- سبيل التوبة كتب:
- عن ابى عبد الحمن عبد الله ابن مسعود ـرضى الله عنه- قال : حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق
: (ان احدكم يجمع خلقه فى بطن امه اربعين يوما نطفة ثم يكون علقة فى مثل ذلك ,ثم يكون مضغة فى مثل ذلك ثم يرسل اليه الملك فينفخ فيه الروح , ويؤمر باربع كلمات : بكتب رزقه , واجله ,وعمله ,وشقى او سعيد .فوالله الذى لا اله غيره ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب , فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها . وان احدكم ليعمل بعمل اهل النار , حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها )
رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما
ارجو ممن عنه علم ان يفهمنى هذا الحديث بعد ان تأكدت من صحة سنده ومتنه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم
هل من امل لى ام كتب كتابى وانتهى الامر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كيف اعرف ما هو مكتوب لى ام انه غيب
وساوس الشيطان اعوذ بالله منه تقتلنى وتحبطنى عن العمل
السلام عليكى ورحمة الله وبركاته أختى الغالية / سبيل التوبة
أختى الغالية ولما كل هذا ، أرى أنك عظمت الأمر وهولتيه على نفسك حتى أوشك اليأس أن يتملكك
أختى الغالية ذكرت فى مداخله سابقة معك أن الإنسان ينبغى أن يعيش بين الخوف والرجاء ، ومعنى ذلك أنه لابد أن يخاف الله تعالى كما ينبغى أن يرجوا الله تعالى ولكن فى أى مرحلة يكون المسلم نجد أنها مرحلة بين الخوف والرجاء فلا نستسلم للخوف حتى يقودنا إلى اليأس ولا نتمادى فى الرجاء حتى يقودنا إلى الغرور وإستسهال الصغائر
ومن هنا أختى الغالية / سبيل ينبغى أن أبين لك أمر هام وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن كثرة التجادل فى القدر والسؤال فيه لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة يتجادلون فى القدر فغضب حتى كأنما فقىء فى وجهه حب الرمان ، فقال : أبهذا أمرتم ؟ أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض ، إنما ضلت الأمم قبلكم فى مثل هذا ، إنكم لستم مما هنا فى شىء ، إنظروا إلى الذى أمرتم به فاعملوا به ، وإنظروا إلى الذى نهيتم عنه فانتهوا " والعلة فى نهى الرسول عن الخوض فى الحديث فى مقدرات الناس وما سيكون وما كان هو خفاء أمر القدر وصعوبة فهمه عند أكثر الناس وأعتقد أن فى ذلك إجابة على سؤالك أختى الغالية بشأن قولك :
كيف اعرف ما هو مكتوب لى ام انه غيب ؟أما إذا أردنا توضيح الحديث بطريقة مبسطة ويسيره فلن نجد أكثر مما جاء فى رواية الإمام مسلم وفيه بيان أن المقصود أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة وذلك فيما يبدو للناس ، ولكنه من أهل النار لكون ما يعمله رياء .
كما يمكن أن يفسر بأن العبرة بالخواتيم التى يختم بها عمر الإنسان فمن ختم له بخير فهو من أهل الجنة وإن عاش حياته كلها فى معصية أو كفر كذلك يكون العكس بالعكس
وحتى يكون الأمر ميسراً على فهم كل من يقرأ الموضوع فأقول أن جمهور العلماء قالوا أن القضاء والقدر له مراتب وقالوا أنها أربعة مراتب وهى :
1-
العلم : والمقصود هو أن علم الله تعالى يحيط بكل ما كان وما يكون ومالم يكن ولو يكن كيف يكون .
2-
المشيئة : ويقصد بها أن كل ما جرى فى الكون وما يجرى يكون بمشيئة الله تعالى ولا يخرج شىء عن إرادته ومشيئته سبحانه وتعالى .
3-
الكتابة : فلقد كتب الله سبحانه وتعالى القضاء والقدر فى اللوح المحفوظ ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "
أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب ، قال وما أكتب ، فقال الله تعالى له أكتب مقادير كل شىء " فكتب القضاء والقدر ولم يفرط فى شىء منه قال تعالى "
ما فرطنا فى الكتاب من شىء "
4-
الخَلقَ : فالله سبحانه وتعالى خلق كل شىء وخلق الخير والشر يقول سبحانه وتعالى "
ذلكم الله ربكم خالق كل شىء فاعبدوه وهو على كل شىء وكيل "
ومن هنا أقول أختى الغالية أن الإنسان ليس مجبور على فعل يفعله ولو سأل كل منا نفسه هل قمت بهذا الفعل دون إرادتى وأجاب على نفسه بصدق لعلمنا أننا لسنا مجبورين على أفعالنا بل كل منا بصير على نفسه يقول تعالى "
بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره " فيوم القيامة يجد كل منا نفسه مبصر لكل ما فعل فيحاول أن يتستر على أفعاله ولا يظهرها مع علمه اليقين بأنه لن تنفع هذه الأمور فستشهد عليهم أجسادهم فالله تعالى يقول "
يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون " وليس المقصود بذلك أن ما يعمل الإنسان خارج عن مشيئة الله تعالى مع كون أن الله سبحانه وتعالى قد بين للإنسان طريق الخير وحثه عليه وأمره بإتباعه وبين له طريق الشر وحذره منه ونهاه عن إتباعه ، لذلك فمشيئة الله تعالى لا تتعارض مع تيسير الهداية لأحد وحجبها عن أخرين فالمؤمن يجب أن يعلم ويوقن بأن الله تعالى غنى عن خلقه وأنه سبحانه وتعالى عدل ورحيم لا يظلم الناس مثقال ذرة ، بل الله تعالى ينعم على العباد ويتفضل عليهم ولكن العباد يقابلون هذا بالمعاصى والبعد عن طاعته
فالله خيره نازل على العباد وفى المقابل نجد معاص الناس وشرورهم صاعدة إليه إلا من رحم ، فكيف يظن العبد بالله أنه سيظلمهم .
وأخيراً أختى الغالية سبيل التوبة
لا ينبغى للإنسان أن يسأل عن قدره وما سيكون غداً لأنه من الأمور التى لو بينت للإنسان لكرهها وأيضاً فهى من الأمور الغيبية التى واراها الله تعالى عن الإنسان حتى نعيش فى الدنيا وكأنها ساعة فنسارع فيها إلى الطاعة لذلك فقد خصها الله تعالى لنفسه يالعلم وأخبر بذلك فقال "
وما تدرى نفس ماذا تكسب غداً " فلا يعلم إنسان ماذا سيكسب غداً من تجارة أو معصية أو ذنوب أو طاعات ولكن كل ذلك فى علم الله تعالى لذلك أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "
إذا ذكر القدر فأمسكوا " وذلك حتى لا يذهب الأمر بالإنسان إلى مالا يحمد عقباه من تدخل فى ذات الله تعالى وقضاءه وقدره
فلابد لنا أختى الغالية أن نبحث عن الطاعات ونفعلها وأن ننقيها من الرياء فتكون خالصة لوجه الله تعالى وأن نتجنب المعاصى وندعوا الله تعالى بأن يقينا شرها وطريقها إبتغاء وجهه الكريم
والسلام عليك أختى الغالية
أسأل الله العلى العظيم أن ييسر لك سبل الهداية وأن يقيك طرق الذنوب والمعاصى