محمدالعابد من اسره مترو
الجنس : عدد المساهمات : 2351 نقاط : 3681 تاريخ التسجيل : 07/04/2010 العمر : 69 الموقع : القاهره
| موضوع: غزوة بدر- رمضان في السنة الثانية الأحد يناير 23, 2011 10:26 pm | |
| غزوة بدر- رمضان في السنة الثانية قال ابن رجب: وكانت على المشهور ليلة سبع عشرة، وصبيحتها هو يوم الفرقان، يوم التقى الجمعان، وسمي يوم الفرقان؛ لأن الله تعالى فرق بين الحق والباطل، وأظهر الحق وأهله، على الباطل وحزبه، وعلت كلمة الله وتوحيده، وذل أعداؤه من المشركين وأهل الكتاب. وكان ذلك في السنة الثانية من الهجرة، فإن النبي r قدم المدينة في ربيع الأول من أول سنة من سني الهجرة، ولم يفرض رمضان في ذلك العام، ثم صام عاشوراء، وفرض عليه رمضان في ثاني سنة، فهو أول رمضان صامه، وصام المسلمون معه. ثم خرج النبي r لطلب عير لقريش، قدمت من الشام إلى المدينة وأفطر في خروجه إليها. وكان سبب خروجه: حاجة أصحابه، خصوصاً المهاجرين }الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ{ [الحشر:8] وكانت هذه العير معها أموال كثيرة لأعدائهم الكفار الذين أخرجوهم من ديارهم وأموالهم ظلماً وعدواناً، كما قال تعالى: }أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ
أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ{ [الحج 39-40]، فقصد النبي r أن يأخذ أموال هؤلاء الظالمين المعتدين على أولياء الله وحزبه وجنده، فيردها على أولياء الله وحزبه المظلومين المخرجين من ديارهم وأموالهم ؛ ليتقووا بها على عبادة الله وطاعته، وجهاد أعدائه، وهذا مما أحل الله لهذه الأمة، فإنه أحل لهم الغنائم، ولم تحل لأحد قبلهم.
وكان عدة من معه ثلاثمائة وبضعة عشر، وفي سنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمرو قال: خرج رسول الله r يوم بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر من المقاتلة كما خرج طالوت، فدعا لهم رسول الله r حين خرجوا فقال: «اللهم إنهم حفاة فاحملهم، وإنهم عراة فاكسهم، وإنهم جياع فأشبعهم». ففتح الله عليهم يوم بدر، فانقلبوا حين انقلبوا وما فيهم رجل إلا وقد رجع بجمل أو جملين، واكتسوا وشبعوا.
وكان أصحاب النبي r حين خرجوا على غاية من قلة الظهر والزاد، فإنهم لم يخرجوا مستعدين لحرب ولا قتال، وإنما خرجوا لطلب العير، فكان معهم نحو سبعين بعيراً يعتقبونها بينهم، كل ثلاثة على بعير ، ولم يكن معهما إلا فرسان، وقيل: ثلاثة، وقيل: فرس واحد للمقداد. وبلغ المشركين خروج النبي r لطلب العير، فأخذ أبو سفيان بالعير نحو السا
ويطلب منهم أن ينفروا لحماية عيرهم، فخرجوا مستصرخين، وخرج أشرافهم ورؤساؤهم، وساروا نحو بدر، واستشار النبي r المسلمين في القتال، فتكلم المهاجرون، فسكت عنهم، وإنما كان قصده الأنصار؛ لأنه ظن أنهم لم يبايعوه إلا على نصرته على من قصده في ديارهم. فقام سعد بن عبادة فقال: إيانا تريد؟ يعني الأنصار! والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نُخِيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى بَرْك الغماد لفعلنا.
وقال له المقداد: لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: }فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ{ [المائدة:24] ولكن نقاتل عن يمينك وشمالك، وبين يديك ومن خلفك ، فسر النبي بذلك وأجمع على القتال وقال: «سيروا وأبشروا فإن الله وعدني إحدى الطائفتين، وإني قد رأيت مصارع القوم». فسار النبي r بجنود الرحمن حتى نزلوا أدنى ماء من مياه بدر، فقال له الحباب بن المنذر: يا رسول الله ! أرأيت هذا المنزل، أمنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم عنه أو نتأخر أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال النبي بل هو الرأي والحرب والمكيدة»، فقال: يا رسول الله ! إن
حل، وبعث إلى مكة يخبرهم الخبر،
هذا ليس بمنزل، فانهض بنا حتى نأتي أدنى ماء من القوم ، فننزله، ونَغُور ما وراءه من القُلُب ثم نبني عليه حوضا فنملأه، فنشرب ولا يشربون، فاستحسن النبي r هذا الرأي، ونهض فنزل بالعُدوة الدنيا مما يلي المدينة، وقريش بالعودة القصوى مما يلي مكة ، وحال الله بين قريش وبين الماء بمطر عظيم أرسله، وكان نقمة على الكفار، ونعمة على المسلمين، مهد لهم الأرض ولبدها.
وبني لرسول الله r عريش يكون فيه. ومشى r في موضع المعركة، وجعل يريهم مصارع رؤوس القوم واحداً واحداً، فيقول لهم: هذا مصرع فلان غداً، وهذا مصرع فلان غداً، فما جاوز أحد منهم عن الموضع الذي أشار إليه رسول الله r.
وبات رسول الله r تلك الليلة وهي ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان ، بات قائما يصلي إلى جنب شجرة هناك ويبكي، ويستنصر الله تعالى على أعدائه. فلما أصبحوا أقبلت قريش في كتائبها فقال رسول الله : «اللهم هذه قريش جاءت بفخرها وخيلائها وخيلها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم نصرك الذي وعدتني، اللهم أنجز لي ما وعدتني » ، واستنصر المسلمون بربهم،
واستغاثوا به، فاستجاب لهم وأمدهم بمدده كما قال }إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ{ [الأنفال:12].
ثم تقابل الجمعان، وحمي الوطيس، واستدارت رحى الحرب، ورسول الله في العريش يناشد ربه ويستنصره ويستغيثه، ثم أغفى إغفاءة، وخرج يقول }سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ{ [القمر:45]، وأخذ يحرض أصحابه على القتال، وأخذ كفًّا من تراب أو حصا، فرمى بها وجوه القوم فلم تترك منهم رجلاً إلا ملأت عينيه، ومنح الله المسلمين أكتاف المشركين ، فتناولوهم قتلا وأسرا، فقتلوا منهم سبعين ، وأسروا سبعين، وأخذوا غنائمهم، وكان من جملة من قتل من المشركين: أبو جهل عمرو بن هشام، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وهم ممن حدد رسول الله r مواضعهم، فأمر بهم رسول الله r، فسحبوا إلى القليب قليب بدر فألقوا فيه، ثم وقف عليهم رسول الله r فبكتهم وقرعهم على تكذيبهم له. أما الأسرى فقد استشار فيهم النبي أصحابه، وقبل فيهم مشورة أبي بكر الصديق حيث قال له: يا رسول الله ! هم بنو العم والعشيرة، وأرى أن تأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم
للإسلام، فأخذ النبي منهم الفدية وهكذا نصر الله نبيه والمؤمنين في بدر، وأذل الشرك وأهله، وأظهر قدرته في نصر عباده ولو كانوا ضعفاء أذلاء قليلين، كما قال تعالى: }وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ { [آل عمران].
فنسأل الله تعالى أن يمدنا بمدد من عنده، وأن ينصرنا على القوم الكافرين.
| |
|