرور الأسبوع الأول، انتابتني حالة من
الهستيريا والبكاء الشديد والخوف؛ نتيجة قسوته الشديدة، وتعمّده إهانتي،
ولم يتركني سوى بعد أن هددت بالانتحار.
"سامح يونس" (60 سنة) أب
لديه 6 بنات وولد واحد أشار إلى أن الخليجي يأخذ البنت بالملابس التي
ترتديها فقط، ولا يُكلفني الأمر شيئاً، بالإضافة إلى المهر الذي يدفعه
العريس، والذي يكفي لإغراء أي أب على أن يُجبر ابنته على الزواج، لافتاً
إلى أن لديه بنتين متزوجتين؛ واحدة في السعودية مع زوجها منذ عام ونصف،
والأخرى تعيش مع زوجها القطري في مصر، بعد زواجها قبل شهرين فقط.
سمسارة الزواج العرفي في قرية العزيزية
العزيزية.. قرية
سماسرة الزواج العرفي
توجهت إلى قرية العزيزية، ولم يكن الحال
بها يختلف كثيراً عن الحوامدية وطموه، وإن كان سماسرة الزواج ينتشرون فيها
بشكل كبير، وهذا ما أكدته "شيماء نجيب" (17 سنة) عندما قصّت لي حكايتها مع
الزواج العرفي، وقالت: "كان والدي فلاحا بسيطا، وكان يسعى بكل جهده، للبحث
عن عريس (عربي) لي، حتى ينتشلنا من الفقر، ونستطيع شراء بيت جديد وأرض
زراعية، مثل من حالفهم الحظ من أهالي فتيات القرية، وبالفعل أخذني إلى
سمسارة بالقرية، وتُدعى "نفيسة" والتي تعمل كوسيطة بين العرب وبين أهالي
الفتيات".
أضافت: طلبت مني السمسارة أن أقيم عندها لمدة أسبوعين،
حتى يحضر من يطلب الزواج، وعرضي عليه، وبُمجرد أن حضر العريس تم عرضي
وفتيات أخريات للاختيار، وتم اختياري من قِبَل أحد السعوديين، وكان يبلغ من
العمر 55 سنة، وتم كتابة ورقة عرفي لدى أحد المحامين من نسخة واحدة، أخذها
العريس ليحتفظ بها، بعدما دفع لأبي 35 ألف جنيه على أن تأخذ السمسارة 15%
من هذا المبلغ.
لم تستمر العلاقة أكثر من 4 شهور، كان يسافر فيها
إلى السعودية ويحضر على فترات متباعدة في الشقة التي استأجرها لنا بمنطقة
مدينة نصر حتى انقطع فجأة عن الحضور بعدما انتهى مدة تأجيره للشقة، لأعود
مرة أخرى للقرية، ليبحث لي أبي عن عريس آخر.
المأذون يسلك طريق الشر أيضا
وقال "عادل
عبد الرحيم" (مأذون شرعي بالقرية): "بخلاف انتشار محامين العرفي في القرى،
هناك بعض المأذونين يسلكون نفس الطريق، بغرض الربح، وذلك بعد أن "يسنّنوا"
الفتاة بسن مخالفة، حتى يتسنى لها كتابة العقد الشرعي في حالة أنها ستسافر
مع زوجها إلى بلد آخر، أما في حالة بقائها في مصر فيبرز دور المحامي، الذي
يحرر العقود العرفية".
ما يحدث في القرى الثلاث مثال صارخ على
انعدام الأخلاقيات والنخوة في مجتمعنا، فالجشع أصبح سمة راسخة لدى أهلها،
والغيرة توغلت في قلوب وعقول كل فرد فيها، وليس غريباً أن تتحول مثل هذه
القرى إلى سوق للنخاسة يبيع الأهالي فيها فتايتهم لمن يدفع!
ويبقى
على الدولة دور مهم يجب أن تقوم به؛ لأن هذه المشكلة من الممكن أن تدمّر
المجتمع ككل؛ فعليها توفير الخدمات بها، حتى لا يشعر ساكنوها بمرارة الفقر،
وأيضا تكثيف برامج التوعية حول خطورة الظاهرة قبل أن تستفحل.