منتديات مترو
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» حفلات الشيخ ياسين التهامى mp3 للتحميل , تحميل حفلات ياسين التهامى
رجال حول رسول الله 34 Emptyالسبت مارس 30, 2024 2:48 pm من طرف الزقم

»  تحميل كتاب شمس المعارف , كتاب السحر الأسود , بحجم 32 ميجا تحميل
رجال حول رسول الله 34 Emptyالسبت مارس 30, 2024 2:26 pm من طرف الزقم

» كتاب ( نهايـــــــة العالــــــم ) للدكتور ‘‘ محمد العريفي ‘‘ من أغرب الكتب وأكثرها مبيعا للتحميل المباشر وعلى اكثر من سيرفر علامات الساعة بالصور والخرائط
رجال حول رسول الله 34 Emptyالإثنين أبريل 10, 2023 5:37 pm من طرف الزقم

» كلما ابتعدنا
رجال حول رسول الله 34 Emptyالخميس نوفمبر 19, 2020 12:46 pm من طرف ربيع محمد

» تحميل جميع البومات ام كلثوم
رجال حول رسول الله 34 Emptyالإثنين ديسمبر 16, 2019 10:36 pm من طرف نبيل سويلم

» فيلم القشاش بصيغة 3gp للهواتف المحموله برابط مباشر
رجال حول رسول الله 34 Emptyالخميس نوفمبر 28, 2019 4:40 pm من طرف sjody

» المقادير لابن الباديه
رجال حول رسول الله 34 Emptyالخميس أكتوبر 24, 2019 7:53 am من طرف ربيع محمد

» تحميل نغمة سلام قول من رب رحيم , نغمة لطفى لبيب سلام قول من رب رحيم للتحميل
رجال حول رسول الله 34 Emptyالخميس أكتوبر 17, 2019 9:41 pm من طرف الزقم

» 1000 لعبة من العاب الاتارى بتاعة زمان تعمل على اى جهاز للتحميل على سيرفرات متعدده
رجال حول رسول الله 34 Emptyالخميس أكتوبر 17, 2019 8:59 pm من طرف الزقم

» سفينتى*سفينة الحب*السلطان العاشق
رجال حول رسول الله 34 Emptyالخميس أكتوبر 03, 2019 6:27 pm من طرف عماد الصغير

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
body onbeforeprint="onbeforeprint()" onafterprint="onafterprint()"onselectstart="return false" oncontextmenu="return false">

 

 رجال حول رسول الله 34

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
اسيا امير
راكب نشيط
راكب نشيط



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 169
نقاط : 521
تاريخ التسجيل : 17/02/2011
العمر : 34
الموقع : الفيوم / جمهورية مصر العربية

رجال حول رسول الله 34 Empty
مُساهمةموضوع: رجال حول رسول الله 32   رجال حول رسول الله 34 Emptyالجمعة أبريل 29, 2011 10:24 am

New Page 1

زيد بن ثابت


جامع القرآن





اذا حملت المصحف بيمينك, واستقبلته بوجهك,
ومضيت تتأنق في روضاته اليانعات, سورة سورة, وآية آية, فاعلم أن من بين الذين
يدينونك بالشكر والعرفان على هذا الصنع العظيم, رجل كبير اسمه: زيد بن
ثابت...!!

وان وقائع جمع القرآن في مصحف,
لا تذكر الا ويذكر معها هذا الصحابي الجليل..

وحين تنثر زهور التكريم على
ذكرى المباركين الذين يرجع اليهم فضل جمع القرآن وترتيبه وحفظه, فان حظ زيد بن ثابت
من تلك الزهور, لحظ عظيم..



**





هو أنصاري من المدينة..

وكان سنّه يوم قدمها النبي صلى
الله عليه وسلم مهاجرا, احدى عشرة سنة, وأسلم الصبي الصغير مع المسلمين من أهله,
وبورك بدعوة من الرسول له..

وصحبه آباؤه معهم الى غزوة بدر,
لكن رسول الله ردّه لصغر سنه وحجمه, وفي غزوة أحد ذهب مع جماعة من اترابه الى
الرسول يحملون اليه ضراعتهم كي يقبلهم في أي مكان من صفوف المجاهدين..


وكان أهلوهم أكثر ضراعة والحاحا
ورجاء..

ألقى الرسول على الفرسان الصغار
نظرة شاكرة, وبدا كأنه سيعتذر عن تجنيدهم في هذه الغزوة أيضا..


لكن أحدهم وهو رافع بن خديج,
تقدم بين يدي رسول الله, يحمل حربة, ويحركها بيمينه حركات بارعة,وقال للرسول عليه
الصلاة والسلام:

" اني كما ترى رام, أجيد الرمي
فأذن لي"..

وحيا الرسول هذه البطولة
الناشئة, النضرة, بابتسامة راضية, ثم أذن له..

وانتفضت عروق أتلاتبه..


وتقد ثانيهم وهو سمرة بن جندب,
وراح يلوّح في أدب بذراعيه المفتولين, وقال بعض اهله للرسول:


" ان سمرة يصرع رافعا"..


وحيّاه الرسول بابتسامته
الحانية, وأذن له..



كانت سن كل من رافع وسمرة قد بلغت الخامسة
عشرة, الى جانب نموهما الجسماني القوي..

وبقي من الأتراب ستة أشبال,
منهم زيد بن ثابت, وعبدالله بن عمر..

ولقد راحوا يبذلون جهدهم
وضراعتهم بالرجاء تارة, وبالدمع تارة, وباستعراض عضلاتهم تارة..


لكن أعمارهم كانت باكرة,
وأجسامهم غضة, فوعدهم الرسول بالغزوة المقبلة..

بدأ زيد مع احزانه دوره كمقاتل
في سبيل الله بدءا من غزوة الخندق, سنة خمس من الهجرة.



كانت شخصيته المسلمة المؤمنة تنمو نموّا سريعا
وباهرا, فهو لم يبرع كمجاهد فحسب, بل كمثقف متنوع المزايا أيضا, فهو يتابع القرآن
حفظا, ويكتب الوحي لرسوله, ويتفوق في العلم والحكمة, وحين يبدأ رسول الله في ابلاغ
دعوته للعالم الخارجي كله, وارسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها, يأمر زيدا أن يتعلم
بعض لغاتهم فيتعلمها في وقت وجيز..

وهكذا تألقت شخصية زيد بن ثابت
وتبوأ في المجتمع مكانا عليّا, وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم..


يقول الشعبي:


" ذهب زيد بن ثابت ليركب, فأمسك
ابن عباس بالرّكاب.

فقال له زيد: تنحّ يا ابن عم
رسول الله.. فأجابه ابن عباس: لا, هكذا نصنع بعلمائنا"..

ويقول قبيصة:


" كان زيدا رأسا بالمدينة في
القضاء, والفتوى والقراءة, والفرائض"..

ويقول ثابت بن عبيد:


" ما رأيت رجلا أفكه في بيته,
ولا أوقر في مجلسه من زيد".

ويقول ابن عباس:


" لقد علم المحفوظين من أصحاب
محمد أن زيد بن ثابت كان من الراسخين في العلم"..

ان هذه النعوت التي يرددها عنه
أصحابه لتزيدنا معرفة بالرجل الذي تدّخر له المقادير شرف مهمة من أنبل المهام في
تاريخ الاسلام كله..

مهمة جمع القرآن..




**





منذ بدأ الوحي يأخذ طريقه الى رسول الله ليكون
من المنذرين, مستهلا موكب القرآن والدعوة بهذه الآيات الرائعة..


( اقرأ باسم ربك الذي خلق, خلق
الانسان من علق, اقرأ وربك الأكرم, الذي علم بالقلم, علم الانسان ما لم
يعلم)..

منذ تلك البداية, والوحي يصاحب
رسول الله عليه الصلاة والسلام, ويخف اليه كلما ولّى وجهه شطر الله راجيا نوره
وهداه..

وخلال سنوات الرسالة كلها, حيث
يفرغ النبي من غزوة ليبدأ بأخرى, وحيث يحبط مكيدة وحربا, ليواجه خصومة بأخرى,
وأخرى. وحيث يبني عالما جديدا بكل ما تحمله من الجدّة من معنى..




كان الوحي يتنزل, والرسول يتلو, ويبلّغ, وكان
هناك ثلة مباركة تحرّك حرصها على القرآن من أول يوم, فراح بعضهم يحفظ منه ما
استطاع, وراح البعض الآخر ممن يجيدون الكتابة, يحتفظون بالآيات مسطورة.


وخلال احدى وعشرين سنة تقريبا,
نزل القرآن خلالها آية آية, أو آيات, تلو آيات, ملبيا مناسبات النزول وأسبابها, كان
أولئك الحفظة, والمسجلون, يوالون عملهم في توفيق من الله كبير..


ولم يجيء القرآن مرة واحدة
وجملة واحدة, لأنه ليس كتابا مؤلفا, ولا موضوعا.

انما هو دليل أمة جديدة تبني
على الطبيعة, لبنة لبنة, ويوما يوما, تنهض عقيدتها, ويتشكل قلبها, وفكرها, وارادتها
وفق مشيئة الهية, لا تفرض نفسها من عل, وانما تقود التجربة البشرية لهذه الأمة في
طريق الاقتناع الكامل بهذه المشيئة..

ومن ثمّ, كان لا بد للقرآن أن
يجيء منجّما, ومجرأ, ليتابع التجربة في سيرها النامي, ومواقفها المتجددة. وأزماتها
المتصديّة.

توافر الحفاظ, والكتبة, كما
ذكرنا من قبل, على حفظ القرآن وتسجيله,وكان على رأسهم علي ابن ابي طالب, وأبيّ بن
كعب, وعبدالله ابن مسعود, وعبدالله بن عباس, وصاحب الشخصية الجليلة التي نتحدث عنها
الآن زيد بن ثابت رضي الله عنهم أجمعين..



**





وبعد أن تمّ نزولا, وخلال الفترة الأخيرة من
فترات تنزيله, كان الرسول يقرؤه على المسلمين.. مرتبا سوره وآياته.


وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام
شغل المسلمون من فورهم بحروب الردّة..

وفي معركة اليمامة.. التي
تحدثنا عنها من قبل خلال حديثنا عن خالد بن الوليد وعن زيد بن الخطاب كان عدد
الشهدا من قرّاء القرآن وحفظته كبيرا.. فما كادت نار الردّة تخبو وتنطفئ حتى فزع
عمر الى الخليفة أبي بكر رضي الله عنهما راغبا اليه في الحاح أن يسارعوا الى جمع
القرآن قبلما يدرك الموت والشهادة بقية القرّاء والحفاظ.

واستخار الخليفة ربه.. وشاور
صحبه.. ثم دعا زيد بن ثابت وقال له:

" انك شاب عاقل لا نتهمك".


وأمره أن يبدأ بجمع القرآن
الكريم, مستعينا بذوي الخبرة في هذا الموضوع..

ونهض زيد بالعمل الذي توقف عليه
مصير الاسلام كله كدين..!

وأبلى بلاء عظيما في انجاز أشق
المهام وأعظمها, فمضى يجمع الآيات والسور من صدور الحفاظ, ومن مواطنها المكتوبة,
ويقابل, ويعارض, ويتحرّى, حتى جمع القرآن مرتبا ومنسقا..

ولقد زكّى عمله اجماع الصحابة
رضي الله عنهم الذين عاشوا يسمعونه من رسولهم صلى الله عليه وسلم خلال سنوات
الرسالة جميعها, لا سيّما العلماء منهم والحفاظ والكتبة..

وقال زيد وهو يصوّر الصعوبة
الكبرى التي شكلتها قداسة المهمة وجلالها..

" والله لو كلفوني نقل جبل من
مكانه, لكان أهون عليّ مما أمروني به من جمع القرآن"..!!

أجل..

فلأن يحمل زيد فوق كاهله جبلا,
أو جبالا, أرضى لنفسه من أن يخطئ أدنى خطأ, في نقل آية أو اتمام سورة..


كل هول يصمد له ضميره ودينه..
الا خطأ كهذا مهما يكن ضعيفا وغير مقصود..

ولكن توفيق الله كان معه, كان
معه كذلك وعده القائل:

( انا نحن نزلنا الذكر وان له
لحافظون)..

فنجح في مهمته, وأنجز على خير
وجه مسؤوليته وواجبه.



**





كانت هذه هي المرحلة الأولى في جمع
القرآن..

بيد أنه جمع هذه المرة مكتوبا
في أكثر من مصحف..



وعلى الرغم من أن مظاهر التفاوت والاختلاف بين
هذه المصاحف كانت شكلية, فان التجربة أكّدت لأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وجوب
توحيدها جميعها في مصحف واحد.

ففي خلافة عثمان رضي الله عنه,
والمسلمون يواصلون فتوحاتهم وزحوفهم, مبتعدين عن المدينة مغتربين عنها..


في تلك الأيام, والاسلام يستقبل
كل يوم أفواجا تلو أفواج من الداخلين فيه, المبايعين اياه, ظهر جليّا ما يمكن أن
يفضي اليه تعدد المصاحف من خطر حين بدأت الألسنة تختلف على القرآن حتى بين الصحابة
الأقدمين والأولين..

هنالك تقدم الى الخليفة عثمان
فريق من الأصحاب رضي الله عنهم على رأسهم حذيفة بن اليمان مفسرين الضرورة التي تحتم
توحيد المصحف..



واستخار الخليفة ربه وشاور صحبه..


وكما استنجد أبو بكر الصديق من
قبل بزيد بن ثابت, استنجد به عثمان أيضا..

فجمع زيد أصحابه وأعوانه,
وجاؤوا بالمصاحف من بيت حفصة بنت عمر رضي الله عنها, وكانت محفوظة لديها, وباشر زيد
وصحبه مهمتهم العظيمة الجليلة..

كان كل الذين يعوانون زيدا من
كتاب الوحي, ومن حفظة القرآن..

ومع هذا فما كانوا يختلفون ,
وقلما كانوا يختلفون, الا جعلوا رأي زيد وكلمته هي الحجة والفيصل.




**





والآن نحن نقرأ القرآن العظيم ميسّرا, أو نسمعه
مرتلا, فان الصعوبات الهائلة التي عاناها الذين اصطنعهم الله لجمعه وحفظه لا تخطر
لنا على بال..!!

تماما مثل الأهوال التي
كابدوها, والأرواح التي بذلوها, وهم يجاهدون في سبيل الله, ليقرّوا فوق الأرض دينا
قيّما, وليبددوا ظلامها بنوره المبين..



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اسيا امير
راكب نشيط
راكب نشيط



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 169
نقاط : 521
تاريخ التسجيل : 17/02/2011
العمر : 34
الموقع : الفيوم / جمهورية مصر العربية

رجال حول رسول الله 34 Empty
مُساهمةموضوع: رجال حول رسول الله 33   رجال حول رسول الله 34 Emptyالجمعة أبريل 29, 2011 10:25 am

New Page 1

خالد بن سعيد


فدائيّ, من الرعيل
الأول




في بيت وارف النعمة, مزهو بالسيادة, ولأب له في
قريش صدارة وزعامة, ولد خالد بن سعيد بن العاص, وان شئتم مزيدا من نسبه فقولوا: ابن
اميّة بن عبد شمس بن عبد مناف..

ويوم بدأت خيوط النور تسري في
أنحاء مكة على استحياء, هامسة بأن محمدا الأمين يتحدث عن وحي جاءه في غار حراء, وعن
رسالة تلقاها من الله ليبلغها الى عباده, كان قلب خالد يلقي للنور الهامس سمعه وهو
شهيد..!!

وطارت نفسه فرحا, كأنما كان
وهذه الرسالة على موعد.. وأخذ يتابع خيوط النور في سيرها ومسراها.. وكلما سمع ملأ
من قومه يتحدثون عن الدين الجديد, جلس اليهم وأصغى في حبور مكتوم, وبين الحين
والحين يطعّم الحديث بكلمة منه, أو كلمات تدفعه في طريق الذيوع, والتأثير,
والايحاء..!

كان الذي يراه أنئذ, يبصر شابا
هادئ السمت, ذكيّ الصمت, بينما هو في باطنه وداخله, مهرجان حافل بالحركة والفرح..
فيه طبول تدق.. ورايات ترتفع.. وأبواق تدوّي.. وأناشيد تصلي.. وأغاريد تسبّح..


عيد بكل جمال العيد, وبهجة
العيد وحماسة العيد, وضجة العيد..!!!

وكان الفتى يطوي علىهذا العيد
الكبير صدره, ويكتم سرّه, فان أباه لو علم أنه يحمل في سريرته كل هذه الحفاوة بدعوة
محمد, لأزهق حياته قربانا لآلهة عبد مناف..!!

ولكن أنفسنا الباطنة حين تفعم
بأمر, ويبلغ منها حدّ الامتلاء فانها لا تملك لافاضته دفعا..


وذات يوم..


ولكن لا.. فان النهار لم يطلع
بعد, وخالد ما زال في نومه اليقظان, يعالج رؤيا شديدة الوطأة, حادة التأثير, نفاذة
العبير..



نقول اذن: ذات ليلة, رأى خالد بن سعيد في نومه
أنه واقف على شفير نار عظيمة, وأبوه من ورائه يدفعه بكلتا يديه, ويريد أن يطرحه
فيها, ثم رأى رسول الله يقبل عليه, ويجذبه بيمينه المباركة من ازاره فيأخذه بعيدا
عن النار واللهب..

ويصحو من نومه مزوّدا بخطة
العمل في يومه الجديد, فيسارع من فوره الى دار أبي بكر, ويقصّ عليه الرؤيا.. وما
كانت الرؤيا بحاجة الى تعبير..د

وقال له أبو بكر:


" انه الخير أريد لك.. وهذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه, فان الاسلام حاجزك عن النار".


وينطلق خالد باحثا عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى يهتدي الى مكانه فيلقاه, ويسأل النبي عن دعوته, فيجيبه عليه
السلام:

" تؤمن بالله وحده, ولا تشرك به
شيئا..

وتؤمن بمحمد عبده ورسوله..
وتخلع عبادة الأوثان التي لا تسمع ولا تبصر, ولا تضر ولا تنفع"..


ويبسط خالد يمينه, فتلقاها يمين
رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفاوة, ويقول خالد:

" اني أشهد أن لا اله الا
الله...

وأشهد أن محمدا رسول
الله"..!!

وتنطلق أغاريد نفسه
وأناشيدها..

ينطلق لمهرجان كله الذي كان في
باطنه.. ويبلغ النبأ أباه.



**




يوم أسلم خالد, لم يكن قد سبقه الى الاسلام سوى
اربعة أو خمسة,فهو اذن من الخمسة الأوائل المبكرين الى الاسلام.


وحين يباكر بالاسلام واحد من
ولد سعيد بن العاص, فان ذلك في رأي سعيد, عمل يعرّضه للسخرية والهوان من قريش, ويهز
الأرض تحت زعامته.

وهكذا دعا اليه خالد, وقال له:"
أصحيح أنك اتبعت محمدا وأنت تسمعه يعيب آلهتنا"..؟؟

قال خالد: " انه والله
لصادق..

ولقد آمنت به واتبعته"..


هنالك انهال عليه أبوه ضربا, ثم
زجّ به في غرفة مظلمة من داره, حيث صار حبيسها, ثم راح يضنيه ويرهقه جوعا
وضنكأ..

وخالد يصرخ فيهم من وراء الباب
المغلق عليه:

" والله انه لصادق, واني به
لمؤمن".

وبدا لسعيد أن ما أنزل بولده من
ضرر لا يكفي, فخرج به الى رمضاء مكة, حيث دسّه بين حجارتها الثقيلة الفادحة
الملتهبة ثلاثة أيام لا يواريه فيها ظل..!!

ولا يبلل شفتيه قطرة
ماء..!!

ويئس الوالد من ولده, فعاد به
الى داره, وراح يغريه, ويرهبه.. يعده, ويتوعّده.. وخالد صامد كالحق, يقول
لأبيه:

" لن أدع الاسلام لشيء, وسأحيا
به وأموت عليه"..

وصاح سعيد:


" اذن فاذهب عني يا لكع,
فواللات لأمنعنّك القوت"..

وأجابه خالد:


".. والله خير
الرازقين"..!!

وغادر الدار التي تعجّ بالرغد,
من مطعم وملبس وراحة..

غادرها الى الخصاصة
والحرمان..

ولكن أي بأس..؟؟


أليس ايمانه معه..؟؟


ألم يحتفظ بكل سيادة ضميره,
وبكل حقه في مصيره..؟؟

ما الجوع اذن, وما الحرمان, وما
العذاب..؟؟



واذا وجد انسان نفسه مع حق عظيم كهذا الحق الذي
يدعو اليه محمد رسول الله, فهل بقي في العالم كله شيء ثمين لم يمتلكه من ربح نفسه
في صفقة, الله صاحبها وواهبها...؟؟

وهكذا راح خالد بن سعيد يقهر
العذاب بالتضحية, ويتفوق على الحرمان بالايمان..

وحين أمر رسول الله صلى الله
عليه وسلم أصحابه المؤمنين بالهجرة الثانية الى الحبشة, كان خالد بن سعيد, ممن
شدّوا رحالهم اليها..



ويمكث خالد هناك الى ما شاء الله ان يمكث, ثم
يعود مع اخوانه راجعين الى بلادهم, سنة سبع, فيجدون المسلمين قد فرغوا لتوهم من فتح
خيبر..

ويقيم خالد بالمدينة وسط
المجتمع المسلم الجديد الذي كان أحد الخمسة الأوائل الذين شهدوا ميلاده, وأسسوا
بناءه, ولا يغزو النبي غزوة, ولا يشهد مشهدا, الا وخالد بن سعيد من السابقين..


وكان خالد بسبقه الى الاسلام,
وباستقامة ضميره ونهجه موضع الحب والتكريم..

كان يحترم اقتناعه فلا يزيفه
ولا يضعه موضع المساومة.

قبل وفاة الرسول جعله عليه
السلام واليا على اليمن..

ولما ترامت اليه أنباء استخلاف
أبي بكر, ومبايعته غادر عمله قادما الى المدينة..

وكانه يعرف لأبي بكر الفضل الذي
لا يطاول..

بيد أنه كان يرى أن أحق
المسلمين بالخلافة واحد من بين هاشم:

العباس مثلا, أو عليّ ابن أبي طالب..


ووقف الى جانب اقتناعه فلم
يبايع أبا بكر..

وظل أبو بكر على حبه له,
وتقديره اياه لا يكرهه على أن يبايع, ولا يكرهه لأنه لم يبايع, ولا يأتي ذكره بين
المسلمين الا أطراه الخليفة العظيم, وأثنى عليه بما هو أهله..


ثم تغيّر اقتناع خالد بن سعيد,
فاذا هو يشق الصفوف في المسجد يوما وأبو بكر فوق المنبر, فيبايعه بيعة صادقة
وثقى..



**





ويسيّر أبا بكر جيوشه الى الشام, ويعقد لخالد
بن سعيد لواء, فيصير أحد أمراء الجيش..

ولكن يحدث قبل أن تتحرك القوات
من المدينة أن يعارض عمر في امارة خالد بن سعيد, ويظل يلح على الخليفة أن يغيّر
قراره بشأن امارة خالد..

ويبلغ النبأ خالد, فلا يزيد على
قول:

" والله ما سرّتنا ولايتكم, ولا
ساءنا عزلكم"..!!

ويخفّ الصدّيق رضي الله عنه الى
دار خالد معتذرا له, ومفسرا له موقفه الجديد, ويسأله مع من من القوّاد والأمراء يجب
أن يكون: مع عمرو بن العاص وهو ابن عمه, أو مع شرحبيل بن حسنة؟


فيجيب خالد اجابة تنمّ على عظمة
نفسه وتقاها:

" ابن عمّي أحبّ اليّ في
قرابته, وشرحبيل أحبّ اليّ في دينه"..

ثم اختار أن يكون جنديا في
كتيبة شرحبيل بن حسنة..



ودعا ابو بكر شرحبيل اليه قبل أن يتحرّك الجيش,
وقال له:

" انظر خالد بن سعيد, فاعرف له
من الحق عليك, مثل مل كنت تحبّ أن يعرف من الحق لك, لو كنت مكانه, وكان
مكانك..

انك لتعرف مكانته في
الاسلام..

وتعلم أن رسول الله توفى وهو له
وال..

ولقد كنت وليته ثم رأيت غير
ذلك..

وعسى أن يكون ذلك خيرا له في
دينه, فما أغبط أحد بالامارة..!!

وقد خيّرته في أمراء الجند
فاختارك على ابن عمّه..

فاذا نزل بك أمر تحتاج فيه الى
رأي التقي الناصح, فليكن أول من تبدأ به: أبو عبيدة بن الجرّاح, ومعاذ بن جبل..
وليكن خالد بن سعيد ثالثا, فانك واجد عندهم نصحا وخيرا..

واياك واستبداد الرأي دونهم, أو
اخفاءه عنهم"..



وفي موقعه مرج الصفر بأرض الشام, حيث كانت
المعارك تدور بين المسلمين والروم, رهيبة ضارية, كان في مقدمة الذين وقع أجرهم على
الله, شهيد جليل, قطع طريق حياته منذ شبابه الباكر حتى لحظة استشهاده في مسيرة
صادقة مؤمنة شجاعة..

ورآه المسلمون وهم يفحصون شهداء
المعركة, كما كان دائما, هادئ السّمت, ذكي الصمت, قوي التصميم, فقاول:


" اللهم ارض عن خالد بن
سعيد"..!!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اسيا امير
راكب نشيط
راكب نشيط



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 169
نقاط : 521
تاريخ التسجيل : 17/02/2011
العمر : 34
الموقع : الفيوم / جمهورية مصر العربية

رجال حول رسول الله 34 Empty
مُساهمةموضوع: رجال حول رسول الله 34   رجال حول رسول الله 34 Emptyالجمعة أبريل 29, 2011 10:26 am

New Page 1

أبو أيوب
الأنصاري

انفروا خفافا
وثقالا




كان الرسول عليه السلام يدخل المدينة مختتما
بمدخله هذا رحلة هجرته الظافرة, ومستهلا أيامه المباركة في دار الهجرة التي ادّخر
لها القدر ما لم يدخره لمثلها في دنيا الناس..

وسار الرسول وسط الجموع التي
اضطرمت صفوفها وأفئدتها حماسة, ومحبة وشوقا... ممتطيا ظهر ناقته التي تزاحم الناس
حول زمامها كل يريد أن يستضيف رسول الله..

وبلغ الموكب دور بني سالم بن
عوف, فاعترضوا طريق الناقة قائلين:

" يا رسول الله, أقم عندنا,
فلدينا العدد والعدة والمنعة"..

ويجيبهم الرسول وقد قبضوا
بأيديهم على زمام الناقة:

" خلوا سبيلها فانها
مأمورة".

ويبلغ الموكب دور بني بياضة,
فحيّ بني ساعدة, فحي بني الحارث بن الخزرج, فحي عدي بن النجار.. وكل بني قبيل من
هؤلاء يعترض سبيل الناقة, وملحين أن يسعدهم النبي عليه الصلاة والسلام بالنزول في
دورهم.. والنبي يجيبهم وعلى شفتيه ابتسامة شاكرة:

" خلوا سبيلها فانها
مأمورة..



لقد ترك النبي للمقادير اختيار مكان نزوله حيث
سيكون لها المنزل خطره وجلاله.. ففوق أرضه سينهض المسجد الذي تنطلق منه الى الدنيا
بأسرها كلمات الله ونوره.. والى جواره ستقوم حجرة أو حجرات من طين وطوب.. ليس بها
من متاع الدنيا سوى كفاف, أو أطياف كفاف!! سيسكنها معلم, ورسول جاء لينفخ الحياة في
روحها الهامد. وليمنح كل شرفها وسلامها للذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.. للذين
آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم.. وللذين أخلصوا دينهم لله.. للذين يصلحون في الأرض
ولا يفسدون.

أجل كان الرسول عليه الصلاة
والسلام ممعنا في ترك هذا الاختيار للقدر الذي يقود خطاه..

من اجل هذا, ترك هو أيضا زمام
ناقته وأرسله, فلا هو يثني به عنقها ولا يستوقف خطاها.. وتوجه الى الله بقلبه,
وابتهل اليه بلسانه:

" اللهم خر لي, واختر
لي"..

وأمام دار بني مالك بن النجار
بركت الناقة.. ثم نهضت وطوّفت بالمكان, ثم عادت الى مبركها الأول, وألقت جرانها.
واستقرت في مكانها ونزل الرسول للدخول.. وتبعه رسول الله يخف به اليمن
والبركة..

أتدرون من كان هذا السعيد
الموعود الذي بركت الناقة أمام داره, وصار الرسول ضيفه, ووقف أهل المدينة جميعا
يغبطونه على حظوظه الوافية..؟؟

انه بطل حديثنا هذا.. أبو أيوب
الأنصاري خالد بن زيد, حفيد مالك بن النجار..

لم يكن هذا أول لقاء لأبي أيوب
مع رسول الله..

فمن قبل, وحين خرج وفد المدينة
لمبايعة الرسول في مكة تلك البيعة المباركة المعروفة بـ بيعة العقبة الثانية.. كان
أبو أيوب الأنصاري بين السبعين مؤمنا الذين شدّوا أيمانهم على يمين الرسول مبايعين,
مناصرين.



والآن رسول الله يشرف المدينة, ويتخذها عاصمة
لدين الله, فان الحظوظ الوافية لأبي أيوب جعلت من داره أول دار يسكنها المهاجر
العظيم, والرسول الكريم.

ولقد آثر الرسول أن ينزل في
دورها الأول.. ولكن ما كاد أبو أيوب يصعد الى غرفته في الدور العلوي حتى أخذته
الرجفة, ولم يستطع أن يتصوّر نفسه قائما أو نائما, وفي مكان أعلى من المكان الذي
يقوم فيه رسول الله وينام..!!

وراح يلح على النبي ويرجوه ان
ينتقل الى طابق الدور الأعلى فاستجاب النبي لرجائه..

ولسوف يمكث النبي بها حتى يتمّ
المسجد, وبناء حجرة له بجواره..

ومنذ بدأت قريش تتنمّر للاسلام
وتشن غاراتها على دار الهجرة بالمدينة, وتؤلب القبائل, وتجيش الجيوش لتطفئ نور
الله..

منذ تلك البداية, واحترف أبو
أيوب صناعة الجهاد في سبيل الله.

ففي بدر, وأحد والخندق, وفي كل
المشاهد والمغازي, كان البطل هناك بائعا نفسه وماله لله رب العالمين..


وبعد وفاة الرسول, لم يتخلف عن
معركة كتب على المسلمين أن يخوضوها, مهما يكن بعد الشقة, وفداحة المشقة..!


وكان شعاره الذي يردده دائما,
في ليله ونهاره.. في جهره واسراره.. قول الله تعالى:

( انفروا خفافا وثقالا)..


مرة واحدة.. تخلف عن جيش جعل
الخليفة أميره واحدا من شباب المسلمين, ولم يقتنع أبو أيوب بامارته.


مرة واحدة لا غير.. مع هذا فان
الندم على موقفه هذا ظل يزلزل نفسه, ويقول:

" ما عليّ من استعمل
عليّ"..؟؟

ثم لم يفته بعد ذلك قتال!!




كان حسبه أن يعيش جنديا في جيش الاسلام, يقاتل
تحت رايته, ويذود عن حرمته..

ولما وقع الخلاف بين علي
ومعاوية, وقف مع علي في غير تردد, لأنه الامام الذي أعطي بيعة المسلمين.. ولما
استشهد وانتهت الخلافة لمعاوية وقف أبو أيوب بنفسه الزاهدة, الصامدة التقية لا يرجو
من الدنيا سوى أن يضل له مكان فوق أرض الوغى, وبين صفوف المجاهدين..


وهكذا, لم يكد يبصر جيش الاسلام
يتحرك صوب القسطنطينية حتى ركب فرسه, وحمل سيفه, وراح يبحث عن استشهاد عظيم طالما
حنّ اليه واشتاق..!!



وفي هذه المعركة أصيب.

وذهب قائد جيشه ليعوده, وكانت
أنفاسه تسابق أشواقه الى لقاء الله..

فسأله القائد, وكان يزيد بن
معاوية:

" ما حاجتك أبا أيوب"؟


ترى, هل فينا من يستطيع أن
يتصوّر أو يتخيّل ماذا كانت حاجة أبا أيوب..؟

كلا.. فقد كانت حاجته وهو يجود
بروحه شيئا يعجز ويعيي كل تصوّر, وكل تخيّل لبني الانسان..!!


لقد طلب من يزيد, اذا هو مات أن
يحمل جثمانه فوق فرسه, ويمضي به الى أبعد مسافة ممكنة في أرض العدو, وهنالك يدفنه,
ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق, حتى يسمع وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره,
فيدرك آنئذ أنهم قد أدركوا ما يبتغون من نصر وفوز..!!

أتحسبون هذا شعرا..؟


لا.. ولا هو بخيال, بل واقع,
وحق شهدته الدنيا ذات يوم, ووقفت تحدق بعينيها, وبأذنيها, لا تكاد تصدق ما تسمع
وترى..!!

ولقد أنجز يزيد وصيّة أبي
أيوب..

وفي قلب القسطنطينية, وهي اليوم
استامبول, ثوى جثمان رجل عظيم, جدّ عظيم..!!



وحتى قبل أن يغمر الاسلام تلك البقاع, كان أهل
القسطنطينية من الروم, ينظرون الى أبي أيوب في قبره نظرتهم الى قدّيس...


وانك لتعجب اذ ترى جميع
المؤرخين الذين يسجلون تلك الوقائع ويقولون:

" وكان الروم يتعاهدون قبره,
ويزورونه.. ويستسقون به اذا قحطوا"..!!



وعلى الرغم من المعارك التي انتظمت حياة أبي
أيوب, والتي لم تكن تمهله ليضع سيفه ويستريح, على الرغم من ذلك, فان حياته كانت
هادئة, نديّة كنسيم الفجر..



ذلك انه سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم
حديثا فوعاه:

" واذا صليت فصل صلاة
مودّع..

ولا تكلمن الناس بكلام تعتذر
منه..

والزم اليأس مما في أيدي
الناس"...

وهكذا لم يخض في لسانه
فتنة..

ولم تهف نفسه الى مطمع..


وقضى حياته في أشواق عابد,
وعزوف مودّع..

فلما جاء أجله, لم يكن له في
طول الدنيا وعرضها من حاجة سوى تلك الأمنية لتي تشبه حياته في بطولتها
وعظمتها:

" اذهبوا بجثماني بعيدا..
بعيدا.. في ارض الروم ثم ادفنوني هناك"...

كان يؤمن بالنصر, وكان يرى بنور
بصيرته هذه البقاع, وقد أخذت مكانها بين واحات الاسلام, ودخلت مجال نوره وضيائه..

ومن ثمّ أراد أن يكون مثواه
الأخير هناك, في عاصمة تلك البلاد, حيث ستكون المعركة الأخيرة الفاصلة, وحيث يستطيع
تحت ثراه الطيّب, أن يتابع جيوش الاسلام في زحفها, فيسمع خفق أعلامها, وصهيل خيلها,
ووقع أقدامها, وصلصلة سيوفها..!!

وانه اليوم لثاو هناك..


لا يسمع صلصلة السيوف, ولا صهيل
الخيول..

قد قضي الأمر, واستوت على
الجوديّ من أمد بعيد..

لكنه يسمع كل يوم من صبحه الى
مسائه, روعة الأذان المنطلق من المآذن المشرّعة في الأفق..

أن:

الله أكبر..


الله أكبر..


وتجيب روحه المغتبطة في دار
خلدها, وسنا مجدها:

هذا ما وعدنا الله ورسوله


وصدق الله ورسوله....






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اسيا امير
راكب نشيط
راكب نشيط



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 169
نقاط : 521
تاريخ التسجيل : 17/02/2011
العمر : 34
الموقع : الفيوم / جمهورية مصر العربية

رجال حول رسول الله 34 Empty
مُساهمةموضوع: رجال حول رسول الله 35   رجال حول رسول الله 34 Emptyالجمعة أبريل 29, 2011 10:27 am

New Page 1

العباس بن عبد
المطلب

ساقي الحرمين





في عام الرمادة, وحيث أصاب العباد والبلاد قحط
وبيل, خرج أمير المؤمنين عمر والمسلمون معه الى الفضاء الرحب يصلون صلاة الاستسقاء,
ويضرعون الى الله الرحيم أن يرسل اليهم الغيث والمطر..

ووقف عمر وقد أمسك يمين العباس
بيمينه, ورفعها صوب السماء وقال:

" اللهم انا كنا نسقى بنبيك وهو
بيننا..

اللهم وانا اليوم نستسقي بعمّ
نبيّك فاسقنا"..

ولم يغادر المسلميون مكانهم حتى
جاءهم الغيث, وهطل المطر, يزفّ البشرى, ويمنح الريّ, ويخصب الأرض..


وأقبل الأصحاب على العباس
يعانقونه, ويقبّلونه, ويتبركون به وهم يقولون:

" هنيئا لك..


ساقي الحرمين"..


فمن كان ساقي الحرمين
هذا..؟؟

ومن ذا الذي توسل به به عمر الى
الله.. ومعر من نعرف تقى وسبقا ومكانة عند الله ورسوله ولدى المؤمنين..؟؟


انه العباس عمّ رسول الله صلى
الله عليه وسلم..

كان الرسول يجلّه بقدر ما كان
يحبه, وكان يمتدحه ويطري سجاياه قائلا:

" هذه بقيّة آبائي"..



**





هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا
وأوصلها"..!!

وكما كان حمزة عمّ الرسول
وتربه, كذلك كان العباس رضي الله عنه فلم يكن يفصل بينهما في سنوات العمر سوى سنتين
أو ثلاث, تزيد في عمر العباس عن عمر الرسول..

وهكذا كان محمد, والعباس عمه,
طفلين من سن واحدة, وشابين من جيل واحد..

فلم تكن القرابةالقريبة وحدها,
آصرة ما بينهما من ودّ, بل كانت كذلك زمالة السنّ,وصداقة العمر..


وشيء آخر نضعه معايير النبي في
المكان الأول دوما.. ذلك هو خلق العباس وسجاياه..

فلقد كان العباس جوّادا, مفرط
الجود, حتى كأنه للمكارم عمّها أو خالها..!!

وكان وصولا للرحم والأهل, لا
يضنّ عليهما بجهد ولا بجاه, ولا بمال...

وكان الى هذه وتلك, فطنا الى
حدّ الدهاء, وبفطنته هذه التي تعززها مكانته الرفيعة في قريش, استطاع أن يدرأ عن
الرسول عليه الصلاة والسلام حين يجهر بدعوته الكثير من الأذى والسوء..




**





كان حمزة كما رأينا في حديثنا عنه من قبل يعالج
بغي قريش, وصلف أبي جهل بسيفه الماحق..

أما العباس فكان يعالجها بفطنة
ودهاء أدّيا للاسلام من النفع مثلما أدّت السيوف المدافعة عن حقه وحماه..!!




فالعباس لم يعلن اسلامه الا عام فتح مكة, مما
جعل بعض المؤرخين يعدونه مع الذين تأخر اسلامه..

بيد أن روايات أخرى من التاريخ
تنبئ بأنه كان من المسلمين المبكّرين, غير أنه كان يكتم اسلامه..


يقول أبو رافع خادم الرسول صلى
الله عليه وسلم:

" كنت غلاما للعباس بن عبد
المطلب, وكان الاسلام قد دخلنا أهل البيت, فأسلم العباس, وأسلمت أم الفضل,
وأسلمت... وكان العباس يكتم اسلامه"..

هذه رواية أبو رافع يتحدث بها
عن حال العباس واسلامه قبل غزوة بدر..

كان العباس اذن مسلما..


وكان مقامه بمكة بعد هجرة النبي
صلى الله عليه وسلم وصحبه خطة أدت غايتها على خير نسق..

ولم تكن قريش تخفي شكوكها في
نوايا العباس ولكنها أيضا لم تكن تجد سبيلا لمحادّته, لا سيما وهو في ظاهر أمره على
ما يرضون من منهج ودين..

حتى اذا جاءت غزوة بدر رأتها
قريش فرصة تبلو بها سريرة العباس وحقيقته..

والعباس أدهى من أن يغفل عن
اتجاهات ذلك المكر السيء الذي تعالج به قريش حسراتها, وتنسج به مؤامراتها..


ولئن كان قد نجح في ابلاغ النبي
صلى الله عليه وسلم بالمدينة أنباء قريش وتحرّكاتها, فان قريشا ستنجح في دفعه الى
معركة لا يؤمن بها ولا يريدها.. بيد أنه نجاح موقوت لن يلبث حتى ينقلب على القرشيين
خسارا وبوارا..



**





ويلتقي الجمعان في غزوة بدر..


وتصطك السيوف في عنفوان رهيب,
مقررة مصير كل جمع, وكل فريق..

وينادي الرسول في أصحابه
قائلا:

" ان رجالا من بني هاشم, ومن
غير بني هاشم, قد أخرجوا كرها, لا حاجة لهم بقتالنا.. فمن لقي منكم أحدهم فلا
يقتله..

ومن لقي البختريّ بن هشام بن
الحارث بن أسد فلا يقتله..

ومن لقي العباس بن عبد المطلب
فلا يقتله, فانه انما أخرج مستكرها"..

لم يكن الرسول بأمره هذا يخصّ
عمّه العباس بميّزة, فما تلك مناسبة المزايا, ولا هذا وقتها..


وليس محمد عليه الصلاة والسلام
من يرى رؤوس أصحابه تتهاوى في معركة الحق, ثم يشفع والقتال دائر لعمه, لو كان يعلم
أن عمه من المشركين..

أجل..

ان الرسول الذي نهى عن أن
يستغفر لعمه أبي طالب على كثرة ما أسدى
أبو طالب له وللاسلام من أياد وتضحيات..

ليس هو منطقا وبداهة من يجيء في
غزوة بدر ليقول لمن يقتلون آباءهم واخوانهم من المشركين: استثنوا عمي ولا
تقتلوه..!!

أما اذا كان الرسول يعلم حقيقة
عمه, ويعلم أنه يطوي على الاسلام صدره, كما يعلم أكثر من غيره, الخدمات غير
المنظورة التي أدّاها للاسلام.. كما يعلم أخيرا أنه خرج مكرها ومحرجا فآنئذ يصير من
واجبه أن ينقذ من هذا شأنه, وأن يعصم من القتل دمه ما استطاع لهذا سبيلا..






واذا كان أبو البختري بن حارث وهذا شأنه, قد ظفر بشفاعة الرسول لدمه حتى لا
يهدر, ولحياته كي لا تزهق..

أفلا يكون جديرا بهذه الشفاعة,
مسلم يكتم اسلامه... ورجل له في نصرة الاسلام مواقف مشهودة, وأخرى طوي عليها ستر
الخفاء..؟؟

بلى..ولقد كان العباس ذلك
المسلم, وذلك النصير.

ولنعد الى الوراء قليلا
لنرى..



**





في بيعة العقبة الثانية عندما قدم مكة في موسم الحاج وفد الأنصار, ثلاثة وسبعون رجلا
وسيدتان, ليعطوا الله ورسوله بيعتهم, وليتفقوا مع النبي عليه الصلاة والسلام على
الهجرة الى المدينة, أنهى الرسول الى عمه العباس نبأ هذا الوفد, وهذه البيعة.. وكان
الرسول عليه الصلاة والسلام يثق بعمه في رأيه كله..

ولما جاء موعد اللقاء الذي
انعقد سرا وخفية, خرج الرسول وعمه العباس الى حيث الأنصار ينتظرون..


وأراد العباس ان يعجم عود القوم
ويتوثق للنبي منهم..

ولندع واحدا من أعضاء الوفد
يروي لنا النبأ, كما سمع ورأى.. ذلكم هو كعب بن مالك رضي الله عنه:


".. وجلسنا في الشعب ننتظر رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه العباس بن عبد المطلب.. وتكلم العباس فقال:
يا معشر الخزرج, ان محمدا منا حيث قد
علمتم, وقد منعناه من قومنا فهو في عز من قومه ومنعة في بلده, وانه أبى الا
الانحياز اليكم واللحوق بكم..

فان كنتم ترون أنكم وافون له
بما دعوتموه اليه, ومانعوه ممن خالفه, فأنتم وما تحملتم من ذلك..


وان كنتم ترون أنكم مسلموه
خاذلوه بعد خروجه اليكم, فمن الآن فدعوه"..



كان العباس يلقي بكلماته الحازمة هذه, وعيناه
تحدقان كعيني الصقر في وجوه الانصار.. يتتبع وقع الكلام وردود فعله العاجلة..


ولم يكتف العباس بهذا, فذكاؤه
العظيم ذكاء عملي يتقصّى الحقيقة في مجالها المادي, ويواجه كل أبعادها مواجهة
الحاسب الخبير..



هناك استأنف حديثه مع الأنصار بسؤال ذكي ألقاه,
ذلك هو:

" صفوا لي الحرب, كيف تقاتلون
عدوّكم"!!؟؟

ان العباس بفطنته وتجربته مع
قريش يدرك أن الحرب لا محالة قادمة بين الاسلام والشرك, فقريش لن تتنازل عن دينها
ومجدها وعنادها.

والاسلام ما دام حقا لن يتنازل
للباطل عن حقوقه المشروعة..

فهل الأنصار, أهل المدينة
صامدون للحرب حين تقوم..؟؟

وهل هم من الناحية الفنية,
أكفاء لقريش, يجيدون فنّ الكرّ والفرّ والقتال..؟؟

من اجل هذا ألقى سؤاله
السالف:

" صفوا لي الحرب, كيف تقاتلون
عدوّكم"..؟؟

كان الأنصار الذين يصغون للعباس
رجالا كالأطواد...

ولم يكد العباس يفرغ من حديثه,
لا سيما ذلك السؤال المثير الحافز حتى شرع الأنصار يتكلمون..


وبدأ عبدالله بن عمرو بن حرام
مجيبا على السؤال:

" نحن, والله, أهل الحرب..
غذينا بها,ومرّنا عليها, وورثناها عن آبائنا كابرا فكابر..

نرمي بالنبل حتى تفنى..


ثم نطاعن بالرماح حتى
تنكسر..

ثم نمشي بالسيوف, فنضارب بها
حتى يموت الأعجل منا أو من عدونا"..!!

وأجاب العباس متهللا:


" أنتم أصحاب حرب اذن, فهل فيكم
دروع"..؟؟

قالوا:

" نعم.. لدينا دروع
شاملة"..

ثم دار حديث رائع وعظيم بين
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين الأنصار.. حديث سنعرض له ان شاء الله فيما
بعد.



**





هذا موقف العباس في بيعة العقبة..


وسواء عليه أكان يومئذ اعتنق
الاسلام سرا, أم كان لا يزال يفكّر, فان موقفه العظيم هذا يحدد مكانه بين قوى
الظلام الغارب, والشروق المقبل,

ويصوّر أبعاد رجولته
ورسوخه..!!



ويوم يجيء حنين ليؤكد فداءية هذا الهادئ السمت,
اللين الجانب, حينما تدعو الحاجة اليها, ويهيب المواقف بها, بينما هي في غير ذلك
الظرف الملحّ, مستكنّة تحت الأضلاع, متوارية عن الأضواء..!!



**





في السنة الثامنة للهجرة, وبعد ان فتح الله مكة
لرسوله ولدينه عز بعض القبائل السائدة في الجزيرة العربية أن يحقق الدين الجديد كل
هذا النصر بهذه السرعة..

فاجتمعت قبائل هوزان وثقيف ونصر
وجشم وآخرون. وقرروا شنّ حرب حاسمة ضدّ الرسول والمسلمين..

ان كلمة قبائل لا ينبغي أن
تخدعنا عن طبيعة تلك الحروب التي كان يخوضها الرسول طوال حياته. فنظن انها كانت
مجرّد مناوشات جبلية صغيرة, فليس هناك حروب أشدّ ضراوة من حروب تلك القبائل في
معاقلها..!!

وادراك هذه الحقيقة لا يعطينا
تقديرا سديدا للجهد الخارق الذي بذله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فحسب,
بل يعطينا تقديرا صحيحا وأمينا لقيمة النصر العظيم الذي أحرزه الاسلام والمؤمنون,
ورؤية واضحة لتوفيق الله الماثل في هذا النجاح وذلك الانتصار..




احتشدت تلك القبائل في صفوف لجبة من المقاتلين
الأشدّاء..

وخرج اليهم المسلمون في اثني
عشر ألفا..

اثنا عشر ألفا..؟؟


وممن..؟؟


من الذين فتحوا مكة بالأمس
القريب, وشيعوا الشرك والأصنام الى هاويتها الأخيرة والسحيقة, وارتفعت راياتهم تملأ
الأفق دون مشاغب عليها أو مزاحم لها..!!

هذا شيء يبعث الزهو..


والمسلمون في آخر المطاف بشر,
ومن ثم, فقد ضعفوا امام الزهو الذي ابتعثته كثرتهم ونظامهم, وانتصارهم بمكة,
وقالوا:

" لن نغلب اليوم عن قلة".


ولما كانت السماء تعدّهم لغاية
أجلّ من الحرب وأسمى, فان ركونهم الى قوتهم العسكرية, وزهوهم بانتصارهم الحربي, عمل
غير صالح ينبغي أن يبرؤا منه سريعا, ولو بصدمة شافية..

وكانت الصدمة الشافية هزيمة
كبرى مباغتة في أول القتال, حتى اذا ضرعوا الى الله, وبرؤا من حولهم الى حوله, ومن
قوتهم الى قوته, انقلبت الهزيمة نصرا, ونزل القرآن الكريم يقول للمسلمين:


(.. ويوم حنين اذ أعجبتكم
كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا, وضاقت الأرض بما رحبت, ثم وليتم مدبرين. ثم أنزل الله
سكينته على رسوله وعلى المؤمنين, وأنزل جنودا لم تروها, وعذب الذين كفروا, وذلك
جزاء الكافرين)..



كان صوت العباس يومئذ وثباته من ألمع مظاهر
السكينة والاستبسال..

فبينما كان المسلمون مجتمعين في
أحد أودية تهامة ينتظرون مجيء عدوّهم, كان المشركون قد سبقوهم الى الوادي وكمنوا
لهم في شعابه وأحنائه, شاحذين أسلحتهم, ممسكين زمام المبادرة بأيديهم..


وعلى حين غفلة, انقضّوا على
المسلمين في مفاجأة مذهلة, جعلتهم يهرعون بعيدا, لا يلوي أحد على أحد..


ورأى رسول الله صلى الله عليه
وسلم ما أحدثه الهجوم المفاجئ الخاطف على المسلمين, فعلا صهوة بغلته البيضاء,
وصاح:

" الى أين أيها الناس..؟؟


هلموا اليّ..


أنا النبي لا كذب..


انا ابن عبد المطلب"..


لم يكن حول النبي ساعتئذ سوى
أبي بكر, وعمر, وعلي بن أبي طالب, والعباس بن عبد المطلب, وولده الفضل بن العباس,
وجعفر بن الحارث, وربيعة بن الحارث, وأسامة بن زيد, وأيمن بن عبيد, وقلة أخرى من
الأصحاب..

وكان هناك سيدة أخذت مكانا
عاليا بين الرجال والأبطال..

تلك هي أم سليم بنت
ملحان..

رأت ذهول المسلمين وارتباكهم,
فركبت جمل زوجها أبي طلحة رضي الله عنهما, وهرولت بها نحو الرسول..


ولما تحرك جنينها في بطنها,
وكانت حاملا, خلعت بردتها وشدّت بها على بطنها في حزام وثيق, ولما انتهت الى النبي
صلى الله عليه وسلم شاهرة خنجرا في يمينها ابتسم لها الرسول وقال:


" أم سليم؟؟"..


قالت: " نعم بأبي أنت وأمي يا
رسول الله..

اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك,
كما تقتل الذين يقاتلونك, فانهم لذلك أهل"..

وازدادت البسمة تألقا على وجه
الرسول الواثق بوعد ربه وقال لها:

" ان الله قد كفى وأحسن يا أم
سليم"..!!



هناك ورسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا
الموقف, كان العباس الى جواره, بل كان بين قدميه بخطام بغلته يتحدى الموت
والخطر..

وأمره النبي صلى الله عليه وسلم
أن يصرخ في الناس, وكان العباس جسيما جهوري الصوت, فراح ينادي:


" يا معشر الأنصار..


يا أصحاب البيعة"...


وكانما كان صوته داعي القدر
ونذيره..

فما كاد يقرع أسماع المرتاعين
من هول المفاجأة, المشتتين في جنبات الوادي, حتى أجابوا في صوت واحد:


" لبّيك.. لبّيك"..


وانقلبوا راجعين كالاعصار, حتى
ان أحدهم ليحرن بعيره أو فرسه, فيقتحم عنها ويترجل, حاملا درعه وسيفه وقوسه, ميممّا
صوب صوت العباس..

ودارت المعركة من جديد.. ضارية,
عاتية..

وصاح رسول الله صلى الله عليه
وسلم:

" الآن حمي الوطيس"..


وحمي الوطيس حقا..


وتدحرج قتلى هوزان وثقيف, وغلبت
خيل الله خيل اللات, وأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين..!!!




**





كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب العباس
عمه حبا كبيرا, حتى انه لم ينم يوم انتهت غزوة بدر, وقضى عمه ليله في الأسر..


ولم يخف النبي عليه السلام
عاطفته هذه, فحين سئل عن سبب أرقه, وقد نصره الله نصرا مؤزرا أجاب:


" سمعت أنين العباس في
وثاقه"..

وسمع بعض المسلمين كلمات
الرسول, فأسرع الى مكان الأسرى, وحلّ وثاق العباس, وعاد فأخبر الرسول قائلا:


" يا رسول الله..


اني أرخيت من وثاق العباس
شيئا"..

ولكن لماذا وثاق العباس
وحده..؟

هنالك قال الرسول لصاحبه:


" اذهب, فافعل ذلك بالأسرى
جميعا".

أجل فحب النبي صلى الله عليه
وسلم لعمه لا يعني أن يميزه عن الناس الذين تجمعهم معه ظروف مماثلة..


وعندما تقرر أخذ الفدية من
الأسرى, قال الرسول لعمه:

" يا عباس..


افد نفسك, وابن اخيك عقيل بن
أبي طالب, ونوفل بن الحارث, وحليفك عتبة بن
عمرو وأخا بني الحارث بن فهر, فانك ذومال"..

وأردا العباس أن يغادر أسره با
فدية, قائلا:

" يا رسول الله, اني كنت مسلما,
ولكن القوم استكرهوني"..

ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم
أصرّ على الفدية, ونزل لقرآن الكريم في هذه المناسبة يقول:

" يا ايها النبي قل لمن في
أيديكم من الأسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم,
والله غفور رحيم".

وهكذا فدى العباس نفسه ومن معه,
وقفل راجعا الى مكة.. ولم تخدعه قريش بعد ذلك عن عقله وهداه, فبعد حين جمع ماله
وحمل متاعه, وأدرك الرسول بخيبر, ليأخذ مكانه في موكب الاسلام, وقافلة المؤمنين..
وصار موضع حب المسلمين واجلالهم العظيم, لا سيما وهم يرون تكريم الرسول له وحبه
اياه وقوله عنه:

" انما العباس صنو أبي..


فمن آذى العباس فقد
آذاني".

وأنجب العباس ذريّة
مباركة.

وكان حبر الأمة عبدالله بن عباس
واحدا من هؤلاء الأبناء المباركين.



**





وفي يوم الجمعة لأربع عشرة سنة خلت من رجب سنة
اثنتين وثلاثين سمع اهل العوالي بالمدينة مناديا ينادي:

" رحم الله من شهد العباس بن
عبد المطلب".

فأدركوا أن العباس قد
مات..

وخرج الناس لتشييعه في أعداد
هائلة لم تعهد المدينة مثلها..

وصلى عليه خليفة المسلمين يومئذ
عثمان رضي الله عنه.

وتحت ثرى البقيع هدأ جثمان أبي
الفضل واستراح..

ونام قرير العين, بين الأبرار
الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه!!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اسيا امير
راكب نشيط
راكب نشيط



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 169
نقاط : 521
تاريخ التسجيل : 17/02/2011
العمر : 34
الموقع : الفيوم / جمهورية مصر العربية

رجال حول رسول الله 34 Empty
مُساهمةموضوع: رجال حول رسول الله 36   رجال حول رسول الله 34 Emptyالجمعة أبريل 29, 2011 10:27 am

New Page 1

أبو هريرة


ذاكرة عصر
الوحي




صحيح أن ذكاء المرء محسوب عليه..


وأصحاب المواهب الخارقة كثيرا
ما يدفعون الثمن في نفس الوقت الذي كان ينبغي أن يتلقوا فيه الجزاء
والشكران..!!

والصحابي الجليل أبو هريرة واحد
من هؤلاء..

فقد كان ذا موهبة خارقة في سعة
الذاكرة وقوتها..

كان رضي الله عنه يجيد فنّ
الاصغاء, وكانت ذاكرته تجيد فن الحفظ والاختزان..

يسمع فيعي, فيحفظ, ثم لا يكاد
ينسى مما وعى كلمة ولا حرفا مهما تطاول العمر, وتعاقبت الأيام..!!


من أجل هذا هيأته موهبته ليكون
أكثر أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم حفظا لأحاديثه, وبالتالي أكثرهم رواية
لها.



فلما جاء عصر الوضّاعين الذين تخصصوا في الكذب
على رسول الله صلى الله عليه وسلم, اتخذوا أبا هريرة غرضا مستغلين أسوأ استغلال
سمعته العريضة في الرواية عن رسول الله عليه السلام موضع الارتياب والتساؤول. لولا
تلك الجهود البارة والخارقة التي بذلها أبرار كبار نذور حياتهم وكرّسوها لخدمة
الحديث النبوي ونفي كل زيف ودخيل عنه.

هنالك نجا أبو هريرة رضي الله
عنه من أخطبوط الأكاذيب والتلفيقات التي أراد المفسدون أن يتسللوا بها الى الاسلام
عن طريقه, وأن يحمّلوه وزرها وأذاها..!!



**





والآن.. عندما نسمع واعظا, أو محاضرا, أو خطيب
جمعة يقول تلك العبارة المأثورة:" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم..".

أقول: عندما تسمع هذا الاسم على
هذه الصورة, أ, عندما تلقاه كثيرا, وكثيرا جدّا في كتب الحديث, والسيرة والفقه
والدين بصفة عامة, فاعلم أنك تلقى شخصية من أكثر شخصيات الصحابة اغراء بالصحبة
والاصغاء..

ذلك أن ثروته من الأحاديث
الرائعة, والتوجيهات الحكيمة التي حفظها عن النبي عليه السلام, قلّ أن يوجد لها
نظير..

وانه رضي الله عنه بما يملك من
هذه الموهبة, وهذه الثروة, لمن أكثر الأصحاب مقدرة على نقلك الى تلك الأيام التي
عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم, والى التحليق بك, اذا
كنت وثيق الايمان مرهف النفس, في تاك الآفاق التي شهدت روائع محمد وأصحابه, تعطي
الحياة معناها, وتهدي اليها رشدها ونهاها.

واذا كانت هذه السطور قد حرّكت
أشواقك لأن تتعرّف لأبي هريرة وتسمع من أنبائه نبأ, فدونك الآن وما تريد..


انه واحد من الذين تنعكس عليهم
ثروة الاسلام بكل ما أحدثته من تغيرات هائلة.

فمن أجير الى سيّد..


ومن تائه في الزحام, الى عالم
وامام..!!

ومن ساجد أمام حجارة مركومة,
الى مؤمن بالله الواحد القهار..

وهاهو ذا يتحدّث ويقول:


" نشأت يتيما, وهاجرت مسكينا..
وكنت أجيرا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني..!!

كنت أخدمهم اذا نزلوا, وأحدو
لهم اذا ركبوا..

وهأنذا وقد زوّجنيها الله,
فالحمد لله الذي جعل الدين قواما, وجعل أبا هريرة اماما"..!

قدم على النبي عليه الصلاة
والسلام سنة سبع وهو بخيبر, فأسلم راغبا مشتاقا..

ومنذ رأى النبي عليه الصلاة
والسلام وبايعه لم يكد يفارقه قط الا في ساعات النوم..

وهكذا كانت السنوات الأربع التي
عاشها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلم الى أن ذهب النبي الى الرفيق
الأعلى.

نقول: كانت تلك السنوات الأربع
عمرا وحدها.. كانت طويلة عريضة, ممتلئة بكل صالح من القول, والعمل, والاصغاء.




**





أدرك أبو هريرة بفطرته السديدة الدور الكبير
الذي يستطيع أن يخدم به دين الله.

ان أبطال الحرب في الصحابة
كثيرون..

والفقهاء والدعاة والمعلمون
كثيرون.

ولكن البيئة والجماعة تفتقد
الكتابة والكتّاب.

ففي تلك العصور, وكانت الجماعة
الانسانية كلها, لا العرب وحدهم, لا يهتمون بالكتابة, ولم تكن الكتابة من علامات
التقدم في مجتمع ما..

بل انّ أوروبا نفسها كانت كذلك
منذ عهد غير بعيد.

وكان أكثر ملوكها وعلى رأسهم
شارلمان أميّين لا يقرءون ولا يكتبون, مع أنهم في نفس الوقت كانوا على حظ كبير من
الذكاء والمقدرة..



**





نعود الى حديثنا لنرى أبا هريرة يدرك بفطرته
حاجة المجتمع الجديد الذي يبنيه الاسلام الى من يحفظن تراثه وتعاليمه, كان هناك
يومئذ من الصحابة كتّاب يكتبون ولكنهم قليلون, ثم ان بعضهم لا يملك من الفراغ ما
يمكّنه من تسجيل كل ما ينطق به الرسول من حديث.

لم يكن أبا هريرة كاتبا, ولكنه
كان حافظا, وكان يملك هذا الفراغ, أو هذا الفراغ المنشود, فليس له أرض يزرعها ولا
تجارة يتبعها!!

وهو اذا رأى نفسه وقد أسلم
متأخرا, عزم على أن يعوّض ما فاته, وذلك بأن يواظب على متابعة الرسول صلى الله عليه
وسلم وعلى مجالسته..

ثم انه يعرف من نفسه هذه
الموهبة التي أنعم الله بها عليه, وهي ذاكرته الرحبة القوية, والتي زادت مضاء
ورحابة وقوة, بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لصاحبها أن يبارك الله له
فيها..

فلماذا اذن لا يكون واحدا من
الذين يأخذون على عاتقهم حفظ هذا التراث ونقله للأجيال..؟؟

أجل.. هذا دوره الذي تهيئه
للقيام به مواهبه, وعليه أن يقوم به في غير توان..



**





ولم يكن أبو هريرة ممن يكتبون, ولكنه كان كما
ذكرنا سريع الحفظ قوي الذاكرة..

ولم تكن له أرض يزرعها, ولا
تجارة تشغله, ومن ثمّ لم يكن يفارق الرسول في سفر ولا في حضر..


وهكذا راح يكرّس نفسه ودقة
ذاكرته لحفظ أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام وتوجيهاته..


فلما انتقل النبي صلى الله عليه
وسلم الى الرفيق الأعلى, راح أبو هريرة يحدث, مما جعل بعض أصحابه يعجبون: أنّى له
كل هذه الحاديث, ومتى سمعها ووعاها..

ولقد ألقى أبوهريرة رضي الله
عنه الضوء على هذه الظاهرة, وكانه يدفع عن نفسه مغبة تلك الشكوك التي ساورت بعض
أصحابه فقال:

" انكم لتقولون أكثر أبو هريرة
في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم..

وتقولون: ان المهاجرين الذين
سبقوه الى الاسلام لا يحدثون هذه الأحاديث..؟؟

ألا ان أصحابي من المهاجرين,
كانت تشغلهم صفقاتهم بالسوق, وان أصحابي من الأنصار كانت تشغلهم أرضهم..


واني كنت أميرا مسكينا, أكثر
مجالسة رسول الله, فأحضر اذا غابوا, وأحفظ اذا نسوا..

وان النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا يوما فقال: من يبسط رداءه حتى يفرغ من حديثي ثم يقبضه اليه فلا ينسى شيئا كان
قد سمعه مني..! فبسطت ثوبي فحدثني ثم ضممته اليّ فوالله ما كنت نسيت شيئا سمعته
منه..

وأيم والله, لولا آية في كتاب
الله ما حدثتكم بشيء أبدا, وهي:

( ان الذين يكتمون ما أنزلنا من
البينات والهدى من بعد ما بيّناه للناس في الكتاب, أولئك يلعنهم الله ويلعنهم
اللاعنون)..".





هكذا يفسر أبو هريرة سر تفرّده بكثرة الرواية
عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

فهو أولا كان متفرغا لصحبة
النبي أكثر من غيره..

وهو ثانيا كان يحمل ذاكرة قوية,
باركها الرسول فزادت قوة..

وهو ثالثا لا يحدّث رغبة في أن
يحدّث, بل لأن افشاء هذه الأحاديث مسؤولية دينه وحياته, والا كان كاتما للخير
والحق, وكان مفرطا ينتظره جزاء المفرّطين..

من أجل هذا راح يحدّث ويحدّث,
لا يصدّه عن الحديث صادّ, ولا يعتاقه عائق.. حتى قال له عمر يوما وهو أمير
المؤمنين:

" لتتركنّ الحديث عن رسول
الله,أو لألحقنك بأرض دوس"..

أي أرض قومه وأهله..


على أن هذا النهي من أمير
المؤمنين لا يشكل اتهاما لأبي هريرة, بل هو دعم لنظرية كان عمر يتبنّاها ويؤكدها,
تلك هي: أن على المسلمين في تلك الفترة بالذات ألا يقرؤوا, وألا يحفظوا شيئا سوى
القرآن حتى يقرّ وثبت في الأفئدة والعقول..

فالقرآن كتاب الله, ودستور
الاسلام, وقاموس الدين, وكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, لا سيما في
تلك التي أعقبت وفاته عليه الصلاة والسلام, والتي يجمع القرآن خلالها قد تسبب بلبلة
لا داعي لها ولا جدوى منها..

من أجل هذا كان عمر يقول:


" اشتغلوا بالقرآن, فان القرآن
كلام الله"..

ويقول:

" أقلوا الرواية عن رسول الله
الا فيما يعمل به"..

وحين أرسل أبو موسى الأشعري الى
العراق قال له:

" انك تأتي قوما لهم في مساجدهم
دويّ القرآن كدويّ النحل, فدعهم على ما هم عليه, ولا تشغلهم بالحديث, وأنا شريكك في
ذلك"..

كان القرآن قد جمع بطريقة
مضمونة دون أن يتسرب اليه ما ليس
منه..

اما الأحاديث فليس يضمن عمر أن
تحرّف أو تزوّر, أو تتخذ سبيل للكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم, والنيل من
الاسلام..

وكان أبو هريرة يقدّر وجهة نظر
عمر, ولكنه أيضا كان واثقا من نفسه ومن
أمانته, وكان لا يريد أن يكتم من الحديث والعلم ما يعتقد أن كتمانه اثم
وبوار.

وهكذا.. لم يكن يجد فرصة لافراغ
ما في صدره من حديث سمعه ووعاه الا حدّث وقال..



**





على أن هناك سببا هامّا, كان له دور في اثارة
المتاعب حول أبي هريرة لكثرة تحدثه وحديثه.

ذلك أنه كان هناك يومئذ محدّث
آخر يحدّث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ويكثر ويسرف, ولم يكن المسلمون الأصحاب
يطمئنون كثيرا لأحاديثه ذلكم هو كعب الأحبار الذي كان يهوديا وأسلم.




**





أراد مروان بن الحكم يوما أن يبلو مقدرة أبي
هريرة على الحفظ, فدعاه اليه وأجلسه معه, وطلب منه أن يحدثه عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم, في حين أجلس كاتبه وراء حجاب, وأمره أن يكتب كل ما يقول أبو
هريرة..

وبعد مرور عام, دعاه مروان بن الحكم مرة أخرى, أخذ يستقرئه نفس الأحاديث
التي كان كاتبه قد سطرها, فما نسي أبو هريرة كلمة منها!!

وكان يقول عن نفسه:


" ما من أحد من أصحاب رسول الله
أكثر حديثا عنه مني, الا ما كان من عبدالله بن عمرو بن العاص, فانه كان يكتب, ولا
أكتب"..

وقال عنه الامام الشافعي
أيضا:

" أبو هريرة أحفظ من روى الحديث
في دهره".

وقال البخاري رضي الله
عنه:

" روي عن أبو هريرة مدرسة كبيرة
يكتب لها البقاء والخلود..

وكان أبو هريرة رضي الله عنه من
العابدين الأوّابين, يتناوب مع زوجته وابنته قيام الليل كله.. فيقوم هو ثلثه, وتقوم
زوجته ثلثه, وتقوم ابنته ثلثله. وهكذا لا تمر من الليل ساعة الا وفي بيت أبي هريرة
عبادة وذكر وصلاة!!

وفي سبيل أن يتفرّغ لصحبة رسول
الله صلى الله عليه وسلم عانى من قسوة الجوع ما لم يعاني مثله أحد..


وانه ليحدثنا: كيف كان الجوع
يعض أمعاءه فيشدّ على بطنه حجرا ويعتصر كبده بيديه, ويسقط في المسجد وهو يتلوى حتى
يظن بعض أصحابه أن به صرعا وما هو بمصروع..!

ولما أسلم لم يكن يئوده ويضنيه
من مشاكل حياته سوى مشكلة واحدة لم يكن رقأ له بسببها جفن..

كانت هذه المشكلة أمه: فانها
يومئذ رفضت أن تسلم..

ليس ذلك وحسب, بل كلنت تؤذي
ابنها في رسول الله صلى الله عليه وسلم وتذكره بسوء..

وذات يوم أسمعت أبا هريرة في
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يكره, فانفضّ عنها باكيا محزونا, وذهب الى مسجد
الرسول..



ولنصغ اليه وهو يروي لنا بقيّة النبأ:


".. فجئت الى رسول الله وأنا
أبكي, فقلت: يا رسول الله, كنت أدعو أم أبي هريرة الى الاسلام فتأبى علي, واني
دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره, فادع الله أن يهدي أم أبا هريرةالى
الاسلام..

فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: اللهم اهد أم أبي هريرة..

فخرجت أعدو أبشرها بدعاء رسول
الله, فلما أتيت الباب اذا هو مجاف, أي مغلق, وسمعت خضخضة ماء, ونادتني يا أبا
هريرة مكانك..

ثم لبست درعها, وعجلت عن خمارها
وخرجت وهي تقول: أشهد أن لا اله الا الله, وأِهد أن محمدا عبده ورسوله..


فجئت أسعى الى رسول الله صلى
الله عليه وسلم أبكي من الفرح, كما بكيت من الحزن, وقلت: أبشر يا رسول الله, فقد
أجاب الله دعوتك..

قد هدى أم أبي هريرة الى
الاسلام..

ثم قلت يا رسول الله: ادع الله
أن يحبّبني وأمي الى المؤمنين والمؤمنات..

فقال: اللهم حبّب عبدك هذا وأمه
الى كل مؤمن ومؤمنة"..



**





وعاش أبو هريرة عابدا, ومجاهدا.. لا يتخلف عن
غزوة ولا عن طاعة.

وفي خلافة عمر بن الخطاب رضي
الله عنه ولاه امارة البحرين.

وعمر كما نعلم شديد المحاسبة
لولاته.

اذا ولّى أحدهم وهو يملك ثوبين,
فيجب أن يترك الولاية وهو لا يملك من دنياه سوى ثوبيه.. ويكون من الأفضل أن يتركها
وله ثوب واحد..!!!

أما اذا خرج من الولاية وقد
ظهرت عليه أعراض الثراء, فآنئذ لا يفلت من حساب عمر, مهما يكن مصدر ثرائه حلالا
مشروعا!



دنيا أخرى.. ملاءها عمر روعة واعجازا..!!


وحين وليّ أبو هريرة البحرين
ادّخر مالا, من مصادره الحلال, وعلم عمر فدعاه الى المدينة..




ولندع أبو هريرة يروي لنا ما حدث بينهما من
حوار سريع:

" قال لي عمر:


يا عدو الله وعدو كتابه, أسرقت
مال الله..؟؟

قلت:

ما أنا بعدو لله ولا عدو
لكتابه,.. لكني عدو من عاداهما..

ولا أنا من يسرق مال
الله..!

قال:

فمن أين اجتمعت لك عشرة
آلاف..؟؟

قلت:

خيل لي تناسلت, وعطايا
تلاحقت..

قال عمر: فادفعها الى بيت مال
المسلمين"..!!

ودفع أبو هريرة المال الى عمر
ثم رفع يديه الى السماء وقال:

اللهم اغفر لأمير
المؤمنين"..



وبعد حين دعا عمر أبا هريرة, وعرض عليه الولاية
من جديد, فأباها واعتذر عنها..

قال له عمر: ولماذا؟


قال أبو هريرة:


حتى لا يشتم عرضي, ويؤخذ مالي,
ويضرب ظهري..

ثم قال:

وأخاف أن أقضي بغير علم


وأقول بغير حلم..




**





وذات يوم اشتد شوقه الى لقاء الله..


وبينما كان عوّاده يدعون له
بالشفاء من مرضه, كان هو يلحّ على الله قائلا:

" اللهم اني أحب لقاءك, فأحب
لقائي"..

وعن ثماني وسبعين سنة مات في
العام التاسع والخمسين للهجرة.

وبين ساكني البقيع الأبرار تبوأ
جثمانه الوديع مكانا مباركا..

وبينما كان مشيعوه عائدين من
جنازته, كانت ألسنتهم ترتل الكثير من الأحاديث التي حفظها لهم عن رسولهم
الكريم.

ولعل واحدا من المسلمين الجدد
كان يميل على صاحبه ويسأله:

لماذا كنّى شيخنا الراحل بأبي
هريرة..؟؟



فيجيبه صاحبه وهو الخبير بالأمر:


لقد كان اسمه في الجاهلية عبد
شمس, ولما أسلم سمّاه الرسول عبدالرحمن.. ولقد كان عطوفا على الحيوان, واكنت له
هرة, يطعمها, ويحملها, وينظفها, ويؤويها.. وكانت تلازمه كظله..


وهكذا دعي: أبا هريرة رضي الله
عنه وأرضاه..











الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اسيا امير
راكب نشيط
راكب نشيط



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 169
نقاط : 521
تاريخ التسجيل : 17/02/2011
العمر : 34
الموقع : الفيوم / جمهورية مصر العربية

رجال حول رسول الله 34 Empty
مُساهمةموضوع: رجال حول رسول الله 37   رجال حول رسول الله 34 Emptyالجمعة أبريل 29, 2011 10:28 am

New Page 1

البراء
بن مالك


الله,
والجنة





هو ثاني أخوين عاشا في الله, وأعطيا رسول الله
صلى الله عليه وسلم عهدا نما وأزهر مع الأيام..


أما
أولهما فهو أنس بن مالك خادم رسول الله عليه السلام.


أخذته
أمه أم سليم الى الرسول وعمره يوم ذاك عشر سنين وقالت:


"يا
رسول الله..


هذا
أنس غلامك يخدمك, فادع الله له"..


فقبّله
رسول الله بين عينيه ودعا له دعوة ظلت تحدو عمره الطويل نحو الخير والبركة..


دعا
له لرسول فقال:


"
اللهم أكثر ماله, وولده, وبارك له, وأدخله الجنة"..


فعاش
تسعا وتسعين سنة, ورزق من البنين والحفدة كثيرين, كما أعطاه الله فيما أعطاه من
رزق, بستانا رحبا ممرعا, كان يحمل الفاكهة في العام مرتين..!!





**





وثاني الأخوين, هو البراء بن مالك..


عاش
حياته العظيمة المقدامة, وشعاره:


"
الله, والجنة"..


ومن
كان يراه, وهو يقاتل في سبيل الله, كان يرى عجبا يفوق العجب..


فلم
يكن البراء حين يجاهد المشركين بسيفه ممن يبحثون عن النصر, وان يكن النصر آنئذ أجلّ
غاية.. انما كان يبحث عن الشهادة..


كانت
كل أمانيه, أن يموت شهيدا, ويقضي نحبه فوق أرض معركة مجيدة من معارك الاسلام
والحق..


من
أجل هذا, لم يتخلف عن مشهد ولا غزوة..


وذات
يوم ذهب اخوانه يعودونه, فقرأ وجوههم ثم قال:


"
لعلكم ترهبون أن أموت على فراشي..


لا
والله, لن يحرمني ربي الشهادة"..!!


ولقد
صدّق الله ظنه فيه, فلم يمت البراء على فراشه, بل مات شهيدا في معركة من أروع معارك
الاسلام..!!





**





ولقد كانت بطولة البراء يوم اليمامة خليقة به.. خليقة بالبطل الذي كان عمر بن
الخطاب يوصي ألا يكون قائدا أبدا, لأن جسارته واقدامه, وبحثه عن الموت.. كل هذا
يجعل قيادته لغيره من المقاتلين مخاطرة تشبه الهلاك..!!


وقف
البراء يوم اليمامة وجيوش الاسلام تحت امرة خالد تتهيأ للنزال, وقف يتلمظ مستبطئا
تلك اللحظات التي تمرّ كأنها السنين, قبل أن يصدر القائد أمره بالزحف..


وعيناه
الثاقبتان تتحركان في سرعة ونفاذ فوق أرض المعركة كلها, كأنهما تبحثان عن أصلح مكان
لمصرع البطل..!!


أجل
فما كان يشغله في دنياه كلها غير هذه الغاية..


حصاد
كثير يتساقط من المشركين دعاة الظلام والباطل بحدّ سيفه الماحق..


ثم
ضربة تواتيه في نهاية المعركة من يد مشركة, يميل على أثرها جسده الى الارض, على حين
تأخذ روحه طريقها الى الملأ الأعلى في عرس الشهداء, وأعياد المباركين..!!





**





ونادى خالد: الله أكبر, فانطلقت الصفوف
المرصوصة الى مقاديرها, وانطلق معها عاشق الموت البراء بن مالك..


وراح
يجندل أتباع مسيلمة الكذاب بسيفه.. وهم يتساقطون كأوراق الخريف تحت وميض
بأسه..


لم
يكن جيش مسيلمة هزيلا, ولا قليلا.. بل كان أخطر جيوش الردة جميعا..


وكان
بأعداده, وعتاده, واستماتة مقاتليه, خطرا يفوق كل خطر..


ولقد
أجابوا على هجوم المسلمين شيء من الجزع. وانطلق زعماؤهم وخطباؤهم يلقون من فوق
صهوات جيادهم كلمات التثبيت. ويذكرون بوعد الله..


وكان
البراء بن مالك جميل الصوت عاليه..


وناداه
القائد خالد تكلم يا براء..


فصاح
البراء بكلمات تناهت في الجزالة, والدّلالة, القوة..


تلك
هي:


"
يا أهل المدينة..


لا
مدينة لكم اليوم..


انما
هو الله والجنة"..


كلمات
تدل على روح قائلها وتنبئ بخصاله.


أجل..


انما
هو الله, والجنة..!!


وفي
هذا الموطن, لا ينبغي أن تدور الخواطر حول شيء آخر..


حتى
المدينة, عاصمة الاسلام, والبلد الذي خلفوا فيه ديارهم ونساءهم وأولادهم, لا ينبغي
أن يفكروا فيها, لأنهم اذا هزموا اليوم, فلن تكون هنالك مدينة..


وسرت
كلمات البراء مثل.. مثل ماذا..؟


ان
أي تشبيه سيكون ظلما لحقيقة أثرها وتأثيرها..


فلنقل:
سرت كلمات البراء وكفى..


ومضى
وقت وجيز عادت بعده المعركة الى نهجها الأول..


المسلمون
يتقدمون, يسبقهم نصر مؤزر.


والمشركون
يتسلقطون في حضيض هزيمة منكرة..


والبراء
هناك مع اخوانه يسيرون لراية محمد صلى الله عليه وسلم الى موعدها العظيم..


واندفع
المشركون الى وراء هاربين, واحتموا بحديقة كبيرة دخلوها ولاذوا بها..


وبردت
المعركة في دماء المسلمين, وبدا أن في الامان تغير مصيرها بهذه الحيلة التي لجأ
اليها أتباع مسيلمة وجيشه..


وهنا
علا البراء ربوة عالية وصاح:


"
يا معشر المسلمين..


احملوني
وألقوني عليهم في الحديقة"..


ألم
أقل لكم انه لا يبحث عن النصر بل عن الشهادة..!!


ولقد
تصوّر في هذه الخطة خير ختام لحياته, وخير صورة لمماته..!!


فهو
حين يقذف به الى الحديقة, يفتح المسلمين بابها, وفي نفس الوقت كذلك تكون أبواب
الجنة تأخذ زينتها وتتفتح لاستقبال عرس جديد ومجيد..!!





**





ولم ينتظر البراء أن يحمله قومه ويقذفوا به,
فاعتلى هو الجدار, وألقى بنفسه داخل الحديقة وفتح الباب, واقتحمته جيوش
الاسلام..


ولكن
حلم البراء لم يتحقق, فلا سيوف المشركين اغتالته, ولا هو لقي المصرع الذي كان يمني
به نفسه..


وصدق
أبو بكر رضي الله عنه:


"
احرص على الموت..


توهب
لك الحياة"..!!




صحيح أن جسد البطل تلقى يومئذ من سيوف المشركين
بضعا وثمانين ضربة, أثخنته ببضع وثمانين جراحة, حتى لقد ظل بعد المعركة شهرا كاملا,
يشرف خالد بن الوليد نفسه على تمريضه..


ولكن
كل هذا الذي أصابه كان دون غايته وما يتمنى..


بيد
أن ذلك لا يحمل البراء على اليأس.. فغدا تجيء معركة, ومعركة, ومعركة..


ولقد
تنبأ له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه مستجاب الدعوة..


فليس
عليه الا أن يدعو ربه دائما أن يرزقه الشهادة, ثم عليه ألا يعجل, فلكل أجل
كتاب..!!





ويبرأ البراء من جراحات يوم اليمامة..


وينطلق
مع جيوش الاسلام التي ذهبت تشيّع قوى الظلام الى مصارعها.. هناك حيث تقوم
امبراطوريتان خرعتان فانيتان, الروم والفرس, تحتلان بجيوشهما الباغية بلاد الله,
وتستعبدان عباده..


ويضرب
البراء بسيفه, ومكان كل ضربة يقوم جدار شاهق في بناء العالم الجديد الذي ينمو تحت
راية الاسلام نموّا سريعا كالنهار المشرق..





**





وفي احدى حروب العراق لجأ الفرس في قتالهم الى
كل وحشية دنيئة يستطيعونها..


فاستعملوا
كلاليب مثبتة في أطراف سلاسل محمأة بالنار, يلقونها من حصونهم, فتخطف من تناله من
المسلمين الذين لا يستطيعون منها فكاكا..


وكان
البراء وأخوه العظيم أنس بن مالك قد وكل اليهما مع جماعة من المسلمين أمر واحد من
تلك الحصون..


ولكن
أحد هذه الكلاليب سقط فجأة, فتعلق بأنس ولم يستطع أنس أن السلسلة ليخلص نفسه, اذ
كانت تتوهج لهبا ونارا..


وأبصرالبراء
المشهد لإاسرع نحو أخيه الذي كانت السلسلة المحمأة تصعد به على سطح جدار الحصن..
وقبض على السلسلة بيديه وراح يعالجها في بأس شديد حتى قصمها وقطعها.. ونجا أنس
وألقى البراء ومن معه نظرة على كفيه فلم يجدوهما مكانهما..!!


لقد
ذهب كل ما فيهما من لحم, وبقي هيكلهما العظمي مسمّرا محترقا..!!


وقضى
البطل فترة أخرى في علاج بطيء حتى بريء..





**





أما آن لعاشق الموت أن يبلغ غايته..؟؟


بلى
آن..!!


وهاهي
ذي موقعة تستر تجيء ليلاقي المسلمون فيها جيوش فارس


ولتكون
لـ البراء عيدا أي عيد..





**





احتشد أهل الأهواز, والفرس في جيش كثيف
ليناجزوا المسلمين..


وكتب
امير المؤمنين عمر بن الخطاب الى سعد بن أبي وقاص بالكوفة ليرسل الى الأهواز
جيشا..


وكتب
الى أبي موسى الأشعري بالبصرة ليرسل الى الأهواز جيشا, قائلا له في رسالته:


"
اجعل امير الجند سهيل بن عديّ..


وليكن
معه البراء بن مالك"..








والتقى القادمون من الكوفة بالقادمين من البصرة
ليواجهوا جيش الأهواز وجيش الفرس في معركة ضارية..


كان
الاخوان العظيمان بين الجنود المؤمنين.. أنس بن مالك, والبراء بن مالك..


وبدأت
الحرب بالمبارزة, فصرع البراء وحده مائة مبارز من الفرس..


ثم
التحمت الجيوش, وراح القتلى يتساقطون من الفرقين كليهما في كثرة كاثرة..


واقترب
بعض الصحابة من البراء, والقتال دائر, ونادوه قائلين:


"
أتذكر يا براء قول الرسول عنك: ربّ أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له, لو أقسم على
الله لأبرّه, منهم البراء بن مالك..؟


يا
براء أقسم على ربك, ليهزمهم وينصرنا"..


ورفع
البراء ذراعيه الى السماء ضارعا داعيا:


"
اللهم امنحنا أكنافهم..


اللهم
اهزمهم..


وانصرنا
عليهم..


وألحقني
اليوم بنبيّك"..


ألقى
على جبين أخيه أنس الذي كان يقاتل قريب امنه.. نظرة طويلة, كأنه يودّعه..


وانقذف
المسلمون في استبسال لم تألفه الدنيا من سواهم..


ونصروا
نصرا مبينا.





**





ووسط شهداء المعركة, كان هناك البراء تعلو وجهه
ابتسامة هانئة كضوء الفجر.. وتقبض يمناه على حثيّة من تراب مضمّخة بدمه
الطهور..


لقد
بلغ المسافر داره..


وأنهى
مع اخوانه الشهداء رحلة عمر جليل وعظيم, ونودوا:


(
أن تلكم الجنة, أورثتموها بما كنتم تعملون)....






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ربيع محمد
ناظر محطة الابداع
ناظر محطة الابداع
ربيع محمد


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 5716
نقاط : 8102
تاريخ التسجيل : 17/07/2010
العمر : 65
الموقع : الجيزه- مصر

رجال حول رسول الله 34 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رجال حول رسول الله 34   رجال حول رسول الله 34 Emptyالجمعة أبريل 29, 2011 11:51 am

بارك الله فيكى
وجزاكى خيرا
لهذه السلسله من رجال حول الرسول
عليه الصلاة والسلام
شكرا لكى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايهاب عبد المنعم
من اسره مترو
من اسره مترو
ايهاب عبد المنعم


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2083
نقاط : 2636
تاريخ التسجيل : 05/04/2011
العمر : 47
الموقع : بهتيم/شبرا الخيمة

رجال حول رسول الله 34 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رجال حول رسول الله 34   رجال حول رسول الله 34 Emptyالسبت يونيو 04, 2011 4:45 pm

جزاك الله خيرا اختى / أسيا
ولقد رأيت أنه لأهمية هذا الموضوع وفائدته لأعضاء المنتدى
رأيت أن أجمعه مع بعضه مدمجا اياه حتى يتيسر للقارىء أن يحصل الموضوع مكتملا
وجعله الله فى ميزان حسناتك
تقبلى مرورى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رجال حول رسول الله 34
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رجال حول رسول الله مصعب بن عمير و سعد بن ابى وقاص
» جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اصحابه رضي الله عنهم وسألهم
» (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) البخيل من ذكرت عمده ولم يصلي علي
» هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ
» أسباب الهجمات الشرسة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مترو :: محطه الدين :: رصيف التسجيلات والبرامج الاسلاميه-
انتقل الى: