هو من سميت منطقة العباسية على اسمه، وهو
ابن أحمد طوسون باشا بن محمد على باشا لكنه لم يرث عن جده مواهبه وعبقريته
ولم يشبه عمه إبراهيم باشا فى عظمته وانتصاراته، وكان خلوا من المزايا التى
تؤهله لحكم بلد مثل مصر بما صارت عليه من قوة ومكانة فى حياة جده، وهو
مولود بجدة فى ١٨١٣، ولم يدخر جده محمد على باشا جهدا فى الاعتناء به
وتأهيله لحكم مصر باعتباره أكبر أفراد أسرة محمد على سنًا وأحقهم بولاية
الحكم بعد عمه إبراهيم باشا، فعهد إليه جده بالمناصب الإدارية والحربية،
قلده منصب مدير الغربية لكن عباس الأول لم يكن فى إدارته مثلا للحاكم الجيد
ولم يتميز سوى بالقسوة فى تصرفاته حتى قبل توليه الحكم، وكان جده ينهاه عن
ذلك ويحذره من عواقبه ولكن طبيعته كانت الغالبة وعلى الصعيد العسكرى شارك
عباس مع عمه إبراهيم باشا فى الحرب فى الشام لكنه لم يتميز فيها بأى عمل
ينم عن كفاءة، ولم تكن له ميزة سوى أنه حفيد رجل أسس ملكًا كبيرًا ودولة
قوية فكان كالوارث لتركة ضخمة جمعها مورثه بكفاءته وحسن تدبيره وتركها لمن
هو خلو من المواهب والمزايا وكان عمه إبراهيم باشا لا يرضيه منه ميله إلى
القسوة ونزوعه لإرهاق الآهلين، حتى اضطره إلى الهجرة للحجاز فلما مات عمه
إبراهيم استدعى ليخلفه فى الحكم فى ٢٤ نوفمبر ١٨٤٨، وظل فى الحكم
لخمس سنوات ونصف، أساء خلالها الظن بأفراد أسرته وبكثير من رجال جده وعمه
وخيل له أنهم يتآمرون عليه فأساء معاملتهم وخشى الكثير منهم على حياته فرحل
بعضهم إلى الأستانة وأوروبا خوفًا من بطشه، وكان أيضا خلال فترة حكمه يبدو
غريب الأطوار شاذًا فى حياته كثير التطير سيئ الظن بالناس، ولهذا كان كثير
ما يأوى إلى العزلة، ويحتجب بين جدران قصوره التى كان يتخير لبنائها
الجهات الموغلة فى الصحراء بعيدا عن العمران، ففيما عدا سراى الخرنفش وسراى
الحلمية بالقاهرة، بنى قصرًا بصحراء الريدانية التى تحولت إلى العباسية
فيما بعد، وكانت قبل ذلك فى جوف الصحراء، كما بنى قصرًا آخر على طريق
السويس وقصرًا فى بنها على ضفاف النيل، وهو القصر الذى قتل فيه فى مثل هذا
اليوم ١٣ يوليو ١٨٥٤.