منتديات مترو
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» كتاب ( نهايـــــــة العالــــــم ) للدكتور ‘‘ محمد العريفي ‘‘ من أغرب الكتب وأكثرها مبيعا للتحميل المباشر وعلى اكثر من سيرفر علامات الساعة بالصور والخرائط
كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالإثنين أبريل 10, 2023 5:37 pm من طرف الزقم

» كلما ابتعدنا
كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالخميس نوفمبر 19, 2020 12:46 pm من طرف ربيع محمد

» تحميل جميع البومات ام كلثوم
كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالإثنين ديسمبر 16, 2019 10:36 pm من طرف نبيل سويلم

» فيلم القشاش بصيغة 3gp للهواتف المحموله برابط مباشر
كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالخميس نوفمبر 28, 2019 4:40 pm من طرف sjody

» المقادير لابن الباديه
كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالخميس أكتوبر 24, 2019 7:53 am من طرف ربيع محمد

» تحميل نغمة سلام قول من رب رحيم , نغمة لطفى لبيب سلام قول من رب رحيم للتحميل
كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالخميس أكتوبر 17, 2019 9:41 pm من طرف الزقم

» 1000 لعبة من العاب الاتارى بتاعة زمان تعمل على اى جهاز للتحميل على سيرفرات متعدده
كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالخميس أكتوبر 17, 2019 8:59 pm من طرف الزقم

»  تحميل كتاب شمس المعارف , كتاب السحر الأسود , بحجم 32 ميجا تحميل
كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالخميس أكتوبر 17, 2019 8:26 pm من طرف الزقم

» سفينتى*سفينة الحب*السلطان العاشق
كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالخميس أكتوبر 03, 2019 6:27 pm من طرف عماد الصغير

» مازلت كما انا السلطان العاشق
كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالأحد سبتمبر 22, 2019 2:26 pm من طرف كمال النجار

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
body onbeforeprint="onbeforeprint()" onafterprint="onafterprint()"onselectstart="return false" oncontextmenu="return false">

 

 كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
كمال النجار
راكب درجه اولى
راكب درجه اولى



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 710
نقاط : 1088
تاريخ التسجيل : 20/10/2009

كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Empty
مُساهمةموضوع: كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره   كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالسبت سبتمبر 01, 2012 2:32 pm

السلف والسلفيون

رؤية من الداخل






إبراهيم أحمد محمد العسعس




بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
اللهم رب جبريل.
وميكائيل واسرافيل، فاطر
السموات والأرض. عالم
الغيب والشهادة، أنت
تحكم بين عبادك فيما
كانوا فيه يختلفون، أهدني


لما اختلف فيه من الحق
بإذنك، إنك تهدي من تشاء
إلى صراط مستقيم
**
رواه مســـلم



بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقَّ تقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون)، أيا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تتساءلون له والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما،.
أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعه ضلالة، وكل ضلالة في النار.


المقدمة


ألا لا يمنعن رجلا هيبةُ الناس،
أن يقول بحق إذا علمه.([1])

إنها رؤية من الداخل، لأن التغيير يبدأ من الداخل.
وهي رؤيةٌ من الداخل لأن كاتبها يؤمن بأن منهج السلف هو السبيل إلى إصلاح حال الأمة.
وهي رؤية من الداخل فرضتها أحداث ومواقف كثيرة، مست المنهج، وتعدت الخطأ الفردي، فلم يعد يجدي أن تقول: " لعل له عذراً وأنت تلوم ". تأتي هـذه الدراسة في وقت الحاجة إلى البيان، بعد أن أصبحت " السلفية " وصفاً محتكراً في أيدي مجموعة من الناس، يظن الواحد منهم أنه قيم على منهج السلف، فينادي بأعلى صوته " أنا السلفية "، فمن كان " أنا " فهو " سلفي "، وإلا فليخرج من "السلفية " مذؤوماً مدحوراً.
وما كنا نحسب أنه سيأتي زمان يخرجنا فيه نقاد " السلفيين " من دائرة منهج السلف! ويخرجون فيه أهل العلم المعروفين بالتزامهم منهج السلف ويخرجون فيه العاملين المجاهدين المتمسكين بالسنة الرافعين لوائها. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه إلى وصف المسلمين بأنهم، جماعات الغلو، وأنهم أصحاب فتنة، وأنهم خوارج وأنهم يذكرون بالفئات المارقة عن الإسلام.. وانتهى الحال إلى تأليف كتب ورسائل، وإصدار أشرطة تسجيل في شتم المسلمين، وتصنيف العبادة من حيث قربهم من إلى السلفية".
لقد شوهت ممارسات " السلفيين " منهج السلف، وقزمته في قضايا معينة، وانعزلت به عن الواقع، حتى صار الانتساب إلى السلف، والمناداة بالسنة منقصة في نظر الناس، إذ عندما يسمعون عن السلف "والسلفية" يظنون أنهم المختصون بالأسماء والصفات، وبتحقيق الكتيبات... الخ الأمر الذي اضطرنا عند الانتساب إلى السلف أن نبيين للناس أن منهج السلف غير ما يرون، وخلاف ما يسمعون. وكان من نتائج هذا الوضع أن عادت مقالات أهل الأهواء، ومناهجهم إلى الظهور، بعد أن عجز أهل السنة عن الارتفاع إلى مستوى منهجهم، والدعوة إليه، واستيعاب الناس الذين سروا بهم في البداية، ثم نبذوهم نبذ النوى، لما رأوهم تجمدوا عند قضايا لا يحيدون عنها([2]).
إن واقع "السلفيين" بحاجة إلى دراسة ومراجعة.! والمأمول أن تكون هذه الدراسة دافعا للمخلصين الناضجين من أتباع المنهج! إلى دراسة الواقع وتشخيص حاجاته وأدوائه، وإلى إعادة دراسة أصول التوحيد، ومن ثم التفكير جدياً في إعادة جدولة الاهتمامات، وترتيب الأولويات.
إن غض الطرف عن مبدأ التعديل (الذاتي) أوقع "السلفيين" فيما انتقدوا، عليه الناس قديماً، فنبذ التعصب للرجال، ومقولة الرجال يعرفون بالحق، وليس العكس، من أوائل المبادئ التي رفعوها، ثم لما أصبح لهم رجال رموز وقعوا في جدلية الرجال والمبادئ، فصاروا يدورون حول الرجال وفوق المبادئ والعجيب أنهم وقعوا في إشكالية الازدواجية في حمل المبدأ: فهم إذا تكلموا عن الآخرين "فكلامهم صراحة وتصحيح، وتقديم للمبادئ على العلاقات والأشخاص. أما إذا تكلم غيرهم عنهم، فلا بد أن يحترم العلماء، ويتأدب معهم إنها ظاهرة الكيل بمكيالين! لقد أشفق بعض الاخوة بعض الصراحة، التي قد تزعج بعض "السلفيين.فطلبوا تغيير بعض العبارات، لا اعتراضا على ما تحمله من مضامين، لكن خشية أن تحمل ما لا تحتمل، أو أن تستغل في تفويت الفائدة المرجوة من الدراسة. ولم تكن هذه وجهة نطري، فإن قناعتي أن السائر في درب الإصلاح عليه أن يوطن النفس على ما سيصيبها من أذى.
وأنا لست مسؤولا عمن سيبحث عن صيد يشنع به على الحقيقة، "ومريض القلب تجرحه الحقيقة" لأنني صاحب قضية، أكتب لنشر قضيتي. وأسلوب "رفقاً بالقوارير" لا ينسجم مع فهمي للصراحة المطلوبة لتصحيح مسار السلفية، والدعوة إلى عقيدة التوحيد التي يراد لها أن تنحرف عن طريقها الصحيح. وحسبي أنني لم أتجاوز أدب العلم، ومنطق النقد المقبول. وإنني على أمل - إن شاء الله - من أن المخلصين الواعين من "السلفيين" سيرحبون بهذه الصراحة المنضبطة.
ولا بأس من التمادي في الأمل فلأطمع - إذن - من* السلفيين. أن يطالعوا هذه الدراسة بتركيز وموضوعية، وليتوقف أحدهم قبل أن يغضب أو يتهم وليفكر ملياً، وليضع نصب عينيه مصلحة الإسلام والدعوة، قبل أن يتوتر من أجل بعض العبارات، التي قد يرى فيها شيئاً من شدة، وليتجنب الحيلة المتبعة للهروب من المسؤولية، ومواجهة المشكلة، حيث يصب كل الجهد في تضخيم بعض الشكليات، مصادراً بذلك الأفكار الجادة التي عرضتها الدراسة.
ونحن - في الحقيقة- لا نطمع كثيرا بمن ارتبطت مصالحه "بالسلفية" في شكلها القائم، فإن من هذه حاله يصعب عليه الانعتاق من شبكة العلاقات المعقدة التي يتصل معها، ويفيد منها، ولذلك فإننا نتوقع رفضه وبشدة.
ولكننا نخاطب الشباب المعتقد بمنهج السلف، الذي يرى أن لا نهضة للمسلمين إلا بإحياء الشباب الذي لا مصلحة له.
ونخاطب المسلمين ليعرفوا المنهج السلفي الحقيقي، وموقفه من القضايا المدروسة لعلنا نلتقي وإياهم لحمل الإسلام بدعوته؛ دعوة التوحيد…
نخاطبهم ونطمع منهم أن ينسوا النماذج التي بقيت زمناً - ولا زالت واجهات معروضة - باسم السلف والسلفية.
وأما من سيقول: إن الكلام يضر المنهج وان كان ولا بد فليكن في الغرف المغلقة! فأقول له: بل إنَّ الصمتَ هو الذي يضر المنهج وإن الصمت هو الذي يغتال المنهج، ويخنق الحق. ولم يزل معظم أهل الحق - منذ صفين - صامتين، متذرعين بالحكمة، ومتعللين بدرء الفتنة، حتى غصت الحلوق بالصمت، وساحت الفتنة في الأرض. ألا إن الصمت عار، عندما تكون الحقيقة مرة! أما حكاية الغرف المغلقة فهذه تصلح لمناقشة الشؤون الشخصية، أما عندما يتعلق الأمر بالمنهج، وبالممارسات العلنية المرتبطة بالفكرة، فإنها - أي الغرف - ليست محلاً للكلام. وبما أن الانحراف علني، فلا بد أن يكون التصويب علنياً.
وإذا كان الخطأ في العلن، فلا يجوز أن يكون التبرؤ منه في السر.

إن هذا البيان يجدد الدعوة إلى السنة، بمفهومها العام، وإلى منهج السلف. ويبين من هو السلفي وما هي قضية "السلفية "!.
وأخيراً، فلقد حاولت - قدر استطاعتي - التزام آداب الحوار، وأصول النقد، وأسأل الله العفو إن أخطأت.
وسأحاول - بإذن الله - إلا ادخل في مهاترات وسفاهات من سيبقى واضعاً رأسه في الرمال، ناظراً إلى الأمور بعين واحدة، محولاً القضية عن مسارها الصحيح والمقصود.
وأتعب من ناداك من لا تجيبه، وأغيظ من عاداك من لا تشاكل.
عمان في 2/1/1994 م أبو الهدى المقدسي



عندما...

عندما يُخالف الشعارُ، فيُعرف الحقَّ بالرجال...
عندما يُقدم الأشخاصُ على المبادئ...
عندما تُزَور الحقائق، وتُنكًس الموازين...
عندما " يقرطس " الكتاب، فيُبدى بعضه، ويُخفى بعضه...
عندما يؤكل بالعلم، وتتحول الدعوة إلى حرفة...
عندما يُجَرحُ العامل المجاهد، ويعدل حِلسَ بيته...
عندما يحْجز التوحيد في القبور...
عندما تصبح المبادىء و الأصول في خطر...
وعندما لا يحتمل الوضع السكوت و التأجيل...
عندها يصبح...
الصمت خيانة،
السكوت جبناً،
التجاوز إثماً.
عندها لا بد من الكلام و بصوت مرتفع
و عندها يَفْرِض علينا حق العلم أن لانُحابي أحداً.



كلمة في "المنهج "

تتردد كلمة المنهج في هذه الدراسة كثيرا، وبما أنها كلمة غامضة لدى كثير من الناس، يستخدمونها ويقرؤونها وهم لا يعرفون معناها، الأمر الذي أدى إلى خلط كبير، فقد رأيت أن أعرفها باختصار يُلقي بعض الضوء على معناها.
فالمنهج: طريق محدد يعتمد على خطة واعية .
أو هو: طائفة من القواعد العامة التي تنظم المعلومات والأفكار من أجل الوصول إلى الحقيقة العلمية.
فعندما نقول مثلا: منهج "السلفيين" في التعبير، نعني: الطريق المحدد المعتمد على خطة واعية لإحداث التغيير. وعندما نقول: منهج علماء الحديث، نعني: مجموعة القواعد التي يعتمد عليها علماء الحديث لمعرفة صحيح الحديث من ضعيفة.
إن وضوح هذا البُعد، يقيد المتشدقين - أيا كانوا -، ويلزمهم بيانَ ما يقصدون من كلامهم: منهجنا في كذا..، فيظهر هل لهم منهجَ أم لا.
وهو - من بعدُ - يضمن لنا عدم انحراف أتباع المنهج - أي منهج - عن معالم! منهجهم، لأن وضوح المعالم يظل المقياس الذي نُرجِعُ إليه الأقوال والأفعال. وبهذا لن يعلو أحد على المنهج، بل سيبقى الكل تحته يخضعون له ويأتمرون بأمره. وبهذا تعرف قصد من قال (ولقد صدق): "خيرٌ للإنسان أن يعدل عن التماس الحقيقة، من أن يحاول ذلك من غير منهج".
مقدمـــات


(1) لست مضطراً لأن أذكر - معتذراً- بأنني سلفي، وأنني أحترم فلاناً وفلاناً، وأكِن لهم خالِصَ التقدير، وأنني رضعتُ السلفية منذ نعومةِ أظفاري! لا أجدني مضطراً لهذه الاعتذارات التي تُقدم - عادةً- بين يدي حاملي ختم السلفية، خوفا من سلب وصف السلفية عن الناس، واتهامهم بالخَلفية. فإنَك ستعلم أخي القارئ - فيما بعد بأن خَتْم السلفية ليس ملكا لأحد، ولا حكراً عليه "وسيرى الأخوةُ الذين ينتسبون إلى منهج أهل السنة، ويلتزِمون هَديَ السلف ،بأنَهم إذا أخرجوا من السلفية من باب، فإن من أخرجهم سيُخرَجُ منها من مائةِ باب.
لا أحد بعد اليوم قيًمَ على السلفية، ومن اليوم لا بأس على المتبعين - على الحقيقة- لمنهج السلف مِن سَلبهم السلفية على أيدي إقطاعيي السلفية الذين انحرفوا بها عن الجادةِ، وملؤوها بالبدع. ولقد أشفقْتُ على الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وهو يقدم لمقالاتِه المنشورةِ في مجلة "الفرقان" تحت عنوان "حوار في المنهج" بما يُثبِتُ سلفيتهُ خوفاً من سلبهاِ منه من محتكري الختم. وأيضا فإنني أعجب كثيرا من بعض المشايخ، وكثير من الأخوة، الملتزمين بنهج السلف، من حساسيتِهم تجاه هذا الموضوع ومحاولاتهم المستمرة على إثبات سلفيتهم عند بحث مسألة من المسائل التي يختلفون فيها مع محتكري الختم! فلماذا هذا الرعب؟! وهل غيركم أولى بالسلف منكم؟!
(2) ليكن معلوما بأن كلامنا في هذا البحث لا يعتني بالمسائل الفرعية، ولا يهدف إلى ترجيح قول على قول، فهو ليس بحثا فقهيا، ولكنه بحث منهجي، يذكر بالأصول، ويهتم بالقواعد.
(3) مصطلح "السلفية" بدعة، فهو لذلك مرفوض، وسيأتي بيان ذلك، آلا أنني مضطر لاستخدامه لأنه أصبح عَلما على فئة من أهل السنة. ومن هنا فإن استخدامي له وصف للواقع وحسب. ومع ذلك - وحتى احتفظ بحقي في رفض المصطلح - فإنني سأستخدمه بين قوسين، تماما كاللفظ المترجَم ترجمة حرفيَة، تدليلاً على غرابته.
(4) قد يقال تسويغا لما سأورده من ملاحظات: إنها حالات فردية، وليست حجة على المنهج. فأقول: هذا موال سمعناه من الجماعات الإسلامية- حتى حفظناها. وشربنا منه حتى ارتوينا، ولو قبل ذلك قيل لوجدنا له مكانا، فابحث لك - يا أيها القائل - عن غيره. إن ما سأذكره ليس حالات فردية، بل هو انعكاس لمنهج، وانفعال بطريقة، وتأثر بتربية وتعليم، واقتداء برموز.
أرأيت عشرة إخوه، تسعة منهم على شاكلة واحدة، وطبع مشترك في سوء الخُلق، والاعتداء على الناس، هل لك أن تقول عن أحوالهم: سلوك فردي! أم لك أن تقول: قبح اللهُ بيتاً خرجتم منه؟ وهكذا الحال في موضوعنا، لأنك تجد نمطاً سلوكياً واحداً، وطريقة في التعامل مع الأحداث والمسائل سائدة، أفلا يدل كل هذا على منهج واحد في التربية؟.
(5) مضامين هذا البحث ليست رأياً لكاتبها وحده، وإنما هي لسان حال كثير من أهل السنة السائرين على هدي السلف، وهي كذلك مقال بعضهم - على استحياء - في المجالس الخاصة. وأسباب عدم تصريح هؤلاء وأولئك كثيرة منها: أن كثيراً من الأخوة تأخذهم هيبة الشيخ ناصر (رحمه الله) واحترامهم لعلمه وسنه واعترافهم بفضله وخدماته للسنة، لمعرفتهم بأن بعض الكلام سيصيب الشيخ (رحمه الله) وبعضه ستصيبه شظاياه.
ومع الاعتراف بعلم الشيخ وفضله وسنه، فهيبته محفوظة،غير أن هيبة الحق مقدمة عندنا، وخوفنا على منهج السلف من الانحرافات التي أصابته تضطرنا إلى تجاوز كل الاعتبارات الشخصية، وتوجب علينا تصحيح الأصول السنية التي بتنا نخشى عليها من التزوير والتلفيق.
وبمناسبة هذا الكلام، فإننا نرفض تحميل من حول الشيخ من التلامذة والمريدين القريبين كل الخطأ، وتبرئة الشيخ من كل ما يجري، على قاعدة إن الشيخ آخر من يعلم، بل الشيخ يعلم الكثير وإن الشيخ وطريقته ومنهجه من أسباب ما آلت إليه السلفية.
وبعد ….. فلا يفرحن مبتدع معلوم الإبتداع، أو من في قلبه مرض بما سيقرأ، فإن صراحتنا ليست قدحاً في منهج أهل السنة، ولا انتقاصاً من نهج السلف، وإنما هي تأكيد له، وتنقية له من كل شائبة تؤثر على انطلاقته الكبرى التي ستقلع كل البدع، بدع القرن الثاني، وبدع قرننا هذا، بسيف التوحيد المتكامل، الذي لن يوفر شركاً من حدَّه.





أهداف البحـــث

لقد دفعتني إلى كتابة هذا البحث دوافع كثيرة، أفرزتها التجربة العملية، وفرضتها الملاحظة الميدانية لممارسات "السلفيين" ومنهجهم، والتي اكتوى بنارها المتبِعون للسنة، المقتفون لنهج السلف.
وهذه بعض الدوافع:
(1) تحديد الموقف من مصطلح "السلفية" خاصة وقد اصبح سبباً في شق صف المسلمين، وثوباً في أيدي البعض يُلبسه من يشاء ويخلعه عمن يشاء.
(2) تحديد من هو "السلفي" وتعيين المسائل التي يعرف بها، خاصة وقد وَقَعَ النزاع في تحديده، فهذا سلفي العقيدة، لكنه تحريري أو أخواني أو سُروري المنهج! وذاك دخيل على "السلفية" وغير ذلك من الأوصاف، مما اقتضى أن نعرف المعيار المعتمد لمعرفة "السلفي" من خلال مناقشة بعض القضايا.
(3) الدفاع عن منهج أهل السنة، وتصحيح مسار "السلفية" كي نصلح ما اًفسده النَاسُ. وليفهم المسلمون أن "السلفيين" في وضعهم الحالي ليسوا ممثلين لمنهج السلف، وليسوا هم المعيار أو مفرق الطريق بين فقه السلف وبين غيرهم، ولكنهم من أهل السنة، وعلى منهج السلف في بعض المسائل، يصيبون ويخطئون، فلا يحق لهم - والحالة هذه - الاستئثار بهذا اللقب، فبإخراج من خالفهم - في اخْتياراتهم الفقهية وترتيبهم للأولويات فـي الدعوة - من دائرة السلف. نريد أن يفرق المسلمون بين منهج في الفهم، وبين اختيارات عالم من العلماء، فاختياراته ليست هي المنهج.
ونريد أن نرشد المسلمين و "السلفيين" على منهج علماء السلف في التوحيد ومقتضياته. وطريقة عرضه، وعلى منهجهم في البحث الفقهي، وموقفهم من المخالف.
وأخيراً، فلقد صار الواحد منا حريصاً عند انتسابه إلى منهج السلف، على فرز نفسه عن "السلفيين" حتى لا يُجمَع معهم في صعيد واحد، ولا يحمل تبعة طريقتهم وفتاواهم وتصرفاتهم، ولذلك فإننا نريد الخلاص من هذه الازدواجية، فنعلن بهذا البيان: أن هذا هو منهج السلف: نسبة وعقيدة ومنهجاً، ومن كان على غيره، فليس له الانتساب إليه، فضلاً عن أن يحتكره.



إشكالية النسبة وبدعية اللقب

جاء رجل إلى الإمام مالك فقال: يا أبا عبد الله أسألك عن مسالة أجعلك حجة بيني وبين الله عز وجل، قال مالك: "ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، سل. قال: مَن أهل السنة؟. قال: أهل السنة الذين ليس لهم لقب يعرفون به".

(1) لقد حارب "السلفيون" اللافتات والألقاب التي يرفعها العاملون للإسلام، خاصة تلك التي تقتضي تحزباً وتكتلاً، وذلك لآثارها السلبية والخطيرة والتي أهمَها شق صف الأمَة، والتميز عنها بحيث تصبح اللافتات مقاييس اللقاء والمفارقة، وميزان التقوى وصحة الإسلام، وهذا- طبعا- بعد التأكيد على بدعتها، فالله سبحانه لم ينزل بها سلطانا.
هكذا سمعنا كبار "السلفيين" يرددون ليل نهار، حتى لقد كانت هذه القاعدة من أهم معالم المدرسة السلفية،.
(2) وبعد، أن اقتنع كثير من المسلمين بهذه القاعدة، واصبحوا يمقتون الحزبية والتفرق، والتميز عن المسلمين، وشق صفهم بالألقاب واللافتات، بعد كل هذا، إذ بدعاة الأمس، ومحاربي تلك البدعة من أكثر الناس وقوعا فيها، ومن اًكثر الدعاة التزاما بمعايير تفصلهم عن المسلمين. لقد أصبحت "السلفية" لافتة، إن لم يكن بلسان المقال، فبلسان الحال، وان لم يكن تصريحا فواقع التصرفات يُصرًح بذلك، وأي شئ تنفع بعد ذلك الدعاوى التي تنص على أن "السلفية" ليست حزبا، وأنً "السلفيين" ليسوا متكتلين، إذا كان السلوك سلوكا حزبياً. أليس التقيد بالمصطلحات - في مثل هذه الحالات سذاجة وسطحية.!.
إنَ هذا الوضع يتطلب منا أن نُبين الموقف من هذه الظاهرة التي تشكل خطراً على الدعوة إلى منهج أهل السنة. وكلامنا في هذا المبحث على مستويين، الأول: بدعية اللقب. والثاني: أنه مع افتراض شرعيته، فإن نتائجه تلزمنا بعدم استخدامه.
(3) لسنا "السلفيين" ولكننا المسلمون .
هكذا كانت البداية، وهكذا يجب أن تظل، وإذا كان ابتداء هذا اللقب من الآخرين، فلا ينبغي أن نفقد مناعتنا وننساق وراءه فنسمي أنفسنا به.
إن الاسم الذي ارتضى لنا رب العزةِ الانتساب إليه هو الإسلام، قال تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج، ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل) ا لأية (ا لحج: 78) وهذا الاسم هو الذي أراده لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع التحذير من غيره، فقال صلى الله عليه وسلم: "من دعا بدعوة الجاهلية، فهو من جُثا جهنم، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها: المسلمين عباد الله"[3].
ولقد سأل معاويةُ ابن عباس رضي الله عنهم فقال: أنت على ملة عثمان أو على ملة علي؟ فقال: لستُ على ملة علي، ولا ملة عثمان، بل أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم"(2).
(4) لسنا "السلفيين " ولكننا على منهج السلف:
كما علمتَ فإن الأصل الانتساب إلى الإسلام، والتمسك بالسنة. هذا هو الأصل، ومن كان على الأصل فلا يحتاج لإضافات أخرى. لكن عندما وقعت الفتنة، ورفعت البدعة ُ رأسها وانتَسبت، اضطر أهل السنة إلى الانصياع لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من التزام النهج الصحيح، فأعلنوا تمسكهم بمنهج السلف: أهل القرون الأولى(1) في التلقي، فصاروا يعرفون بأهل السنة، وصاروا ينتسبون إلى منهج السلف، ولم يزيدوا على هذا. أما الذي يدعي بأن الانتساب إلى الإسلام، والتسمي بالسنة لا يكفي لأن الكل ينتمي إلى الإسلام، والكل يقول: أنا على السنة. فنرد عليه:
أولا: بأننا نرفض "عند الحاجة" فنقول: نحن أهل السنة المقتفون لمنهج السلف. وثانيا نقول: أرأيت لو قال البعض - وقد قيل -: ونحن "سلفيون أيضا، وعلى منهج السلف، فهل عليك عندها أن تضيف قيدا آخر. فإن قال: الخضوع في مثل هذه الحالة للدليل، وليس للدعوى. فنقول: وهذا ما نريده، فالرجوع في تحديد موقف الناس من الكتاب والسنة إلى الدليل، وليس ادعاؤك "السلفية" بمُعفيكَ من طلب الدليل، ولا تجرد غيرك من الدعوى بمخصصه بالسؤال عن الدليل.
--------------------

([1])القرن هنا الجيل وليس مائة عام.


(5) سلفية: شرعة ومنهاجاً، لا في الفروع والفتاوى:
من أساليبنا نحن العرب في التعبير، التعميمُ والقطع بمناسبة وبدون مناسبة، وهو أسلوب نغطي به عجزنا عن التتبع والفصل بين الأشباه والنظائر، أي أنه أسلوب يُربحنا.
وهو أسلوب ينفعنا حيث نركَنُ إليه لقمع الآخر ولجمهم عن مناقشتنا أو التثبت مما نقول، فتجدنا نُكثر من مثل هذه الألفاظ: هذا هو الحقَ، أو كل ما عدا هذا باطل، أو أتحدى، أو أجمع علماء([4]) الأمة... وبالطبع فإنَ الآخر عندما يسمع مثل هذه الألفاظ يصاب بالرعب.. ويلجأ إلى الصمت طلبا للسلامة من مخالفة "الحق" أو الوقوع في "الباطل" أو ثقب "الإجماع".
ومن هذه الألفاظ التي غدت سلاحا نُخرِس به الخصوم: ادعاؤنا بأننا "السلفيون" وأن كلَ ما نقوله ونفعله: على منهج السلف، وهي عبارات يفهم منها "السلفية" قبل غيره أن أيً اختيار يَتعبد به فهو – وحده- موافق لمنهج السلف، وما عداه مخالف لمنهجهم.
وهذا فهم خاطئ فالمسلم مُتبع لمنهج السلف في طرق الفهم، وأصول الأدلة وترتيبها، وليس في الفروع الفقهية.ولذلك فإنه لا يحق لأحد أن يدعيَ أن فتواه هي الفتوى السلفية وأن ما عداها فَخَلفِيه وليس له أن يوالي أو يعادي على أساس هذه الفتوى، وليس له إقامة ركن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهذه الفتوى، وليس له أن يجعل فتواه من أصول فكرته، وأولويات دعوته، التي لن يَصلحَ حالُ المسلمين إلا بالتمسك بها، وليس له -أخيرا- أن يدعيَ بان هذا ما كان عليه السلف إلا أن يجيءَ بإجماع مُثبت، وهيهات.. هيهات، وأنى له أن يأتي بالإجماع على كل المسائل، عِلما بأنه لا إجماع آل في.عصر الصحابة وفي مسائل محدودة.

(6) بدعية اللقب:
إذن فنحن مسلمون، وإن طلِب منا عرض منهجنا، فإننا نعرضه بالأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، مستعينين باجتهادات واختيارات السلف من الأجيال الثلاثة الأولى. والسلف غير "السلفية" والانتساب إليها. والمسلمون ليسوا "السلفيين".
قال ابن تيمية رحمه الله: "والواجب على المسلم إذا سئل عن ذلك أن يقول: لا أنا شُكيلي، ولا قرفندي، بل أنا مسلم مُتبع لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم"(1).
وقال رحمه الله: "والله تعالى قد سمانا في القرآنِ المسلمين المؤمنين عبادَ الله، فلا نعدل عن الأسماء التي سمانا بها إلى أسماء أحدثها قوم وسموها هم وآباؤهم ما أنزل الله بها من سلطان"(2).

(7) أما المستوى الثاني(1):
فلنفترض شرعية التلقب بهذا اللقب، فإن حال من ينتسب إليه يقتضي تركه ونبذه لوقوعه في البدعة. والبدعة في هذا المستوى تظهر فيما يلي:
(أ) أنَ هذا الاسم أصبح لافتة تنضوي تحتها مجموعة معينة، تتخذ من بعض الاختيارات الفقهية - وليس المنهج - شعارا عليها.
(ب) امتحان المسلمين بهذه الاختيارات، وجعل اللقب معيارا للولاء والبراء، والحب
والبغض.
قال ابن عبد البر رحمه الله: "لا يجوز لأحد أن يمتحن الناس بها([5]) ولا يوالي بهذه الأسماء، ولا يعادي عليها، بل أكرم الخلق عند الله أتقاهم"([6]).
وقال ابن تيمية رحمه الله: "وليس لأحد أن يعلق الحمد والذم والحب والبعض. والموالاة والمعاداة واللعن بغير الأسماء التي علق الله بها ذلك: مثل أسماء القبائل، والمدائن، والمذاهب، والطرائق المضافة اٍلى الأئمة والمشايخ، ونحو ذلك مما يُراد به التعريف.... فمن كان مؤمنا وجبت موالاته من أي صنف كان، ومن كان كافراً وجبت معاداته من أي صِنف كان" ([7]).
(ج) أصبح هذا اللقب من عوامل تفريق الأمة، داعيا إلى التعصب له، ولاختيارات علمائه، بدلاً من أن يكون - كما أريد له ابتداء - سببا في تجميع الأمة، ودافعا إلى الإلتزام بالسنًة وطريقة السلف.!
إن الله سبحانه هو الذي سمى المهاجرين "مهاجرين" وهو عزَ وجل الذي سمى الأنصارَ "أنصاراً"، يعني أنهما لقبان شرعيان، ومع ذلك فانهما عندما استخدما في معرض العصبية، والتحيز لفريق ضد فريق آخر، صار استخدامهما ممقوتا، فقد أخرج الشيخان عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- أنه: "اقتتل غلامان غلام من المهاجرين، وغلام من الأنصار، فنادى المهاجرين: يا للمهاجرين، ونادى الأنصار: يا للأنصار، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذا؟ أدعوى الجاهلية،... الحديث".
قال ابن تيميه رحمه الله: (فهاهنا الاسمان "المهاجرون" و*"الأنصار" اسمان شرعيان، جاء بهما الكتاب والسنة، وسماهما الله بهما، كما سمانا المسلمين من قبل... وانتساب الرجل إلى المهاجرين والأنصار انتساب حسن محمود عند الله وعند رسوله، ليس من المباح الذي به التعريف فقط، كالانتساب إلى القبائل والأنصار ولا من المكروه أو المحرم، كالانتساب إلى ما يفض إلى بدعة أو معصية أخرى. ثم مع هذا لما دعا كل واحد منهما طائفته منتصرا بها أنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وسماها "دعوى الجاهلية") ( 1).
أقول: هذا في الاسم الشرعي الحسن المحمود، فماذا تقول في الاسم الذي يفضي الانتساب إليه إلى بدعة أو معصية، كما هو الحال في الانتساب إلى "السلفية".
(8) تنبيه لا بد منه:
سنرى في المبحث اللاحق إلى اطلاع "السلفيين" على ما يجري حولهم، وكان مناسبا أن نأتي بالملاحظة التالية في ذلك المبحث. لكن لا باس من ذكرها هنا لعلاقتها بموضوع المبحث، فهي من جهة علاقة "السلفيين" بالحياة تناسب المبحث اللاحق، ومن جهة علاقتها بإشكالية النسبة تناسب هذا المبحث "فلا مانع من ذكرها في المبحثين.
ليكن معلوما أن مصطلح "السلفية" يستخدم من قِبل جهتين، كل جهة تقصد من إطلاقه قوما معنيين.
إما الجهة الأولى: فهي العاملين للإسلام، فإنهم يطلقون "السلفية" ويريدون بها تحديداً: تلك المدرسة الإسلامية التي تتًبع منهجا معينا تدعو إليه المسلمين، يعني أن مقصود هذه الجهة هم "السلفيون" الذين نتكلم عنهم.
وأما الجهة الثانية: فهم الآخرون، ممن هم خارج الدائرة الإسلامية العاملة للإسلام. من علمانيين، ومثقفين! ومستشرقين، ويسار إسلامي! وغيرهم من القائمة القاتمة.
وهؤلاء يطلقون "السلفية" ويقيسون بها كلً الدعاةِ إلى الإسلام، لأنهم يتمسكون بالماضي ويسعون إلى إحيائه، فمدلولُ المصطلح عندهم غير مدلوله عندنا، وهم يستخدمونه، ويستخدمون معه - كمرادف - أكثر من لقب مثل: الأصولية، الماضوية، المتطرفين....
إن إدراك هذا الفرق ليس ترفا فكريا، بل إنه على درجة، كبيرة من الأهمية، ليعرف حجم أفكاره ومدى تأثيرها في الواقع، وموقف الجاهلية منها.
فإذا عرفت هذا، فلك أن تعجب من كلام الشيخ محمد شقرة في رسالته "لا دفاعا عن السلفية لا، بل دفاعا عنها" في معرض رده على من يتهم "السلفيين" بأنهم خطر يتهدد أنظمة الحكم ويستهدف رؤوس الحكام ، حيث يقول الشيخ: (أما عن التهمة الثانية، فهي التهمة التي يدندن حولها أعداء الإسلام هذه الأيام! وفي مقدمتهم اليهود إذ تناقلت وكالات الأنباء - منذ فترة - قول واحد منهم وهو (بيريز): "إن السلفية ليست خطرا على إسرائيل وحدها بل على كل أنظمة الحكم" وقد عرفت - عزيزي القارئ - على ضَوءِ التفريق السابق أن (بيريز) يقصد من كلامه المسلمين الداعين إلى إعادة تحكيم الشرع في الأرض.
لقد نبهت إلى هذا الخطأ، حتى لا يظن "السلفيون" بأنهم يُقلقُون (بيريز) أو أنَ أعداء الإسلام المراقبين لحركته باتوا يخشون من حركة تصحيح الأحاديث!! ومن حركةِ الدعوةِ إلى زي معين!! ومن جهود "تجار الورق" بإحياء كتيًباتٍ من مثل "القذْاذة في تحقيق محل الاستعاذة" أو من مئات الكتب التي تتكلم عن الجنة والنار! فمثل هذه الكتيبات لا شك أنها أقلقت الدوائر الاستعمارية والصهيونية! كيف لا وهي تهدد وجودها.

وكم ذا بعمان من المضحكات ولكـــنه ضـحك كالبكاء.
واُذكًر بقاعدة مهمة، ذات علاقة وشيجة بهذه النقطة، وهي أن رفض الجاهلية لأفكارنا يدل على مدى تأثير أفكارنا عليها.. هذا وإن "السلفية" التي يقصدها (بيربز) هي "السلفية" التي هاجمها الأستاذ محمد شقرة في رسالته المشار إليها آنفا، وسمى حملتها، جماعات الغلو (2)، لأنها تذكَره "بالطوائف المارقة منٍ الإسلام، التي لا زالت دماء فتنتها تفوح حتى يومنا هذا (3) هكذا وصف الأستاذ اتباع منهج السلف المدافعين عن شرع الله بما أداهم إليه اجتهادهم.


"السلفيون" والتوحيد


"ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" (النحل: 36) "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" (الأنبياء:25).

(1) العقيدة أولاً، نعم.. لأن بداية الأنبياء عليهم السلام كانت بها، وبداية محمد صلى الله عليه وسلم كانت بها، ولأن منطق البناء يقتضي أن يكون البدء بالأساس، والعقيدة هي الأساس. ومن المعلوم أن شعار عقيدة الإسلام وأسسها، ومنطلقَها هو التوحيد متمثلا بلا إله إلا الله. فبهذه الكلمة تُصلحُ انحرافاتُ العباد وضلالاتهم، وبها تُؤسس المفهمات السليمة المستقيمة. وهذا ما حصل، فلقد واجه وعالج النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة انحرافاتِ عصره عن العقيدة الحقَة. وذلك لأن لهذه الكلمةِ مراتب، كُل مرتبة تواجه وتعالج انحرافا معينا، أي أنَها تنقضه وتعرضُ بديله، ولقد شرحت آياتُ القرآن الكريم، وأحاديث النبيً صلى الله عليه وسلم مراتبَ هذه ا لكلمة، وهي:
1 - إثبات وجود الله سبحانه وتعالى ووحدانيته.
2 - أن هذا الإله سبحانه هو وحده الخالق المتصرف في شؤون البشر.
3- أن هذا الإله سبحانه هو وحده المستحق للعبادة، والاتباع، والطاعة والخضوع...
(2) ولقد عرض النبي صلى الله عليه وسلم التوحيد بمراتبه كلها، لانه صلى الله عليه وسلم يؤسًس لعقيدة جديدة، ولأن الانحرافات في عصره كانت متعددة الأوجه. لكننا نعلم من آي القران الحكيم، ومن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن التركيز الأكبر كان على المرتبة الأخيرة، وهي استحقاقه وحده سبحانه! للعبادة والخضوع والطاعة والاتباع، وذلك لأنَ الانحراف الأكبر والمهم كان في هذه المرتبة، ولأن المراتب قبلها داخلة فيها، والإيمان بها يستلزمها جميعا.
(3) ولقد فهم كفار قريش لا إله إلا الله كما ينبغي لها أن تُفهم، فهموا أنَ الله موجود، وهذا أمر كانت تؤمن به أغلبيتُهم، وفهموا أنَ الله خالق متصرف رازق.... الخ، وهذا أمر كانت تؤمن به أغلبيتهم أيضا، وفهموا أن الخضوع والإتباع والطاعة يجب أن تختصً بالله وحده، ولكنه فهم لم يناسبهم فرفضوه، وقاوموا الدعوة لأجله.! وهكذا كان أقوام الأنبياء السابقين، فلقد رفض السابقون - ولا زال الناس فيه كذلك - اختصاصَ اللهِ بالحكم والتشريع، فقضية الأنبياء مع أقوامهم كانت في توحيد الإلهية، وبعبارة أخرى -إن شئت -: كان الصراعُ قائما حول النسبةِ المسموح بإعطائها لله سبحانه ليتدخل في الأرض، فأعداء التوحيد يصرون على بقاء الرب في السماء، والأنبياء يصرون على أنه سبحانه: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) (الزخرف:84).
إذن كان الانحراف الرئيس عند مشركي ذاك الزمان في توحيد الإلهية، وهو التوحيد الذي وُسِمُوا بالشرك لعدم تحقيقهم له، فهو لب العقيدة الإسلامية؟ وهدفُها ا لأساسي.
(4) فكيف كان منهجُ السلف في عرض العقيدة؟.
كان منهجُهم يتمثل عرض لا إله إلا الله بشموليتها وبمراتبها، ولكل مقتضياتها، مع تركيزهم على ما ركز الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم عليه، أعني توحيدَ الإلاهية، لإدراكهم أنه مفتاحُ الدخول في الإسلام، في حين قد يظنُ كثيراً من الناس أن توحيد الربوبية هو المفتاح مع العلم أن توحيد الربوبية أمره بين، فالذي يُنكر تفرُد الله سبحانه بفعل من أفعاله يكفر عند صبيان المسلمين، أما توحيدُ الإهيةِ فقد ينحرف فيه الإنسانُ وهو يظن أنَه يُحسِن صنعا. هكذا كان منهجهم في الظرف الطبيعي دعوة وتعليما.
فكيف كان منهجهم عند سماعهم بانحراف ما؟ ذلك يعتمد على إدراكهم لواقع ذلك الانحراف، فإذا أدركوه عالجوه بلا إله إلا الله، ومراتبها ومقتضياتها المتعلقة بذلك الانحراف، بل كنت تجدهم إذا خشوا انتشار بدعةٍ عقدية في المجتمع يجعلونها شغلهم الشاغل، وهمهم الوحيد، ومقياسهم في الانتساب إلى أهل السنة، موالين ومعادين على أساسها([8]).
وهذا يفسر لك -عزيزي القارئ - تركيزَ الأئمة على مسائل بعينها في مراحل التاريخ المختلفة، والامتحان بها.
فلا تتعجب إذا وجدت كتابا في العقيدة لا يتكلم إلا في مسائل الصفات، أو القدر والإرجاء، أو كتابا لا يتحدث إلاَ في مسائل الكلام ومتعلقاته، فهنا الكتب لا تمثل كل العقيدة، وإنما تمثل القضايا المثارة في تلك الأزمان.
وبعد هذا ندرك لماذا ركز السلفُ في مرحلة معينة على مسائل الصفات، وجعلوها المعيار، حتى ليعتقد الدارسُ أنًها مفتاحُ الإسلام، ومقياسُ الولاء والبراء([9]).
(5) لقد كان من فقه السلف أنهم تجاوبوا مع حاجات واقعهم، وتفاعلوا معه، وكانوا بالفعل - أبناء عصرهم. وأنت عندما تسمع الشافعي رحمه الله يقول: "القول في السنة التي أنا عليها، ورأيت أصحابنا عليها، أهلَ الحديث الذين رأيتهم، وأخذتُ عنهم، مثل سفيان ومالك وغيرهما: الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء، وأنَه تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء([10]).
أقول: عندما تسمع هنا الكلام فلا تعتقد أن الشافعي يقصد عرض العقيدة؟ الإسلامية بأركانها وشروطها عرضا أكاديميا تفصيليا، ولا تعتقد أنَ الذي ذكره هو جميع السنة([11]). كلا... فالذي يريده الشافعي رحمه الله بيان مسألة شَغَلت الرأي العام في عصره فيقضي فيها ناقلاً موقف السلف منها.
وعندما تقرأ كلاما لابن تيميه رحمه الله يقول فيه: "وقد يراد به أهلَ الحديث والسنة المحضة، فلا يدخل فيه إلا من أثبت الصفات لله تعالى". ويقول: "إن القرآن غير مخلوق، وإن الله يُرى في الآخرة* ويُثبت القدر وغير ذلك من الأصول المعروفة عند أهل الحديث والسنة"([12])، تدرك أن ابن تيميه رحمه الله يتكلم عن مسائل أثيرت في عصرٍ من العصور، حتى لقد اصبح مصطلح أهل السنة والحديث لا يُطلق إلا على من يُثبت الأصول المذكورة، وبالطبع ليست هذه المسائل هي وحدها التي يُعرف بها أهلُ الحديث والسنة، وإنما الكلام عن مرحلة معينة، وموضوع محدد.
إن كل مصطلح تسمى به أهلُ السنة إنَما كان في مواجهة انحراف معين، فهم أهل السنة في مقابلة أهل البدع والمقالات المحدثة، كالشيعة والخوارج، وهم أهل الحديث في مقابلة التوسع في الأخذ بالرأي، وهم أهل الإثبات في مقابلة أهل التأويل... وإنه ونتيجة لظروف تاريخية خاصة صار يتبادر إلى الذهن عند سماع لفظ السلف مسائل الأسماء والصفات، من كلام، ورؤية... الخ، أي أنَ هذه المسائل غَدَت فاصلاً بين السلف والخلف. وبهذا اختلط التاريخي المؤقت المرتبط بظرف خاص، بالشرعي العام المطرد الشامل.
(6) فما الذي فعله السلفيون في هذا العصر([13])؟.
الذي فعلوه أنهم استحضروا مسألة الصفات وجعلوها عديل التوحيد، عليها يوالون، وعليها يعادون. واستحضروا مع هذه المسألة خصوم الإمام أحمد رحمه الله وأخذوا يناقشونهم ويعنفونهم. واستحضروا مسالة شرك القبور والتمائم والرقي... وجعلوها شُغلهم الشاغل.
واستدراكا، وقبل أي اعتراض، فليس الاعتراض على ضرورة تعليم الناس الحق، ولا على ضرورة توضيح هذه المسائل المهمة، ولكن الاعتراض أن تجعل هذه المسائل موضوعا للنهضة، وأولوية من أولوياتِ العمل الإسلامي في هذا العصر، مع وجود الانحراف الأكبر، والشرك الأعظم، وهو الانحراف عن شرع الله سبحانه، والشركُ في طاعته، وعدم الخضوع لحكمه، الذي ينبغي أن يكون موضوع التغيير، وأول المطلوب، لا أن يوضع على الرف، أو يُذكر على استحياء رفعا للتعب.
(7) إن الانتساب لهذا الدين لا يتحقق إلا بالكفر بالطاغوت، وإن رأس الطواغيت من يحكم بغير ما أنزل الله.. وما نراه من "السلفيين" غير هذا، وهم إن ذكروا هذه المسألة فإنما يذكرونها بين يدي ضرورة نبذِ التعصب للمذاهب، أو في معرض الكلام النظري لتحقيق المسألة. أي أنهم لا يتعاملون معها على أنها هدف من أهدافهم.
إنَهم لا يتعاملون معها على أساس أنها اعظم شرك في هذا العصر، وأنها بدعة القرن، فأين العقيدة أولاً؟ وأين لا إله إلا الله؟ وأين الدعوة إلى التوحيد؟، والتحذير من الشرك([14])؟.
مع انك عرفت - الحق عزيزي القارئ - أن توحيد الإهية هو أصل عقيدة الإسلام، وأن الدعوة إليه هو الواجب الأول والأهم، وبه تُعالج انحرافاتُ الخلق.
وكما عارض به ابنُ تيمية وابن عبد الوهاب شرك القبور، علينا أن نرفض به شرك القصور. لكن "السلفيين" قزموا التوحيد، وحصروه في مسائل معيًنة، فَشَوهوا حقيقة الدعوة إلى منهج السلف، بحيث أصبحت الدعوةُ إلى "السلفية" دعوة إلى شعبة من شعب الإيمان! ومن يقرأ كلام ابن تيمية وابن عبد الوهاب رحمهما الله، ثم ينظر في أحوال من ينتسب إليهما لا ينتهي عَجَبُه،
وتكفيني قراءة النص التالي لابن عبد الوهاب رحمه الله، ليُقارَن بين فقه هذا الإمام وقضيتهِ، وبين "سلفية" هذا العصر!.
قال رحمه الله:
"فالله الله يا إخواني، تمسكوا بأصل دينكم وأولِه وآخره ورأسه، ورأسه شهادة أن لا إله إلا الله، واعرفوا معناها، وأحبوها وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم ولو كانوا بعيدين، واكفروا بالطواغيت وعادوهم، وأبغضوا من أحبهم، أو جادل عنهم، أو لم يُكَفرهُم أو قال ما علي منهم، أو قال ما كَلفني اللهُ بهم، فقد كَذَب على الله وافترى، فقد كَلفه اللهُ بهم، وافترض عليه الكفرَ بهم، والبراءةَ منهم، ولو كانوا إخوانَهم وأولادَهم"([15]).
(8) لا أريد - في الحقيقة - أن أشرح قضية الطاغوت، والحكم بما أنزل الله، فلهاتين المسألتين بحثهما في كتاب آخر، ولكنني أقول وحَسْبِي: إن بدعة هذا العصر الكبرى هي الحكمُ بغير ما أنزل الله. وإن الشرك الأكبرَ في هذا العصر هو شرك الحاكمية. وإن "السلفية" الحقيقية هي التي تحارب البدعةَ القائمة، والشركَ الواقع، وإلا فإن شتم ابنَ عربي، ونقدَ المعتزلة، واتهامَ القبوريين، سهلٌ جداً لأنه نقاش مع الأموات، وصراعَ مع طواحين الهواء!.

نقمت على المبرد ألفَ بيت كذاك الحي يَغلبُ ألفَ مَيتِ
([1]) مجموعة التوحيد 1/141.

ثم لا بد من تحديد الموقف وبوضوح، هل "االسلفيةُ" مدرسةً متخصصةَ بمسائل معينة فليس لنا - عندئذ - أن نلومها؟. أم هي حركة إسلامية شمولية، هدفها تغيير واقع المسلمين. واستئناف الحياة الإسلامية - كما يقولون -؟ فلتحدد أولوياتها، ولتبين بماذا ستبدأ، وبأي شيء سَتَمتعن، وعلى أي شيء ستوالي وتعادي. أما أن يبقى مقياس العقيدة الصحيحة و"السلفية" النقية، مسألة الأسماء والصفات، مع عدم الالتفات إلى الأمور الأخرى، فأمر مرفوض، وليست هذه هي "السلفية" حتما.
(9) أمَا "السلفيون" الحقيقيون، بل:
أمَا أهل السنة أما المسلمون، فإنهم يخاطبون الأمة بلا إله إلا الله كما أمر ربهم، ووصى نبيهم صلى الله عليه وسلم، لا إله إلا الله بأركانها وشروطها ومقتضياتها.
وهم يركًزون على توحيد الإلاهية التي جعلهُ اللهُ سبحانه وتعالى الدليلَ على إسلام المرء، وإن مقياسَهم في الولاءِ والبراءِ هو موقفُ الناس من الحاكم بغير ما أنزل الله، ومن الراضي عن الطاغوت.
إنَ مقياسَ العقيدة النقية و"السلفيةِ" الصحيحة، توحيدُ الإلاهية، وتوحيدُ الإلاهية هو توحيد الطاعةِ والاتباع والخضوع....
بهذا التوحيدِ نَمْتَحن وبه نوالي وبه نعادي. وإن الحكم بشريعة رب الأنام، هو الذي ينبغي أن يكون شعاراً لأهل السنة، وفارقا لهم عن أهلِ البدع الذين يُهونون من شأنِ هذه القضية الخطيرة! هذا هو منهجُ السلف، وهذا هو فقههم، وغير ذلك.... فغاية القُصورِ في التوحيد أن يقبع التوحيد في القُبور.



"السلفيون" والجرح والتعديل
"اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"


كان يحيى بن معين يقول في عروة بن عبيد إنه دهري([16])...
(1) ليس الجرحُ والتعديل المذكور في رأس الصفحة هو الجرح والتعديل الخاص بعلم مصطلح الحديث، فذلك علم توقف على رأس المائة الثالثة كما قال الذهبي رحمه الله. لكنه الجرح والتعديل من حيث هو قياس المسلم على مجموعة القيم والثوابت الإسلامية. هذه القيم والثوابت هي التي ينبغي أن يقوم المسلم على ضوءها، وأن يُوالى أو يُعادَى عليها، وهي من الوضوح والاتفاق عليها بحيث يُسمَى المخل بواحدة منها كافراً أو فاسقا أو عاصيا([17]) أما غيرها من المسائل التي تحتمل الاجتهاد، ويسوغ فيها الخلاف، أو المباحات، أو المسائل التي تقتنع بها مجموعة من الناس، فهذه ليست ميزاناً للقاء والمفارقة، فاللقاء على المنهج وليس على مثل هذه المسائل.
(2) هذه القضية واضحة، أو هكذا يجب أن تكون، لكن المشاهد من حال الجماعات والمذاهب الإسلامية غير ذلك فكل جماعة تبنت مجموعة من المسائل في الفقه أو في طريقة التغيير... الخ وجعلتها علامةً على الوعي أو على صدق الانتماء أو على صحة وصفاء العقيدة... الخ وغيرها من مصطلحات التعديل.
(3) "والسلفيون" من هنا الجماعات التي تبنت مجموعة من الاختيارات، مَن وافقهم عليها فقد نجا، ومن خالفهم فليس سلفيا!.
ولقد أصبح قولهم: ليس سلفيا، عبارة من عبارات التجريح التي يرفعونها في وجه من يجرؤ على مخالفتهم، ولأن كلمة "السلفية" كلمة عزيزة على قلوب المسلمين، فقد باتوا يَخْشَوْن أن تُسلب منهم، فصاروا لذلك يشعرون بضعف أمام "السلفيين".
(4) والمختلط.. بـ"السلفيين" يلاحظ – من واقع الحال – أنهم ينظرون اٍلى "المتبَنْطِل" نظرةَ انتقاص، وينظرون إلى "المسبل" نظرةَ استعلاء، ويتكلمون عن أفراد يوم السبت بالصوم من غير الفريضة كأنهم يتكلمون في التوحيد… الخ ثم إنهم يقيّمون المسلمين بهذه المسائل، هذا مع أنها مسائل فقهية يسوغ فيها الاجتهاد، ويُقبل فيها الخلاف، ولها تخريجات أخرى غير الذي يراه الشيخ ناصر – رحمه الله -.
أين هذا السلوك من قول يحيى بن سعيد: "ما برح أولوا الفتوى يُفْتُون، فيحل هذا، ويُحرًمَ هذا، فلا يرى المحرم أن المحل هلك لتحليله، ولا المحلُّ أن المحـرمَ هلك لتحريمه".
(5) ضعف أحدهم رجلا، فقيل له: لم ضعفته؟. فرد الناقدُ "الشاطر": ذكِرَ مرة عند حماد فامتخط([18]). فأي سذاجة هذه؟!.
ولا تظن - أخي القارئ - أن الأمَة قد خسرِت هذه الشطارة، فلا زال أمثال هذا الناقد البصير موجودين، يجرحون بما ليس بمجرِّج، فتجدهم يتهمون من يعمل في السياسة! وتراهم يتندرون على من يدرس فقه الواقع([19]) ثم إنَهم ابتكروا مرتبة جديدة من مراتب الجرح والتعديل، واستخدموا لها عبارة دقيقة جداً!. بلغ من دقتها أنك لا تستطيع فهمها إلا وأنت واقف على رأسك!. فلقد سئل الشيخ مرة عن أحد الدعاة الملتزمين بمنهج أهل السنة([20])، ولكنَه يهتم بفقه الواقع ويتابع السياسة([21])، فأجاب الشيخ قائلاًً: هو سلفي العقيدة، إخواني المنهج!. فلتقًف النقاد الصغار هذه العبارة ووصفوا بها من كان على شاكلة ذلك الأخ المسؤول عنه!.
فإذا سئل أحدهم عن العبد الفقير مثلاً - قال: هو سلفي العقيدة، تحريري المنهج!. وأنا أجزم بأنه لو سئل عن معنى هذه العبارة لما وجد جواباً، كيف لا وهو كابنة الجبلِ، مهما يقل يقل.
ومن العبارات الجديدة التي يقمعون بها إخوانهم قولهم: هذا سُروري! والعجيب أنَ "السلفيين" ما أن يسمعوا هذا الوصف حتى يعادوا الموصوف! ولك أن تتساءل متعجبا: لماذا؟. هل قناعة "السلفي" بأنه لا بد من الحياة ضمن الخارطة، وداخل التاريخ، يجعله: سلفي العقيدة، (إخواني أو تحريري أو سروري) المنهج؟!!. وهل فقه الحياة خارج عن منهج السلف؟!.
لقد صدق من قال: عش رجباً ترى عجبا! وما زالت الأعاجيب تترى، كلما انقضى عجبٌ تبعه عجب! وكأن الشاعر قَصَدَ القوم عندما قال:

جعلتم ذنبنا أنا سمعنا وما الآذان إلاّ للسماع.
(6) والأدهى والأمر من كل ما مر تعديلُ وتفضيل الموافق حتى لو عمل ما عمل!.
فا"لسلفيون" * يجعلون إثبات الأسماء والصفات عقد الولاء والبراء، فمن أثبت فليفعل ما يشاء، حتى لو انحرف في توحيد الالاهية، وفي الولاء والبراء، ووقع فـي محظوراتٍ شرعيةٍ بينة، وهذا عكس للقضية، فإن أهل السنة يُفضًلون الأتقى لله، ويعدلون بتوحيد الالاهية الذي من انحرف فيه فقد وقع في الشرك خلافا لمسألة الأسماء والصفات.
قال يعقوب الفسوي: "سمعت إنسانا يقول لأحمد بن يونس: عبد الله العمري ضعيف؟. قال: إنَما يضعفه رافضي مبغض لآبائه، ولو رأيت لحيتَه وخضابَه وهيئتَهُ لعرفت أنه ثقة". أرأيت؟ لقد وثقه لطول لحيته، وشكل لباسه، ولون خضابه! فما أدقهُ من توثيق! وبما أن الرجل محقق لهذه المهمات فهو ثقة، والذي يمسه بكلمة مبغض لآبائه! ويخيل إلي أنَ لسان حال "االسلفيين" يقول:
"لا يضر مع إثبات الأسماء والصفات ذنب. كما لا تنفعُ مع فقه الواقع طاعة"([22]).
إن هذه الحالة، حالة نفسية فالملتزم مع جهة معينة يظ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كمال النجار
راكب درجه اولى
راكب درجه اولى



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 710
نقاط : 1088
تاريخ التسجيل : 20/10/2009

كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره   كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالسبت سبتمبر 01, 2012 2:33 pm

" السلفيون " والتغيير

* (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) (الأنفال: 39)،
* (فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً) (الفرقان: 52)
كيف يكون سلفياً من لا يرى الحكم بغير ما أنزل الله كفراً؟!!.
(1) كيف سيستأنف "السلفيون، الحياة الإسلامية؟.
أو قل "كيف" هذه، هناك سؤال ينبغي أن يسبقها وهو: هل يفكر "السلفيون" في هذا الموضوع؟.
وما هو حجم الحيز الذي تشغله هذه القضية من اهتماماتهم؟.
كانت بداية "السلفية" المعاصرة بداية علمية، تدعو إلى مجموعة من الأصول المعلومة، وجهدهم الذي تعلق بالواقع انصب على محاربة المذهبية، والشرك المتعلق بالقبور والرقى والتمائم، والبدع العملية المنتشرة في الأمة، ولم يكن لهم جهد، ولم يزالوا كذلك يتعلق بالواقع العام للأمة، ولم يطرقوا من توحيد الألاهية ما يتعلق بالحاكمية والتشريع بل إنَ رموز "السلفية" يفتخرون بعدم وجود علاقة لهم بالسياسة، ففي نظرهم أن "السلفية": كلمة تلفظ بمعناها الصادر منها، أي معنى يدل على حركةٍ سياسية … ومن يفهم ذلك فإنه مخالف ولنهج السلف غير سالك([35]).
إن المتتبع لرسائل "الدعوة السلفية"، يجد أمراً جديراً بالملاحظة، وهو أن استئناف الحياة الإسلامية لم يكن من ضمن أهدافهم التي اعتادوا على ذكرها على الغلاف الأخير لرسائل "الدعوة السلفية" ثم منذ سنوات درجوا على ذكرها استجابة - كما يبدو- لضغط التيار الإسلامـي الذي يدعو إلى استئناف الحياة الإسلامية، فأضافوها مجاملة ورفعاً للعتب([36]).
(2) والحقيقة أن الأمر لو وقف عند هذا الحد، لقلنا: لهم اجتهادهم، ولهم اهتماماتهم وأهدافهم التي يسعون إلى تحقيقها في الأمة، وهذا غاية جهدهم، ومنتهى اجتهادهم، فجزاهم الله خيراً.
لكن القوم لم يلزموا غرزهم، ولم يقنعوا باجتهادهم وجهدهم، ولم يرضوا بان يكون للخلق اجتهاد وجهد، فصاروا في الآونةِ الأخيرة ينشطون في المجالات ا لتالية:
1 - تشويه منهج السلف والانحراف به عن الجادة، من خلال وصفه ببعده عن السياسة وافتخار بذلك.
2- نبذ المتمسكين بمنهج السلف، الملتزمين بأصول أهل السنة، بألقاب ليست مطابقة للواقع فهذا إخواني، وذاك تحريري، وثالث سروري، ورابع: خارجي وخامس: من جماعات الغلو، وسادس: يُذكًر بالطوائف المارقة من الإسلام... الخ من قاموس ألقاب الجرح والتصنيف "السلفي". ولماذا كل هذه الألقاب؟ لأن المتهَمَ – في نظر "السلفي طبعا" يعيش ضمن الخارطة وداخل التاريخ، فيرى وجوب الاهتمام بالواقع والسياسة، وينتهج منهجاً في التغيير أداه إليه اجتهاده، وهو إن فعل ذلك أخرجه "السلفيون" من "السلفية" وكأنها حِكر عليهم، وكأنهم قيِّمون عليها. وهم لا يدرون بأنهم - بفعلهم هذا- مبتدعون، مخالفون لمنهج السلف وخط أهل السنة، وأنهم - عرفوا أم لم يعرفوا- أدوات في أيدي الجاهلية تضرب بهم الدعاة العاملين.
وإذ كان ذلك كذلك من الخطورة وتشويه الحقائق والانحراف عن "السلفية" "وبالسلفية" عن مضمونها الحقيقي وهو رفض الشرك في أجلى صوره، أعني تحكيمَ غير الله في الحياة، كان لا بُد من مناقشة هذه المسألة الخطيرة، وذكر القوم بما فيهم، تنبيهاً لهم، وتعليماً لغيرهم أن: ليست هذه في "السلفية" في موقفها من الواقع، ومن شرك الحاكمية، ومن العاملين للإسلام، ومن السياسة.
ومن يدعي ما يدعيه القوم خارج عن منهج السلف، مبتدع بدعة عظيمة، فوجب - والحالة هذه - بيان بدعته، لما فيها من تلبيس على الخلق، وإضلال لهم، باسم السلف.
قيل للإمام أحمد رحمه الله: " الرجل يصوم ويصلي ويعتكف، أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع، فقال: إذا قام وصلى واعتكف، فإنما هو لنفسه وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل"([37]).
(3) "السلفيون" والسياسة:
سبقت الإشارة إلى افتخار "السلفيين" بانعدام العلاقة بينهم وبين السياسة، وذلك في قول الأستاذ محمد شقرة عن "السلفية" بأنَها: "كلمة تنفي بمعناها المتبادر منها، أي معنى يدل على حركة سياسية"([38]).
ولما كانت الجملة موهمة، تحتمل وجهين، فإنني سأتعرض لهما:
الوجه الأول: إن كان الأستاذ يقصد أن "السلفية" ليست حركة سياسية، بمعنى أنها ليست حزبا سياسيا بالمعنى الاصطلاحي لكلمة حزب "فالسلفية" كذلك.
الوجه الثاني: أن يكون قصد الأستاذ أن "السلفية" لا تهتم ولا تشتغل بالسياسة، فهذه دعوى مرفوضة، "وتهمة" منكرة يُراد للمنهج السلفي تلبسها.
فما الذي يفهمه "السلفيون" من كلمة سياسة، ولماذا يتوترون عند سماعها، السياسة هي: إدارة الواقع، والتعامل معه، والسياسة: هي الحركة من أجل تجسيد الأفكار في واقع الحياة.
فهل يفهم "السلفيون" السياسة على غير هذا الوجه، وهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا سياسة، فإن كانوا موافقين على هذه المعاني، لكن الكلمة تثيرهم، فلا مشكلة حينئذ؟ ونحن نتنازل عن الكلمة، وعياً منَا لأهمية المضمون والاتفاق عليه، حيث تفقد المصطلحات - عندها- أهميتها فلا مشاحة فيها.
(4) "السلفيون" وفقه الواقع:
كنا نعتقد أنَ قضية إدراك الواقع، قضية منتهية، قد حَسَمَها الحسّ الإسلامي منذ نزل القرآن، إذ يدرك العقل المسلم أن فقه الواقع أحدُ شرطي الانتهاء إلى حكم شرعي، فبما أن الأحكام الشرعية تتعلق بالحياة كلها، وبما أن المسلم مخاطب بعمارة الأرض، وبما أن المسلم ملتزم باستبانة سبيل المجرمين، لكل ذلك فإن فقه الواقع قضية محسومة. هكذا كنا نعتقد.. ثم إنَه ألف أحد المشائخ رسالة في فقه الواقع يذكر فيها أهميته، وضرورته، وهي رسالة صغيرة متواضعة، كل ما فيها معروف لدى أهل العلم والحكمة، لكنها بالنسبة للبيئة التي نشرت فيها جديدة، فهي لذلك إنجاز مهم وجهد مشكور.
وعندما قوبلت هذه الرسالة باهتمام، ووجهت الشباب "السلفي" إلى الالتفات إلى قضايا ومشاكل كانت غائبة عنهم، رأينا رد فعل عجيبا من "السلفيين" حيث صدرت لهم في التعليق على تلك الرسالة رسائل تُهوًن من شأن فقه الواقع.
وصرت تسمع كلمات غريبة مثل: "إنَ فقهَ فقهِ الواقع أن تدع فقه الواقع، ليستحكم عندك فقه الواقع، فتكون من أعلم الناس، وأفقههم بفقه الواقع"([39]).
وهذا منطق عجيب صورة ومعنى، ولا داعي للرد عليه لبيان ضعفه، فمخالفته لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنهج سلف الأمة واضحة.
(5) لا أعرف لماذا عقدَوا هذه المسألة الواضحة؟! ولمصلحة من؟.
ألأن قطاعاً كبيرا من الشباب "السلفي" بدأ ينتبه إلى واقعه ولزوم تغييره، بعد أن وجد أنه قضى ردحا من عمره مهتما بواقع الأئمة، أحمد، وابن تيمية، وابن عبد الوهاب رحمهم الله، يوالي اتباعهم، ويعادي خصومهم، ويحيا مشاكلهم؟.
أم لأنهم رأوا أن اهتمامات الشباب "السلفي" كبرت، وآفاقهم اتسعت، فلم تعد محصورة في مسائل معينة، بل صارت تتجه إلى شرك الحاكمية، واستئناف الحياة الإسلامية، على الحقيقة، ونقد الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يخص جاهلية قائمة، وخصوما ملموسين؟.
أمن أجل هذا بدأت ألسنة البعض تجلدهم، وأقلامهم تطعنهم؟!.
وأسأل مرة أخرى: لحساب من؟ لحساب من يراد من "السلفية" أن تقبع في القبور... لحساب من يراد من.. السلفية أن تتحول إلى دار نشر؟ توظف مجموعة من الكتبة الذين يحترفون تحقيق رسائل، جهلها لا يضر وعلمها لا ينفع، رسائل لا يخرج تداولها عند التدقيق عن كونه تجارة ورق.
لحساب من يراد "للسلفية" أن تبقى محصورة في تصفية الأحاديث؟ وإلى متى؟.
لحساب من توضع الأيدي على آيات توحيد الالاهية، ويهمل شرك الحاكمية، ويسكت عن الطاغوت؟! ويُوالى ويحب ويمدح؟.
أسئلة مشروعة تحتاج لإجابات واضحة، وتقتضي من الأخوة "السلفيين" لحظة تأمل، لعلنا وإياهم نحيي منهجا للسلف اندرس، ونسير في طريق لأهل السنة انطمس.
ولعلنا وإياهم نحيي سنَة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في عداوة الطاغوت، ونصر التوحيد.
(6) مشكلة "السلفيين" وغيرهم، أنهم يلحقون واقعنا بواقع السلف، فيتعاملون مع حكام هذا الزمان، كما تعامل السلف مع حكامهم، ويسقطون النصوص النبوية التي تتحدث عن الحكام الظالمين، على واقعنا نحن حيث الكفر البواح.
ومثالاً على ذلك، تكلم الأستاذ محمد شقرة عن علاقة "السلفية" ودعاتها بالأمراء، مستشهدا بتاريخ الدعوة قائلاً: "ولطالما كان تواصل بينهم - أي علماء الدعوة السلفية - وبين الأمراء - إليه النصيحة الأمينة، ولبابه الدعوة إلى الله - أسعد الأمه، وأشاع فيها العدل والأمان..."([40]).
فهل أمراء ذلك الزمان كأمراء هذا الزمان؟!
ويذكر النصوص النبوية التي تدعو إلى الصبر على جور السلاطين المسلمين، ويسحبها على واقعنا حيث كما قلت الكفر البواح، فأي قياس هذا؟!.
والغريب أن الأستاذ ذكر نوعي نظام الحكم الذي يقوده رجل مسلم([41])، الذي إما أن يكون عادلاً، وإما أن يكون ظالما، ولم يذكر لنا الحالة الثالثة، وهي التي يكون فيها الحاكم كافراً، أو التي يظهر فيها الكفر البواح، وهي حالة ينطبق عليها آخر حديث ذكره في جملة أحاديث تدعو إلى الصبر، فإنه صلى الله عليه وسلم لما سئل: هل يخرج المسلمون على أمرائهم إن ظلموا؟ قال: "لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، إلا أن تروا كفراً بواحا"([42]). فإن قال الغالي الخارجي([43]): فقد رأينا كفرأ بواحا، فهل نخرج؟! وإن سألتُ بدوري: هل يشك مسلم درس التوحيد في كفر معظم الأنظمة التي تحكم العالم الإسلامي؟.
(7) ثم ليكن معلوما أنً علماء السلف عندما اختلفوا في تغيير حكام زمانهم، فإنما اختلفوا في حكام مسلمين فيهم انحراف، من ظلم أو فسق... أما الخروج على الكافر، أو تغيير النظام الذي ظهر فيه الكفر البواح فهذا ما لا خلاف فيه.
ومع ذلك، فليس لأحد أن يدعي أن عدم الخروج على الفاسق أو الظالم هو فقه السلف وأن الخروج خارجية وغلو، فإنًه إن ذكر عالماً من السلف يرى عدم الجواز، ذكرنا عشرةً يرون الجواز، فمن هو "السلفي"، ومن هو الموافق لعقيدة السلف، إذن؟!!.
(8) فهل يلزم من كلامنا السابق أن العلاقة بين المسلمين وبين الأنظمة الكافرة ينبغي أن تكون علاقة قتال؟ بالطبع كلا، فالقرار المرتبط بهذا الموضوع يتعلق بالقدرة والاعداد…
========================================================
ذكر ابن حزم رحمه الله السلف القائلين بوجوب الخروج على غير العدل إن كان أهل الحق في عصابة يمكنهم الدفع، ولم ييأسوا من الظفر أما إذا كانوا في عدد لا يرجون لقلتهم وضعفهم يظفر كانوا في سعة من ترك التغيير باليد. والقائلون بهذا المذهب هم: علي بن أبي طالب وكل من معه من الصحابة، وأم المؤمنين عائشة. وطلحة، والزبير، وكل من كان معهم من الصحابة، ومعاوية، وعمرو والنعمان بن بشير، وغيرهم ممن معهم من الصحابة، وعبد الله بن الزبير، ومحمد والحسين ابنا علي، وبقية الصحابة من المهاجرين والأنصار. ومن قام على الفاسق الحجاج - هذا لفظ ابن حزم - ومن والاه من الصحابة كأنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين. ومن التابعين: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن جبير وأبو البحتري الطائي، وعطاء السلمي الأزدي، والحسن البصري ومالك بن دينار، ومسلم بن يسار، وأبو الجوزاء والشعبي، وعبد الله بن غالب.... وغيرهم. ثم قال ابن حزم: "وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء كأبي حنيفة والحسن بن حي وشريك، ومالك، والشافعي، وداود وأصحابهم. فإن كل من ذكرنا من قديم وحديث إما ناطق. بذلك في فتاواه وإما فاعل لذلك بسل سيفه في إنكار ما رأوه منكرا" - انظر - الفصل 5/19- 28. وأعود فأقول: هذا في الحاكم الفاسق أو الظالم ومع ذلك، فأنا لست بصدد ترجيح قول على قول. وإنما أقرر قاعدة أصولية مهمة: وهي أنه - وبعد هذا السرد للسلف القائلين بجواز الخروج على الفاسق - لا يجوز لأحد أن يدعي بأن عقيدة السلف في هذه المسألة عدم جواز الخروج. ومن ادعى هذا فإنه مزور مشوه لعقيدة السلف، ويسر حسوا في ارتغائه. وأما ما قاله الطحاوي رحمه الله: "ولا نرى جواز الخروج....."، فإن هذه رؤيته هو وترجيحه هو. ورؤيته وترجيحه ليسا مُلزمَين للأمة. وعقيدة الطحاوي، هي عقيدة الطحاوي، يؤخذ منها ويرد عليها. وخلاصة الأَمر: أن الإجماع منقوض، فليخضع البحث - إذا- للنقاش والترجيح من دون دعاوى واتهامات.
========================================================
ولكن يلزم من هذا الكلام في بيان حقائق الإسلام جميعها، وأركان التوحيد كلها، وعدم إخفاء أو إغفال ركن منها.
على المسلمين أن يكفروا بالطاغوت، ويعلنوا ذلك، فإن الكفر به هو الركن الركين في هذا الدين، حيث لا يقبل إيمان قبل الكفر بالطاغوت: " فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى" (البقرة: 1256).
وقال تعالى: "ولقد بعثنا في كل أمَة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغْوت" (النحل: 36) وهل هناك طاغوت أشد طغيانأ من الحكم بغير ما أنزل الله؟.
قال ابن عبد الوهاب رحمه الله:
"فأما صفة الكفر بالطاغوت، فأن تعتقد بطلان عبادة غيرالله، وتتركها، وتبغضها، وتُكفَر أهلها وتعاديهم"([44]).
إن هذا الكلام يُلزِمُ المسلمَ، بما لزم رسول الله صلى عليه وسلم عندما قال له ربه: "فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاد كبيراً" (الفرقان:52).
ويُلزِمه بإعلان الرفض للواقع القائم كما أعلنه رسولُنا صلى الله عليه وسلم: "لكم دينكم وليَ د ين" (الكافرون: 6).
وُيلزِمه ببيان المفاصلة، والإشعار بالبراءة، من الأنظْمة التي تُنازعُ الله أخص خصوصية له، ألا وهي الحكم: "إنِ الحكمُ إلا لله" (يوسف: 40).
قال تعالى: "يا اًيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا اًعبد الذين تعبدون من دون الله، ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم، وأمرت أن أكون من المؤمنين، وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكونن من المشركين" (يونس: 105).
نعم، إن هذا الكلام يلزِم المسلم بكل ما تقدم، حتى لا تميع الأمور، وتضيع الحقائق على الناس، وحتى يتمايز الناس، ويفترق فسطاط الإيمان عن فسطاط ا لكفر.
فكيف بك - وبعد كل هذا- بمن لا يُبين وبمن لا يوالي ولا يعادي على أساس عقيدة التوحيد، بل يطلق لسانه في أعراض المسلمين ونواياهم، ويصفهم بما تصفهم به الجاهلية([45]). وهو مع ذلك لو سألته عن الحكم الشرعي فيمن لا يحكم بما أنزل الله، تورع وتوقف! فسبحان خالقه ما أشد ورعه وتقواه!، "يا ذا الورع البارد يكفي...
والخلاصة: إنَ عدم القتال، لا يعني عدم البيان.
(9) ونعود الآن إلى السؤالين الذين افتتحنا بهما هذا المبحث، وهما:
هل يفكر "السلفيون" في موضوع التغيير تفكيراً جديا؟.
وإذا كانوا كذلك فكيف سيستأنفون الحياة الإسلامية؟.
أما أنهم يفكرون، فلا أعتقد، واعتقادي ليس نابعا من هوى، فكل ما سبق دليل على هذا الاعتقاد. ثم ما ظنك بقوم يرون أن السياسة "تياسه"، وأن الفقه ترك فقه الواقع، هل تظن أن لديهم نية للتغيير أو جديَة وسعيا؟.
ولكنني - وقبل الانتقال إلى السؤال الثاني - أذكر - للأمانة- أن لدى "السلفيين" نية للتغيير!. أهدافهم منه تتمثل فيما يلي:
- تغيير منهج السلف!
- تغيير مذاهب الناس، وإلزامهم بمذاهب جديدة!
- تغيير بدع العبادات.
- تغيير شرك القبور!
والعجيب أن "السلفي" يرى في هذه الأهداف غاية طموحه، وهو عندما يلتزم - مثلا- بزي معين يشعر بأنه قد استوفى المطلوب، وحقق شرط الصلاح، وهو بهذا الشعور يستنفدُ طاقته التي كان ينبغي أن تُوجه إلى قضايا أخرى، ويتجمد عند القمة - في نظره - راضياً بما حققه.
إنها حلاوة الشعور بالغربة، التي وعد الرسول صلى الله عليه وسلم عليها بالدرجات العُلى، هكذا يظنَ ويأمل.
إن الغربة الحقيقية، حمل منهج السلف حيث الناس هاجرة له - وعدم الاقتصار على بعض هيئاتهم وتصرفاتهم.
إن منهج السلف هو أسلوبهم في التفكير والفهم، وطريقتهم في التفاعل مع قضايا عصرهم، وسبيلهم في حمل الإسلام والحركة به.
(10) ونعود إلى السؤال الثاني، وهو:
كيف سيستأنف السلفيون "الحياة ا لإسلامية"([46]).
في الحقيقة، لا يوجد منهج واضح، يبينون فيه حتى على طريقتهم - كيف سيستأنفون الحياة الإسلامية.
والمتوفر بين أيدينا أساسان يذكرهما "السلفيون " كثيراً،هما:
1- التصفية والتنقية لحقيقهة الإسلام …- العودة بالأمة إلى العقيدة الحقة الصافية([47]).
2- التربية والإعداد والالتزام بأحكام الإسلام المستمدة من هذه العقيدة([48])...
وكما ترى فان هذين الأساسين لا يكفيان في توضيح الكيفية. فإلى متى ستستمر التصفية والتنقية، علماً بأن التصفية غدت مهنة يؤكل من ورائها، ولم تعد هدفاً دعوياً يُتحرك به بين الناس.
ثم إنَنا لا نشعر من الواقع أن هناك تربية وإعدادا مقصودين، وإنَما نرى افراداً تُؤلف بينهم مجموعة من المسائل. وبعد أن يذكر الأستاذ محمد شقرة هذين الأساسين يقول: "وهي بهذا المفهوم تستبعد من حسابها التطلع النهم الى أنظمة الحكم ورؤوس الحكام، وتضع في حسبانها، - أساساً- إصلاح الأمة إصلاحا ينتهي بها لنفسها إلى أن يكون الإسلام هو المهيمن على الإنسان والحياة، ليعودَ الحكم بالإسلام تاجاً يزين هامات بلاد المسلمين وديارهم"([49]).

منى إن تكن حقا تكن أحسن المنى والا فقد عشنا بها زمناً رغداً.
والا فقل لي - بالله عليك كيف سينتهي الحال بالأمة من خلال إصلاحها على الطريقة "السلفية" إلى أن يكون الإسلام هو المهيمن على الإنسان والحياة، ليعود الحكم... الخ هذه الأماني، كيف ستنتهي الأمَة إلى ذلك إذا أخذت بعين الاعتبار أن لا وجود لفعل الإصلاح للمصلحين، وإذا نظرت في حال العالم اليوم والقوى المتحكمة فيه، وفعلها النشط في حرب الإسلام والالتفاف عليه؟.
ولقد صدق من قال:

متى يبلغ البنيان يوماً تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
(11) وأخيراً، فان السلفيين مطالبون بمراجعة أنفسهم في موضوع التغيير، والاشتغال في الواقع؟ والمراجعة تكون بأن يعودوا إلى دراسة فقه السلف في هذه -المسألة - كي يصلوا - إن شاء الله - إلى الحق.
وإلا فليبقوا على ما هم عليه دون تحميل السلف وأهل السنة وزر مذهبهم، وليسموا الأشياء بأسمائها، وليكُفُوا ألسنتهم عن عباد الله العاملين.
وإذا أراد "السلفيون" استئناف الحياة الإسلامية - حقيقة لا دعوى- فانهم مطالبون بتحديد موقفهم مما يلي:
- بأي شيء يبدؤون! أو ما هو فقههم للأولويات؟.
- ما وهو وصفهم للواقع؟ أو ما هي أحكام الديار عندهم.
- ما هو فهمهم لتوحيد الالاهية؟ وما هو موقفهم من المنحرف فيه؟.
- ما هي أنواع الطاغوت؟. وما هو مقتضى الكفر به؟.
وليكونوا حريصين عند الإجابة، على بيان موقف السلف الحقيقي منها؟ نسأل الله لنا ولهم الهداية.
([1]) السابق، ص 14.



السلفيون المبتدعة
أو
السلفيون والبدع والمخالفات

"إنَ لكل شيء دولة حتى إن للحمق على الحلم دولة".
(1) لا تخفى غرابة هذا العنوان؟ فكيف يكون "السلفيون"، مبتدعة؟ والكل يعلم موقف "السلفيين" من البدع، وتشنيعهم على مرتكبيها.
لكن - وللأسف - هذا الذي حصل. لقد حارب "السلفيون" بدعاً كانت منتشرة في الأمة، وكانوا السبب الرئيس في إزالتها، فجزاهم الله خيراً، لكنَهم وقعوا في بدع أخرى، قد تكون أخطر وأدهى.
والملاحظ أنهم لم يستتروا ببدعتهم دون الناس، بل جهروا بها، وكثرت دعوتهم ودعاتهم إليها، وهاجموا من لا يلتقي معهم عليها.
وقد رأيت ضرورة عقد هذا المبحث لبيان البدع والمخالفات التي وقع فيها "السلفيون"، لعل في ذلك تحذيراً لمن كان له قلب من الوقوع فيها.
وقد قال أبو إدريس الخولاني: "لأن أسمع بنار تحترق في ناحية المسجد أحب إلي من أن أسمع ببدعة ليس لها مغير، وما أحدثت أمة في دينها بدعة الا رفع الله بها عنهم سنة"(1).
(2) والخطورة في هذه البدع، أنها تصدر عن قوم معروفين بمحاربتهم البدع والنهي عنها، ولذلك لا ينتبه إليها اًحد، بل إنه لا.يخطر على بال إنسان أن يربط بين "السلفي" وبين البدع!.
وإلى هذه الدقيقة أشار ابن تيميه رحمه الله فقال([50]): "فإذا كان... أقوام يبتدعون بدعا تخالف الكتاب، ويَلبِسونها على الناس، ولم تبين للناس، فسد أمر الكتاب، وبدل الدين، كما فسد دين أهل الكتاب قبلنا بما وقع فيه من التبديل الذي لم يُنكر على أهله، وإذا كان أقوام ليسوا منافقين، لكنهم سماعون للمنافقين! قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقاً وهو مخالف للكتاب، وصاروا دعاةً إلى بدع المنافقين،.... فلابد أيضا من بيان حال هؤلاء بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم، فإن فيهم إيمانا يوجب موالاتهم، وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين، فلابد من التحذير من تلك البدع، وان اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم، بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدعة من منافق، لكن قالوها ظانين أنها هدى وأنها خير، وأنها دين، ولو لم تكن كذلك لوجب بيان حالها"([51]).
(3) لقد زادت الشُقةُ بين "السلفيين" وبين أهل السنة، بسبب ما ابتدعوا.
ولكن من الحق أن نقول: إنَ "السلفيين" - على ما فيهم من بدع ومخالفات - يتوخون المنهج السليم، في أصل دعوتهم، ويحاولون التقرب إلى منهج أهل السنة، وفقه السلف قدر استطاعتهم.
فهم - بذلك - فيما وافقوا فيه أهل السنة من أهل السنَة، وفيما ابتدعوا فيه وخالفوا ليسوا من أهل السنَة، ولا على منهج السلف، أي انهم بعبارتهم: ليسوا "سلفيين" بما خالفوا فيه.
(4) البدع والمخالفات التي وقع فيها "السلفيون":
1 - اللقاء مع الناس أو مفارقتهم على أساس الفتاوى في الفروع الفقهية التي يسوغ فيها الخلاف، أو على أساس المباحات.
قال ابن تيميه رحمه الله: (ويستحب للرجل أن يقصد الى تأليف هذه القلوب، بترك هذه المستحبات، لأن مصلحة التأليف في الدين، أعظم من مصلحة فعل مثل هذا، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم، تغيير بناء البيت، لما رأى في إبقائه من تأليف القلوب، وكما أنكر ابن مسعود رضي الله عنه على عثمان رضي الله تعالى عنه إتمام الصلاة في السفر ثمً صلى خلفه متماً وقال: "الخلاف شر")([52]). فكيف بمن جعل بعض المستحبات، وبعض المسائل الفقهية، الأصلَ الذي لابد من البدء به قبل كل شيء فكان ذلك سببا في تفريق المسلمين، والإساءة إليهم.
2- والعجيب أنهم في المقابل تركوا ذكر الأصول الحقيقية، مثل بعض أصول التوحيد ومقتضياته، كتوحيد الإلاهية، وما يتعلق بها من وجوب الحكم بما أنزل الله. فلماذا هذا التناقض؟!
3- تجزيء مفهوم توحيد الالاهية، بل تجزيء مفهوم التوحيد كله، وعرضهم له بما يُشعر بحصره في الأسماء والصفات، وتناول ما يتعلق منه بشرك القبور، وتحكيم المذاهب الفقهية. وتقزيم مفهوم الولاء والبراء، إلا في حدود البراءة من المتصوفة في "نيجيريا"، أو من شركيات ابن عربي (ت 636)، وجاهليات أبي جهل، أما غير ذلك فليس هنا وقته.
4 - الترويج للعقيدة الجبرية:
الجبرية التي يروج لها "السلفيون"ليست الجبرية التاريخية بمصطلحاتها، وقواعدها، التي تصرح بأن الانسان: ريشة في مهب الريح وأنه لا حول له ولا قوة لأنَه مسير غير مخير؟.
ليست هذه هي الجبرية التي ابتدعوها أخيراً، وإنما جبريتُهم من نوع آخر، يمكن أن نطلق عليه: الجبربة الإجتماعية!.
تلك الجبرية التي تسلب الإنسان دوره في صناعة التاريخ، الجبرية التي سماها مالك (بن نبي )رحمه الله: ذهان الاستحالة: أي الذي يحكم على الاشياء باستحالة حدوثها، مما يقود الانسان إلى الشلل،
الجبرية التي تسلب الأفراد قلق الحاجة إلى التغيير، وتدفعهم إلى انتظار - وبسرور- تحقق الوعود النبوية التي بَشرت بقيام الخلافة، وانتشار ْنور الإسام في أرجاء الارض.
وأخيراً، إنها الجبرية التي تصور التاريخ على أنه أقدار حتمية لا يدَ للانسان فيها.
وللحقيقة، فإن هذه البدعة أو المخالفة، الخطيرة، داهية جديدة، لم نكن نعرفها عن "السلفيين". فلقد كنا نعتقد أن "السلفيين" ينطلقون في عملهم من منهج آمنوا به، وارتضوه لأنفسهم، اًما أن ينتقلوا إلى مرحلة التسويغ، تسويغ تقصيرهم بأن مشيئة الله لم يحن وقتها، فهذه طامة لم نكن نتوقعها.
لقد فوجئت وأنا أقرأ كتاب الاستاذ محمد شقرة "هي السلفية" بهذه المعلومات الخطيرة، والتي تطلب من الناس أن ينتظروا تحقق الوعد الالهي الوارد في قوله تعالى: "يريدون أًن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلاَ أن يُتم نوره ولو كره الكافرون" (التوبة: 32).
ولأنني لست معنياً في هذا البحث بمناقشة الأستاذ في كتابه، والرد على إيراداته، فإنني سأكتفي بنقل بعض كلماته.
قال الاستاذ: "... ولا نعجل على أنفسنا بأمر قضى الله فيه فكان، ولن يكون الا كما قضى"([53]). وقال: "...إلى أن يأذن الله سبحانه بإرادته أن يكون لهذه الأمة في آخر أمرها، خلافة على منهاج النبوة "([54]). وقال - ويا لهول ما قال -: "ولقد علمت الجِنة والإنس أجمعون أن لو شاء الله سبحانه أن يكون للمسلمين دولة في هذا القرن لكانت، ولكن اين سيقع خبر المصطفى صلى الله عليه وسلم: الذي أخبر فيه بأن دولة الخلافة هي آخر مراحل العمل السياسي لهذه الامة... اذا فليس يطلب من الأمة الآن الا أن تهيأ نفسها لموعود ربها سبحانه، بتحقيق دولة الخلافة"([55]).
يتعامل الأستاذ مع الآيات والأحاديث التي تشير بأن المستقبل للإسلام، بفهم خاطيء لقدر الله تعالى.
فقد سَرَد بعض الأحاديث المبشرات، في سياق التدليل على عدم العجلة على قضاء الله!، والفهم الصحيح لهذه الأحاديث وأمثالها، لا يعني أن يقبع المسلم منتظراً تحققها، بل إنها تدعوه ليحقق الأسباب المؤديه إلى مضامينها. إنَها تصف سنن الله، والمطلوب من المسلم أن يتعامل مع السنن لا أن يعاندها، وهذه الأحاديث تطلب من المسلم أن يتعرض لمضامينها، كأنها تقول له اصنع الأسباب التي تؤدي الى تلك الحتميات([56]).
بقيت ملحوظتان:
الأولى: قد يقال إن الأستاذ ليس حجة على "السلفيين". فأقول: نعم، لكننا لم نسمع أنهم خالفوه فيما ذكره. ومادام الأستاذ معروفا لدى الناس بأنه مرجع "للسلفيين" فإن كلامه يمثلهم، حتى يثبت العكس.
الثانية: أن ما ذكرته عن الجبرية الاجتماعية في كلام الأستاذ، يُستخرج بالتأمل والقراءة المدققة، لأن الأستاذ يستخدم الاستدراكات الموهمة، ويُدخل القارئ في مغالطات ومتناقضات تعسر عليه قطف النتائج الواضحة.
وهذا الأسلوب حمال وجوه، يلجأ إليه كثير من الكتاب، لِيَسلمُوا من الإحراج عند المراجعة. ولكنَهم - في الوقت نفسه - يكونون قد أوصلوا للقارئ المفهوم الذي يريدون، دون أن ينتبه القارئ لذلك.
إن قراءة كلام الأستاذ تدفعك إلى استحضار كثير من الصور التي قرأنا عنها، فتتذكر أولئك الذين كانوا يحتجون بالشر على تسلط الأمراء الظلمة، فإن الأمير - كما يدعون - تمكًن بقدر الله، ولولا أنَ الله يريده أميراً لما مكن له، فاسمعوا وأطيعوا - إذا- أيها الناس.
وتتذكر معاوية عندما سمع أبا بكر- رضي الله عنهما - يحدث بحديث الخلافة والملك فقال: "رضيت بالملكّ" وتتذكر بعض المتصوفة الذين عدّوا الاستعمار من قدر الله .فلم يقاوموه.وطلبوا من الشعب أن لا يقاومه، ثم قبعوا في زواياهم ينتظرون المهدي، وتتذكر المحتجين بالشر على ترك العمل، وإهمال الأسباب([57])... رحم الله محمد بن وضاح فقد أصاب عندما قال: "إنما هلكت بنو إسرائيل على أيدي قرائهم وفقهائهم، وستهلك هذه الأمة على أيدي قرائها وفقهائها"([58]).
(5) عند التفاعل مع الواقع، والتقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمفهومه الشامل، وتجنب العمل السياسي الصحيح المرتبط لأصول أهل السنة، والدعوى إلى كل ذلك، وهذه بدع تركِية، وهي معلومةَ مشهودة ينطق بها حال "السلفيين" وقد كنت سأكتفي بذكرها، لولا أن ما قرأته في كتاب الأستاذ محمد شقرة "هي السلفية" يُلزِمُني بالإشارة إلى بعض البدع والمخالفات الخطيرة التي وردت في كتابه، والتي نَعُد "السلفيين" ناطقين بها، حتى يثبت العكس.
1- ينتقد الأستاذ السلوك السياسي المعاصر بنظرياته التي تشرد بعيداً عن الضوابط الشرعية (ص161)، ويلوم المسلمين الذين وقعوا في مصيدته فاقترفوا مخالفات شرعية. ونحن نتفق معه على هذا، ونلوم مثله، من لامهم. لكن أين البديل؟.
وهل فساد العمل السياسي وخطأ المسلمين الذين سقطوا فيه، يعني أن لا نبحث عن العمل السياسي الصحيح المنضبط بضوابط الشريعة؟.
وهل نبقى بعيدين عنه حتى (تكون للإسلام دولة)؟ (ص 173).
وكيف ستقوم الدولة؟ !!.
2- يعتقد الأستاذ أن تنقية العقيدة، وتربية الأمة([59])، ستنتهي بنا إلى الدولة (ص 174).
هذا هو البديل الذي يطلب الأستاذ من الأمة الانكباب عليه، ولم يضع بديلاً مقابلاً للمنكر الذي رفضه([60])، مثل أن يبينَ العمل السياسي الصحيح، الذي هو التفاعل مع الواقع والاطلاع عليه، والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل المجالات، والدعوة الجادة الموجهة من أجل تحقيق الإسلام في الحياة. أليس هذا عملاً سياسيا؟ ألم تكن هذه السياسة هي التي سبر عليها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه؟.

3 - ويخرج الأستاذ بنتيجة خطيرة نظراً للسلوك السياسي الفاسد، ومراعاةً للمسار الذي حدْدته الأخبار النبوية للأمة([61]). فيقول: "أحسبُ أن مقولة: (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله) كلمة حكيمةً تصلح لزماننا..."([62]).
لو قلت: إن الأستاذ قال قولا إدا، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض، وتخرَ الجبال هداً، لما جاوزت االحقيقة.
إن هذه الكلمة لن تكون كلمة حكيمة في زمن من الأزمان، فما علاقة فساد السلوك السياسي بصحة هذه الكلمة أو فسادها؟. ليكن السلوك السياسي على أي صورة لكنها ستبقى كلمة تنطق بالكفر وتمثله، وتُبشرُ بالعلمانيةِ وتدعو إليها.
إنَ فساد السلوك السياسي لا يُصححُ باطلا، ولا يُبطِلُ حقا.
إن هذه الكلمة بمفهومها المستقر والمتداول، المخالِفُ الأول لقوله تعالى: "إن الحكم إلا لله" (يوسف: 40).
لماذا لم يقل الأستاذ: ليكن السلوك السياسي صحيحاً يعمل لنقض مقولة (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله) التي يروج لها القياصرة؟.
بل كنا نرضى منه أقل من ذلك، كنا نرضى منه أن يقول: لن نخالط السلوك السياسي مادام على ما هو عليه أما أن ينطق بهذه الكلمة المكَفرَة، ويُزكِيَها، فطامَة لم تكن على البال، وعلى الأستاذ أن يتذكر بأننا متعبدون بألفاظنا، فعليه - والحالة هذه – أن يستغفر الله ويتوب إليه، ويصوب الخطأ الذي وقع فيه لا يتبعه على ذلك من يتأثر به.
قال الرافعي الملهم وهو يتحدث عن الفكرة([63]) وثبوت وصفها على مر الأزْمان ( فما توصف من بَعدُ إلا كما وُصفت من قَبل مادام موقعها في النفس لم يتغير، ولا نظنه سيأتي يوم يُذكر فيه إبليس فيقال: رضي الله عنه"([64]) أما نحن، فهكذا كنا نظن لكنه جاء اليوم الذي يُقال فيه عن كلمة الكفر: إنها كلمة حكيمة.
(6) تلقيب أهل الحق بألقاب غريبة، تنفيراً للنْاس عن اتباعهم، مثل قولهم "جماعات الغلو" يذكرنا بالطوائف المارقة عن الإسلام، فهي التي لاشك مكنت للتفكير السادي المنحرف الخبيث([65]). وهم بهذا يشابهون الجاهلية - القديمة والمعاصرة- بوصف المسلمين بمثل هذه الألقاب.
فقد كان أهل الجاهلية يُلقِّبون من خرج عن دينهم بالصابئ، كما كانوا يُسَمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.... تنفيراً للناس عن اتباع غير سبيلهم، وهكذا تجد كثيراً من هذه الأمة يطلِقون على من خالفهم في بِدَعِهم وأهوائهم أسماء مكروهة للناس"([66]).
(7) رمى المؤمنين بطلب العُلؤ في الأرض. "غير ناظرين أو طامعين في تحقيق أحلام تراود اْخيلة الجهلاء والمفسدين من السيطرة على سُدَةِ الحكم اًو الإطاحة بالحكام"([67]). وفي هذه مشابهة للجاهلية([68]) قال تعالى: "قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين" (يونس).
تناقض مذهبهم لما تركوا الحق([69]) فهم يدعون إلى التوحيد، ويرفعون لواءه،، ثم يخالفون شموله "فهم في أمرٍ مريج". وهذا يؤدي إلى لبس الحق بالباطل وكتمانه فراراً من التناقض، قال تعالى: "يا أهل الكتاب لِمَ تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون" (آل عمران). وأخيراً... فهذا ما يسر الله به، أسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا العمل، ويوحَد بين صفوف المسلمين، ويجمعهم على السنّة.
سبحان ربكَ رَب العزِةِ عمَا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.






([1])[رواه الإمام احمد 3 / 9والترمذي/ الفتن / باب ما جاء ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى يوم القيامة وقال: وهذا حديث حسن صحيح].

([2]) ومما يؤسف له أن صورة مشوهة تركزت في أذهانهم عن منهج السلف ولكننا-وبإذن الله - سنحاول محو هذه الصورة بهذه الدراسة وبغيرها.

([3])رواه الإمام أحمد 4/130/205 .والترمذي كتاب الأمثال باب ما جاء في مثل الصلاة والصيام والصدقة وقال :حديث حسن صحيح غريب . والجثاء جمع جثوة بالضم وهو الشيء المجموع .(2)الوصية الكبرى /67

([4]) وعندما تبحث لا تجد جمهوراً فضلاً عن أن تجد إجماعا

([5]) أي النسبة إلى المذاهب.

([6]) الانتقاء صفحة (35).

([7]) الفتاوى: جزء 28/ ص 227-228.

([8]) من الفقه أن يكبر العالم الانحراف البارز في عصره ويضخمه، ويشتغل به ليلاً ونهاراً ليكون حديث الناس.

([9]) منعا للتصيدِ، وتوضيحا أقول: لا أقصد التهوين من شأن هذا المسألة. بل أدعو إلى التفريق بين وجوب تعليمها والدعوة إلى القول الحق فيها، وبين جعلها موضوع امتحان، ومعيار ولاء وبراء في كل الأوقات في الوقت الذي تكون فيه، وقد يرد به القضايا مقصراً فيها، إن الكلام في ترتيب الأولويات فقط.

([10]) مختصر العلو ص 176.

([11]) السنة في استخدام السلف تعني أصول العقيدة.

([12]) منهاج السنة النبوية 2/ 221، كلامه رحمه الله عن لفظ (أهل السنة).

([13]) الكلام في واقع الحال، وليس في الدعاوى.

([14]) وليت الأمر توقف عند هذا الحد بل - تعداه إلى اتهام من يعمل من أجل هذا القضية بأنه من الخوارج، وجماعات الغلو..، كما سترى قريباً.



([16]) ميزان الاعتدال 3/ 273، وعلق الذهبي فقال: "لعن الله الدهرية فإنهم كفار، وما كان عمرو هكذا".

([17]) لا يكفر إلا من أنكر معلوما من الدين بالضرورة، أو اعتقد عكسه، وكذلك الحال في التفسيق فلا يفسق إلا بما ثبت أنه فسق... انظر الفصَل لابن حزم 3/ 5291 وإلاٍ حكام له 1/ 42 1، والمحرر في الفقه لابن تيميه الجد 2/ 9 5َ 2، ونزهة النظر لابن حجر ص 5.

([18]) قال الخطيب: "امتخاط حماد عند ذكره لا يوجب رد خبره" (الكفاية ص 185).

([19]) وهل في هذا مثلبة؟.

([20]) تعديل.

([21]) جرح..

([22]) تستطيع أن تضع مكان (فقه الواقع) أي عبارة يرفضها "السلفيون".

([23]) مجموعة التبرير هذه موجودة في كل الأحزاب والجماعات، وينطبق على الكل ما ينطبق على "السلفيين".

([24]) جزء من حديث علي رضي الله عنه في قصة حاطب، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعل الله اطلع على أهل بدر فقال.... " الحديث. البخاري مع الفتح: كتاب المغازى / باب فضل من شهد بدراً / حديث 3983.

([25]) من المعلوم أن اللقاء يكون على المنهج، والمنهج في الفقه هو: اتباع السنة. وتحري الصحيح، وعدم التعصب للمذاهب...

([26]) ذكر غير واحد من العلماء المحققين أن الخلاف الفقهي في مسألة ما يخرجها من دائرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأشير بأن للقاعدة استثناء لا علاقة له بمحل البحث.

([27]) لا يفوتنك أن لكل جماعة عقدة، فعقدة الاخوان: الكثرة والأولية، وعقدة التحريريين: الوعي السياسي والعمق الفكري، وعقدة التبليغيين: التجرد عن الدنيا، والخروج في سبيل الله، والزهد.... فما المعدوم طبعاً!.

([28]) لا تلازم بين وصف الفتوى بالعِلمِية، وبين الموافقة والمخالفة، فهذا بحث آخر.

([29]) نصيحة أهل الحديث ص 40.

([30]) السابق ص 37.

([31]) السابق، ص 42.

([32]) زغل العلم ص 37. وقد سئل بعضهم: متى يكون الأدب ضاراً؟ فقال: إذا نقصت القريحة، وكثرت الرواية.

([33]) أصحاب الخطيب والذهبي رحمهما الله.

([34]) الفني هو الذي يستطيع التعامل مع معطيات موجودة أمامه فينظمها، ويصلحها. ويختصرها.... لكنه لا يمتلك القدرة على الابتكار أو الربط أو الابداع، فهو دائماً يدور في فلك المبدعين لذلك تجده يبلع - ولا يهضم -، فيجتره فيلفظ.... ثم يقبض.

([35]) من كلام الأستاذ محمد شقرة في رسالته لا دفاعاً عن السلفية لا. بل دفاعاً عنها.!.

([36]) كفى بهذا دليلاً على أن هذا الموضوع لم يكن لهم على ذكر.

([37]) الفتاوى/ جزء الجهاد/ 231.

([38]) (لا دفاعاً).

([39]) هي السلفية نسبة عقيدة ومنهجاً/ 148.

([40]) (لا دفاعا).

([41]) انظر ص 15 من رسالته لا دفاعا.

([42]) لا دفاعا.

([43]) على الحكاية! حكاية وصفهم من يخالفهم في هذه المسألة.

([44]) مجموعة الفتاوى والرسائل والأجوبة.

([45]) سيأتي التعليق على هذه النقطة في مبحث لاحق.

([46]) السؤال للمجاراة فقط، فقد تبين لنا أن لا كيفية.

([47]) العقيدة الحقة الصافية تساوي في حسن "السلفي" الأسماء والصفات. وشرك القبور...

([48]) انظر: لا دفاعاً.... ص 14.



([50]) رأيت من الفائدة ان اذكر الفقرة كلها. وأنبه بشدة إلى أن كلمة "المنافقون" حيث وردت فلا يقصد لها الذين أتكلم عنهم، فمحل الشاهد من الفقرة افتداء الناس لبدع أهل العلم الذين وقعوا في البدع تأسيساً أو اقتداء بالمنافقين من غير المسلمين، وسيأتي بيان بعضها.

([51]) الفتاوى / 28 / 233.

([52]) القواعد النورانية/ 43.

([53]) هي السلفية.. / المقامة الخامسة/ 176.

([54]) السابق / المقامة الخامسة/ 175.

([55]) السابق / نفس المقامة/ 185.

([56]) من أراد التفصيل في هنا الموضوع فليعد إلى كتاب "الإنسان حين يكون كلاً وحين يكون عدلا للأستاذ جودت سعيد" وليراجع كتبه الأخرى. وليطالع فصل "منهج البشر" من هذا الدين. لسيد قطب رحمه الله رحمة واسعة. ثم اقرأ هذه الجملة لـمالك بن نبي رحمه الله وقارن بما قرأت: "إذا تحرك الإنسان تحرك المجتمع والتاريخ، وإذا سكن سَكَن المجتمع والتاريخ". (تأملات ص 125).

([57]) ومقتض كلام الأستاذ محمد شقرا ترك العمل حتى يحين أمر الله الذي بشر به سبحانه في القرآن، وأخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه هي الجبرية بلحمها وشحمها! ومن أراد التثبت مما أقول فليراجع الكتاب المشار إليه، وليقرأ المقامة الخامسة من ص 161 - 189. وأكتفي هنا بنقل كلام نفيس للدكتور عمر الأشقر يرد فيه على المحتجين بالقدر: "فالله قدر النتائج وأسبابها، ولم يقدر المسببات من غير أسباب، فمن زعم أن الله قدر النتائج والمسببات من غير مقدماتها فقد أعظم على الاله الفرية".... إن الأخذ بالأسباب هو من أمر الإله تبارك وتعالى وليس مناقضاً للقدر ولا منافيا له. وقد فقه الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بمعنى القدر، وأنه لا يوجب ترك العمل، بل يوجب الجد والاجتهاد فيه لبلوغ ما يطمح الإنسان في نيله وتحقيقه.... وقال بعض الصحابة الذين فقهوا عن الرسول مراده لما سمع أحاديث القدر: (ما كنت بأشد اجتهادا مني الآن) القضاء والقدر/ 82 - 86. وأقول: ثم ما أدرى الأستاذ أنه إذا اجتهد المسلمون في هذه الأزمان فسيتحقق مضمون الأحاديث؟.

([58]) البدع والنهي عنها/ 59.

([59]) ليس هناك تنقية ولا تربية!.

([60]) قال ابن تيمية رحمه الله: "بل الدين: هو الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر، ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه، فلا يُنهى عن منكر ولا يؤمَر بمعروف يغني عنه، كما يؤمر بعبادة الله، ويُنهى عن عبادة ما سواه" (اقتضاء الصراط المستقيم ص 297).

([61]) إنها القدرية أو الجبرية التي أشرنا إليها سابقا.

([62]) هي السلفية ص 172.

([63]) ومقولة " دع ما لقيصر لقيصر...." إلخ، فكرة.

([64]) تحت راية القرآن ص 5.

([65]) لا دفاعن السلفية... ص13.

([66]) مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية، ص 65

([67]) لا دفاعاً... ص 14.

([68]) انظر مسائل الجاهلية... ص 69.

([69]) المرجع السابق، ص 71.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صلاح الدين
راكب درجه فاخره
راكب درجه فاخره
صلاح الدين


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 843
نقاط : 1387
تاريخ التسجيل : 30/09/2009

كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره   كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره Emptyالإثنين سبتمبر 10, 2012 8:46 pm

جزاك الله خيرا على الكتاب القيم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب السلف والسلفيون رؤية من الداخل للقراءة المباشره
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب مبارك وزمانه من المنصة الى الميدان للقراءة المباشرة
» تحميل كتاب...موسوعة سير السلف - الإصدار الأول:؟؟
» 21 من القوى السياسية تشارك فى «مليونية تصحيح المسار».. والإخوان والسلفيون يصفونها بـ«ضد الشعب»
» كراهة النوم بعد الفجر عند السلف
» من اقول السلف وما به من حكمه وموعظة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مترو :: محطه الدين :: رصيف اولى الالباب-
انتقل الى: