انفجر
الفريق أحمد شفيق تصريحات هذه الأيام بصورة ملحوظة، وهو يهدد الجميع بكلام
صاخب وخطير ولكنه فضفاض وغير محدد ولا مفهوم، مرة يقول إنه سيكشف كل شىء،
ومرة سيفضح كل شىء، ومرة أن الكيل فاض به وسوف يعلن الحقائق كلها، ومرة أن
صبره نفذ وأنه قرر المواجهة، هو لا يذكر أسماء ولا أشخاصًا ولا حتى مؤسسات
ولا حتى أوقات لتنفيذ تهديداته المزعومة، ولكن التهديدات الهوائية التى
يعلنها موجهة إلى الدولة المصرية ومؤسساتها وقياداتها وبعض القيادات
المعارضة التى فجرت ملفات فساده، وأتصور أن هذه التهديدات مجرد قنابل دخان
يطلقها للتغطية على فتح ملفات فساده التى تتوالى الآن أمام النيابة العامة
والقضاء والكسب غير المشروع وغيره من أذرع العدالة، وكلما شعر شفيق أن
الحصار ضاق عليه وأن الاتهامات واضحة وأن فضيحته بجلاجل أطلق مثل هذه
التهديدات الجوفاء والعبثية والتى لا تليق بأى شخص جاد، ولو كان شفيق يملك
أى شىء ضد خصومه فعلاً فإنه يكون قد ارتكب أكثر من جريمة بحق الوطن قبل أن
يكون بحق نفسه لأنه يصبح متسترًا على فساد أو باطل، ولكنى على يقين من أنه
"فارغ"، مجرد هواء، ويشعر بالفضيحة فيحاول أن يحسن من صورته أمام بعض من
وثقوا فيه أو تضامنوا معه، وكان شفيق يعرف جيدًا أن ملفات فساده مترعة،
ولذلك هرب من مصر فور خسارته فى الانتخابات، تخيلوا لو كان هذا الفاسد قد
فاز برئاسة الجمهورية، يا إلهى، تخيلوا كيف كانت مصر الآن ومستقبلاً، ستكون
واحة الفساد والنهب العام والاستباحة والإجرام النموذجية فى الشرق الأوسط
كله، هرب شفيق فور إعلان النتيجة، وقال وقتها إنه ذاهب لأداء العمرة، ولكن
الناس لم تصدق أن الكعبة المشرفة انتقلت إلى دبى، ثم سخر الناس من سخافة
الكلام فقالوا إنه أراد أن يجمع العمرة مع الحج فى دبى أيضًا، والناس ستؤدى
الفريضة بعد أسبوع أو أقل، وسيبقى هو فى دبى، وربما هرب إلى لندن كما
يتردد هذه الأيام.
ولكنى أستغرب فى الحقيقة من هذه المساحة الإعلامية والسياسية التى تمنحها
له دولة الإمارات، فإذا كان شفيق لاجئًا سياسيًا فإن قواعد اللجوء تلزم
دولة اللجوء بشروط أساسية منها: أن لا يتخذ دولة اللجوء منصة لصراع سياسى
مع دولته، وإذا كان ضيفًا فإن أسس الضيافة أن لا تتستر عليه الدولة المضيفة
وهى تعرف أنه مطلوب للعدالة على ذمة قضايا منظورة بالفعل أمام القضاء
الآن، وكانت الإمارات تسلم مصر أى شخص مصرى على أراضيها تطلبه حتى لو لم
يكن هناك أى أمر قضائى، مجرد خطاب أمنى يكفى، فلماذا لا تقوم الإمارات
بتسليم هذا الهارب إلى القضاء المصرى، ولنا أن نتصور لو أن مصر عملت
بالمثل، واحتضنت بعض المعارضين الإماراتيين ومنحتهم الفرصة للنيل من
القيادة الإماراتية سياسيًا وإعلاميًا، كيف يكون رد الفعل الإماراتى وقتها.
أطالب المتهم الهارب أحمد شفيق بأن يمتلك الشجاعة ويسلم نفسه للعدالة إذا
كان واثقًا من براءته، وأطالب الإمارات بأن تسلم هذا المتهم الهارب إلى
السلطات القضائية المصرية حتى لا تكون متهمة بالتواطؤ مع اللصوص والفاسدين
وسراق المال العام فى بلادهم وهذا لا يشرفها أبدًا.