لم أر مبارك فى حياتى، ولم أستفد من النظام السابق بأى صورة من الصور، ولم أكن يوما محسوبة على عهد ضد آخر.. هكذا بدأت غادة عبدالرازق حديثها لـ«المصرى اليوم» واضعة براهين وأسانيد تؤكد عدم استعانتها بأى رمز من الرموز، لأنها لا تعمل بالسياسة ولا تشتغل بها، وطوال عمرها لم تتلق أى امتياز من أحد.. سواء أراضى أو شققاً أو وساطات أو ما شابه ذلك.. غادة تبرئ ساحتها وهذا حقها.. لأنها باستمرار لا يهمها سوى الفن واحترام جمهورها.. فى هذا الحوار توضح غادة موقفها من منتقديها، وتعلن الحقائق كاملة فى أكثر من قضية.■ البعض أثار زوبعة هدفها أنك كنت ضد ثورة الشباب فى ٢٥ يناير.
- هذه وشاية لا معنى لها فأنا لم أنتقد الثورة إطلاقاً.. ولم أكن ضدها أبداً، ومنذ اشتعالها فى الخامس والعشرين من يناير الماضى، وأنا متحمسة لهؤلاء الشباب ولمطالبهم.. ولم أسئ أبداً لأى أحد من هؤلاء.. كنت فقط حريصة على الاستقرار، وعلى أمن مصر، وعلى عودة الحياة الطبيعية لمصر بعد أيام سوداء عشناها فى فوضوية كان الشارع خلالها عبارة عن غابة، وكان الأمن فى ضياع، وكان المساجين الهاربون يهددون الآمنين، ويدخلون البيوت ويسرقونها، وسمعنا عن أكثر من حالة اغتصاب.. وأشياء من هذا القبيل كانت تجعلنى فى قمة السوداوية والتشاؤم.. كنت حزينة أن تصل مصر إلى هذا المستوى.. وطبعاً عرفنا من هم المقصرون ومن هم وراء هذا الانفلات والغياب الأمن، والحمد لله أن الأمن عاد إلى مصر، وبدأ الاستقرار يسود كل المناطق والبلدان. أما ثورة الشباب فأنا لم أهاجمها.. بل إن ابنى شقيقتى كان ضمن المتظاهرين وكنت أحترم مطالبه ورأيه.
■ هل انقلب رأيك من مساندة نظام مبارك إلى مساندة نظام الثورة الجديدة؟
- هذا خطأ طبعاً، أنا لا أغير رأيى أبداً، ولا أنقلب فى آرائى وأفكارى، أنا لم أساند نظام مبارك، لأنى بسهولة لم أستفد منه شيئاً، ولم أحسب على نظامه فى يوم من الأيام.. وببساطة أقول إن اللقاء الشهير لمبارك مع الفنانين، الذى عقد منذ شهور. أنا لم أكن من بينهم.. لأنى لا علاقة لى بهذه اللقاءات، وأنا لا أنتمى لنظام ضد آخر.. أنا فنانة.. أهتم بفنى وبجمهورى، ثم أنا كمواطنة مصرية أعبر عن آرائى ومطالبى نحو مجتمع آمن بعيد عن الأزمات.. هذا هو كل ما أسعى إليه.
■ كيف كنت تتابعين أحداث الثورة والتطور السريع الذى حدث؟
- أعتقد أنه لا يوجد مواطن مصرى غاب عن الأحداث المتلاحقة السريعة، وبعضها كان مثيراً للحزن مثل الاعتداءت، التى جرت على المتظاهرين، واستخدام العنف.. أنا كنت أتابع الأحداث ساعة بساعة، وكنت متحمسة جداً لأن نصل إلى أقرب وأسرع يوم نصل فيه إلى بر الأمان.
■ ما رأيك فى العنف الذى استخدم ضد المتظاهرين فى ميدان التحرير؟
- موقعة الجمل كما يسمونها.. كانت موقعة بشعة خطيرة، لأن هؤلاء المتظاهرين رفعوا شعار «سلمية سلمية»، وفوجئوا بأن الجمال والخيول تطاردهم بعنف، وتحصد منهم من تقدر عليه.. «شباب كتير ضاع واستشهد من وراء ذلك.. وكنت حزينة جداً» كيف يقبل هؤلاء استخدام العنف ضد المتظاهرين أليسوا مصريين مثلنا؟!
شىء غريب وتصرفات لا أعرف ما مصدرها، أنا أطالب بمعاقبة هؤلاء الخارجين عن الشرعية.. هؤلاء المرتزقة الذين ابتعدوا عن التقاليد والقيم وخانوا الأمانة.. ضد أبناء الشعب ضد هؤلاء الشباب الذين خرجوا ليطلبوا، ليس فقط مطالبهم الشخصية بل مطالب شعب بأكمله.
■ وماذا تقولين للشهداء؟
- هم أبناؤنا وعيوننا.. مازلت أبكى بغزارة كلما أشاهد صورهم البريئة فى الصحف والفضائيات.. هؤلاء الذين غيروا خريطة الوطن هم فى قلوبنا إلى الأبد.. وأقول لهم: «لا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون وأقول لأهلهم هؤلاء لم يموتوا.. ولهذا فأنا أطلب لكم الصبر والسلوان.
■ بعد نجاح الثورة كيف ترين شباب الثورة اليوم؟
- هم خيرة شباب مصر هم نوارة الوطن، أنا أحترمهم وأقدرهم هؤلاء يلخصون فى ضمائرهم وفى قلوبهم خلاصة الوطنية والقومية، وهم عبارة عن نبض الجماهير العريضة.. وثورتهم نقية خالية من الدم.. ولهذا أحبها الشعب.. بل إن الجيش المصرى الوطنى العظيم كان يساندهم، ولم يشتبك مع أحد منهم.. كان يحميهم.. ويترقب كل تحركاتهم بحب وفخر، لأنه أحس بأنهم يعبرون عن مصر وعن مستقبلها.
■ لو عرض عليك تجسيد أحداث الثورة فى فيلم أو مسلسل هل توافقين؟
- طبعاً ولم لا.. أنا أتمنى تجسيد هذه الثورة الخلاقة فى عمل فنى سواء سينمائياً أو تليفزيونياً.. وإذا كانت الدراما لا تحتفى بمثل هذا الحدث العظيم.. فبماذا تحتفى.. أنا مع هذه الثورة وأتمنى أن أجسدها فى عمل، وأنتظر النص المناسب، الذى يرتقى بالحدث ولا يبخسه حقه.
■ ما رأيك فى موضوع القائمة السوداء؟
- هذا شىء غريب.. وأخشى أن يدخل من خلاله المزايدون ويعتبرون أنفسهم أوصياء على الثورة الخالدة.. هذه الثورة هى من حقنا جميعاً ومن حقنا أن نحتفى بها.. ومن حقنا أن ندافع عنها، وليس من حق أحد أن يقسم الشعب إلى فريقين أو أكثر.. هل هذه القائمة السوداء هى عودة لمحاكم التفتيش؟ هل هذه القائمة بداية الدخول فى وشاية جديدة ليس وراءها سوى تفتيت أصوات الفنانين، وتأكيد مذهب الوقيعة والشللية.. لا أعرف ماذا وراء هذه المتاهات الغريبة عن مجتمعنا.
■ ماذا تنتظرين من ثورة ٢٥ يناير؟
- أنتظر أن تغير فى نفوس الناس. وأن تدمر الروتين، وتزيل الأحقاد والشللية، وتصلح من أخلاق الأجيال، وأعتقد أن هذا الكلام الذى يبدو صعباً.. بدأت بالفعل بوادره تظهر.. أعتقد أن الشباب الذى ظلم كثيراً أمام الرأى العام، وكان يوضع تحت خانة شباب النت أو الـ«فيس بوك» أو شباب الهلس والأغانى الهابطة.. أخذ حقه بعد نجاح الثورة، وعادت إليه شخصيته وقيمه الضائعة.
ولهذا بدا الشباب على غير ما نرى نجد أنه فى حالة أخرى غير ما نعرفه عنها. بدأ الشباب فى أخلاقيات جديدة وفى نظام جديد يسعى إلى تنمية الوعى عند الجماهير، وتضميد جراح عهد كان يتسم بتشويه أبنائه الشباب، وهم خيرة وزهرة الوطن. نحن فى رحلة جديدة علينا أن نعيد ترتيب أوراقنا فيها.
■ ماذا عن مسلسل «سمارة»؟
- سأبدأ خلال أيام تصوير الجزء المتبقى، وقد انتهينا من تصوير ربع المسلسل، والديكورات جاهزة ولا توجد أى عراقيل.
■ هل هناك أعمال أخرى سينمائية أو مسرحية أمامك؟
- بعد الانتهاء من «سمارة» أفكر فى أكثر من سيناريو سينمائى أمامى، ولكنى لم أستقر على واحد منها.. أما المسرح فهو يحتاج إلى تفكير، لكى تكون العودة بحجم الغياب الطويل عن خشبة المسرح.