كم واحد قتلوا فى سجن المخابرات العامة أثناء رئاسة اللواء عمر سليمان لها؟ ــ لا أحد يملك الإجابة على السؤال ــ وبوسع الرجل أن يحلف بالثلاثة على أن أحدا لم يقتل، وربما قال أيضا إنه لا يوجد سجن فى مقر المخابرات العامة. لكن الملف إذا فتح وجرى التحقيق فى الموضوع من خلال لجنة محايدة لتقصى الحقائق، فإن هناك عشرات بل مئات الشهود الذين بوسعهم أن يؤكدوا وجود السجن ويتحدثون عن التعذيب الجهنمى الذى تعرضوا له فى زنازينه المبنية تحت الأرض، ومنهم من يستطيع أن يحدد أسماء بعض إخوانهم الذين قتلوا إما بسبب إطلاق الرصاص عليهم أو بسبب التعذيب، وهؤلاء مستعدون للشهادة ومواجهة الرجل بحقائق تجربتهم فى سجن المخابرات، إذا أعطوا الأمان بطبيعة الحال.
لقد تحدثت إلى بعض من أطلق سراحهم منهم، فقالوا إنهم اقتيدوا من الخارج على طائرات خاصة، بعضها عسكرية أمريكية فى النصف الثانى من التسعينيات. جاءوا من باكستان وأذربيجان ومن كرواتيا والبوسنة ومن بعض دول الخليج. وبعد وصولهم أدخلوا من مطار القاهرة دون أن تختم جوازات سفرهم، وتم إيداعهم بدون أى تسجيل فى سجن المخابرات العامة، الذى لا يعرف مدى قانونية وجوده، وفى داخل السجن تعرضوا لكل ما يخطر على الباب من أدوات التعذيب والترويع والاستنطاق، قبل أن يقرر مصيرهم ويحالون إلى جهات أخرى ــ أمن الدولة فى الأغلب ــ فى ضوء المعلومات التى تم تحصيلها منهم. وهؤلاء غير المصريين الذين أتت بهم المخابرات المركزية الأمريكية، ثم بعد التحقيق حولوا إلى جوانتانامو أو إلى أية سجون أخرى.
تحدثت إلى واحد قضى أربع سنوات من التعذيب فى سجن المخابرات، لم ير خلالها ضوء الشمس ثم أودع فى سجن العقرب الذى قضى فيه عشر سنوات، وبرأته المحكمة العسكرية بعد ذلك!
وسمعت قصة الشاب طلعت فؤاد قاسم الذى تم اختطافه من كرواتيا، حيث كان فى طريقه إلى البوسنة، وبعد وصوله تم قتله فى مقر المخابرات العامة، وليس هناك ما يثبت أنه دخل مصر أصلا.
إن السيد عمر سليمان الذى عرض قطع يد شقيق أيمن الظواهرى وإرسالها إلى واشنطن للتأكد من حمضه النووى، يعتبر التيارات الإسلامية جميعها خصما له. وهى ذات المعركة التى خاضها حسنى مبارك طيلة سنوات حكمه مستخدما فى ذلك «سوطه» الذى أشار إليه التقرير الأمريكى فيما نشرته أمس فى هذا المكان.
انطلاقا من رؤيته تلك فإنه اعتبر المقاومة الإسلامية الفلسطينية عملا إرهابيا، وعناصرها إرهابية ــ قال لى شاهد عيان حضر اجتماعا فى مدينة «سرت» بين العقيد القذافى والرئيس السابق، اقترح فيه الرئيس الليبى على مبارك أن ينفض يده من القضية الفلسطينية لكى يركّز ــ معه ــ فى القضايا الأفريقية. (شتم الفلسطينيين وقال إنهم ألعن من الإسرائيليين) ــ حينذاك رد اللواء سليمان الذى كان حاضرا قائلا إن الشأن الفلسطينى صار جزءا من الأمن القومى المصرى، لأن فى غزة نصف مليون إرهابى يهددونها، قاصدا بذلك حركة حماس التى اعتبر أن إسقاط حكومتها فى غزة هدفا استراتيجيا.
هذه القصة تكشف عن موقف الرجل الحقيقى من المقاومة الفلسطينية، وكيف أنه ظل متبنيا طول الوقت لوجهة النظر الإسرائيلية، التى لم تصف المقاومين إلا بأنهم إرهابيون.
إضافة إلى أنها تلقى ظلالا من الشك حول موقفه من المصالحة الفلسطينية خصوصا بين فتح وحماس، كما تثير شكوكا أخرى حول موقفه من حصار القطاع ودوره أثناء الاجتياح الإسرائيلى لغزة.
إن السيد عمر سليمان يهدد الجميع بما لديه من أسرار، ملوحا بحكاية الصناديق السوداء التى يقول إنه يحوزها بحكم وظيفته. وهو ما نرجوه أن يفعله شريطة أن يبدأ بنفسه وبدوره فى فضائح وكوارث عصر مبارك. ومن الواضح أن بعض رجاله يحاولون الآن إطلاق بالونات الاختبار وسحابات الدخان لصرف الانتباه عن ملفه. وفى الوقت نفسه فإنهم يسعون جاهدين إلى «غسيل» الرجل ليصبح أكثر بياضا تحسبا لاحتمالات المستقبل. وهو ما لاحظناه فى بعض الحوارات الصحفية التى أجريت معه وفى التقارير التليفزيونية التى تحدثت عنه. ولا تنس أن رجال النظام السابق لايزال لهم حضورهم فى الإعلام المصرى.
إن الذين يسوِّقونه ما برحوا يقولون إنه رجل شديد الذكاء وبعيد النظر، لكنى صرت أشك فى صحة ذلك التقييم بعدما تقدم بنفسه للترشيح، لأنه لو كان كما يقولون لآثر أن يبقى فى الظل شاكرا لله ولأهل القرار أنهم لم يضموه إلى جماعته فى مزرعه طرة، وقد فضحته تصريحات أصدقائه الإسرائيليين الذين لم يكتموا شعورهم وأعلنوا عن ابتهاجهم بترشحه. ولِمَ لا والرجل مدرج عندهم ضمن «كنز إسرائيل الاستراتيجى»!
______________________________--
شكرا لكم
المقال بامانه منقول للاستفاده ومعرفة من الذى سيحكمنا
الجنرال الفاسق االذى لايخشى الله