سوء العشرة الزوجية
****
يعاملني زوجي معاملة سيئة جداً وهجرني منذ سنوات عديدة ولم يقربني إلا نادراً، وأعتقد أنه متزوج من أخري وإن قال لي : إنه طلقها، إلا أنني أشك في ذلك، فهو لا يجامعني في السنة إلا مرتين ؛ أي كل ستة أشهر، فهل أعتبر مطلقة، وهل أجالسه وآكل معه وأشرب معه أم لا ؟ وهو إذا جامعني يعزل، وهذا برضاء مني ومنه، ورغم ابتعاده عني فأنا راضية به، فهل علي إثم ؟ أرجو أن تبينوا لي الحكم الشرعي في ذلك . جزاكم الله خيراً. لا حرج علي الرجل شرعاً أن يتزوج بأخرى إذا كان قادراً علي أعباء الزواج من النفقة والإحصان، وكان واثقاً من العدل بين زوجتيه، وإلا حرم عليه الزواج بأخرى، قال تعالي : ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة )، النساء والعدل المطلوب هنا هو العدل في الأمور الظاهرة مثل المأكل والمشرب والمسكن والكسوة والمبيت، لا في الميل القلبي الذي لا يملكه الإنسان، وفي هذا يقول الله تعالي : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ) . النساء : 129 والمعلقة هي المهجورة من زوجها ؛ فلا هي مزوجة، ولا هي مطلقة . وسواء أكان الزوج متزوجاً بأخرى أم غير متزوج فلا يجوز له شرعاً أن يهجر زوجته هجراً طويلاً، بحيث تكون كالمطلقة، وكما أن للرجل حقاً علي زوجته ألا تهجر فراشه فإن للمرأة حقاً علي زوجها ألا يهجرها، ما لم ترض هي بذلك منه، وتسقط حقها باختيارها، وقد ترضي بعض النساء بذلك بديلاً عن الطلاق . علي أن الزوجة مهما طال هجرها فهي لا تعتبر مطلقة، وهي زوجة لها كل حقوق الزوجية إنما تطلق بطول الهجر، في حالة واحدة وهي حالة الإيلاء، إذا حلف ألا يقربها أبداً، أو لا يقربها مدة أربعة أشهر فصاعداً، وهي التي جاء فيها قوله تعالي : ( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ) . البقرة : 266ـ 267 . ويجوز للزوج إذا جامع زوجته أن يعزل عنها، ولكن برضاها وإذنها فقد جاء في الحديث النهي عن العزل عن الحرة إلا بإذنها . فما دامت الأخت السائلة راضية بذلك فلا إثم عليه ولا عليها، وبالله التوفيق، وصلي الله علي سيدنا محمد وآله وسلم.