كنت أقف امام مـدرسة إعدادية ببلدتى وقت التعديلات الدستورية ، مترقباً للأجواء حينذاك ، برفقة بعض الاصدقاء مع مختلف أفكارهم ، وفجأة ظهر بجوارنا رجل ملتحى كبير بالسن ربما يَكون فى أرزل العمر من حركاته التى أستشعرتها ومن خلال تعبيرات وجهه - شعرت وقتها انه يوجـه الناخبين إلى نوع معين فى التصويت ، حتى اقتربت منه وتأكدت انه يُخبرهم بأن من قـال '' نعم '' دخل الجنة وان من قـال '' لا '' دخل النار ، تعجبت كثيراً وقتها !!!.
ولكنى تَذكرت ما دعـى إلىـه الشيوخ وقتها تذكرت قولهم ان '' نعم '' مع الإسلام وتجعلك تَدخل الجنه وان '' لا '' تُدخلك النار .
أعلم جيداً كما تَعلمون أنتم ايضاً مدى التخلف والجهل الـذى حل بمصرنا وبأهلنا الفقراء فى الأقـاليم والأريـاف - وأعرف مدى تأثير المُتاجرة بالدين على هؤلاء الفقراء خـاصـة وهم الذين يُمثلون الطبقـة الأكثر فى المجتمع المصـرى .
فـالشعب المصـرى أغلبيته لا يَعرف معنى كلمة '' دستور '' من الأساس وفى الأستفتاء القادم سَيخرج للإدلاء بصوته بـ '' نعم '' او بـ '' لا '' وسَنقع بفخ جديد مرة أخـــرى كما حدث بالسـابق فى التعديــلات الدستورية ، بعد توجيهات النخبة من الشيوخ الذين لا نراهم الا فى احداث بعينها كـالانتخابات ، وسَيتحدد مُستقبل جيل بالكامل بناءً على هذا الدستور .
أتذكر ضحكتة '' محمد حسين يعقوب '' وقتها حينما أسماها بغزوة الصناديق .
أتذكر قـوله الشهير << بأن قالت الصناديق للدين '' نعم '' >> والذى أثبت الوقت مدى الخطأ الذى وقعنا بـه أثر ذلك .
أتذكر الآخر '' محمد حسان '' أيضاً حينما خطب خطبته الشهيرة فى المنصورة ونصح الجميع بالتصويت لـ '' نعم '' لأن القوى الآخرى من العلمانين والليبرالين يُريدون الغـاء المادة الثانية فى الدستور !! .
أدركت وقتها مدى التخلف والجهل الذى حل بنا وبشعبنا وادركت ان الوقت امامنا طويل لنغير هذا التفكير العقيم الذى نَجنى نتاجئة اليوم لحكم دام ثلاثون عام من فساد وقمع وتأخر فى التعليم وعزلـنا عن دول العالم المتقدم .
أتذكر النخبة المتأسلمة الداعمة لـ '' نعم '' دون اى علم او معرفة لـمجرد انها أخذت الأمر فأستغلت المُتاجرة بضعف الفقراء فى حوائجهم و توزيع السكر والزيت من أجل ضمان صوتهم كما يَرغبون هم !!.
انا لازلت أتذكر شيوخ المساجد ومن أعتلوا المنابر لتوجيه الناخبين واستغلالهم .
قريباً سَتشهد مصر استفتاء جديد على الدستور ،، استفتاء يُحدد مستقبل أمـه بأكملها ومستقبل جيل قـادم - ولتبقى الاسئلة الدائمة.
هل سَيبقى الشيوخ كما هم دون تَدخل وتوجيـه الناخبين واللعب على مشاعرهم الدينيه ؟! ام لا ؟!
هل سَتلعب جماعة الأخوان كعادتهم المتاجرة بحوائج الفقراء من متطلبات المعيشة وستقوم بدورها الممتاز كعادتها فى توزيع الزيت والسكر للتصويت بالموافقة على الدستور الذى اعتقد انه مُجهز بالفعل الأن ؟!
يوماً ما سَتُشرق الأنوار على بلادى ،، سيأتى جيل مُتعلم ومُثقف مُدرك للأمور ،، يَبحث عن التقدم ،، رافضاً للمتاجرة بالدين ،، واعياً للأمور السياسية ،، رافضاً لكل شخص حاول ان يَستغل حوائجهم من اجل مصلحة شخصية ،، يوماً ما سَتحكم الثورة .