ترابط القلوب
يجهل الكثيرون قيمة المحبة في الله، وقرب القلوب وترابطها على معان سامية.
فالله سبحانه هو الذي يؤلف القلوب
{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال: 63).
وتكون قلوب الآخرين هدفا للدعاة، الذين يضعون كل اهتماهم في كسب قلوب الناس.
وحين نقول إن القلوب رزق، نعني أنك قد تجد داعية من الدعاة قد من الله عليه بمحبة الناس،
فرزقه قلوبهم،
وملكه مفاتيحها.
فاستطاع أن ينفذ إليها بكل سهولة ويسر.
وآخر قد أوصدت أمامه أبواب القلوب فلم يعد لديه إليها سبيل،
ولم يجد من الناس إلا النفور والإعراض،
إنهم لم يلتمسوا هذا الرزق (أي رزق القلوب) ممن يملك مفاتحه.
وإن كان الله قد ربط كسب الرزق والمعاش بالسعي فقال:
"فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه"،
وجعل هذا كله في سورة تتناسب مع السياق،
هي سورة الملك؛
فمن المناسب أن نقول إن السعي لطلب رزق القلوب أمكن وأجدر.
إن المتبصر في حال القلوب يجد رزقها يزيد،
طالما ارتبطت بالله واعتصمت به.
فالمرء إن ربط قلبه بالله هانت عليه الدنيا وزاد إيمانه وغمره فضل الله.
فلا يفقد شيئا طالما أن الله معه،
على حد قول ابن عطاء الله السكندري:
" إلهي! ماذا وجد من فقدك, أم ماذا فقد من وجدك.
عميت عين لا تراك عليها رقيبا,
وخسرت صفقة عبدٍ لم يجعل له من حبك نصيبا".
فالقلب الجاف لا ينشىء جدولا
والقلب البارد لا يسعر ناراً,
وما خرج من القلب وصل إلى القلب،
وما خرج من اللسان لم يجاوز الآذان.
إن كان هذا طريق القلوب,
فهيا نسير فيه ليزداد رزقنا لقلوبنا ولقلوب غيرنا
وعلى الله قصد السبيل.