هل نعرف الله ؟ !!!!!!
إهداء
إلى من أحب ربه ...
ويرجو رحمته ...
ويخشى عذابه ...
إلى من رضا بالله رباً ...
إلى من يريد ان يعرف الله ...
ماذا تعرف عن الله ؟ !!!!!!
أن كل واحد منا سوف يأتيه فى قبره ملكان ، فيسألانه : من ربك ؟ ما دينك ؟ ما تقول فى ذلك الذى بعث فيكم ؟ .
وعندها } يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا والآخرة ويصل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء {ابراهيم : 27 .
فإذا ما سئل أحدنا هذا السؤال ، فبم سيجيب ؟ !
هلم فليسأل أحدنا نفسه :
ماذا تعرف عن الله ؟!
هذا السؤال تحتاج الإجابة عليه لنظرات ثاقبة ، ولا يخرج هذه الاجابة عن القرآن الذى هو كلام الله عزوجل ; لآن أول من شهد لله ـ عزوجل ـ بالوحدانية هو الله نفسه عزوجل ، الذى قال : } شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم { أل عمران : 18 . ثم من السنة النبوية المطهرة ; لآن أعرف الخلق بالله هو رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم النظر فى هذا الكتاب المفتوح من من آيات الله الكونية ، من سمائه إلى أرضه ، من عرشه إلى فرشه ، لنتعرف على ربنا عزوجل من قرآنه ومن سنة نبيه ومن آيات كونه ، ونكرر نفس السؤال :
ماذا تعرف عن الله ؟ !
لفظ الجلالة " الله " هو الاسم المفرد العلم الدال على الذات المقدسة ، فهو الاسم الذى تنسب إليه كل الآسماء الحسنى ، ونجد ذلك فى الايات التى تتحدئ عن الاسماء الحسنى ، مثل قول الله عزوجل : } هو الله الذى لا اله الاهو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم { الحشر : 22 ، فلما أن أراد أن يصف نفسه بعلم الغيب والشهادة وبالرحمة ما وصف الا " الله " ، ثم لما أراد ان يصف نفسه بأنه " الملك القدوس السلام ...... إلخ " قال مرة اخرى : } هو الله الذى لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر { الحشر : 23 فنسب هذه الاسماء كلها الى الاسم المفرد " الله " ، ولا نجد احدا يقول : ان الله من أسماء الرحمن ، ولا يقول : إن الله من أسماء السلام . ولكننا نقول : إن الرحمن من أسماء الله ، والسلام من أسماء الله .
اسم الله الآعظم :
من أجل ذلك قال الكثيرمن علمائنا : إن لفظ الجلالة " الله " هو اسم الله الآعظم الذى إذا دعى به أجاب ، وإذا سئل به أعطى ، ولذلك فهو الاسم الوحيد الذى تكرر ذكره فى القرأن قرابة الآلف مرة .
" الله " هو الاسم الذى ما ذكر فى قليل إلا كثره ، وهو الذى ما ذكر عند خوفه إلا أمنه ، ولا ذكر عند هم إلا فرجه ، هو الاسم الذى ما تعلق به فقير إلا أغناه ، ولا تعلق به ذليل إلا أعزه وآواه ، هو الاسم الذى تستجاب به الدعوات ، وتستمطر به الرحمات ، وتقال به العثرات ، وهو الاسم الذى من أجله قامت الآرض والسموات .
القرأن الكريم
إنك إذا تدبرت فى هذا القرأن الكريم كله لوجدته كله حديثا عن الايمان بالله ، فهو إما حديث عن الله وعن ذاته وأسمائه وصفاته ، أو هو حديث عن أمره ونهيه ، وهذا من لوازم الايمان ، وإما حديث عن أهل الايمان وما أعدلهم فى الدنيا والاخرة ، واما حديث عن الكافرين الذين أعرضوا عن طريق الايمان وكفروا بالله عزوجل ، وهذا جزاء من أعرضه عن الايمان ، فالحديث فى القرأن كله حديث عن قضية الايمان ، لآن الله عزوجل ما خلق الخلق ولا خلق الجنة والنار إلا من أجل هذة القضية .
الكل يأخذ منه
لذلك فإن أعظم كتاب يحدثنا عن الله عزوجل وعن قضية الايمان هو القرأن الكريم ، لآن القرأن هو كلام الله عزوجل ، يخاطب به العالم والآمى ، ويخاطب الرجل والمرأة ، بل والصبى والطفل ، يخاطب عالم الذرة ورائد الفضاء ، ويخاطب ساكن الغابة وساكن الصحراء ، ويخاطب رجل القرية ورجل المدينة ، وكل يأخذ منه ما يعرفه بالله عزوجل ، وكل يأخذ منه بقدر انشراح صدره وتفتح قلبه للأخذ من القرأن ، فقد يأخذ من القرأن رجل لا يحسن القرأة والكتابة على قدر إيمانه وحبه لله مالا يستطيع أن يأخذه من القرأن رجل أغلق قلبه عن الايمان بالله وانحرف عقله عن هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فما أعظم أن نتعرف على الله سبحانه وتعالى من خلاال كلامه الذى يخاطب أعماق الفطرة ، ويخاطب الوجدان ، ويستجيش المشاعر والاحاسيس بالخبر تارة وبالقصص أخرى وبالمثل ثالثة وبالوصف رابعة وبالترغيب خامسة وبالترهيب سادسة ، ينقلنا مرة الى افاق السماء ومرة يعود بنا الى جنبات الارض ، ثم يذهب بنا أخرى إلى الانسان ذاته باعتباره اية من أعظم أيات الله فى الكون .
يقول ربنا سبحانه وتعالى : } الله لا اله الا هو الحى القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له مافى السماوات وما فى الارض من ذا الذى يشفع عنده الا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشىء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والآرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلى العظيم { البقرة : 255 . هذه هى اية الكرسى ، وهى تحتاج منا إلى وقفات ووقفات ، لكن موضع الشاهد منها الآن هو ما أخبربه سبحان وتعالى عن نفسه .
أيات الله :
بهذا نكون قد تعلمنا كيف نتعرف على الله سبحانه وتعالى من خلال كلامه وعن طريق سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، بقى أن نعرف كيف نتعرف على الله سبحانه وتعالى عن طريق النظر فى هذا الكون أمامنا ، ذلك الكتاب المفتوح ، الذى جعله ربنا فى كل لحظة لننظر اليه نظرة التدبر ، ولكن وبكل أسف أقول ، إن الكثير من الايات قد يغيب عنا ، لأننا قد ألفناها واعتدنا عليها ، فنحن نرى الاية من الايات كل يوم ، فلا يتدبر فيها إلا من كان ينظر اليها على الدوام بعين التفكر والتدبر ، وهذا هو حال المؤمنين الصادقين الذين ينظرون إلى هذا الكون المفتوح ليزدادوا قرباً من الله سبحانه وتعالى ، فشتان بين من يتعرف على الله عن طريق العلم به وبين من يتعرف عليه عن طريق المقلدين ، لذلك قال الله ـ تعالى ـ : } إنما يخشى الله من عباده العلماء { فاطر : 28 .
السماء !!!!!
انظر الى السماء ، هذه القبة السماوية الزرقاء ، انظر اليها نظرة تدبر وسترى جمالا تعددت ألوانه وأوقاته باختلاف الزمان ، بل وباختلاف التنقل من مكن الى اخر ، هذه القبة إن نظرت اليها وتأملت ما فيها ، ما بين سماء صافية أو ضباب وغيوم ملبدة ، ما بين شروق وغروب ، كل ذلك يدلك على عظمة من خلقها سبحانه وتعالى .
أيات السماء :
انظر الى هذا القمر المنير ، أو ذلك الصبح الباذخ ، انظر الى هذه الشمس المشرقة ، أو تلك النجمة الوحيدة التى انفردت فى أفق من أفق السماء ، تلمع بالنور والضياء كأنها عين طفلة جميلة تلمع بالبراءة والحب والصفاء ، ثم إذ بنجمتين أختين فى افق أخر وقد انفردت كل واحدة منهم بالاخرى وكأنهما تتناجيان مناجاة ايمانية سامية ، فاذا ما حولت نظرك الى أفق اخر إذا بك ترى مجموعة اخرى من النجوم متشابكة متضامنة ، قد ألتفت حول بعضها البعض وكانها من عرس ايمانى بهيج .
ثمرة الذرة !!!!!!!!
خذ مثلا على ذلك " ثمرة الذرة " ، كلنا ياكل هذه الثمرة وما أظن أن أحدنا تدبر يوما فيها ، هذه الثمرة الجميلة إذا اقتطعناها من عودها ، ذلك العود الذى يحمل فوقه هذا الكم من ثمرات الذرة ، كل ذلك كان عبارة عن حبة واحدة ، غرست فى الارض ثم كانت هذا الكم الهائل من الثمرات ذات الاثواب الجميلة ، فاذا جردنا هذه الثمرة من هذا الثوب الجميل الذى فوقه ، ثم انظر اليها وسل نفسك : من الذى رص هذه الحبات اللؤلؤية بهذا الجمال والاتقان والابداع ؟ !! حتى هذا الجزء الذى نرميه ولا نأكله ويسمى الشرابة ، هل تعلم أن هذا الجزء المهمل لولاه لما أكلنا هذه الثمرة ، فهو المسئول عن عملية التلقيح وعن عملية التنفس ، كل هذه الايات فى ثمرة الذرة ، فهل تدبر أحدنا هذه الايات !!!
ورقة التوت !!!
" ورقة التوت تأكلها الشاة فتعطينا لبناً ولحماً ، وتأكلها دودة القز فتعطينا حريراً ، وتأكلها الغزالة فتعطينا مسكاً ، وتأكلها النحلة فتعطينا عسلاً ، فالطعام واحد و ـ عقليا ـ لابد وأن تكون العصارة الهضمية واحدة ، ولكنها كانت من الشاه لبناً ولحماً ... ومن الدودة حريراً ... ومن الغزالة مسكاً ...... ومن النحلة عسلاً ..... ولكن اين من ينظر ويتدبر } فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور { الحج : 46 .
البيضة !!!!!!!
كلنا يأكل البضة يوميا ، لكن من منا تفكر فى هذه البضة وفى جوانب العظمة فيها ، كما تفكر فيها الامام أحمد رضى الله عنه حين سأله بعض الملاحدة عن وجود الله سبحانه وتعالى ، فقال : " ها هنا حصن حصين أملس ، ليس له باب ولا منفذ ، داخله فضة ذائبة وذهبة مائعة ، وبينما هو كذلك إذ انصدع جداره ، وخرج منه حيوان سميع بصير ذو شكل حسن وصوت مليح " .
يقصد بذلك البضة والكتكوت حين يخرج منها ، ولم تنته العجائب بعد ، بل انظر الى ذلك الكتكوت حين يخرج من البضة ، فإذ به ينقر فى الارض مع انه لم يرمن قبل امه أو غيرها وهى تنقر فى الارض ، فمن الذى علمه ذلك ؟ !! لذلك لابد من النظر والتدبر حتى نعلم عظمة ربنا سبحانه وتعالى ، ليؤدى بنا ذلك الى الخشية منه ، يقول عزوجل : } انما يخشى الله من عباده العلماء { . غافر : 28 .
وفى انفسكم أفلا تبصرون
هذا الانسان الذى يجحد وجود ربه سبحانه وتعالى هو نفسه ايه من ايات الله ، ان فيه من الايات مالا يعد ولا يحصى ، لذلك يقول سبحانه وتعالى :} وفى انفسكم أفلا تبصرون { الذاريات : 21 .
إذا نظرت الى هذا الوجه وما يحويه من عين وأنف وفم وأذن ، فسترى أربعة انواع من الماء فى هذا الجزء فقط ، مالحا وحامضا وحلوا ومرا ، فماء العين مالح ، وماء الانف حامض ، وماء الفم حلو ، وماء الاذن مر ، ومع ذلك فأصل هذا الماء واحد ، وهو رأس الانسان ، وماء العين مالح ليستطيع قتل هذه الاتربة والهوام التى تصل الى العين ، وماء الانف حامض حتى يقوم بتنقية الهواء الداخل لهذا الآنف ، وماء الفم حلو ليسهل عملية التذوق ، وماء الاذن مر حتى لا تتسرب حشرة أو دابة من هوام الآرض إلى أذن الانسان وهو لا يشعر .
وختاما ...
فإنه لا يوصف بالعلم حقا إلا من كان من الله صدقا ، ولا يحق منتهى الخشية من الله إلا من كان عالما بالله .
وبعد أن نرى كل هذه الايات التى تقرع الفؤاد ، وتصك الآذان ، فنقر بوحدانية الله ، أفلا يسأل أحدنا نفسه سؤالاً هو أبسط ما ينبغى أن يسأل الان ، ألا وهو : ما هو حق الله علينا ؟ !!!!!
فهلم ليسأل كل منا نفسه هذا السؤال ، ثم ليجيب بما يراه الصواب .
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين