«رغم التوقعات السوداوية التي تسود لدينا، فإن الأمل الوحيد الذي نتعلق
به هو أن تؤول الأمور في النهاية إلى السيد عمر سليمان، إن تجربة العلاقة
بيننا وبين هذا الرجل تجعلنا نؤمن أن العلاقات بيننا وبين مصر في عهده
ستكون أكثر رسوخاً مما كانت عليه في عهد الرئيس مبارك».
بهذه الكلمات علق دان مريدور وزير الشؤون الاستخبارية في الحكومة
الصهيونية في مقابلة مع الإذاعة العبرية بتاريخ 30-1-2011، وينضم هذا
التصريح إلى عدد كبير من التصريحات الرسمية الإسرائيلية التي تؤكد على أن
تولي سليمان مقاليد الأمور في القاهرة يمثل مصلحة صهيونية عليا، ونحن هنا
سنعود إلى بعض التحقيقات والمقالات الموثقة الصهيونية التي تطرقت لخفايا
العلاقة بين الكيان الصهيوني واللواء عمر سليمان.
العلاقة مع الصهاينةوفي تحقيق موسع كتبه يوسي ميلمان معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة
"هارتس" العبرية بعنوان: "عمر سليمان......الجنرال الذي لم يذرف دمعة خلال
حملة الرصاص المصبوب" .
ويعتبر عمر سليمان (75 عامًا) معروف للعشرات من كبار العاملين في
الأجهزة الاستخبارية الصهيونية، بالإضافة إلى كبار الضباط في الجيش
الصهيوني، وموظفين كبار في وزارة الدفاع، بالإضافة إلى رؤساء حكومات
ووزراء.
ويضيف ميلمان أنه منذ أن تولى مهام منصبه كرئيس لجهاز المخابرات عام 1993،
فإنه يقيم اتصالات دائمة مع معظم قادة الأجهزة الاستخبارية الصهيونية،
وضمنها: الموساد، والأمن الداخلية "الشاباك "، وشعبة الاستخبارات العسكرية
"أمان".
وينقل ميلمان عن رئيس الموساد الأسبق شبطاي شفيت أن لقاءاته مع سليمان
كانت أحيانًا تتطرق لقضايا شخصية، حيث كان يتحدث له عن عائلته وأولاده
الثلاثة وأحفاده.
كراهية للإخوان المسلمينويقدم وزير الداخلية الصهيوني الأسبق عوزي برعام في مقال نشره في صحيفة
"إسرائيل اليوم" شهادة ذات دلالة حول محاولات عمر سليمان التودد للصهاينة
عبر الحديث عن الدور الذي يقوم به النظام المصري في ضرب جماعة الإخوان
المسلمين .
ويشير إلى أنه خلال زيارته للقاهرة بصفته وزيرًا للداخلية عام 1995،
التقى بسليمان الذي وصف آنذاك بأنه "الذراع الأيمن" لمبارك، حيث تفاخر
سليمان أمامه بنجاح النظام المصري في توجيه ضربات للإخوان المسلمين.
ويضيف سليمان أن الإخوان المسلمين أقوى بكثير مما هو متصور لدى العالم
الخارجي. ونقل عنه قوله بالحرف الواحد: "نحن نقطع الليل بالنهار في حربنا
ضدهم، من أجل وقف تعاظم قوتهم، وهذا أمر صعب، لأن المساجد تعمل في خدمتهم"،
وبعد ذلك تحدث بالتفصيل عن الطرق التي يتبعها النظام في محاربة "الإخوان".
أما ميلمان فيستند إلى شهادات كبار ضباط المخابرات والجيش والساسة في
الكيان الذين التقوا سليمان قولهم إن عيون الكيان تتجه الآن وفي المستقبل
إلى هذا الجنرال، الذي يكره الجماعات الإسلامية بشكل كبير.
وينقل ميلمان عن معارف سليمان في الكيان قولهم إن سليمان كان شديد
الكراهية لجماعة "الإخوان المسلمين" ويرى أنهم يشكلون التهديد الأبرز على
مصر.
الموقف من حماسوينقل ميلمان عن باحثين غربيين التقوا سليمان قولهم إنه يرى في حركة حماس مجرد ذراع لجماعة الإخوان المسلمين.
وينقل مليمان عن مارك بيري مدير "منتدى حل النزاعات"، وهو منتدى متخصص
في حل تقريب وجهات النظر بين الغرب والحركات الإسلامية، قوله: "لقد التقيت
عمر سليمان بعيد الانتخابات التشريعية التي فازت فيها حركة حماس، على هامش
محاضرة نظمت في أحد مراكز الأبحاث بواشنطن، وسألته ما إذا كان حماس التي
فازت بالانتخابات للتو يمكن أن تكون عنصر استقرار إيجابي في الحكومة
الفلسطينية، فكان رد سليمان قاطع وحاد: "لا بكل تأكيد، أنا أعرف هؤلاء
الناس، إنهم الإخوان المسلمين، وهم لن يتغيروا، أنهم كذابون، واللغة
الوحيدة التي يفهموها، هي القوة".
ويقول ميلمان إنه بالاستناد إلى معرفة الصهاينة بسليمان، فإنه يمكن
القول إن سليمان لم يذرف دمعة واحدة على مئات الفلسطينيين الذين قتلوا خلال
الحرب التي شنتها (إسرائيل) على قطاع غزة (نهاية 2008 ومطلع 2009)
تحمس لحصار عرفاتوينقل ميلمان عن أحد قادة الاستخبارات الصهيونية قوله إنه التقى سليمان
عندما كانت الانتفاضة الثانية في بدايتها، وقام سليمان فجأة بسب الرئيس
الراحل ياسر عرفات بأقذع الشتائم لأنه لم يستمع لنصائحه بالعمل على وقف
الانتفاضة.
وأضاف هذا القائد أن سليمان انتقم من عرفات أشد الانتقام، مشيرًا إلى أنه
عندما شنت دولة الكيان حملة "السور الواقي" عام 2002، اتصل عرفات بسليمان
واستعطفه أن تتدخل مصر وتقوم بإجراء رمزي للتعبير عن رفضها السلوك
الصهيوني، لكن سليمان تجاهل عرفات ورفض الرد على اتصالاته، وسمح بتوفر
الظروف التي أدت إلى حصار عرفات وانهيار السلطة في ذلك الوقت.
الحرب على القاعدةوينقل ميلمان عن قادة الاستخبارات الصهاينة قولهم إنه بات في حكم المؤكد
أن عمر سليمان أسهم بشكل واضح في الحرب الأمريكية على تنظيم "القاعدة"،
وزود CIA بمحققين مصريين لاستجواب عناصر القاعدة، وهو ما جعل المجتمع
الاستخباري الأمريكي يشكر سليمان ويرى في الاستخبارات المصرية حليف
استراتيجي للولايات المتحدة، بشكل لا يقل عن "الموساد".
صفقة الغاز مع الكيانويؤكد ميلمان أن سليمان يعتبر أحد الأشخاص الذين أسهموا في التوصل لصفقة
بيع الغاز المصري للكيان، وهي الصفقة التي يرفضها الشعب المصري؛ لأن مصر
التزمت فيها ببيع الغاز بأسعار رمزية مقارنة مع سعر الغاز في السوق
العالمي.
ويضيف ميلمان أن رئيس الموساد الأسبق شبطاي شفيت الصديق الشخصي لسليمان
استغل علاقته به وطلب منه تسهيل التوصل لصفقة بين الحكومة المصرية وشركة
صهيونية يملك شفيت نسبة كبيرة من أسهمها.
التحريض على السعوديةوحسب وزير الداخلية الأسبق عوزي برعام فقد بدا سليمان في أحد لقاءاته به
غاضبًا وحانقًا عندما تحدث عن وسائل التمويل التي يتمكن من خلالها
"الإخوان" من إدارة شؤونهم، وأتهم سليمان "الأسرة المالكة في السعودية
بتمويل الإخوان".
ونقل برعام عن سليمان قوله إن الأسرة المالكة في السعودية تحاول أن تكسب الجماعات الإسلامية من خلال دعم جماعة الإخوان المسلمين.
مظاهر الأبهةوينقل ميلمان عن أحد قادة الاستخبارات الصهاينة الذين التقوا سليمان
بشكل خاص انطباعاتهم عن حرص سليمان على مظاهر الأبهة والفخامة التي يتسم
بها مكتبه الخاص، أو عن سلوكه الذي يعكس نظرته لنفسه، حيث يشير هذا القائد
أنه كان يجلس مع سليمان في أحد فنادق القاهرة برفقة ضابط كبير في
الاستخبارات المركزية الأمريكية السي آي إيه، وفجأة رفع سليمان أصبعه
بعلامة " V "، فإذا بأحد مساعديه يخرج من مكان ما ويضع بين أصبعيه سيجار.
الرهان على عمر سليمانوتقول د. ميرا تسوريف المحاضرة في مركز "ديان" بجامعة تل أبيب إن تولي
سليمان مقاليد الأمور بعد مبارك يمثل بالنسبة للكيان الصهيوني "استمرارية
مباركة"، مشيرة إلى أن طريقة حكم مصر عندها لن تتغير، بل تصبح فقط أكثر
لينا ومرونة