بسم الله الرحمن الرحيم
جاء كتب الدكتور الجليل مصطفي محمود عن الإسكندر الأكبر خلال فترة السبعينات .. كصدمة ثقافية للعبد لله .. فأنا أحب مدينتي الإسكندرية وأفتخر دائما بالإسكندر الأكبر .. ذي القرنين مثلما هو مذكور في عدد من المؤلفات .. فلقد وصف الدكتور مصطفي محمود شخصية الإسكندر الأكبر بالشاب الوثني السكير عاشق الرجال والنساء معا .. وأن ما بناه من مجد لم يكن بنية نشر دين التوحيد بالله .. بل مجد وثني كمجد هرقل و يوليوس قيصر . . وظل سؤال من هو ذي القرنيين وما علاقته بالإسكندر الأكبر أمر دائما ما يحيرني .. فمعرفة ذو القرنين الحقيقي ستقودنا لمعرفة قوم يأجوج ومأجوج والسد الحديدي .. وفي هذا البحث المتواضع بداية لربط عدة نقط متفرقة من المعرفة لعل الله يوفقنا في التوصل لمعرفة من هو ذي القرنين .. وهذا البحث ليس أكثر من محاولة مخلصة للوصول إلي جزء من الحقيقية .. قد أكون محق أو مخطئ .. الله أعلم
1- تبدأ قصة ذي القرنين بسورة الكهف .. بقول سبحانه وتعالي (( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا )) .. حيث سأل اليهود رسول الله صلي الله عليه وسلم سؤال تحدي لمصداقية الرسول وعلاقته مع السماء .. فهم يعلمون تماما أن رسول الله لا يعلم من هو ذي القرنيين.. ولذلك أرادوا أن يختبروه بسؤال هو غيبي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ..
1-1 إذن اللغز الأول هو وجود علاقة بين هذا القائد واليهود .. وأنه معروف في كتابهم بذي القرنين !!!
2- ثم يبدأ الله سرد بعض تفاصيل قصة ذي القرنين .. ونفهم منها .. أنه رجل مبارك أي بالضرورة ليس رجل وثني مثل الإسكندر الأكبر .. وأن الله قد مكن له في الأرض .. أي أنه كان قائد دولة يقود الجيوش .. ويفتح بلاد الله بنية التوحيد .. فالرجل كان موحدا بالله .. ((إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا(84)فَأَتْبَعَ سَبَبًا(85) )) ((قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا(86)قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا(87)وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا(88)ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا )) ((قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا )) ((قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ))
2-2 إذن اللغز الثاني هو أن ذي القرنين كان رجل موحد بالله وكان من أصحاب الفتوحات وصانع للتاريخ .. مثله مثل لإسكندر الأكبر.. بل يمكن القول أن سبب تيسير الله له الأسباب وتوفيقه .. كان جزء من السيناريو الإلهي للبشرية التي ستأتي يغد نهاية حقبة ذي القرنيين . أنظر لهذه الآية ((كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا(91)ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا(92) )) .. فالله قد أحاط بعلمه عن شئ كان يجول في خاطر ذي القرنيين عندما مر بقوم يأجوج ومأجوج بشرق البلاد وقبل لقائه بالقوم الثالث الذي لا يفقه قولا .
3- أنه كان يقود عدد من الجيوش في آن واحد ..تحديدا ثلاث جيوش .. حيث خرج من بلده على رئس جيش واحد كبير غازيا أحد البلاد المجاورة .. وأنه دخل تلك البلد من ناحية الغرب ..ناحية العين الحمئة أي طينية سوداء ضحلة و التي تغرب فيها الشمس ..هناك ترك جزء من جيشه وأستكمل رحلته للشرق .. تماما مثلما تكون واقف على شط بحر الإسكندرية لحظة الغروب وتري الشمس تغرق ساقطة وراء الأفق .. لقد رآها ذي القرنين تغرب وراء أفق أسود في بحر من الطين . . فأين هذا البحر الضحل ذات الأرضية السوداء .. أين هو على الخريطة
3-3 إذن اللغز الثالث هو البحر الضحل ذات القاع الطيني .. والذي يقع غرب بلدا ما ..ويوجد في شرق البلد قوم يأجوج ومأجوج .
4- بعد دخول ذي القرنين لتلك البلاد من جهة الغرب .. ترك جيشا هناك وتوجه للشرق.. ناحية مطلع الشمس .. فوجد هناك ناس لم يجعل الله لهم منها سترا .. أي لم يخلق الله لهم عازل يحميهم من الشمس .. وهناك جال بخاطره شئ ما تجاه هذا القوم الذي لم يجعل الله لهم من الشمس سترا .. وعلم الله ما جال بخاطره . فقال سبحانه وتعالي .. أحطنا بما لديه خبرا .
4-4 إذن اللغز الرابع هنا .. من هم هؤلاء القوم الذين لم يخلق لهم الله من الشمس سترا .. ولماذا جال في خاطر ذي القرنين شئ ما تجاه هذا القوم .. علمه الله.. بل يسر له الأسباب أيضا لتنفيذ ذاك الأمر الذي جال بخاطره.
5- بعدما ترك القوم الأول سار ناحية الشرق أيضا حتى وصل لمنطقة بين سدين .. أي بين جبلين .. أي مضيق بري .. وهنا .. تقابل مع قوم لا يكادون يفقهون قولا .. أي أن سكان منطقة التي يقع فيها ذاك المضيق هذا كانوا يتحدثون لغة بعيدة كل البعد عن للغة ذي القرنين ..
5-5 إذن اللغز الخامس .. أن سكان منطقة السدين .. أي المضيق .. كانوا يستخدمون لغة حروفها الأبجدية والصوتية بعيدة كل البعد عن الحروف الأبجدية والصوتية للقائد ذي القرني
6- هنا عند السدين .. طلب هؤلاء القوم من ذي القرنين أن يساعدهم على بناء سد يمنع هجوم قوم يأجوج و مأجوج عنهم .. أي أن سكان المضيق الجبلي طلبوا منهم أن يحميهم من جيرانهم في الشرق أيضا الذين لم يخلق الله لهم من الشمس سترا .. وهنا عرض سكان منطقة المضيق على ذي القرنين أن يدفعوا له ثمن هذا العمل بالتقسيط عن طريق الخراج .. مع ملاحظة هنا .. أن سبب كراهية هذا القوم الذي لا يفقه قولا لقوم يأجوج ومأجوج .. أن قوم يأجوج ومأجوج (( مفسدون في الأرض )) . تذكر هنا كلمة مفسدون في الأرض)) .
6-6 إذن اللغز السادس هنا .. هو وجود عداء من قبل الجيران في الشرق اللذينلم يجعل الله لهم سترا من الشمس أي يأجوج ومأجوج وبين جيرانهم الذين يستخدمونأبجدية غريبة غير مفهومة .. كما تدلنا كلمة .. خراج .. على وجد علاقة طويلة الأمدبين هؤلاء القوم وبين ذي القرنين .. حيث سيقمون بدفع الجزية له أي الخراج ..
7- قام ذي القرنين ببناء سد من الحديد بين الجبلين أي الصدفين .. ثم أذاب النحاس عليه . . وأنه أكد بأن بناء هذا السد سيمنع شر يأجوج ومأجوج..وأنه هو رحمة مؤقتة من الله سبحانه وتعالي وأنه تنبأ بإنهيار هذا السد عند أقتراب موعد الأخرة .. حيث سيخرج قوم يأجوج ومأجوج .. ويقول تعالي .. وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ..
7-7 إذن اللغز السابع .. علينا أن ننبش الأرض كلها بحثا عن مضيق بين جبلين بينهم سد من حديد ونحاس .. وهناك سنحدد تماما من هم أهل يأجوج ومأجوج الذي كانوا يعيشون خلف السد الحديدي .. ومن هم القوم الذي يستخدم أبجدية صوتية غريبة ويعيشون على الجانب الأخر من السد .
8- ذكر أيضا عن يأجوج ومأجوج مرة أخرى في سورةالأنبياء .. حيث قال الله سبحانه وتعالي في الأية 95 .. (( وحرم على قرية أهلكنها أنهم لا يرجعون ) ثم أشترط رجوعهم للقرية الهالكة بشرط مساعدة يأجوج ومأجوج فيقول سبحانه وتعالي ( حتى إذا فتحت يأجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون (
8-8 إذن اللغز الثامن . هو تحريم الله لقوم ( ما ) بالعودة لقرية ( ما ) كان الله قد أهلكها .. إلا أن هذا القوم لم يحترم التحريم الإلهي وعاد لتلك القرية الهالكة عندما فتحت يأجوج ومأجوج .. أي بعدما انهار سد ذي القرنين . أي عندما اقتربت الآخرة .
9- يقول الله في سورة الإسراء والتي تسمي أيضا سورة بني إسرائيل .. وقضينا إلي بني إسرائيل لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلون علوا كبيرا .. ثم يقول .. وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرنها تدميرا ... ثم يقول .. (( وقلن البني إسرائيل أسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الأخرة جئنا بكم لفيفا ))
9-9 اللغز التاسع هنا .. وعد الله بعلو بني إسرائيل مرتان .. وأن علوهم سيكون مصحوبا بفساد في الأرض .. وأن الله قد أهلك القرية التي كان يسكن بها بني إسرائيل بسبب مترفيها فحق القول عليها فدمرها الله تدميرا .. وأنه عندما يأتي وعد الآخرة سيأتي الله بقوم بني إسرائيل إلي القرية الهالكة المحرم الرجوع إليها .. وسيأتي بهم لفيفا .. أي شوية بشوية .. كلما زاد فساد بني إسرائيل بالأرض الهالكة زاد توجه أبناء بني إسرائيل إليها .
وأخير لنحاول أن نربط بين تلك الألغاز التسعة .. لعلنا نصل بشكل تقريبي لمن هو ذي القرنين .. ومن هم يأجوج ومأجوج .. ومن هم القوم الذين لا يكادون يفقهون قولا .. وما علاقة فتح يأجوج ومأجوج بإعادة بني إسرائيل للقرية الهالكة .. ولماذا أجتمع بني إسرائيل مع نفس الصفة مع قوم يأجوج ومأجوج .. فكلاهما سيكون فاسدا في الأرض .. فساد شامل في الأرض وليس محدود إذن اللغز الأول هو وجود علاقة بين هذا القائد واليهود .. وأنه معروف في كتابهم بذي القرنين !!!
الإجابة على هذا الغز نجده تحديدا في سفر دانيال – الإصحاح الخامس عشر .. الآية 3 -8 )
(( فرفعت عيني ورأيت وإذا بكبش واقف عند النهر وله قرنان والقرنان عاليان والواحد أعلى من الأخر .. والأعلى طالع أخيرا ..رأيت الكبش ينطح غربا وشمالا وجنوبا فلم يقف حيوان قدامه ولا منقذ من يده وفعل كمرضاته وعظيم .. وبينما كان متأملا إذا بتيس من المعز جاء من الغرب على وجه كل الأرض ولم يمس الأرض وللتيس قرن معتبر بين عينيه ..وجاء إلي الكبش صاحب القرنيين الذي رأيته واقف عند النهر وركض إليه بشدة قوته ..ورأيته قد وصل إلي جانب الكبش فاستشاط عليه وضرب الكبش وكسر قرنيه فلم تكن للكبش قوة على الوقوف أمامه وطرحه على الأرض وداسه ولم يكن للكبش منقذ من يديه .. فتعظم تيس المعز جدا ولما أعتز انكسر القرن العظيم وطلع عوضا عنه أربعة قرون معتبرة نحو رياح السماء الأربع ))
وعليه فليس غريبا أن يسأل اليهود سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم عن ذي القرنيين .. فهو مذكور عندهم في التوراة في كتاب دانيال .. ولكن سبب أنهم اختاروا هذا السؤال لتوجيه للرسول صلي اله عليه وسلم كان لاختبار مصداقيته.. فالرسول يدعي أنه يلتقي مع كبير ملائكة السماء ( جبرائيل ) عليه السلام .. ومن هنا نفهم أن محور السؤال هو للتعرف عما إذا كان رسول الله يلتقي حقا بجبرائيل أم لأ.. فاليهود يطلبون من رسول الله أن يسال جبرائيل من هو ( ذي القرنيين ) معني ذلك أنهم يعلمون تماما أن الرسول لا يعلم من هو ذو القرنيين ولابد أن يعرف الإجابة على هذا السؤل من الملاك ( جبرائيل ) لأن جبرائيل هو الوحيد الذي لديه معرفة بذي القرنيين .. إذن ما علاقة الملاك جبرائيل بذي القرنيين ؟؟ العلاقة تكمن فأن النبي دانيال والمعروف في اليهودية بنبي الآسر ..حيث كان أسير مع بني إسرائيل في بابل .. بعدما رأي ذاك الحلم وما حدث للكبش ذي القرنيين والتيس القادم من الغرب .. سأل الملاك جبرائيل عن تفسير هذه الرؤية .. فكيف فسر الملاك جبرائيل حلم النبي دانيال ..
يفسر الملاك جبرائيل حلم النبي دانيال قائلا في سفر دانيال – الإصحاح التاسع – الآية 20-24 )
(( أما الكبش الذي رأيته ذا القرنيين فهو ملوك مادي وفارس والتيس العافي ملك اليونان .. والقرن العظيم الذي بين عينه هو الملك الأول وإذا إنكسر وقام مكانه أربعة عوضا عنه فستقوم أربع ممالك من الأمة ولكن ليس في قوته ))
ثم يتم تحديدا أكثر من هو ملك ( ماديا وفارس ) ( إيران ) أنه الملك (( كورش )) والذي تمكن من توحيد جزئي مملكة إيران ( فارس + ماديا ) ,اطلق عليها مملكة فارس .. وبعد ثلاث سنوات من توحيده لجزئي فارس ( القرنيين ) هاجم مملكة آشور البابلية والتي كان يحكمها حينذاك أبناء نبوخنصر