إذا أردت أن تخاطب العقل وإذا أردت أن تخاطب القلب
تريد مخاطبة العقول فانك تقدم الحجة والدليل والبيان.. وتحتج ان تكون محيطا وملما وعالما بالمسألة التي تريد تسويقها على العقل الاخر.. وخصوصا اذا كنت تعلم انه يحمل عقلا كعقلك وربما اكبر.. (والسالفة طويلة).. *
اما اذا اردت مخاطبة القلوب.. واختصار المسافات.. فانك لا تحتاج سوى لغة العيون.. الصادقة.. وقليل من الهمس.. وشيء من….
وكما قال الشاعر:
بالذي ألهم تعذيـبي ثناياك العذابا
ما الذي قالته عيناك لقلبي فأجابا
وما أجمل قول جرير:
ان العيون التي في طرفها حَوَرُ
قتلننا ثم لا يُحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهن أضعف خلق الله انسانا
# ولكن لا يُطلق العنان هكذا للعيون.. وخصوصا ممن يسمون انفسهم اصحاب القلوب الخضراء.. فهم اكثر الناس تحسرا واسفا.. كما يقول الشاعر:
وكنت متى ارسلت طرفك رائدا
لقلبك يوما اتعبتك المناظرُ
رأيت الذي لا كله انت قادر
عليه ولا عن بعضه انت صابرُ
# وكان يقال: من اطلق طرفه كثر اسفه.. وقالوا: من كثرت لحظاته.. دامت حسراته.. ومن اجمل ما قيل:
غرست الهوى باللحظ ثم احتقرته
واهملته مستأنسا متسامحا
ولم تدر حتى اَيْنَعَتْ شجراته
وهبت رياح الوجد فيه لواقحا
# وقال غيره:
سماعاً يا عباد الله مِنيِّ
وَكُفُّوا عن ملاحظة المِلاح
فإن الحُبّ آخرهُ المنايا
وأوَّلُه شبيهٌ بالمُزاح
# ولله در القائل:
كلُّ الحوادثٍ مبداها من النَّظَرِ
ومُعظم النار من مستصغر الشررِ
كم نظرةٍ فتكت في قلب صاحبها
فتك السهام بلا قوسٍ ولا وَتَرِ
والمرءُ ما دام ذا عينٍ يُقلبها
في أعينٍ الغيد موقوفٌ على الخطَرِ
يَسُرّ مقلته ماضَرّ مُهجته
لا مرحباً بسرور جاءَ بالضررِ