منذ بداية المظاهرات، وقف عمرو واكد فى بداية الصفوف، وأعلن موقفه بوضوح رغم ما تلقاه من تهديدات من جهات أمنية والتى اعتقلت شقيقه يوم ٢٥ يناير، وظل صامدا ورفع شعار «الحرية والعدالة الاجتماعية»، ولم يخش على مستقبله أو وضع اسمه ضمن القوائم السوداء، بل دعم المتظاهرين المعارضين للنظام حتى سقوط الرئيس.■ كيف ترصد الفترة المقبلة؟
- لابد أن نحافظ على الثورة الطاهرة بداخلنا أولا، ونتحدث دون خوف عن أى فساد يحيط بنا، ونطالب بمحاكمة ومحاسبة الفاسدين من أجل أبنائنا، وبصراحة، أكثر ما أعجبنى فى الثورة أننى رأيت أطفالاً تربت على عبارة «يسقط الرئيس»، وهذا يعنى أنه لن يستطيع أى شخص أن يضحك عليهم لأنهم تربوا على كلمة «لا»، وأعتقد إذا نجحنا فى الحفاظ على الثورة ستكون مصر بعد ثمانى أو عشر سنوات، جديرة بأن تكون ضمن دول العالم الأول، أما إذا أهملنا ما حققناه سنعود إلى ما كنا عليه مرة أخرى.
■ وهل أنت متفائل؟
- الإعلام الغربى بالكامل يؤكد أن مكانة مصر ارتفعت بعد الثورة، وبلدنا أصبح مشهوراً جدا بعد الصورة المشرفة التى ظهرنا بها أمام العالم، وأعتقد أن السياحة سترتفع خلال العام المقبل، كما أن الدول ستتشجع للاستثمار مرة أخرى فى مصر لأنه ليس معنى أن نقوم بثورة داخلية أن نفسد علاقاتنا الخارجية وأؤكد أن سياستنا ستتغير للأفضل سواء فى الداخل أو الخارج، ومصر ستعود لمكانتها التى كانت عليها قديما، ستكون أم العرب ومنبراً ثقافياً للشرق الأوسط بأكمله.
■ هل انتهت الثورة الآن؟
- الثورة لم تنته، حتى ننتهى من الإصلاح الذى نريده، وأعتقد أن الجيش أثبت فى بيانه الخامس أنه جدير بالثقة بعد أن حل مجلسى الشعب والشورى وأوقف العمل بالدستور القديم، وهذا يعنى أن مطالب الجيش هى نفسها مطالب الشعب، لذلك لابد أن نعطى له فرصة حتى يحقق باقى المطالب، ولكن كل فرد مصرى الآن يجب أن يثور على أى فساد يراه من حوله حتى يتطهر بلدنا بالكامل.
■ إذن أنت مؤيد للاحتجاج الذى انتشر مؤخرا فى معظم المصالح؟
- الاحتجاج فعل صحى جدا، لأنه المتنفس الحقيقى للشعب، وطبيعى أن يحدث الآن لأننا مكثنا ٣٠ عاما لم نفكر فى ذلك، ولابد أن نسعى دائما للتغير، وأن نتحاور كل أربع سنوات بشكل سياسى فى تحديد مصيرنا المقبل حول تغير الرئيس ومجلسى الشعب والشورى، لأن هذه الحركات من وجهة نظرى هى التى تفرز القيادات، ولا أنكر أن هناك فئة كبيرة من الجماهير ترفض هذا السلوك وترى أنه عمل خاطئ وهذا لأنهم لم يمارسوا الحرية، ولا يعرفون شيئاً عن الحرية السياسية رغم أن التظاهر الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الرأى على أن يكون سلمياً.
■ هل كنت تتوقع نجاح هذه الثورة؟
- لقد انتابنى التفاؤل يوم ٢٨ يناير بالتحديد عندما بدأ الأمن فى الانسحاب وعلمت وقتها أن الدولة الأمنية لن تعود مرة أخرى وأن الرئيس سيكون الرئيس السابق من الآن.
■ من الذى يصلح لمنصب الرئيس من وجهة نظرك؟
- أنا أؤثر على السياسة ولا أمارسها، وأرى أن البرادعى لديه أجندة أمريكية ولا يصلح لمنصب الرئيس، ولكنه قد يكون مستشارا جيدا لرئيس الجمهورية، وبصراحة أرى أن رئيس مصر لابد أن يكون شخصا منا عاش بيننا وتعرض للذل مثلنا وشاهد رغيف العيش وهو يصغر وشعر بالناس عن قرب، لذلك لا نريد رئيسا يقود مصر بخبرات دولية بل بخبرات داخلية، وأرى أن هناك أشخاصاً عديدين يصلحون لقيادة مصر خلال الفترة الانتقالية، أما بالنسبة لرئيس دائم فأعتقد أننا نحتاج إلى وقت أكثر كى نختاره.
■ ألم تخش من الأمن والتعرض للأذى؟
- بالتاكيد شعرت بقلق شديد، ولذلك قمت بتهريب زوجتى وابنى خارج البلاد، إن هذه المعركة تخصنى وحدى ولا يجب أن أتركها وأرحل وإذا فعلت ذلك سأكون «واد مايع»، خاصة بعد أن وجدت فرصة حقيقية لأعيش بكرامة، كذلك ابنى لأننى متزوج من فرنسية ولا أريد أن يشعر ابنى فى يوم من الأيام أن مصر أقل من بلد أمه، واليوم أنا متأكد أننا لسنا أقل من بلد أمه، لذلك شاركت من أجل ابنى رغم أننى أدعى بأننى لم أتعرض لمضايقات كثيرة فى عصر مبارك، ولكن كل من حولى تعرضوا لظلم فادح وواجب على أن أقف معهم.
■ لكنك كان من الممكن أن تدفع الثمن غاليا لو فشلت الثورة؟
- والله العظيم عندما قررت أن أشارك فى التظاهرات لم أفكر إذا كنت سأعمل فى مصر مرة أخرى أم لا، وفى حالة الفشل، كنت سأهاجر إلى الأبد، لأننى إذا لم أحاول أن أغير مصر فلا أستحق أن أعيش فيها، وأعتقد أننا نجحنا فى كسب أرض كبيرة وأهم شىء عبارة «يا عم ما ينفعش نعمل كده دا إحنا عايشين فى مصر»، لقد قمنا بنسف هذه العبارة للأبد وأصبح من حق أى شخص يفعل ما يشاء.
■ هل تعرضت لتهديد من الأمن بسبب اشتراكك فى المظاهرات؟
- فى بداية المظاهرات علمت أن الأمن خطط لاعتقالى، وعندما فشلوا اعتقلوا شقيقى، وبعد ضغوط خرج بعد ٤٨ ساعة، لكنى فوجئت باتصال من أمن الدولة قال لى أحد الضباط «الرسالة وصلت واعطوا للرئيس فرصة حتى تعود الأمور إلى مسارها الطبيعى»، لكنى لم أتوقف وقررت أن أستمر، وفوجئت باتصال آخر يوم الخميس قبل جمعة الرحيل قال لى شخص «ما الذى يجب أن يفعله الرئيس حتى لا يرحل»، وفى جمعة الغضب تعرضت للضرب بالمياه أثناء الصلاة ووقتها أصبحت المعركة بالنسبة لى حتى الموت.
■ ما رأيك فى الهجوم على بعض الفنانين الذين قاموا بتغيير موقفهم؟
- كنت ضد ضرب أو طرد الفنانين من الميدان لأن بعضهم قرر أن ينضم بعد أن استوعب الحدث، وأعتقد أنهم كانوا مكسبا للثورة، حتى لو كانت رغبتهم ركوب الموجة، لكن المهم هل كان هذا الشخص مفيداً للثورة أم لا؟ وهناك كثيرون خافوا أن يعلنوا موقفهم، وهذا طبيعى، إنهم عاشوا طوال حياتهم فى نظام قائم على الإرهاب وخشوا أن يعلنوا موقفهم حتى لا يمارس ضدهم أى إرهاب، ولا يجوز أن نحاسب هؤلاء الأشخاص، ولكن الخيانة الحقيقة أن يقوموا بالتعدى على الثوار.