ذات مرةٍ، وبينما كنتُ أتصفح النت على عادتي،
استرعى انتباهي عنوانٌ لكلمةٍ سمعتها،
وهي مبدأ الــــ (كَايْزِن)، ذلك المبدأ الذي سمعنا عنه في برنامج خواطر،
فدخلتُ عليه، وقرأتُ تعريف هذا الــ (كايزن)،
فقد كان ذلك هو المبدأ المتبع في اليابان،
كلمة “كايزن” معناها “التطوير المستمر” وهو مبدأ في العمل،
وفي المنزل،
يسعى أن تطور من حياتك أو من عملك تطويرات بسيطة ولكن بشكل مستمر.
وهذا يختلف تماما عن مبدأ الـ “restructuring” الأمريكي في تطوير الشركات،
حيث يتطلب مبالغ ضخمة وتغييرات جذرية.
كايزن يحتاج أن تغير أسلوب إدارتك لحياتك أو عملك بالتدريج وبدون تكلفة عالية.
الأساس في “كايزن” هو العمل على إزالة الـ “مودا” وهي كلمة يابانية معناها “الهدر”.
وتقسم المودا إلى عدة أقسام منها:
1. مودا التخزين:
كثيرا ما تمتلئ المخازن بكميات كبيرة من الأشياء والمعدات التي لا تنتمي إلى النشاط الرئيسي للشركة،
فتشغل مساحات كان من الممكن الاستفادة منها بطريقة أفضل.
وكثيرا ما تمتلئ بيوتنا بالكثير من الأشياء التي يمكن التخلص منها.
2. مودا الأخطاء:
تستدعي الأخطاء بذل مزيد من الجهد والوقت لتصحيحها.
وكايزن يعمل على إزالة الأخطاء المتكررة.
فأي خطأ يتكرر بشكل مستمر معناه أنه يحتاج إلى كايزن أو تطوير في النظام أو الآلية لتجنب هذا الخطأ.
3. مودا الحركة:
أثناء العمل، تعتبر كل حركة زائدة يقوم بها العامل للبحث عن أدواته أو لجلب أحد الأجهزة،
نوعا من المودا (الهدر).
تجنب هذه الحركات الزائدة بوضع الأشياء في الأماكن المخصصة لها، دون إهمال.
4. مودا الانتظار:
إذا تحتم على عدد من العاملين الانتظار حتى تصل المواد الخام،
أو حتى ينتهي عامل آخر من عمله قبل البدء في عمل جديد،
وذلك لعدم التنسيق بين المهام وتوقيتاتها، فإن هذا هو أحد أنواع المودا.
عندما نضيع ساعات في انتظار دكتور أو باص أو انتظار موعد فهذا هدر للوقت،
يجب التفكير في كيفية تقليله أو على الأقل استغلاله بشكل مفيد.
5. مودا النقل:
يمكننا أن نعتبر أغلب عمليات النقل عملا بلا طائل.
فالوقت الذي يستغرقه المستند في الانتقال بين مكاتب الموظفين،
أو الوقت الذي تستغرقه المواد الخام في الانتقال إلى أماكن التصنيع،
هي كلها أوقات مهدرة وجهود ضائعة.
القضاء على الهدر (المودا) هو أحد أهم وأرخص وسائل تقليل التكاليف وزيادة الإنتاجية.
كل ما عليك فعله هو النزول إلى “جمبا” موقع الأحداث، وملاحظة أماكن المودا وإزالة أسبابها.
أمثلة مختلفة:
- هل فكرت في الطريق الذي تسلكه إلى العمل أو المدرسة؟ هل يوجد طريق أفضل يوفر عليك “مودا” الوقت.
- طريقة عملك للإفطار صباحا. هل توجد طريقة توفر وقتا أكثر.
- مكتبك: هل تضيع وقتا في البحث عن أوراق لأنها غير منظمة أو لأنها بعيدة عنك مما يضطرك
كل مرة للقيام من المكتب؟
كيف يمكن أن تعيد تصميم مكتبك ليوفر عليك وقتا؟
لاحظ أن التوفير ليس بالضرورة أن يكون كبيرا هل يمكن أن توفر ساعة يوميا فقط؟؟
هذه تعادل 15 يوماً كاملة إضافية في السنة. !!
نصف شهر في السنة !!
مرة أخرى فكرة الكايزن هي تغييرات بسيطة ولكن دائمة.
- أسلوب تعاملك مع الإيميل هل يمكن أن تقوم به بشكل أسرع يوفر عليك وقتا؟
هل تستخدم برنامج أوتلوك لتسريع العمل على الإيميل؟
والآن نأتي إلى الأسئلة المهمة،
لماذا يهتم غيرنا بالوقت وأهميته، ونحن كمسلمين عرب، لا نعطيه أي أهمية؟
لماذا لا (نقلدهم) في ذلك، ونكتفي بتقليد، (طيحني، وسامحني يا بابا، وكدش، وسوما العاشق) ؟
لماذا وكما نرى دائماً في الأفلام، فعندما يقترح أحدٌ على صديقه، أو حبيبته، أن يخرجوا للتنزه قليلاً،
فإنه يجيبه بسؤالهم الأزلي
(دعني أتحقق من جدولي اليوم) ؟
ذلك لأن يومه ليس عابثاً كأيامنا، وله في كل وقتٍ عمل محدد يجب أن يعمله، وإلا،
أظلمت الدنيا عليه إن لم يعملها،
بينما يكتفي العربي المسلم، بإجابته السريعة الأزلية ( أوك، اليوم تمام !) هكذا ومن دون حتى أن يعرف الساعة بالضبط،
ولا أستغرب ذلك كثيراً، فالوقت ليس ذي أهمية عندنا، يعني
ليل، نهار، صباح، مساء، ما تفرق !
ولماذا لا تكون لنا جداول أسبوعية، أو يومية، نحدد فيها أعمالنا، بأوقات معينة ؟
هل لأنه ليست لدينا أعمال أساساً حتى نجدولها في جدول يومي ؟
أم لأن قدرات عقولنا الخارقة، قد تفوقت على قدرات عقول غيرنا الصغيرة، فلا نحتاج إلى جداول،
أو أيٍّ من هذه الخرابيط، حتى تذكرنا بها ؟ !!
أم أننا (وبجهالتنا لقصد رسولنا)، اتبعنا وصاياه صلى الله عليه وسلم، بأن نخالف اليهود والنصارى ؟
وإلى متى سيظل بنا الحال هكذا ؟
ألم يقل رسولنا صلى الله عليه وسلم:
(لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه ،
وعن علمه فيما فعل ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن جسمه فيما أبلاه) ؟؟
رواه الترمذي
حديث صحيح
هي أسئلةٌ احترتُ فيها، ليس عن جهلٍ بأجوبتها، وإنما أطلقتها استنكاراً،
وفي الأخير، أرجو أن لا أكون قد أطلتُ بالكلام عليكم، واعذروني إن كان كلامي قاسياً بعض الشئ،
ولكني تكلمت متحسراً على وضعنا وما صرنا إليه،
ولا أقصد بموضوعي الكل، وإنما الغالبية
لكم مني خالص ودي وتقديري
منقولٌ
احتراماتي