لم يكن المنزل بعيدا تلك الليلة , فقررنا أن نسير.كان البدر يضىء بصمت في اعيننا
..وكانت انفاسه الخريفية الباردة تروى لنا حكاية اوراق الشجر التي تتهاوى مع كل
نسمة تلامسها ...وحكاية الازهار كيف تتفتح بصمت !! وكيف تتحرك الشمس والقمر في
صمت ! الصمت ذلك الفن الذي يعيش بداخلنا ., تلك التعويذة السحرية التي يستطيع
المرء ان يصرف بها جميع الهموم ؟؟!! وغالبا ماتكون تعويذة للابداع عندما يقابلها
الاستماع والانصات ,ذلك الحوار البليغ الذي يفهمه الحكماء والاصدقاء ,, فليس
مايقولونه هو ما يعبر عن شدة تفاهمهم وقوة علاقتهم , بل مالا يحتاجون الى قوله ابدا
.تماما كتلك العلاقة بين الموسيقى والصمت
,فالموسيقى تحتاج الى الصمت كي تسمع , والصمت في حد ذاته اجمل موسيقى ,, قال
احدهم سيصبح العالم مكانا اروع اذا امتلك البشر القدرة على الصمت بقدر مايمتلكون
القدرة على الكلام ,,, هذا ما سمعته تلك الليلة ...تلك الحكاية التي قصتها على مسامعي
نسمات الخريف وقبل ان اغلق باب بيتي كان القمر اقرب ونوره ملىء عيني ... عندها
فقط ادركت الى اى مدى نحن نحتاج الى الصمت كي نكون مؤثرين