منتديات مترو
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» حفلات الشيخ ياسين التهامى mp3 للتحميل , تحميل حفلات ياسين التهامى
الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالسبت مارس 30, 2024 2:48 pm من طرف الزقم

»  تحميل كتاب شمس المعارف , كتاب السحر الأسود , بحجم 32 ميجا تحميل
الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالسبت مارس 30, 2024 2:26 pm من طرف الزقم

» كتاب ( نهايـــــــة العالــــــم ) للدكتور ‘‘ محمد العريفي ‘‘ من أغرب الكتب وأكثرها مبيعا للتحميل المباشر وعلى اكثر من سيرفر علامات الساعة بالصور والخرائط
الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالإثنين أبريل 10, 2023 5:37 pm من طرف الزقم

» كلما ابتعدنا
الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالخميس نوفمبر 19, 2020 12:46 pm من طرف ربيع محمد

» تحميل جميع البومات ام كلثوم
الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالإثنين ديسمبر 16, 2019 10:36 pm من طرف نبيل سويلم

» فيلم القشاش بصيغة 3gp للهواتف المحموله برابط مباشر
الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالخميس نوفمبر 28, 2019 4:40 pm من طرف sjody

» المقادير لابن الباديه
الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالخميس أكتوبر 24, 2019 7:53 am من طرف ربيع محمد

» تحميل نغمة سلام قول من رب رحيم , نغمة لطفى لبيب سلام قول من رب رحيم للتحميل
الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالخميس أكتوبر 17, 2019 9:41 pm من طرف الزقم

» 1000 لعبة من العاب الاتارى بتاعة زمان تعمل على اى جهاز للتحميل على سيرفرات متعدده
الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالخميس أكتوبر 17, 2019 8:59 pm من طرف الزقم

» سفينتى*سفينة الحب*السلطان العاشق
الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالخميس أكتوبر 03, 2019 6:27 pm من طرف عماد الصغير

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
body onbeforeprint="onbeforeprint()" onafterprint="onafterprint()"onselectstart="return false" oncontextmenu="return false">

 

 الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه "

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ايهاب عبد المنعم
من اسره مترو
من اسره مترو
ايهاب عبد المنعم


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2083
نقاط : 2636
تاريخ التسجيل : 05/04/2011
العمر : 47
الموقع : بهتيم/شبرا الخيمة

الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Empty
مُساهمةموضوع: الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه "   الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالسبت فبراير 18, 2012 2:19 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من وازع إيمانى بأهمية القراءة للإنسان حيث تمده بالثقافة والعلم وحيث أن أول ما أنزل على رسولنا صلى الله عليه وسلم هو إقرأ
فلقد أردت أن نتشارك معاً فى المنتدى بالقراءة لمجموعة من الكتب ذلك لأنه قد يصعب على البض تحميل أى كتاب ألكترونى أو عدم توفر الكتاب بين يديه لقراءته
نبدأ بسم الله الرحمن الرحيم

فكتاب أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه هو من تأليف د. سامي عطا حسن جامعة آل البيت -المفرق المملكة الأردنية الهاشمية

ملخص
افتتح القرآن الكريم كثيرا من السور القرآنية بالقسم ، وأورد أقساما في ثنايا عدد غير قليل منها ، وأسلوب القسم في اللغة العربية من المؤكدات المشهورة ، التي تمكن الشيئ في النفس وتقويه ، وقد نزل القرآن الكريم للناس كافة ، ووقف الناس منه مواقف متباينة ، فمنهم الشاك ، ومنهم المنكر ، ومنهم الخصم الألد ، فجاء القسم في كتاب الله ، لإزالة الشكوك ، وإحباط الشبهات ، وإقامة الحجة ، وتوكيد الأخبار ، لتطمئن نفس المخاطب إلى الخبر ، لا سيما في الأمور العظيمة التي أقسم عليها .
لقد أقسم الله بمخلوقاته مع نهيه عن القسم بغيره ، للأشارة إلى أن هذه المخلوقات ، ما هي إلا آيات يستنير بها أولوا الألباب في مناهج الاستدلال على وجود الصانع الحكيم ، ولتصحيح العقائد الباطلة ، فالقسم بالنجم إذا هوى وأمثال ذلك ، فيه رد على من اعتقدوا ألوهية الكواكب ، وللفت الأنظار إلى الكون وما يحويه من حقائق وأسرار ، ونظام بديع محكم ، ولتقرير أن الكتاب الذي جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منزل من عند الله ، وأن الله تكفل بحفظه من التبديل ، والتحريف ، والنقص ، والزيادة ، وأنه كتاب هداية ، ينير البصائر والأبصار ، لتهتدي إلى أقوم طريق .

أسلوب القسم في اللغة

طريق من طرق توكيد الكلام ، وإبراز معانيه ومقاصده على النحو الذي يريده المتكلم ، إذ يؤتى به لدفع إنكار المنكرين ، أو إزالة شك الشاكين .والقسم من المؤكدات المشهورة التي تمكن الشيئ في النفس وتقويه ، ومعلوم أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب ، وعلى أسلوب كلامهم ، ومناحي خطابهم ، وكان من عادتهم أنهم إذا قصدوا توكيد الأخبار وتقريرها ، جاءوا بالقسم ، وعلى هذا جاءت في القرآن الكريم أقسام متنوعة ، في مواضيع شتى ، لتوكيد ما يحتاج إلى التوكيد .
والأقسام التي جاء بها القرآن الكريم على ضربين :

الضرب الأول : - ما ورد على طريق الحكاية ، في ضمن ما قصه القرآن من قصص المخلوقين ، كقوله تعالى حكاية لقول إبراهيم - عليه السلام - لقومه : - ( تالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين) وكقوله سبحانه مخبرا عما كان يقوله كفار مكة ، قبل بعثة المصطفى - عليه الصلاة والسلام - ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم ).
وهذا الضرب من القسم كثير في القرآن ، وليس من غرضي أن أخوض فيه في هذا البحث .

الضرب الثاني : ما أقسم الله تعالى به ، وهذا على نوعين :

النوع الأول : القسم المضمر ، وهو القسم المحذوف ، المدلول عليه بجوابه المقرون باللام ،
كقوله تعالى : ( لتبلون في أموالكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ) تقديره : والله لتبلون ولتسمعن ، بدلالة الجواب المقرون باللام .
أو المدلول عليه بالمعنى والسياق ،كقوله تعالى : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا )، أي : والله ما من كافر إلا وارد النار ، بدلالة المعنى والسياق ، لأن هذه الآية جاءت بعد آيات مؤكدات بالقسم الملفوظ ، وهو قوله تعالى : ( فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ).
ثم وبينت في المبحث الثاني : أركان القسم .
وفي المبحث الثالث : حققت القول في المقسم به المبدوء بأداة النفي .
وفي المبحث الرابع : بينت أنواع القسم الظاهر في القرآن الكريم ، وهو نوعان :
النوع الأول : إقسامه تعالى بذاته وصفاته .
النوع الثاني : إقسامه تعالى بمخلوقاته .
وفي المبحث الخامس : وضحت أغراض القسم القرآني ، وأهدافه .
وفي المبحث السادس : بينت الأمور المقسم عليها .
وجعلت المبحث السابع : لبيان بلاغة القسم القرآني .
وفي الخاتمة : استعرضت أهم النتائج .
والله أسأل أن اكون قد وفقت في العرض لهذا الموضوع ، والحمد لله في الأولى والآخرة .


المبحث الأول :
الأصل الاشتقاقي لألفاظ القسم

مادة قسم ( ق، س ، م )
: لها معنيان رئيسان هما : -
أ - التجزئة والتفريق : وهو - القسم - بسكون السين ، وجمعه أقسام ، وترجع إليه مشتقات عديدة منها : قسم الشيء يقسه قسما ً : بمعنى : جزأه وفرقه ، ويكون بمعنى : قدر ونظر ، كقولك : هو يقسم أمره ، أي : يقدره ، ويدبره ، وينظر كيف يعمل فيه ، قال لبيد :
فقولا له إن كان يقسم أمره ألما يعظك الدهر أمك هابل

وقسمه - بالتضعيف - : للتكثير ، أي جزأه ، ومنه قوله تعالى : - ( فالمقسمات أمرا )
وقاسم فلان فلانا أي : أخذ كل منهما قسمه . واقتسم القوم الشيء بينهم ، أي : أخذ كل واحد منهم نصيبه منه . إلى غير ذلك من المشتقات التي ذكرتها كتب اللغة .

ب : - الحلف واليمين : وهو القسم - بفتح القاف والسين - وجمعه أقسام ، مثل : سبب وأسباب ، ويستعمل منه الأفعال التالية
1 - أقسم بالله إقساما أي : حلف بالله حلفا ..
2- قاسمه : أقسم له ، أو شاركه في القسم . ومنه قوله تعالى : - ( وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين )
3- اقتسم : - يقال : اقتسموا : تحالفوا ، ومنه قوله تعالى : (كما أنزلنا على المقتسمين ) ، وهم الذين تقاسموا وتحالفوا على الكيد للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وقيل : هم الذين جعلوا القرآن عضين ، آمنوا ببعضه ، وكفروا ببعضه الآخر .
4 - تقاسم : يقال : تقاسم القوم ، أي : تحالفوا ، ومنه قوله تعالى - (قالوا تقاسموا بالله) ، فهي بمعنى التحالف ، أو طلب بعضهم القسم من بعض .
5- استقسمه بالله : طلب منه أن يقسم به .
6- القسامة : - ومن معانيها : اليمين ، والجماعة يقسمون على حقهم ويأخذونه ، يقول الراغب :
(إن القسم بمعنى اليمين ، أصله من القسامة ، وهي أيمان تقسم على أولياء القتيل إذا ادعوا على رجل أنه قتل صاحبهم ، ومعهم دليل دون البينة ، فيحلفون خمسين يمينا تقسم عليهم ، ثم صار اسمل لكل حلف ، فكأنه ( أي :القسم ) كان في الأصل تقسيم أيمان ، ثم صار يستعمل في نفس الحلف والأيمان
والعلاقة بين هذين المعنيين الرئيسين للقسم وثيقة الصلة ، قوية الرباط ، فما جعل القسم إلا للتفريق بين الحق والباطل ، وما التجئ إليه إلا لتحديد الأنصباء ، وتوزيع الحظوظ ، والفصل بين الخصومات .

2 : - مادة ( ي، م ، ن ) :
بزيادة ياء قبل الحرف الأخير : يمين على وزن فعيل ، لها عدة معان ، منها :يمين الإنسان ، والقوة ، والقدرة ، والمنزلة ، والدين . ومن معانيها : الحلف والقسم ، وهو المعنى الذي يهمنا بالدرجة الأولى .

واليمين مأخوذ من أن المتحالفين ، والمتعاهدين ، قد يضع كل منهما يمينه في يمين الآخر ، فصار الحلف يسمى يمينا ، قال تعالى : ( ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم ..)
قال في مختار الصحاح : ( واليمين : القسم ، والجمع : أيمن ، وأيمان ، وقيل : إنما سميت بذلك ، لأنهم كانوا إذا تحالفوا ، ضرب كل امرئ منهم يمينه على يمين صاحبه )
وقال أبو اسحق ابراهيم بن عبد الله النجيرمي : - ( وأصل اليمين أنهم كانوا إذا تحالفوا وتعاقدوا تصافقوا بأيمانهم ، ولذلك قيل : أعطاه صفقة يمينه على هذا الأمر ، ثم سموا الحلف يمينا على هذا المعنى . وأنثوا اليمين على تأنيث اليد ، فقالوا : حلف يمينا برة ويمينا فاجرة )

3 :- مادة ( ح ، ل ، ف ) : -
لا تخرج هذه المادة عن معنيين رئيسين هما : القسم ، والعهد . والحَلف والحِلف - بفتح الحاء وكسرها - لغتان في القسم . فالحِلف - بكسر الحاء - : العهد يكون بين القوم ، وقد حالفه : أي عاهده . وتحالف القوم : تعاهدوا،ويكون بمعنى آخى ، وعليه ما جاء حديث أنس : ( حالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار في دارنا ) أي : آخى بينهم .
والحلف - بفتح الحاء - : اليمين ، قال تعالى : ( ولا تطع كل حلاف مهين ) ، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليُكَفِّر ، وليأت الذي هو خير ..)
وأصلها : ( أنهم كانوا إذا تحالفوا وتعاقدوا تصافقوا بأيمانهم ، ولذلك قيل : أعطاه صفقة يمينه على هذا الأمر ، ثم سموا الحلف يمينا على هذا المعنى ) .
( ومشتقات هذه المادة لا تكاد تخرج عن معنى القسم واليمين ، وإن خرجت فإلى ما يترتب عليه من
محالفة ومعاهدة والتزام ، فهي أصل في القسم ، تفرعت عنه معان متصلة به ) .

ومع أن كتب المعاجم ترى أن ( الحلف والقسم ) لفظان مترادفان يؤديان معنى واحدا من غير فرق أو تمييز بينهما ، وتفسر أحدهما بالآخر ، ولكن حين نستقرئ استعمال الكلمتين ، وأصل اشتقاقهما لنتعرف على الفرق بينهما ، نجد أن العرب يقولون : ( حلفة فاجر ، وأحلوفة كاذبة ) ، ولم يرد مثل هذا مع القسم .
فالحلف يدور حول الاحتمال والشك والتردد ، وبهذا يكون الحالف غالبا معرضا للحنث كثيرا ، لأنه حلف على الظن ، وليس عن يقين .
وحين نستقرئ البيان القرآني في استعماله لمادة ( ح. ل. ف ) نجدها قد دارت في بيانه الكريم في ثلاثة عشر موضعا ، كلها جاءت بغير استثناء في الحنث باليمين ، وفي آيات مدنية ، وخصوصا في سورة التوبة ، عدا آية واحدة مكية ، هي قوله تعالى في سورة القلم : ( ولا تطع كل حلاف مهين ) ، ثم إن إسناد الفعل غالبا جاء في المنافقين . وحين أسند الفعل إلى المؤمنين في قوله تعالى : - ( ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ) كان ذلك لبيان كفارة الحلف عند الحنث . وباستعراض آيات الحلف المسندة للمنافقين ، والتي كشفت حقيقتهم وفضحت زيفهم ، نرى أن اليمين فيها كانت معقودة أصلا وابتداء على خلاف الحقيقة والواقع في أغلب الآيات ، وهم يعلمون ذلك ، وأن الأمر كذب .
قال تعالى : ( ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون ) . فالحلف يدور في العربية على احتمال الحنث غالبا ، لأنه مبني على الظن ، وفي البيان القرآني يتضح بجلاء أن اليمين في الحلف معقودة غالبا على الحنث أصلا ، حيث يحلف المنافقون على خلاف الحقيقة ، التماسا للعذر ، دون مبرة في الحلف ، أو صدق في اليمين .
أما القسم : فتفسره المعاجم بالحلف دون أن تذكر فرقا بينهما ، إلا أننا نجد صاحب القاموس يقول :
( والقسم : العطاء والرأي .. وأن يقع في قلبك الشيء فتظنه ، ثم يقوى ذلك الظن فيصير حقيقة ) . فكأن القسم في بعض اشتقاقاته اللغوية أقوى في الظن ، وأقرب إلى الحق ، وأبعد عن الاحتمال والشك ، كما هي الحال في الحلف . فالقسم إذا يكون على الشيئ الواضح ، والحق البين ، والأيمان الصادقة ، ولهذا جاء القسم في القرآن بالأيمان الصادقة ، وجاء موصوفا بالعظمة في قوله تعالى : - ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) .
وباستقراء البيان القرآني في استعمال القسم ، يدلنا على أنه يعتبر بحال المقسم عند عقد اليمين ، فيخص القسم بمن كان صادقا عند عقده لليمين ، حتى ولو خالف ذلك الحق ، وجانب الصدق في واقع الأمر ، وإنما كان ذلك هو اعتقاده الجازم ، ونظرته المخلصة في نظر نفسه ، أو على الأقل إيهام المقسم له بذلك . ومن هنا يمكن أن نفهم إشارة القرآن الكريم المتكررة إلى الجهد المبذول عند عقد اليمين من قبل بعض الكفار ، والمشركين ، مما يوحي بصدقهم وإخلاصهم في اعتقادهم ، وإن لم يكن هو الحق . فقد ذكر الله سبحانه وتعالى إقسامهم بالله جهد أيمانهم في خمسة مواضع …، …ليوحي اجتهادهم غاية الجهد في هذه الأيمان بصدقهم فيها ، وإن تبين فيما بعد أن الأمر بخلاف ذلك . ومن هنا نرى أن القسم يرد عاما ، من الله سبحانه ، وعلى لسان المسلمين ، والمنافقين ، والكفار ، ويكون في آيات مكية ومدنية ، وغالبا ما يكون صادقا بارا ، وإن لم يكن كذلك في واقع الأمر ، فعلى الأقل في نظر المقسم ، وحسب اعتقاده عند عقد اليمين . تقول بنت الشاطئ في تفسير سورة البلد : [ فقد يبدو من السهل أن نفسر ( أقسم ) بلفظ ( أحلف ) ، وليس في استعمال العرب لهما ما يمنع من تفسير أحدهما بالآخر ، لكن استقراء الكلمتين في القرآن يمنع هذا الترادف ...... إلى أن تقول : وأمام هذا الاستعمال القرآني ، لا يهون أن نفسر القسم بالحلف ، وصنيع القرآن فيهما يلفت إلى فرق دقيق بين اللفظين المقول بترادفهما ، فرق يؤيده فقه العربية ، فاختلاف مادتي اللفظين يؤذن باختلاف مدلول كل منهما ، وبين حلف وحنث من القرب ، ما ليس بين حلف وقسم ، مما يبعد أن يكونا سواء ) ] . وهذا فرق كبير واضح ، يكفي لنفي ترادف الكلمتين .

المبحث الثاني :
أركان القسم :

للقسم أركان أربعة :

الركن الأول : - المقْسِم : وهو إما الله ، وإما العباد .

أما القسم من الله : - فقد قيل : ما معنى القسم منه تعالى ؟ فإنه إن كان لأجل المؤمن ، فالمؤمن مصدق بمجرد الإخبار من غير قسم . وإن كان لأجل الكافر ، فلا يفيده .
والجواب : إن القرآن نزل بلغة العرب ، ومن عادتها القسم إن أرادت أن تؤكد أمراً ،
كما أن الحكم يفصل باثنين : إما بالشهادة ، وإما بالقسم ، فإذا اجتمعت البينة وهي : الشهادة ، مع اليمين ، على دعوى ، اكتسبت مزيد ثبوت وتقرير ، فذكر الله تعالى في كتابه النوعين ، حتى لا يبقى لهم حجة ، فقال : (شهد الله أنه لا إله إلا هو .. الآية )
وقال : (ويستنبئونك أحق هو ، قل إي وربي إنه لحق ..)
ففي الآية الأولى : فصل الحكم وقرره بالشهادة . وفي الآية الثانية : قرره وأكده بالقسم .
وعن بعض الأعراب أنه لما سمع قوله تعالى : (وفي السماء رزقكم وما توعدون . فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ) صرخ وقال : - من ذا الذي أغضب الجليل حتى ألجأه لليمين .
فالقسم ضرب من البيان ألفه العرب ، ليوثقوا به أنباءهم ، وتبين أنه كثيرا ما يجيئ للإستشهاد والإستدلال على صدق المقال ، فهو إذن نوع من الدليل الواقعي المحسوس ، الذي يستميل المشاعر والوجدان ، ويثير الإنتباه والتفكير .

الركن الثاني : المقْسَم به : - ولمجيئه في القرآن الكريم أغراض :

الأول : - أنه قد يكون شيئاً علوياً بعيداً عنا يثير الرهبة والعظمة والجلال ، ويدعونا ذكره والقسم به ، إلى أن يثيرلدينا الفضول العلمي ، وحب الاستطلاع ، فأخذ في توجيه أنظارنا إليه بالبحث والدرس والتحليل ، ومحاولة تسخيره لمنافعنا ، وذلك كالسماء، وما فيها من شمس ، وقمر ، ونجوم ، ومظاهر كونية كثيرة ، فالقسم بهذه الكائنات العلوية ، يدفع الناس إلى البحث والتنقيب ، ونصوص القرآن الدالة على النظر والبحث كثيرة ، منها قوله تعالى : - (قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ) ،
وقوله تعالى : (أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض ، وما خلق الله من شيء ). وقد أثبت الواقع أنه كلما تعمق الباحثون في دراسة هذه الظواهر التي أقسم الله بها ، وجدوا فيها من العظمة والجلال ، والقدرة الإلهية ، ما تخر له النفوس ساجدة خاشعة ، قائلة : (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) .

الثاني : - إن المقسم به قد يكون شيئا أرضيا مما يحيط بالإنسان ويتعايش به ومعه ، ويقسم الله تعالى به لما فيه من منافع وفوائد ، كالتين ، والزيتون ، والبحر المسجور ، والأرض وما طحاها

الثالث : - أن يكون المقسم به شيئا ذاتيا للإنسان ، وذلك كالنفس البشرية التي أقسم الله تعالى بها في قوله : (ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ) ، وقوله تعالى : (ولا أقسم بالنفس اللوامة ) . ولا شك أن القسم بهذه الأشياء يفتح للباحثين مجالا كبيرا في المباحث الفكرية ، والنفسية ، والاجتماعية

الركن الثالث : جواب القسم أو المقسم عليه : -

الغالب في المقسم عليه أن يكون في الكلام ، لأنه المقصود بالتحقيق ، وقد يحذف كما يحذف جواب (لو) ، إما : للعلم به ، أو لتذهب النفس فيه كل مذهب . كما في مثل قوله تعالى : (كلا لو تعلمون علم اليقين ) ، فجواب لو محذوف ، تقديره : لو تعلمون علم اليقين عاقبة التفاخر ما اشتغلتم به . وهذه عادة العرب في كلامهم إذا رأوا أموراً عجيبةً ، وأرادوا أن يخبروا بها الغائب عنها .
وأكثر ما يحذف جواب القسم : إذا كان في نفس المقسم به دلالة على المقسم عليه ، فإن المقصود يحصل بذكره (أي المقسم به)، فيكون حذف المقسم عليه أبلغ وأوجز ، كما في قوله تعالى : (ص . والقرآن ذي الذكر) ، فإن في المقسم به من تعظيم القرآن ، ووصفه بأنه ذو الشرف ، والقدر ، ما يدل على المقسم عليه ، وهو كونه حقا من عند الله غير مفترى ، وتقدير الجواب : إن الفرقان لحق . وهذا يطرد في كل ما شابه ذلك ، كقوله تعالى : (ق والقرآن المجيد) ،
وتقدير الجواب : ما آمن كفار مكة برسول الله- صلى الله عليه وسلم- .

الركن الرابع : أدوات القسم :

للقسم أدوات منها : (الباء ، والواو ، والتاء ، واللام ، ومن ) ، قال سيبويه Sad وللقسم والمقسم به أدوات في حروف الجر ، وأكثرها الواو ، ثم الباء ، يدخلان على كل محلوف به ، ..الخ ) .
والذي يعنينا من هذه الأدوات هي الحروف الثلاثة الأولى ، إذ لم ترد ( اللام ) ، أو ( من ) ، للقسم في القرآن الكريم .

أولها : الباء : وهي الأصل في أدوات القسم ، وهي حرف جر يأتي لأربعة عشر معنى ، ذكر معانيها ابن هشام ، وقال : ( الثاني عشر : القسم ، وهو - أي حرف الباء - أصل أحرفه )
ومما يؤيد أن الباء أصل حروف القسم :
1- جواز إثبات فعل القسم وفاعله معها ، كقوله تعالى : ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت .. الآية ) أو حذفهما ، كما في قوله تعالى : ( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) .
2- ودخولها على المظهر والمضمر ، ولا يدخل من حروف القسم غيرها على المضمر ، ومن شواهد دخولها على الاسم الظاهر ، قوله تعالى : ( قالوا تقاسموا بالله لتبيتنه وأهله .. الآية ) . أما دخولها على المضمر فلا دليل له في القرآن الكريم ، وهو كقولك : ( أقسم به إني لصادق ) .
3- تستعمل في القسم الاستعطافي : كقول عبد الله بي قيس الرقيات :

رقي بعمركم لا تهجرينا ومنينا المنى ثم امطلينا .

فاستعمل الباء في الاستعطاف في ( بعمركم لا تهجرينا ) .

ثانيها : الواو : وتأتي لعدة معان ، قال ابن هشام : ( انتهى مجموع ما ذكر من أقسامها إلى خمسة عشر ، إلى أن يقول : السادس والسابع : واوان ينجر ما بعدهما ، إحداهما : واو القسم ، ولا تدخل إلا على مظهر ، ولا تتعلق إلا بمحذوف ، نحو : ( والقرآن الحكيم ) ، فإن تلتها واو أخرى ، نحو : ( والتين والزيتون ) فالتالية هي واوالعطف ..)

ثالثها : التاء ، قال ابن هشام : ( التاء المفردة : محركة في أوائل الأسماء ، ومحركة في أواخرها ، ومحركة في أواخر الأفعال ، ومسكنة في أواخرها . فالمحركة في أوائل الأسماء : حرف جر معناه القسم ... )
والتاء تختص بلفظ الجلالة ، وذلك لكثرة الحلف به ، مثل قوله تعالى : ( تالله لآكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ) قال الزمخشري : ( التاء فيها زيادة معنى ، وهو : التعجب ، كأنه تعجب من تسهل الكيد على يده ، وتأتيه ، لأن ذلك كان أمرا مقنوطا منه لصعوبته ، وتعذره )

المبحث الثالث

تحقيق القول في المقسم به المبدوء بأداة النفي :
ورد المقسم به مسبوقا بأداة النفي (لا) في ثمانية مواضع من القرآن الكريم ، وهي : -

أ - مقسم به تقدمته أداة النفي مقترنة بالفاء ، وذلك في ستة مواضع من القرآن الكريم ، وكلها في ثنايا السور وهي :

1 - قوله تعالى : - (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم).
2 - قوله تعالى : - (فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون) .
3 - قوله تعالى : - (فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون)
4-قوله تعالى : - (فلا أقسم بمواقع النجوم) .
5- قوله تعالى : - (فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس) .
6- قوله تعالى : - (فلا أقسم بالشفق) .

ب - مقسم به مسبوق بأداة النفي غير مقترنة بالفاء ، وذلك في موضعين : -

1- قوله تعالى : - ( لا أقسم بيوم القيامة ، ولا أقسم بالنفس اللوامة ) .
2 - قوله تعالى : - ( لا أقسم بهذا البلد ) .
وقد تناول المفسرون هذا النوع من المقسم به بالحديث ، ويمكن أن نجمل حديثهم عنه فيما يلي :

الرأي الأول : وحاصله :
ا : - أن (لا) لنفي القسم .
فكأن الله تعالى يريد أن يقول : لا أقسم بهذه الأشياء على إثبات هذا المطلوب ، فهو أعظم وأجل من أن يقسم عليه بهذه الأشياء . ويكون الغرض من هذا الكلام تعظيم المقسم عليه ، وتفخيم شأنه ، أو : يكون الغرض إثبات أن المقسم عليه ، أظهر وأجل من أن يقسم عليه بمثل هذه الأشياء ، فإن إثباته أظهر وأجل وأقوى من أن يحاول إثباته بمثل هذا القسم ، وبه قال الفخر الرازي .
ب - أن (لا) هذه إذا وقعت خلال الكلام ، كقوله تعالى : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) ، فهي صلة تزاد لتوكيد القسم ، مثلها في قوله تعالى : (لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله) لتأكيد وجوب العلم . وإذا وقعت ابتداء كما في سورة القيامة ، وسورة البلد ، فهي للنفي ، لأن الصلة لا تكون في أول الكلام . ووجهه : - أن إنشاء القسم يتضمن الإخبار عن تعظيم المقسم به ، فهو نفي لذلك الخبر الضمني على سبيل الكناية . والمراد : أنه لا يعظم بالقسم ، لأنه في نفسه عظيم ، أقسم به أولا ، ويترقى من هذا التعظيم إلى تأكيد المقسم عليه ، إذ المبالغة في تعظيم المقسم به ، تتضمن المبالغة في تعظيم المقسم عليه .. وبه قال الزمخشري .
جـ - أن (لا) لنفي ما ينبئ عنه القسم من إعظام المقسم به وتفخيمه . فإن معنى لا أقسم بكذا : لا أعظمه بإقسامي حق إعظامه ، فإنه حقيق بأكثر من ذلك . وهذا الرأي يدور على أن ( لا ) للنفي ، وهذا الأسلوب يتضمن التعظيم . لكن : هل التعظيم منصب على المقسم به ، كما ذهب إليه أبو السعود ، على معنى : لا أعظمه بإقسامي به حق إعظامه ، فإنه حقيق بأكثر من ذلك . أم أن التعظيم منصب على المقسم عليه ، على معنى : لا أقسم بهذه الأشياء على إثبات المطلوب ، فإنه أعظم من أن يقسم عليه بهذه الأشياء ، وهذا ما ذهب إليه الفخر الرازي . أم هو منصب على المقسم به ، والمقسم عليه ، كما ذهب إلى ذلك الزمخشري ..؟ إذ المبالغة في تعظيم المقسم به تتضمن المبالغة في تعظيم المقسم عليه .
ويرد هذا الرأي قوله تعالى في سورة الواقعة : - (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) . فهذا دليل على أن هنا قسما مثبتا ، وأن الكلام إثبات قسم ، لا نفي قسم ، وليس بعد بيان الله بيان . ويقاس على هذا بقية المواضع الثمانية ، إذ هي مثلها في اللفظ ، فتكون مثلها في الحكم .

الرأي الثاني :
وحاصله : - أن صيغة (لا أقسم) عبارة من عبارات القسم ، واختلفوا في توجيهها على أقوال : -
أولا : - أن لا صلة ، أي : زائدة ، والمعنى : أقسم . قال بزيادتها : (ابن خالويه) ،
وأجاز ذلك أبو علي الفارسي في قوله (وإن جعلت تأكيدا لم يمتنع) .
وقال بزيادتها كذلك الزمخشري ، في تفسيره للآية ( 75 ) من سورة الواقعة قال : [color=red]قسم ، معناه : فأقسم، ولا مزيدة مؤكدة ، مثلها في قوله تعالى (لئلا يعلم أهل الكتاب) ، وقال في موضع آخر من الكشاف : [ إدخال لا النافية على فعل القسم مستفيض في كلامهم ، وأشعارهم قال امرؤ القيس:

لا وأبيك ابنة العامري لا يدعي القوم أني أفر

وفائدتها توكيد القسم . ثم قال : ( واعترضوا عليه بانها إنما تزاد في وسط الكلام لا في أوله ، وأجابوا بأن القرآن في حكم سورة واحدة ، متصل بعضه ببعض ، والاعتراض صحيح ، لأنها لم تقع مزيده إلا في وسط الكلام ، ولكن الجواب غير سديد ، ألا ترى إلى امرئ القيس كيف زادها في مستهل قصيدته ]
وقيل : إنها زيدت توطئة وتمهيدا لنفي الجواب ، كما في قوله تعالى : (لا أقسم بيوم القيامة) فالمعنى : لا ، أقسم بيوم القيامة ، لا يتركون سدى .
وما قاله الزمخشري وغيره مردود بأمور منها :
1 - لا : ليست زائدة لتأكيد القسم ، لأن ما يراد توكيده ينبغي أن يكون متأخرا عما هو مؤكد له ، فليس من المقبول أن نجعل (لا) مزيدة لتأكيد معنى القسم الوارد بعدها ، وقد منع (ثعلب) وغيره مجيء لا زائدة للتأكيد في إبتداء القول، واستقبحه بعض أهل اللغة ، وأنكروه ، لأن حكم التأكيد ينبغي أن يكون بعد المؤكد . وَ ( لأن زيادة الحرف يدل على إطراحه ، وكونه في أول الكلام يدل على قوة العناية به، لذا لم يجز أن نجعل -لا- في هذه الآية زيادة ) .
2 - إن قولهم إن -لا- زيدت توطئة وتمهيدا لنفي الجواب ، مردود بقوله تعالى : - ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) فإن جوابه هو قوله تعالى : (إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون) . وهو مثبت غير منفي . ومثله قوله تعالى : -(لا أقسم بهذا البلد) فإن جوابه مثبت، وهو قوله تعالى : - (
لقد خلقنا الإنسان في كبد) .

ثانيا : - إن -لا- نافية لكلام سابق ثم إستأنف القسم :
وتحقيقه في قوله تعالى : ( لا أقسم بيوم القيامة ) . أن - لا - نافية لكلام المشركين المنكرين للبعث ، أي : ليس الأمر كما زعموا ، ثم ابتدأ : أقسم بيوم القيامة
قال القرطبي : ( وقال بعضهم : ( لا ) : رد لكلامهم حيث أنكروا البعث ، فقال : ليس الأمر كما زعمتم . قلت : وهذا قول الفراء ، قال الفراء : وكثير من النحويين يقولون ( لا ) صلة ، ولا يجوز أن يبدأ بجحد ثم يجعل صلة ، لأن هذا لو كان كذلك لم يعرف خبر فيه جحد من خبر لا جحد فيه ، ولكن القرآن جاء بالرد على الذين أنكروا البعث ، والجنة ، والنار ، فجاء الإقسام بالرد عليهم ، وذلك كقولهم : لا والله لا أفعل ، ف ( لا ) رد لكلام قد مضى ، وكقولك :لا والله إن القيامة لحق ، كأنك أكذبت قوما أنكروه ) . وهو رأي أبي علي الفارسي كذلك .
ونجيب على هذا القول ، بأنه ضعيف من وجوه : -

1- إن هذا الكلام المحذوف الذي قدروه لا دليل عليه .
2- قولهم هذا يتنافى مع ما قرره النحويون من أن اسم -لا - وخبرها لا يجوز حذفهما إلا اذا كانا في جواب سؤال ، كما تقول : هل من رجل في الدار ، فيكون الجواب : لا ، أي : لا رجل في الدار .
3- قرر علماء المعاني في مثل هذا الموضع تعيين العطف بالواو حتى لا يحصل اللبس ، كما يقال : هل شفي فلان من مرضه ؟ فيقال : لا ، وشفاه الله . ولا يصح أن نقول : لا شفاه الله حتى لا يتوهم أنه دعاء عليه لا له . فلو كان الأمر كما يقولون ، لقال سبحانه : لا وأقسم بيوم القيامة .
4- قال تعالى :- ( لا أقسم بيوم القيامة . ولا أقسم بالنفس اللوامة ) فلو كان الأمر كما يقولون من أن ( لا ) جاءت لنفي كلام سابق ، لم يكن ثمة داع لإعادة حرف النفي مرة أخرى ، في قوله تعالى : - ( ولا أقسم بالنفس اللوامة ) .

ثالثا : - إن أصل (لا أقسم) : لأقسم : أشبعت فتحة اللام فظهرت الألف .
أجاز الفراء دخول لام الإبتداء على فعل القسم المضارع ، مستدلا بقراءة الحسن (لأقسم بيوم القيامة ) ، وتابعه ابن جني ، ولكنه قدر حذف مبتدأ بعدها ، قال : - ( أي لأنا أقسم بيوم القيامة ، وحذف المبتدأ للعلم به ) ، وخرجها الزمخشري على معنى (فلأنا أقسم) ، اللام لام ابتداء ، دخلت على جملة من مبتدأ وخبر ، وهي : أنا أقسم .
قال :- ( ولا يصح أن تكون اللام لام القسم لأمرين :
أحدهما : - إن حقها أن تقرن بها النون المؤكدة ، والإخلال به ضعيف قبيح .
والثاني : - إن لأفعلن في جواب القسم للاستقبال . وفعل القسم يجب أن يكون للحال ).
وقال العكبري :- ( فيها وجهان : -
أحدهما : - هي لام التوكيد دخلت على الفعل المضارع كقوله تعالى : (وإن ربك ليحكم بينهم ) ، وليست لام القسم .
والثاني : - هي لام القسم، ولم تصحبها النون اعتمادا على المعنى ، ولأن خبر الله صدق ، فجاز أن يأتي من غير توكيد ) .
ونقول: صحيح أن خبر الله صدق ، ولكن لم نجد آية واحدة ذكرت فيها لام القسم متصلة بالفعل المضارع ، دون أن تصحبها النون ، وإذا أخذنا بالقول أن خبر الله صدق - وهو كذلك - ، واعتمدنا عليه ، فلا داعي للقسم أصلا ، لكنه أقسم لحكمة يعلمها .

ومن خلال العرض الموجز السابق نصل إلى :

1- ليست اللام لام ابتداء ، أشبعت فتحتها فتولدت عنها ألف ، وليست زائدة كذلك .
2- إن القسم المسبوق بالنفي ، هو عبارة من عبارات القسم ، وليست ( لا ) أداة نفي نافية للقسم كما ادعى البعض ، إذ أنه مردود بتعيين المقسم به، كما في قوله تعالى : ( فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ) ، وقوله تعالى : (فلا أقسم بمواقع النجوم و إنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم ) فقد صرح بالقسم هنا ، وليس بعد بيان الله بيان . كما أن تأكيد الأمر عن طريق النفي مألوف في لغة العرب ، فإنك إذا قلت لصاحبك : (لاأوصيك بفلان) ، فإنما تريد تأكيد التوصية به ، وتبالغ في الاهتمام به . فتبلغ بالنفي ما لا تبلغه بالأسلوب الصريح المباشر ، وكذلك نفي القسم ، استعمل في القسم من طريق آكد وأبلغ.

المبحث الرابع

أنواع القسم الظاهر في القرآن الكريم :

المطلب الأول : - إقسامه تعالى بذاته وصفاته . وقد جاء في خمسة مواطن من القرآن : -

الموطن الأول : قوله تعالى في سياق الكلام على المنافقين : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما . )
الموطن الثاني : قوله تعالى : ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون . )
الموطن الثالث : قوله تعالى : ( فوربك لنحشرنهم والشياطين . )
الموطن الرابع : قوله تعالى Sad فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون .)
الموطن الخامس : قوله تعالى : ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين . )
وأما قوله تعالى في سورة يونس Sad ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين ) ، وقوله تعالى في سورة التغابن : - ( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ) فليس من باب إقسامه تعالى بذاته ، وإنما هو من باب تعليمه النبي - صلى الله عليه وسلم - كيفية الجواب ، فهو بالنهاية من أقسام النبي - صلى الله عليه وسلم - بربه ، على الطريقة التي دله الله عليها ، وأرشده إليها

المطلب الثاني : - وهو إقسامه تعالى بمخلوقاته ، وهو كثير في القرآن .
القسم بالمخلوقات في القرآن الكريم :
إذا إستقصينا القسم في القرآن وجدناه تعالى يقسم على أصول الإيمان التي يجب على الخلق معرفتها ، فتارة يقسم على أن الله واحد ، وتارة يقسم على البعث ، وتارة يقسم على حال الإنسان .
يقسم على أن الله واحد ، كقوله تعالى : (والصافات صفا . فالزاجرات زجرا . فالتاليات ذكرا . إن إلهكم لواحد) .
وعلى أن القرآن حق ، كقوله تعالى : (فلا أقسم بمواقع النجوم . وإنه لقسم لو تعلمون عظيم . إنه لقرآن كريم) .
وعلى أن الرسول حق ، كقوله تعالى : - (يس .والقرآن الحكيم . إنك لمن المرسلين ) . وعلى الجزاء ، كقوله تعالى : ( والطور . وكتاب مسطور. في رق منشور. والبيت المعمور. والسقف المرفوع .والبحر المسجور . إن عذاب ربك لواقع . ما له من دافع ) .
وعلى حال الإنسان ، كقوله تعالى : (والليل إذا يغشى . والنهار إذا تجلى . وما خلق الذكر والأنثى . إن سعيكم لشتى) .
وفي هذه الآيات وغيرها ترى المقسم به من مخلوقات الله تعالى ، فبإقسامه أولا ، وكونه يقسم بالمخلوقات ثانيا، أثار الشبهات التالية : -
1 - الجري على عادة الحلف عندنا غير محمود شرعا ،فالذي يلجأ للقسم متهم في صدقه ، مفتقر إلى تأييد دعواه ، فلماذا أكثر الله من الأقسام في القرآن . ؟
2- نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الحلف بغير الله ، ثم إن الحلف بغير الله يقتضي تعظيمه ، والعظمة لله وحده ، واجتناب الحلف مطلوب شرعا ، فكيف يحلف الله بمخلوقاته ، كالتين والزيتون ؟
3 - القسم القرآني كما قلنا وقع على أمور مهمة جدا ، هي أصول الإيمان ، فما المقصود به ؟ إن كان المقصود تحقيق المحلوف عليه وإثباته في ذهن المؤمن ، فالمؤمن مصدق لا يحتاج إلى يمين ، وإن كان المقصود به تحقيقه وإثباته في ذهن الكافر ، فالكافر لا يصدق باليمين ، ولا يقنعه إلا الدليل الساطع ، والبرهان القاطع . تلك الشبهات تخطر كلها أو بعضها في بال كثير من الناس .

فإذا سأل أحدهم : كيف يقسم الله بمخلوقاته ؟ كان الجواب : إن الله أراد تشريف تلك المخلوقات ، والتنويه بها وإعلاء شأنها ، والرد على من ذمها ، وهذا ظاهر الصحة في قوله تعالى(لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) ، …إذا قلنا إنه خطاب من الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- ، فقد كان النبي واحدا من العرب ، ظهر فيهم وعليهم ، فلقي منهم إيذاءً واستهزاء ، ولقي منه عنادا وإصراراً ، وعتواً واستكبارا ، فمن المعقول أن يشرفه الله بأن يقسم بحياته ، أما أن يشرف الخيل العاديات ضبحا بالقسم ، فبعيد ، وأبعد منه أن يشرف بالقسم كلا من الشمس ، والقمر ، والنجوم ، وقد بلغت عندهم من الشرف غايتة ، حتى عبدها بعضهم ، وفي تشريفه إياها بالقسم بها ، إغراء لهم بالتمادي في عبادتها ، وهو يقول - سبحانه - (لا تسجدوا للشمس ولا للقمر . ) .
أساس تلك الشبهات : -
لعل مما سبب في تسرب هذه الشبهات إلى الأذهان ، ظنها أن الغرض من القسم تقديس المقسم به ، أو تشريفه وتعظيمه ، وساعد على ذلك ، أن معظم ما أقسم الله به من مخلوقاته شريف في ذاته ، كالقرآن ، والشمس ، والقمر ، ولكن القسم في اللغة قد يكون بالخسيس كذلك ، ليؤدي غرضاً مقصوداً ، وسنرى في الأسطر القادمة ، أن في القسم بالمخلوقات ، نوع يباين القسم التقديسي ، ويباين القسم التشريفي ، وجيئ به ليؤدي غرضاً جليلا لا يؤديه غيره .
ولما كان القرآن قد نزل بلغة العرب ، وعلى طريقتهم ، وأسلوبهم ، كان علينا أن نعرف الغرض الأصلي من القسم عندهم ، وأن نتبين خصائصه وأهدافه ، لتتداعى تلك الشبهات .

المبحث الخامس

أغراض القسم القرآني ، وأهدافه :

يقول ابن يعيش : - (الغرض من القسم : توكيد ما يقسم عليه من نفي وإثبات)
وقال ابن القيم : (والمقسم عليه : يراد بالقسم توكيده ، وتحقيقه)
والقرآن نزل بلغة العرب ، ومن عاداتها القسم إذا أرادت أن تؤكد أمرا ، وقلما نجد القسم مستعملا في اللغات الأخرى وآدابها .
وكثيرا ما يحتاج المتكلم إلى تأكيد خبر يسوقه ، أو توثيق وعد يصدر منه، وبخاصة في الأمور المهمة كالمحالفات ، والمعاهدات ، وكان للتأكيد عند العرب صيغ مختلفة ، وكان القسم أقواها تأكيدا وتحقيقا ، لأنه يفيد الجزم بصحته ، والقطع بصدقه ، وقد بلغ من شأن القسم عندهم ، أنهم كانوا يحترزون كل الإحتراز من الأيمان الكاذبة ، ويعتقدون أنها شؤم على صاحبها ، تخرب الديار ، وتدعها بلاقع ، لما فيها من الغدر والخيانة ، ومن أجل هذا كانت اليمين عندهم قاطعة في إثبات الحقوق .
فالغرض الأصلي من القسم تأكيد المقسم عليه ، أما تقديس المقسم به ، أو تشريفه ، فغير مقصود أصالة ، وإن أتى تبعا

والقسم أنواع :
1- نوع يلزم فيه التقديس .
2- ونوع فيه تشريف وإعزاز للمقسم به .
3 - ونوع ثالث هو المقصود بالبيان ، يكون القسم فيه بالدليل ، أو ما في حكمه، وهو القسم الاستدلالي .

القسم التقديسي : - وهو إقسام الإنسان بمعبوده ، فهو عند المسلمين : أن يقسم بالله أو بصفة من صفاته ، فيقول أحدهم : أقسم بالله ، أو بعزته ، أو بجلاله لأفعلن كذا ، وهو أقوى أنواع القسم تأكيدا للمقسم عليه ، وهو القسم الشرعي ، الذي يأثم الإنسان على نقضه بعد تأكيده .
قالت العلماء : أقسم الله تعالى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، في قوله ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) لتعرف الناس عظمته عند الله تعالى ، ومكانته لديه ) هذا إذا كان الله عز وجل هو المقسم ، أما العباد إذا أقسموا ، فالاسلام حرم عليهم القسم بغير الله ، أو صفة من صفاته ، وقد سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يحلف بأبيه ، فقال : ( إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) . وللفقهاء في ذلك آراء وأقوال ليس هذا موضعها .

القسم التشريفي : - يحس الإنسان في نفسه عزة ورفعة ، فيحمله هذا إذا أراد تأكيد كلام أن يقول : ورأسي ، أو وحياتي، أو لعمري ، لأفعلن كذا ، وقد يريد إعزاز المخاطب وإكرامه فيقول : ورأسك ، أو لعمرك ، فكل هذه الأقسام تفيد التأكيد ، ومع أنها تشعر بتعظيم المقسم به ، إلا إلى أنها لا تصل إلى حد التقديس .

القسم الإستدلالي :
1- روي أن (هجرسا) حين هم بقتل خاله (جساساً) قاتل أبيه ، قال : - ( وفرسي وأذنيه ، ورمحي ونصليه ، وسيفي وغراريه ، لا يترك الرجل قاتل أبيه وهو ينظر إليه ) ، ثم طعنه فقضى عليه . لم يرد (هجرس) تقديس فرسه ، وأذنيه ورمحه ، ونصليه وسيفه ، وغراريه ، ولا تشريفها ، وإن كانت عظيمة عنده ، عزيزة عليه ، ولكنه أراد أن يقول :
لا عذر لي في أن أترك قاتل أبي حيا أنظر إليه ، وأنا تام الأهبة ، قادر على الضرب والطعن والثأر ، أو أراد أن يقول : أنا تام العدة ، قادر على الثأر ، ومن كان كذلك ، لا يسوغ له أن يترك قاتل أبيه حيا وهو ينظر إليه ، فأنا لا يسوغ لي أن أترك قاتل أبي حيا ، وأنا أنظر إليه ، فوضع الدليل في صورة القسم التي تفيد تأكيد المحلوف عليه ، وتلفت السامع إليه ، دون أن تعطي الخصم فرصة الإنكار ، أو الفرار .
2 - قال عروة بن مرة الهذلي : -
وقال أبو أمامة يالبكر فقلت ومرخة دعوى كبير .
يستهزئ الشاعر بأبي أمامة على استغاثته بقبيلة بكر ، فقال : هذه دعوى كبيرة ، أي : ما أصغر من يدعوهم لنصره ، فأقسم بشجرة صغيرة لا تؤوي من يلوذ بها ، وضربها مثلا لأضعف الأشياء ملاذا ، وإنما قال Sadكبير) ، تهكما ، فهو يريد : فقلت ومرخة دعوى صغير ، على حد قولك للأسود : يا أبيض ، وللجبان : يا أسد . وكقوله تعالى : (ذق إنك أنت العزيز الكريم) أي : الذليل اللئيم .
ويتضح هذا المعنى مما قاله أبو جندب الهذلي

وكنت إذا جار دعا لمضوفة أشمر حتى ينصف الساق مئزري .
فلا تحسباجاري لدى ظل مرخة ولا تحسبنه فقع قاع بقرقر .

والمرخة : شجرة ضئيلة الظل ، لا تقي من استظل بها حر الشمس ، ولذا تقول العرب لمن لجأ إلى ضعيف لا يحميه : لقد استظل بمرخة .
فالتقديس والتشريف لا يلازمان المقسم به ، بل قد يكون حقيرا ، أو بغيضا ثقيلا ، وقد يكون القسم للتذكير بالمقسم به ، والتنبيه إليه ، وقد يكون للإستدلال بالمقسم به على المقسم عليه ، أو لتشبيه المقسم عليه بالمقسم به .
وإلى هذا أشار الفخر الرازي - عند تفسير قوله تعالى : (والذاريات ذروا . فالحاملات وقراً .فالجاريات يسرا . فالمقسمات أمرا. إنما توعدون لصادق . وإن الدين لواقع .) إلى أن الأيمان الواقعة في القرآن ، وإن وردت في صورة القسم ، فالمقصود بها الاستدلال بالمقسم به على المقسم عليه ، وهو هنا صدق الوعد ، والبعث ، والجزاء ، كأنه قيل : من قدر على هذه الأمور العجيبة المقسم بها ، يقدر على إعادة من أنشأه أولا .
وأكثر أقسام القرآن إستدلالية ، والأدلة على ذلك كثيرة ، منها : -
1- إن حملها على الإستدلال هو اللائق بجلال الله وبجلال كتابه ، لأنه ليس من اللائق ولا من الصواب ، أن يفهم أي قسم من أقسام الله على أنه تقديس للمقسم به ، لأن هذا التقديس يجوز على البشر ، ولا يصح مع الخالق ، إلا في حالة واحدة وهي: القسم بالله ، فإنه تقديس .
2- إن القرآن يتصرف في أساليبه ، فتارة يذكر الأمور الدالة على وجود الله ، ووحدانيته وقدرته ، في أسلوب القسم بها ، وتارة يسوقها مساق العظة والتوجية ، وهي في الحالتين بينات على ما سيقت إليه ، لمن يتفكر فيها ، ويتدبر مراميها . قال تعالى : - (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) ، وفي آيات أخرى استدلال بالأرض ، والسماء ، والجبال ، والبحار، وغيرها ، على طريق القسم بها ، ولا شك أن توجيه القسم بها على أنه استدلالي للاحتجاج والاستشهاد ، يناظر ذكرها للعظة ، والتوجيه ، والاعتبار
3- ليس من المعقول أن يتصور إنسان مؤمن أن الله الخالق يقدس مخلوقاته التي أقسم الله بها ، وهي كما ذكر القرآن الكريم مرارا ، مسخرة طائعة لله ، لا تملك لنفسها ولا لغيرها ، نفعا ولا ضرا .
4- على أن القرآن الكريم قد يذكر الآيات الدالة ، ثم يقسم بالله سبحانه ، كأنه قد مهد بذكرها ، لبيان المراد من الاستدلال بها ، قال تعالى : (وفي الأرض آيات للموقنين . وفي أنفسكم أفلا تبصرون . وفي السماء رزقكم وما توعدون . فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون) .
ومعنى هذا : أن الآيات المنبثه في الأرض وما عليها ، وفي النفوس وأحوالها وأسرارها ، وفي السماء ونجومها وسحبها ، كلها أدلة على وجود الله وقدرته ، ودلائل على صدق النبوة والبعث ، والقرآن ، ولهذا عقب بالقسم بذاته العلية ، وهذا القسم بالذات العلية مراد به التقديس ، لأنه بالله المعبود بحق ، ولأنه متضمن الاستدلال بما تدل عليه السماء والأرض من بينات على وجود الله تعالى ، وعلى صدق محمد -عليه الصلاة والسلام- .
5- ثم إذا رجعنا إلى الأقسام القرآنية وأجوبتها ، وجدنا ملاءمة بينهما ، وأدركنا أن المناسبة قوية بين القسم والمقسم به ، وهذا يعزز أنها أقسام استدلالية ، من ذلك مثلا :
قول الله تعالى : ( والضحى .والليل إذا سجى . ما ودعك ربك وما قلى ) .
أقسم - عز وجل -بآيتين عظيمتين من آياته وهما : الضحى ، والليل إذا سجى ، يقول السيوطي مجليا التلاؤم بين هذا القسم وجوابه : - ( وتأمل مطابقة هذا القسم ، وهو نور الوحي الذي وافاه بعد احتباسه عنه ، حتى قال أعداؤه : ودع محمدا ربه ، فأقسم بضوء النهار بعد ظلمة الليل ، على ضوء الوحي ونوره ، بعد ظلمة احتباسه واحتجابه )

ويمكننا أن نجمل أغراض القسم في القرآن الكريم فيما يلي :
1- تأكيد الخبر وتقريره ، وتلك عادة العرب الذين كانوا يقطعون كلامهم بالقسم ، لأن (القصد بالقسم تحقيق الخبر وتوكيده) . وهذا الغرض يظهر لنا إذا علمنا أن المقسم عليه كثيرا ما يكون من الأمور الخفية الغائبة ، فيقسم عليها لإثباتها ، مثل قوله تعالى : (لا أقسم بيوم القيامة . ولا أقسم بالنفس اللوامة . أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه . بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) فالقسم في كلام الله ( يزيل الشكوك ، ويحبط الشبهات ، ويقيم الحجة ، ويؤكد الأخبار، ويقرر الحكم في أكمل صورة ) .
2- لفت الأنظار إلى الكون وما يحويه من أسرار عجيبة ، وما فيه من نظام بديع محكم ، إذ كل يجري إلى أجل مسمى ، وكل في فلك يسبحون ، فجاء القسم في القرآن الكريم على هذه الأمور لأجل ذلك .
3- إثبات صدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذ العرب كانت تعتقد أن الأيمان الكاذبة تدع الديار بلاقع ، وأنها تضر صاحبها . وقد كان إكثار النبي -صلى الله عليه وسلم- من الحلف بأمر الله تعالى ، مثل قوله تعالى :
(ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين ) .وقوله تعالى (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم). ومع قسمه -صلى الله عليه وسلم- لم يصب بسوء ما،بل ارتفع شأنه وعلا ذكره -صلى الله عليه وسلم- ، فكان دليلا على صدقه .
4- إبراز المعقول في صورة المحسوس ، وذلك أن الأمر المعقول إذا صور في شيء حسي ، فإن العقل يستوعبه ، أكثر ما لو كان مجردا عن الحس ، ومثله تشبيه الوحي بالضحى في رابعة النهار ، وتشبيه الباطل بالليل ، وانتصار الحق بالنهار ، إشارة إلى أن الليل البهيم ، لابد وأن يعقبه صبح مشرق بهيج ، يبدد ظلامه وظلماته ، وكذلك ظلام الشرك والجهل ، لابد وأن يعقبه نور الحق واليقين .
5- تصحيح العقائد الباطلة ، فالقسم بالنجم إذا هوى ، وبالكواكب ، وبالشمس ، والقمر ، فيه رد على من اعتقد أنها آلهة ، وأن لها تصرفا في العالم السفلي .
6- لفت الأنظار إلى أحدات بارزة ، كان لها أكبر الأثر في تاريخ البشر ، وذلك الغرض يظهر في القسم بالأمكنة مثل (الطور) ، فالقسم به فيه إشارة إلى ماكان عند ذلك الجبل من الآيات التي ظهرت لموسى
-عليه السلام- ، والقسم بالبلد الأمين ( وهذا البلد الأمين) فيه إشارة إ


عدل سابقا من قبل ايهاب عبد المنعم في الأحد فبراير 19, 2012 9:55 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mido messi
ناظر محطة الفرفشة
ناظر محطة الفرفشة
mido messi


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 6134
نقاط : 8769
تاريخ التسجيل : 29/03/2011
الموقع : القاهرة

الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه "   الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالسبت فبراير 18, 2012 7:33 pm

رااااااااااائع استاذ ايهاب

دائما مميز وتأتى بالبهاريز المفيدة للعقل

بصراحة موضووع جامد جدااا ومفيد جدا لكل انسان مسلم

ودينا الحمد لله جميل ونحمد الله على نعمة الاسلام

وانا احييك على هذا العمل الجبار وربنا يجعلة بميزان حسناتك

وتقبل مرورى وتحياتى

الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Images?q=tbn:ANd9GcSY4a1toEj9oz_RtTohCMM5kUuhcuONbfXeoy3oXA3XRjtcw3q8Kw

---------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايهاب عبد المنعم
من اسره مترو
من اسره مترو
ايهاب عبد المنعم


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2083
نقاط : 2636
تاريخ التسجيل : 05/04/2011
العمر : 47
الموقع : بهتيم/شبرا الخيمة

الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه "   الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالسبت فبراير 18, 2012 8:33 pm

mido messi كتب:
رااااااااااائع استاذ ايهاب

دائما مميز وتأتى بالبهاريز المفيدة للعقل

بصراحة موضووع جامد جدااا ومفيد جدا لكل انسان مسلم

ودينا الحمد لله جميل ونحمد الله على نعمة الاسلام

وانا احييك على هذا العمل الجبار وربنا يجعلة بميزان حسناتك

وتقبل مرورى وتحياتى

الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Images?q=tbn:ANd9GcSY4a1toEj9oz_RtTohCMM5kUuhcuONbfXeoy3oXA3XRjtcw3q8Kw

---------------------------------------


جزاك الله خيراً أخى الغالى / ميدو ميسى
وشكراً لمرورك الكريم وردك الأكثر من رائع
أسأل الله العظيم أن يجعلنا وسائر المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
تحيتى وإحترامى لشخصك وخلقك الكريم أخى الغالى / ميدو ميسى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فارس
راكب درجه فاخره
راكب درجه فاخره
فارس


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 965
نقاط : 1609
تاريخ التسجيل : 07/10/2009

الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه "   الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالأحد فبراير 19, 2012 5:21 pm

فكره اكثر من رائعه

جزاك الله كل خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مجدى تركى
راكب نشيط
راكب نشيط
مجدى تركى


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 189
نقاط : 311
تاريخ التسجيل : 13/09/2010
العمر : 48
الموقع : البدرشين محافظة الجيزة

الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه "   الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالأحد فبراير 19, 2012 6:17 pm

جزاك الله خيرا استاذ ايهاب
فعلا عندى لا استطيع تحميل الكتب
جعلها الله فى ميزان حسناتك
شكرا جزيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/magdy.torky
ايهاب عبد المنعم
من اسره مترو
من اسره مترو
ايهاب عبد المنعم


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2083
نقاط : 2636
تاريخ التسجيل : 05/04/2011
العمر : 47
الموقع : بهتيم/شبرا الخيمة

الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه "   الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالأحد فبراير 19, 2012 7:55 pm

فارس كتب:
فكره اكثر من رائعه

جزاك الله كل خيرا


أشكرا جداً أخى الغالى / فارس
مرورك أسعدنى وجزاك الله خيراً لتشجيعك الدائم
تحيتى لك أخى العزيز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايهاب عبد المنعم
من اسره مترو
من اسره مترو
ايهاب عبد المنعم


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2083
نقاط : 2636
تاريخ التسجيل : 05/04/2011
العمر : 47
الموقع : بهتيم/شبرا الخيمة

الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه "   الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالأحد فبراير 19, 2012 8:02 pm

مجدى تركى كتب:
جزاك الله خيرا استاذ ايهاب
فعلا عندى لا استطيع تحميل الكتب
جعلها الله فى ميزان حسناتك
شكرا جزيلا


جزاك الله خيراً أخى العزيز / مجدى تركى
مرورك أسعدنى
وأتمنى أن تكون الفكرة مثمرة بأن يستفيد منها الجميع ونتبادل بها العلم والمعلومة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابراهيم سعيد55
واقف امام شباك التذاكر



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 6
نقاط : 6
تاريخ التسجيل : 15/10/2012

الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه "   الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه " Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2012 1:15 am

جزاك اللة خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الكتاب الأول :" أسلوب القسم الظاهر في القرآن الكريم بلاغته ... وأغراضه "
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الكتاب الممنوع من النشر شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - محمد والصحابة - السفر الأول - خليل عبد الكريم للتحميل المباشر
»  سور القرآن الكريم .
» للموبايل القرآن الكريم N73
» قواعد حفظ القرآن الكريم
» من عجائب القرآن الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مترو :: محطه الدين :: رصيف الفقه والحديث-
انتقل الى: