عند المرور في كثير من المنتديات نجد هذا العنوان ، وقد وضعه أحد المسلمين ، ومن ثَمّ تناقله الآخرون إلى منتدياتهم.
وكم حذّر القائمون على منتدياتهم من النقل دون تحقق وبحث عن الصواب ، ويطلبون الدقة عند النقل ، وذلك لخطورة الأمر وسرعة انتشاره كالنار في الهشيم.
وعندما ننظر لهذا العنوان نجد الآتي
1- لماذا يكره الجن :
فما هو الدليل من الكتاب أو من السنّة على كراهية الجن للتمر ؟؟ فلا دليل ..
إن الجن كالإنس في إسلامهم وكفرهم وشركهم ، فمنهم المؤمنون الموحدون العابدون الساجدون الداعون إلى الله وإلى الإسلام، واستمع لقول الله تعالى عنهم :
{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً }الجن19
اجتمع جن نصيبين على رسول –صلى الله عليه وسلم وكانوا كالقطن الملبّد حوله قرباً ومحبةً ليستمعوا إلى كلام الله سبحانه من فم النبي صلى الله عليه وسلم.
{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ }الأحقاف29
بعد سماعهم للقرءان ذهبوا إلى قومهم ليدعوهم إلى الإسلام وإلى الإيمان بالله ورسوله .
{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً }الجن11
وهنا يبين الله سبحانه على لسان رهط من الجن أن منهم مَنْ هو مؤمن صالح ، ومنهم العاصون والكافرون والمشركون ،وأن منهم المردة الذين منهم الشياطين ،نعوذ بالله منهم ومن شرورهم.
فكيف يكون التعميم بكراهية الجن للتمر ؟؟؟!!!
وبهذا العنوان قد اتهمنا المؤمنون من إخواننا من الجن بالكفر والفسق والسحر والحسد !! فهل هذا جائز ؟؟!!
المؤمن من الجن كالمؤمن من الإنس .. فهل يجوز أن تتهمه وتقذفه بشيء من هذا ؟؟!!
ولذا أعتذر للصالحين منهم عن هذا الخطأ الجلل !!
2- الكراهية للتمر بأنواعه :
إن التمر المقصود في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس كل تمر على الراجح من أقوال العلماء :
[ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ] فتح الباري شرح صحيح البخاري
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مَنْ تَصَبَّحَ ) : أَيْ يَأْكُلهَا فِي الصَّبَاح قَبْل أَنْ يَطْعَم شَيْئًا.
( سَبْع تَمَرَات عَجْوَة ) : قَالَ النَّوَوِيّ : أَمَّا خُصُوص كَوْن ذَلِكَ سَبْعًا فَلَا يُعْقَل مَعْنَاهُ كَمَا فِي أَعْدَاد الصَّلَوَات وَنَصْب الزَّكَوَات اِنْتَهَى . وَالْعَجْوَة ضَرْب مِنْ أَجْوَد تَمْر الْمَدِينَة وَأَلْيَنه . وَقَالَ الدَّاوُدِي هُوَ مِنْ وَسَط التَّمْر . وَقَالَ اِبْن الْأَثِير : الْعَجْوَة ضَرْب مِنْ التَّمْر أَكْبَر مِنْ الصَّيْحَانِيّ يُضْرَب إِلَى السَّوَاد وَهُوَ مِمَّا غَرَسَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ بِالْمَدِينَةِ ، وَذَكَرَ هَذَا الْأَخِير الْقَزَّاز اِنْتَهَى
( سُمّ وَلَا سِحْر ) :
قَالَ الْحَافِظ : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : كَوْن الْعَجْوَة تَنْفَع مِنْ السُّمّ وَالسِّحْر إِنَّمَا هُوَ بِبَرَكَةِ دَعْوَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَمْرِ الْمَدِينَة لَا لِخَاصِّيَّةٍ فِي التَّمْر اِنْتَهَى .
وفي فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي (6/ 136)
[ وليس ذلك عاما في العجوة بل خاصا بعجوة المدينة بدليل رواية مسلم :عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : [مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِمَّا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حِينَ يُصْبِحُ لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ حَتَّى يُمْسِيَ]، قال القرطبي : فمطلق هاتين الروايتين مقيد بالأخرى ].
وقال النووي في الحديث تخصيص عجوة المدينة بما ذكر.
ومما سبق ذكره يتبين أن : العنوان خطأ ولا يجوز إطلاقه
والله تعالى أعلى وأعلم وأحكم