دعاء أمها الذى مازال يرن فى أذنيها كان سبباً فيما وصلت إليه، «روحى يا بنتى ربنا يديكى من اسمك نصيبك».. تلك هو الدعاء الذى افتتحت به «نجاح» الشهيرة بـ«أم صابر» حياتها بعد مرض زوجها وزيادة مصاريف الأبناء الأربعة، «نجاح» التى كانت تأمل فى تحقيق النجاح لحياتها ولأسرتها لم تجد إلا الخروج من بيتها الصغير المكون من غرفة واحدة، لتبحث عن مهنة تناسبها، وتكفى للإنفاق على أبنائها وعلى مرض زوجها.. من غرفة فى حارة فى حى بولاق الدكرور، خرجت «أم صابر» على باب الله، بحثاً عن الرزق، فلم تجد ما يناسبها، فراودتها فكرة شراء فرن ووضعه فى الشارع وتصنيع الخبز الفلاحى، ومنه تستطيع أن تحقق الهدف الذى خرجت من أجله.
أسفل الكوبرى الخشب وإلى جوار مقهى «المصريين»، وضعت «أم صابر» الفرن، وبدأت رحلة جديدة فى مشوار كفاح طويل تكلل فى نهايته بالنجاح، والنجاح - كما تراه أم صابر - هو مجرد تحقيق الستر والرضا بالقليل، تعلمت أم صابر خبز العيش الفلاحى من والدتها ولم تكن تعرف أن ما تعلمته سينفعها فى الوقت الذى ضاقت فيه الدنيا عليها، ولم تجد أسرتها ما تنفقه على معيشتها.
تعيش أم صابر فى بولاق الدكرور منذ أكثر من أربعين عاماً هى وعائلتها، ولهذا لم تجد أى مشكلة فى وضع الفرن فى الطريق العام، لأن كل أهالى المنطقة يعرفونها ويحمونها من بلطجية الطريق، وقالت: «أهالى المنطقة هما أهلى، ببقى مطمنة وأنا بشتغل وسطهم كأنى فى بيتى بالظبط، لأنهم عارفين ظروفى وعارفين إنى بقيت راجل البيت بعد مرض زوجى وعشان كده الكل بيساعدنى، خصوصاً إن أنا قاعدة فى الشارع وعرضة لكل من هب ودب».
لوقت قريب كانت «أم صابر» تعتمد فى توزيع الخبز على أهالى المنطقة فقط، لكنها استطاعت طوال فترة عملها فى الشارع أن تجذب زبائن لها من كل مكان ممن يفضلون أكل العيش الفلاحى، الذى يصل ثمنه إلى جنيه للرغيف الواحد.