دبلوماسية المؤتمرات:دلالات مشاركة الرئيس مرسي باجتماعات الأمم المتحدة.
كاتب الموضوع
رسالة
mido messi ناظر محطة الفرفشة
الجنس : عدد المساهمات : 6134نقاط : 8769 تاريخ التسجيل : 29/03/2011الموقع : القاهرة
موضوع: دبلوماسية المؤتمرات:دلالات مشاركة الرئيس مرسي باجتماعات الأمم المتحدة. الأحد سبتمبر 30, 2012 5:42 pm
دبلوماسية المؤتمرات:دلالات مشاركة الرئيس مرسي باجتماعات الأمم المتحدة. ============================================
دلالات مشاركة الرئيس مرسي باجتماعات الأمم المتحدةد. عصام عبد الشافي
شكلت دبلوماسية المؤتمرات الدولية إحدى أهم أدوات السياسة الخارجية المصرية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وكانت هذه المؤتمرات بمثابة فرص نجحت الدبلوماسية المصرية في الاستفادة منها للتعبير عن توجهات وقضايا وأولويات السياسة الخارجية المصرية الجديدة في مرحلة ما بعد الثورة المصرية. وهنا، برزت أهمية مشاركة الرئيس مرسي في مؤتمر الاتحاد الإفريقي في إثيوبيا، ومؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في السعودية، ومؤتمر عدم الانحياز في إيران، ومؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة، وكذلك كلمته أمام الاتحاد الأوروبي في بلجيكا.
وفي السياق نفسه، تأتي الزيارة التي يقوم بها الرئيس محمد مرسي للولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بناء على دعوة من الأمين العام للأمم المتحدة للرؤساء لحضور الشق رفيع المستوى لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يتم بشكل دوري في سبتمبر من كل عام.
أهمية زيارة مرسي للأمم المتحدة
وتنبع أهمية هذه الزيارة، مقارنة بسابقاتها، من عدة اعتبارات، كونها أمام أهم محفل دولي في العالم، وأهم منظمة دولية في العالم منذ تأسيسها عام 1945، هذا من ناحية، وكونها أمام ممثلين عن كل دول العالم الأعضاء في المنظمة، والتى وصل عددها إلى 193 دولة، وبالتالي تمثل مناسبة مهمة لتقديم صورة مصر الجديدة، والتعبير بدقة ووضوح عن سياستها الخارجية، وطبيعة المرجعية التي تنطلق منها، والقيم السامية التي ستدافع عنها.
من ناحية ثانية، هى فرصة لعقد لقاءات مباشرة مع عدد كبير من قادة وزعماء العالم، لتأكيد عودة مصر لممارسة الدور الإقليمي والدولي الذي يليق بتاريخها وحضارتها، ومكانتها الإقليمية والدولية.
من ناحية ثالثة، كونها كذلك أول زيارة للرئيس المصري للولايات المتحدة، التى كانت حتى قبل الثورة أهم حليف استراتيجي للنظام المصري السابق، في علاقة تم توصيفها من جانب الكثيرين "بعلاقة تبعية" من جانب النظام السابق للإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ 1981 وحتى 2011.
وإذا كانت زيارة الولايات المتحدة لا تخرج عن كونها دولة المقر للمنظمة الدولية المعنية بالحدث، وهو المؤتمر السنوي لجمعيتها العامة، فإن الجدالات والحوارات والنقاشات والكتابات لم تتوقف عن تلك الزيارة، ومضمونها، وأبعادها، وتأثيرها فى علاقات الدولتين، وقدرتها على تسوية الخلافات القائمة، والتعاطي بفاعلية مع القضايا محل الاهتمام المشترك، لنعيش الحالة نفسها التي عشناها، على خلفية زيارة الرئيس مرسي لإيران.
وإذا كان خطاب مرسي ومضمونه ولغته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هو عندى من الأهمية بمكان، لأنه يقدم رؤية مصر للعالم، فإننا للأسف لم نعط لهذا الحدث ما يستحقه من اهتمام، وأصبح كل التركيز على تأثير الزيارة والخطاب فى علاقة مصر بالولايات المتحدة، رغم أن هذه العلاقة ليست محلا للاهتمام في هذه الزيارة.
وإذا كانت الزيارة لا ترتبط مباشرة بالعلاقات الرسمية، فإن أهميتها للعلاقات المصرية ـ الأمريكية ترتبط بالعلاقات غير الرسمية، بالمجتمع الأمريكي، وعدد من منظماته، وتياراته المعنية بالزيارة، رفضاً أو قبولاً، وكذلك بالوجود المصري والعربي والإسلامي في الولايات المتحدة، في ظل حرص مرسي على التواصل مع أبناء الجاليات المصرية في الدول التي يقوم بزيارتها.
فرص وتحديات
وفي هذا الإطار، تثير زيارة مرسي عدداً من الفرص والتحديات، التي يجب مراعاتها والتعامل معها بما يتفق وقدرتها التأثيرية فى مسار العلاقات المستقبلية بين الدولتين.
ففي جانب الفرص، أو الدعائم التي يرتكز عليها مرسي، يأتى تأكيده المستمر على ثوابت السياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر لالتزاماتها واتفاقياتها الدولية، وكلمته في إيران التي بددت المخاوف من تقارب غير مشروط مع إيران، وكذلك موقفه من النظام السوري، والذي يتسق مع المواقف الأمريكية والغربية، وكذلك قدرة النظام المصري على احتواء حالة الغضب التي شهدها الشارع المصري، على خلفية المظاهرات المنددة بالفيلم المسئ للرسول عليه الصلاة والسلام.
وفي المقابل، تبرز مجموعة من التحديات، في مقدمتها الرؤية الأمريكية لزيارة مرسي للصين، وطبيعة الأجواء المتوترة في المجتمع الأمريكي، على خلفية الانتخابات الأمريكية، وأزمة الفيلم المسئ للرسول عليه الصلاة والسلام، وموقف مرسي المتحفظ من إسرائيل، وأزمة الديون المصرية للولايات المتحدة، وعدم تنفيذ أوباما لوعده الصادر في مايو 2011، بإسقاط مليار دولار منها، وكذلك أزمة المعونة الأمريكية التي تتكرر بين الحين والآخر، وأزمة تمويل منظمات المجتمع المدني المصري.
وأمام محدودية الفرص، وتعاظم التحديات، تأتي أهمية تأكيد عدة اعتبارات:
الأول: أهمية العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة: فمصر تمنح الولايات المتحدة العديد من المزايا، لعل أبرزها المناورات العسكرية الدورية، وإمكانية استخدام الأجواء المصرية، وتسهيلات عبور قناة السويس للسفن والبوارج الحربية الأمريكية. وأكدت مصر، خلال العقود الثلاثة الماضية، أنها حليف يمكن للولايات المتحدة أن تعتمد عليها، بما يخدم المصالح الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة، وفي مقدمتها أمن إسرائيل. وكان المبرر الذي يساق هو الحفاظ على استمرارية المعونة الأمريكية لمصر، والتي أكدت التقارير الرسمية أن الولايات المتحدة كانت المستفيد الأكبر منها.
الثاني: أهمية العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة: فوفقاً لتقديرات النشرة الاقتصادية للبنك المركزي المصري عن شهر يوليو 2012 ، بلغ حجم تدفق الاستثمارات الأمريكية لمصر خلال عام 2012 نحو 1.7 مليار دولار. ويقدر حجم التبادل التجاري بين الدولتين بنحو 9.6 مليار دولار، منها 6 مليارات حجم الواردات المصرية من أمريكا، و3.6 مليار قيمة الصادرات المصرية لأمريكا. وتبلغ نسبة التبادل التجارى بين الدولتين 12.3% من إجمالي التبادل التجاري لمصر 2012، والمقدر بنحو 77.8 مليار دولار.
وقد بلغت الديون الأمريكية المستحقة على مصر في 30 يونيو 2011 نحو 3.1 مليار دولار أمريكي، بما يعادل 9% من إجمالي الديون الخارجية لمصر، والبالغة نحو 34 مليار دولار، وتأتي أمريكا ضمن أكبر أربع دول دائنة لمصر، بجانب اليابان، وألمانيا، وفرنسا. علاوة على أن الولايات المتحدة تمارس دوراً أقرب للهيمنة في المؤسسات الاقتصادية الدولية كالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة الدولية، ويمكنها استخدام هذه المؤسسات كأدوات لتنفيذ أجندة سياساتها الخارجية.
الثالث: إن قدرة الرئيس مرسي، في خطابه أمام الأمم المتحدة، على نقل رسالة ثقة للعالم، عن مصر وتوجهاتها وسياساتها ودورها المستقبلي، هى أمر من شأنه أن يجبر دول العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، على التقارب مع النظام الجديد في مصر، وإعادة النظر في توجهاتها الحالية والقادمة نحو مصر، والعمل على إعادة توصيف الدور المصري في منظومة العلاقات الإقليمية والدولية، بما يتناسب وحجم ومكانة مصر، وما حققته ثورتها الشعبية من زخم كبير لهذا الحجم وتلك المكانة.
يتطلب ذلك الحرص على توفير كل معايير وضوابط القوة في خطاب الرئيس مرسي، ليكون أقرب لوثيقة رسمية واستراتيجية عمل واضحة ومحددة المعالم للسياسة الخارجية المصرية، بحيث يتضمن بيان الرؤية والمرجعية التي تحكم هذه السياسة، وتوجهاتها الاستراتيجية، وأهدافها الأساسية، والسياسات والأدوات التي تستطيع من خلالها تحقيق هذه الأهداف، وفقاً لما تملكه من قدرات تاريخية، وجغرافية، وثقافية، وحضارية، وبشرية، وسياسية، واقتصادية.
(*) مقال خاص بموقع مجلة " السياسة الدولية" ===================================
==
دبلوماسية المؤتمرات:دلالات مشاركة الرئيس مرسي باجتماعات الأمم المتحدة.
