فى أوائل القرن العشرين، كانت الحركة الوطنية الزاخمة فى مصر تسعى إلى التحرر من الاحتلال البريطانى وليس الانفصال عن الدولة العثمانية، ولكن هذا الوضع تغير مع اندلاع الحرب العالمية الأولى فى ١٩١٤ حتى ١٩١٨، وفى سياقها أنهت بريطانيا السيادة العثمانية على مصر، وفرضت الحماية عليها وكانت الظروف العالمية مهيأة لطرح القضية والمطالب المصرية وعلى رأسها إنهاء الحماية والاستقلال التام، ورغب زعماء الحركة الوطنية فى طرح هذه المطالب فى مؤتمر الصلح فى باريس ٢٨ يونيو ١٩١٩م، واندهش المندوب السامى البريطانى عندما طلب منه سعد زغلول وأصحابه السماح لهم بالذهاب لمؤتمر الصلح، لعرض المسألة المصرية وحاول تعجيز «سعد» وصحبه والحيلولة دون قيامهم بالدعوة للقضية المصرية فى هذا المؤتمر، زاعما أن «سعد» وصحبه لا يمثلون الشعب المصرى،
فتم الحصول على تفويض شعبى بحملة توقيعات، شملت أرجاء مصر لتفويض سعد وصحبه بطرح القضية المصرية فى مؤتمر باريس، وحاول الاحتلال تعطيل هذه المساعى الوطنية بلجنة «ملنر»، التى رفضها الشعب ودخل «سعد» فى التفاوض مع ملنر الذى أراد لمصر استقلالاً شكلياً وقامت سلطات الاحتلال بنفى سعد زغلول وصحبه واندلعت الثورة فأيقنت إنجلترا أنها أمام ثورة شعبية شاملة وجارفة، فأفرجت عن سعد وصحبه وسمحت لهم بالسفر إلى باريس لعرض المسألة المصرية، إلى أن أعلنت سلطات الاحتلال فى مثل هذا اليوم ٢٨ فبراير ١٩٢٢ (تصريح ٢٨ فبراير) الذى نص على إنهاء الحماية البريطانية على مصر، وأن تكون مصر ذات سيادة، وأن تلغى الأحكام العرفية مع تأمين مواصلات الإمبراطورية البريطانية فى مصر والحق فى الدفاع عن مصر ضد أى اعتداءات أو تدخلات خارجية وحق البريطانيين فى حماية المصالح الأجنبية وحماية الأقليات وحق فى التصرف فى السودان وكشفت هذه التحفظات جميعها عن أن سلطات الاحتلال أرادت لمصر استقلالاً منقوصاً وقد رفض الشعب المصرى ما جاء فى هذا التصريح جملة وتفصيلا، وأدرك أنه لا يعدو كونه تحايلاً والتفافاً على مطالب الشعب وزعمائه وتألفت لجنة لوضع دستور ١٩٢٣
ولكن الملك تدخل لدس بعض الصلاحيات لنفسه فى هذا الدستور ورفض «سعد» والشعب أيضا، تمرد الشعب واضح من خلال الثورات والجمعيات الوطنية واغتيال الجنود الأجانب الذى أثار ذعر الجاليات الأجنبية، حيث كان يتم فى وضوح النهار.