هذه الحرب لم تقع في سيناء أو في النقب بل
في هضبة الجولان
أصدر باحث إسرائيلي بالجامعة العبرية ومتخصص في التاريخ القديم يُدعى
"إسرائيل كنوهال" بحثاً جديداً حول حروب بني إسرائيل مع الفراعنة، ادّعى
فيه أن الحروب التي وقعت بين إسرائيل ومصر لم تقتصر على الحروب الخمسة التي
شهدها العصر الحديث وهي حرب 48 و56 و67 والاستنزاف و73، ولكن هناك حربان
أخريان لا يعرف أحد عنهما شيئا، وقعتا في العصور القديمة بين الجانبين كانت
أولاهما قبل 3220 سنة –في عام 1210 قبل الميلاد.
ويقول الباحث إنه
استند في بحثه على الجدارية الموجودة بالمتحف المصري، والتي تظهر فيها كلمة
إسرائيل باللغة الهيروغليفية، بالإضافة إلى المصادر الدينية اليهودية
القديمة مثل "المقرا" التي كُتبت في القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد.
ويدّعي
"كنوهال" أن هذه الحرب قام بها الفرعون المصري "مننبتاح" لإعادة فرض
سيطرته على بني إسرائيل بعد تمردهم وامتناعهم عن دفع الضرائب إلى
الإمبراطورية المصرية القديمة –التي كانت تفرض سيطرتها على منطقة فلسطين
والشام-عقب وفاة والده الفرعون رمسيس الثاني.
والعجيب أن الباحث
الإسرائيلي يؤكد هنا أن هذه الحرب لم تقع في سيناء أو في النقب، ولكن وقعت
في هضبة الجولان في الشمال عند أطراف جبل الدروز، حيث يشير إلى أن بني
إسرائيل لم يكونوا يقيمون في تلك الفترة داخل أرض كنعان بل كانوا مجرد رعاة
غنم رحّل، يترحلون بين أطراف هضبة الجولان، ولا يستقرون في مكان محدد.
الجدارية الهيروغليفية
بالمتحف المصري تشير إلى أن الفرعون انتصر على بني إسرائيل
أما عن نتائج هذه الحرب فعلى الرغم من أن الجدارية
الهيروغليفية الموجودة بالمتحف المصري تشير إلى أن الملك المصري المحبوب
(مننبتاح) انتصر على بني إسرائيل وأهلك الحرث والنسل هناك، إلا أن الباحث
الإسرائيلي يزعم أن الواقع مغاير تماماً لهذا الأمر، والدليل –حسب زعمه-
هو بقاء اليهود حتى يومنا هذا. حيث يقول إن بني إسرائيل استبسلوا في هذه
الحرب، وتمكنوا من الصمود أمام جيش الفراعنة الذي كان مزوداً بأحدث
الأسلحة الحربية وأكثرها تطوراً آنذاك، مثل العجلات الحربية.
ويزعم أن هذه الحرب كانت بالنسبة لبني إسرائيل حرب تحرير من نظام حكم
الإمبراطورية المصرية، ويضيف أن القبائل والأسباط العبرية انتقلت بعد هذه
الحرب للعيش في المنطقة الواقعة ما بين نابلس والقدس، وأقاموا هناك أولى
مستوطناتهم، ويضيف أن ما ساعدهم على البقاء في هذا المكان هو الضعف الذي
بدأ يظهر على الدولة المصرية القديمة في ذلك الوقت.
وفي النهاية
يؤكد الباحث الإسرائيلي في بحثه أن هؤلاء الإسرائيليين القدماء كانوا
يعبدون إلهاً واحداً، ولكنهم كانوا يطلقون عليه العديد من الأسماء منها
أسماء آلهة الشعوب الأخرى الوثنية التي كانت تحيط بهم.
فهل حاول
الباحث الربط بين الحربين للوصول إلى استنتاج أن حرب 67 جاءت بمثابة رد
من قبل إسرائيل وانتقاماً من المصريين على ما فعله أجدادهم الفراعنة ببني
إسرائيل الأوائل، وخاصة أنه لم يورد دلائل قاطعة ومؤكدة على صدق زعمه وما
توصل إليه.
وذلك رغم أن جميع الشواهد التاريخية تثبت بما لا يدع
مجالاً للشك أن الإمبراطورية الفرعونية القديمة كانت تسيطر على كافة منطقة
الشام، ولم يكن يجرؤ أحد على مقاومتها أو الدخول في حروب معها، خاصة بني
إسرائيل الذين كانوا مجرد رعاة غنم رحّل مستضعفين ليس لهم حول ولا قوة ولا
يمكنهم الدخول في أي معارك ضد المصريين القدماء.