رغم تساقط الفاسدين من أركان نظام مبارك السابق تدريجيا ولكن ببطء، فإت السؤال الآن هو لماذا لم يشكل المجلس العسكري محكمة للثورة للإسراع بمحاكمة مبارك ورجال نظامه الذي أفسدوا حياة المصريين لثلاثيت عاما؟
اختلفت الأجابات علي هذا السؤال حيث يري البعض أن عدم إنشاء محكمة للثورة قد يفتح الباب أمام مبارك للهروب من المحاكمة، بينما يعتبر آخرون أن الاحتكام للقانون وليس لمحكمة الثورة سيكون أكثر عدالة ولو تحقق ذلك ببطء.
يقول الدكتور عمار علي حسن أن المجلس العسكري منذ تولي قيادة البلاد قبل 47 يوما ولم يكشف عن وجود نية حقيقة لمحاكمة مبارك، وأضاف إن المجلس يتعامل بمبدأ خطوة بخطوة مع مطالب الشعب بالتوازي مع المظاهرات المليونية، معتقدا بأن محكمة الثورة هي البديل لهذا المسلسل من المظاهرات والضغوط، مقترحا تشكيل لجنة من القضاة المتقاعدين المشهود لهم بالثقة والنزاهة ويسند لهم كافة ملفات الفساد الخاصة بمنظمة الرئاسة ورجال الحكم في مصر بينما يقوم النائب العام بمتابعة باقى الملفات، وكذلك وضع جدول زمني واضح لمحاكمات وكذلك للإجراءات السياسية التي تضمن نقل الحكم للمدنيين.
واتفق معه الدكتور عمرو هاشم ربيع رئيس وحدة التحول الديمقراطي بمركز الأهرام للدراسات السياسية قائلا: الشواهد توحي بأن محاكمة مبارك لن تتم في الشهور القادمة وأن المجلس العسكري قد يكتفي بإقامة مبارك الجبرية لحين قدوم رئيس جديد ينتقل إليه بحكم منصبه ملف محاكمة مبارك،متسائلا: لا نعرف لماذا لم يقم المجلس العسكرى بوضوع قانون خاص يسمي قانون 25 يناير كحل وسط ويكون خاص لمحاكمة الفاسدين، ويتشكل من لجنة قضائية مؤقتة تكون مهمتها انجاز هذا الأمر في وقت قصير من باب العدالة الناجزة؟
لكن المجلس العسكري كان لها رأيا مختلفا.
مصدرعسكري بالمجلس قال بأنهم سبق لهم التأكيد أكثر من مرة بأنه لا أحد فوق القانون، وأن دور الجيش هو محاكمة البلطجية ومثيري الشغب أما غير ذلك فهو من اختصاص النائب العام وهو الذي يسأل عن سبب تباطؤ الإجراءات وليس المجلس العسكرى.
وحول عدم تشكيل محكمة للثورة قال المصدر: لا نريد أن نكرر سيناريو الثورة الفرنسية أو محكمة ثورة 52 ولا نريد أن نشكل مقصلة جديدة ، مشير إلي أنه لا توجد تهمة تسمي الفساد السياسي.
وكانت الثورة الفرنسية قد قامت بمحاكمة ملك فرنسا وزوجته في ميدان عام بتهمة التآمر ضد الشعب، وفي 21 يناير سنة 1793 تم اعدامها بالمقصلة أمام الجماهير ومعهما أكثر من 1500 من المعاونين..
وأكمل المصدر قائلا:هناك عدد كبير من الشخصيات بدأت محاكمتها بالفعل والبقية تأتي خاصة وأن الفساد استشري بشكل كبير في كافة أرجاء البلاد.
وشدد علي أن ما يتخذه المجلس من خطوات تهدف للحفاظ علي الأمن القوي للبلاد من بعض التدخلات الأجنبية التي لا ترغب في مصر خير وكذلك حرصا علي عدم اندلاع حرب أهلية قد يشعل شرارتها بعض ذيول الفاسدين .
وكشف المصدر العسكري عن نهج المجلس قائلا : نحن نتبني نظام " الثورة المحافظة " بحيث تحقق مطالب الثورة خلال عام من خلال خطوات متتالية، لأننا وجدننا أننا أمام خيارين، الأول هو هدم كامل للبلاد ثم بناءها من جديد ومعه تأميم الشركات ونأخذ خطوات اتخذتها من قبل ثورة 52 وفي هذه الحالة سيهرب رجال الأعمال وتدهور الحالة الاقتصادية للبلاد ولن يجد الموظف راتبه
أما الخيار الثاني فهو أن نقوم بالتخلص عن طوبة وبناء طوبة جديدة حتي تسير حركة البلاد نحو الديمقراطية والإصلاح الحقيقي ونحن اخترنا الأمر الثاني ونسعي أن يشاركنا فيه الشعب.
وختم المصدر بقوله:ن المجلس العسكري كان من الممكن أن يجري الانتخابات الرئاسية خلال الفترة القادمة حتى يتخلي عن تلك المهمة الصعبة في إدارة البلاد ولكن نعتقد أن مثل هذه الخطوة كانت ستصب ضد مصلحة الثورة ومطالبها