بيان المجلس العسكري لافت للنظر إذا قرئ بعناية بمنأى عن عاطفة المصريين التي تتأثر وقتيا بالأحداث الجسام – مثل هجوم سيناء – ثم تخمد كالأحزان التي تولد كبيرة ثم تصغر وتنزوي.
ألقي البيان بواسطة صوت لا نرى صاحبه، نسمعه للمرة الثانية، ولا اتذكر متى ولماذا سمعناه في المرة الأولى، لكنه كان يحمل أيضا تهديدا ووعيدا. نبرة هذا الصوت تعيدنا إلى هزيمة 1967 عندما كنا نرى طحنا ولا نرى طحينا، حينها كان القادة العسكريون والسياسيون منهمكين في صراع السلطة متمثلا في أعلى قم الهرم بين المشير عبدالحكيم عامر ورجاله والرئيس جمال عبدالناصر ورجاله.
انتهى انشغال القادة العسكريين بالصراع السياسي وخبائثه إلى هزيمة عسكرية مريرة ومؤلمة للكبرياء العربي.
لم أشعر بأي حماس لبيان المجلس العسكري الذي حمله إلى الأمة ذلك الصوت المجهول، فالأولى أن يعالج القادة في هذا المجلس أوجه التقصير التي جعلت الجيش الاسرائيلي والشاباك والموساد يعرفون كل ما يدور على سيناء ويأخذون احتياطاتهم ومنها اخلاء مركز الحراسة التابع لهم بجانب سياج الحدود في عين المنطقة التي شهدت الهجوم الإجرامي على الجنود والضباط المصريين، ثم يتعاملون مع المهاجمين ويتمكنون من قتل بعضهم، فيما الجانب المصري لا يعلم شيئا مما يدور على أرضه، وهذه مسؤولية القادة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذين تفرغوا للسياسة والتشريع والمحكمة الدستورية العليا ومنافسة رئيس الجمهورية في صلاحياته.
في الدول المحترمة يتم عزل وزير الدفاع ورئيس الأركان ومدير المخابرات فورا، فعدد القتلى كبير، والمهاجمون تحركوا بحرية تامة وقضوا على ضحاياهم في غمضة عين، ولو أرادوا بعد ذلك الاختفاء في أي مكان بمصر لتمكنوا، لأنه لا توجد أي معلومات عنهم، لكنهم عبروا السياج الحدودي فتعاملت اسرائيل معهم فورا بما تملكه من معلومات مسبقة وغزيرة.
تحدثت أمس عن سرعة المجلس العسكري في القاء المسئولية على عناصر جهادية دخلت من غزة، وتغطية المهاجمينبنيران انطلقت من هناك. اتهام يعبر عن قلة حيلة ويحاول تبرئة المسئولين عن التقصير الذين تفرغوا للقاهرة وجدلها السياسي العقيم تاركين الثكنات مفرغة.
لا ننتظر بيانات تتوعد بالانتقام السريع، وإنما فعل على الأرض، فالكرة في ملعب المجلس العسكري الذي عليه أن يتعلم الدرس المؤلم فيعود لميدانه الحقيقي.