قال ابن رجب:من لطائف الأسرار اقتران الفرج بالكرب، واليسر بالعسر، لأن الكرب إذا عظم واشتد، وحصل للعبد اليأس من الخلق، تعلق قلبه بالله وهو من أكبر الأسباب التي تطلب بها الحوائج، فإن الله يكفي من توكل عليه، كما قال تعالى}وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{.
قال الفضيل –رحمه الله-:
والله لو يئست من الخلق، حتى لا تريد منهم شيئا، لأعطاك مولاك كل ما تريد.
ولو أن المؤمن إذا استبطأ الفرج، ويأس منه بعد كثرة دعائه وتضرعه، ولم تظهر عليه أثر الإجابة، رجع إلى نفسه باللائمة، وقال لها: لو كان فيك خير لأجيبت دعوتك وهذا اللوم للنفس أحب لله تعالى من كثير من الطاعات، فإنه يوجب انكسار العبد لله، واعترافه بأنه أهل لما نزل به من بلاء، وأنه ليس أهلا للإجابة، عند ذلك يسرع إليه فرج الكرب وإجابة الدعاء، فإن الله تعالى يفرج عن المنكسرة قلوبهم.
وقال ابن رجب:
إذا عظم الخطب واشتد الكرب كان الفرج حينئذ قريبا.
ثم يذكر ابن رجب وجها آخر من لطائف اقتران اليسر بالعسر أن العبد إذا اشتد عليه الكرب، فإنه يحتاج حينئذ لمجاهدة الشيطان، لأنه يأتيه فيقنطه ويسخطه، فيحتاج العبد إلى مجاهدته ودفعه، فيكون هذا الدفع والمجاهدة، دفع للبلاء عنه ورفعه.
ولهذا جاء الحديث الصحيح.
«يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: دعوت فلم يستجب لي، فيدع الدعاء».
وفي المسند والترمذي عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«عرض عليَّ ربي بطحاء مكة ذهبا، فقلت: لا يا ربي! أشبع يوما وأجوع يوما، فإن جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك».