رسالة من القدس
ما لي أنادي فلا يبدو لكم أثرُ ؟
كأنما من أناديهم قد اندثروا
يمتص ياعُرْبُ أعداءُ الحياة دمي
ونُبْلُ نخوتكم ما زال يحتضر
في متحف العجز ألقيتم عروبتكم
فلا غرابة إن سادوا وإن فَجَروا
تنمو خرافاتهم شوكاً على جسدي
حتى يكاد بقهري ينطق الحجر
إلامَ تعبث “بالأقصى” نذالتهم
ويستبيح الحمى مستوطن قذر؟
وأمتي تمضغ الأحلام لاهيةً
وقد تغلغل في أوصالها الخَدَر
في شجبها الخصبِ بعض من بلاغتها
ورعدُها ملءُ أسماعي ولا مطر
يرنو إليها صلاح الدين مكتئباً
ويكظم الغيظ في عليائه عمر
ما كنت أحسَبُ يوماً أن يضيّعني
أحفاد من غيروا الدنيا وما غدروا
وَهْمُ السلام وقعتم في حبائله
طرشاً وعُمياً فلا سمعٌ ولا بصرُ
هل يُرجعُ الحق من عاشوا سماسرةً
ولذة القتل في أعرافهم قدر؟
تغوص في لحميَ الدامي مخالبهم
وسمّهم في عظامي بات ينتشر
بئس السلام الذي يبني دعائمه
مخضّب الكف مجنون الرؤى أشر
ما بالسياسة نمحو عار نكبتنا
مهما تنوعت الأشكال والصور
لا الضفة انكسرت أغلال محنتها
ولا القطاع بدا في ليله القمر
كلاهما لأباة الضيم منتظر
والله يعلم كم في الأسر ينتظر؟
ما دام بيعُ شقيقٍ صار فلسفة
جوفاء يخجل من أتباعها الخَوَرُ
ما مجلس الأمن إلا لعبة فرضت
على الشعوب لكي يشقى بها البشر
مذ أبصر النور -واحزناه- مجلسهم
والعدل في الأرض باسم العدل يندحر
إني ألوذُ بتاريخي فيمنحني
وعداً بيوم يوشي فجره الظفر
تنساب في ليلة الإسراء ذاكرتي
فيخطف اليأسَ مني نورها العطر
وتسكن القلب من حطين ملحمة
فلا أهادنُ مهما استفحل الخطر