روسيا اليوم: أمريكا تستخدم الإخوان لنشر الفوضى فى مصر
يرى المحلل السياسى بقناة «روسيا اليوم»، ميخائيل كرافشينكو، أن ما يجرى
حاليا من اضطرابات فى مصر بسبب أزمة الدستور، ليس مجرد صراع بين القوى
السياسية الداخلية، بل حلقة من صراع أكبر وأعقد بين القوى العالمية، بدأ مع
ثورات الربيع العربى، ولن ينتهى بها.
الأهم، أن كرافشينكو يؤكد أن استمرار الاضطرابات فى مصر وعدم استقرارها، هو الهدف الرئيسى الذى تريده القوى الغربية ممن يحكمها، سواء اتخذت هذه الاضطرابات شكل المظاهرات، أو حتى الحرب الأهلية.
بدأ «كرافشينكو» تحليله المنشور على الموقع الإلكترونى للقناة، قائلا:
«مصر تشتعل اليوم من جديد، عادت المظاهرات والاحتجاجات لتصبح الروتين
اليومى بالنسبة للناس، فهل هذا دليل على فشل ثورات الربيع العربى؟ نادرا ما
يمر فشل الثورات دون تعليق، لكن ما يحدث فى مصر والعالم العربى اليوم ليس
مجرد فشل لثورة ولكنه كارثة، كارثة أن ينقلب الناس بعنف من الأمل فى حدوث
تغيير حقيقى، إلى اليأس والغضب على ما يحدث فيهم».
ويتابع:
«اليوم، عاد المصريون ليحتلوا الشوارع فى مظاهرات عارمة، مئات الآلاف من
الناس اندفعوا إلى ميدان التحرير احتجاجا على الرئيس محمد مرسى الذى
انتخبوه بأنفسهم، والسبب هو استحواذ الرئيس على سلطات تجعله أقرب إلى
فرعون، إضافة إلى مشروع دستور جديد لا يوافق سوى هوى الإسلاميين».
«لم يكن من المفترض أن تكون الصورة بهذا الشكل»، فحسب تعبير كرافشينكو كان
من المفترض أن ينجح الناس بثورات الربيع العربى فى التخلص من حكم الطغاة
والديكتاتوريين، لكن الناس وجدوا أنفسهم فى مواجهة الفوضى بدلا من أن يجدوا
لأنفسهم حياة أفضل، وصار السخط والغضب هما الإحساس اليومى لهم، ولم يعد
لديهم يقين أن الديمقراطية الغربية تناسبهم.
قد يبدو الأمر وكأن
هناك حالة من الفوضى التى تنتشر فى الشوارع ولا يملك أحد السيطرة عليها،
لكن المحلل السياسى الأرجنتينى «أدريان سالبوتشى»، يرى أن ما يجرى حاليا هو
المرحلة الأولى من الخطة التى أعدها الغرب للشرق الأوسط فى المستقبل.
يقول سالبوتشى: «علينا أن نفهم أولا أن ما يطلق عليه ثورات الربيع العربى،
كان فى الأساس مجرد وسيلة بالنسبة للقوى الغربية من أجل تخطيط حرب أهلية
واضطرابات داخلية فى الشرق الأوسط، كان الهدف الأساسى منه إشعال حالة صراع
عامة فى الشرق الأوسط، وتحقق ذلك بالفعل، يمكننا أن نطلق على ذلك المرحلة
الأولى. الآن بدأت المرحلة الثانية التى سيتم فيها استغلال الموقف المضطرب
فى المنطقة ركيزة للانطلاق نحو تحقيق أهداف أكثر طموحا، فى إيران، وسوريا،
وحتى ضد مصالح روسيا والصين، هى سلسلة طويلة من الأهداف بعيدة المدى التى
تلعب فيها مصر دورا رئيسيا».
وفى تفسير لمشهد مئات الآلاف الذين
يندفعون إلى الشوارع فى مصر كل يوم احتجاجا على قرارات مرسى الأخيرة، قال
المحلل الأرجنتينى: «الرئيس مرسى بدا وكأنه يريد أن يأخذ مصر فى طريق أكثر
إسلامية، ما أدى لتفجير مزيد من الغضب لدى الناس فى الشوارع، وتسبب فى مزيد
من الاضطرابات وعدم الاستقرار فى البلد. إنه يعتمد على دعم الغرب للنظام
الذى تغير فى مصر، وأحد الأهداف الرئيسية لذلك هو الحفاظ على حالة الفوضى
والاضطرابات الاجتماعية، فكلما كانت الدولة مضطربة من داخلها، بدا ضعفها
خارجيا»، مؤكدا: «إن مصر ضعيفة تصب حتما فى مصلحة القوى الغربية».
وتحت صورة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون فى لقائها مع الرئيس
مرسى قبل أن يخرج على الناس بإعلانه الدستورى الذى فجر الأوضاع من جديد،
عاد «ميخائيل كرافشينكو» ليواصل تحليله قائلا: «ما يزيد الأوضاع سوءا وجود
عناصر مثل الإخوان المسلمين الذين يلعبون لعبة خطرة من مغازلة الغرب تحت
سمع وبصر الشعب، والمقابل أن واشنطن لا تمانع صعودهم، ولا رغبتهم فى فرض
تصورات إسلامية أكثر تشددا على الناس فى هذه المرحلة المضطربة فى الشرق
الأوسط».
ووصف المؤرخ الأمريكى «وليم إنجدال» تلك العلاقة بين
الإخوان وأمريكا قائلا: «إن الإخوان مجرد أداة، ووسيلة. مؤسسة إسلامية
دولية ومنظمة سرية أقرب إلى التنظيمات الماسونية التى لا تعمل بشفافية.
والمخابرات المركزية الأمريكية لها تعاملات مع الإخوان منذ أخرجتهم من مصر
إلى السعودية فى الخمسينات. ولهم علاقات من قبل ذلك مع المخابرات
البريطانية. لذلك تشعر المخابرات الأمريكية أن لديهم كيانا معروفا فى
الإخوان المسلمين، ولذلك يصر البعض فى واشنطن على صعود الإخوان، ما يعنى أن
الربيع العربى الآن يدخل مرحلة شديدة الخطورة، لم يعد مستبعدا أن الرئيس
مرسى وجماعة الإخوان يسيرون فى مصر على خطى الإمام الخومينى فى إيران،
عندما ظل يتحدث عن الديمقراطية فى الوقت الذى شكل فيه ديكتاتورية إسلامية
فى الحكم».
ويؤكد «كرافشينكو» الفكرة نفسها قائلا: «لكن المؤكد أن
الناس فى الشوارع الآن يحتجون على من انتخبوهم بالفعل، يثورون على من
وضعوهم بأنفسهم فى مواقع السلطة، هذا الغضب الشعبى قد يكون مؤشرا على أنهم
لن يقبلوا تلك الانقلابات السلطوية التى جرت أمام أعينهم فى آخر عامين. غضب
المصريين هذه المرة يعنى أنهم يشعرون بأنهم تعرضوا للخيانة والخداع،
ووجدوا أخيراً القوة والإرادة لقلب ما حدث فيهم، بعد أن انزاحت الغشاوة من
على أعينهم، ورأوا الخدعة».