فَقَالَ فِي قَصِيدَتِهِ الّتِي قَالَ حِينَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ | | مُتَيّمٌ إثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ |
وَمَا سُعَادُ غَدَاةَ الْبَيْنِ إذْ رَحَلُوا | | إلّا أَغَنّ غَضِيضُ الطّرْفِ مَكْحُولُ |
هَيْفَاءُ مُقْبِلَةٌ عَجْزَاءُ مُدْبِرَةٌ | | لَا يُشْتَكَى قِصَرٌ مِنْهَا وَلَا طُولُ |
تَجْلُو عَوَارِضَ ذِي ظَلْمٍ إذَا ابْتَسَمَتْ | | كَأَنّهُ مَنْهَلٌ بِالرّوْحِ مَعْلُولُ |
شُجّتْ بِذِي شَيَمٍ مِنْ مَاءِ مَحْنِيَةٍ | | صَافٍ بِأَبْطَحَ أَضْحَى وَهُوَ مَشْمُولُ </SPAN> |
تَنْفِي الرّيَاحُ الْقَذَى عَنْهُ وَأَفْرَطَهُ | | مِنْ صَوْبِ غَادِيَةٍ بِيضٌ يَعَالِيلُ |
فَيَا لَهَا حُلّةٌ لَوْ أَنّهَا صَدَقَتْ | | بِوَعْدِهَا أَوْ لَوْ إنّ النّصْحَ مَقْبُولُ |
لَكِنّهَا خُلّةٌ قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِهَا | | فَجَعٌ وَوَلَعٌ وَإِخْلَافٌ وَتَبْدِيلُ |
فَمَا تَدُومُ عَلَى حَالٍ تَكُونُ بِهَا | | كَمَا تَلَوّنَ فِي أَثْوَابِهَا الْغُولُ |
وَمَا تَمَسّكَ بِالْعَهْدِ الّذِي زَعَمَتْ | | إلّا كَمَا يُمْسِكُ الْمَاءَ الْغَرَابِيلُ |
فَلَا يَغُرّنّكَ مَا مَنّتْ وَمَا وَعَدَتْ | | إنّ الْأَمَانِيّ وَالْأَحْلَامَ تَضْلِيلُ </SPAN> |
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلًا | | وَمَا مَوَاعِيدُهَا إلّا الْأَبَاطِيلُ |
أَرْجُو وَآمُلُ أَنْ تَدْنُو مَوَدّتُهَا | | وَمَا إخَالُ لَدَيْنَا مِنْك تَنْوِيلُ |
أَمْسَتْ سُعَادُ بِأَرْضٍ لَا يُبَلّغُهَا | | إلّا الْعِتَاقُ النّجِيبَاتُ الْمَرَاسِيلُ |
وَلَنْ يُبَلّغَهَا إلّا عُذَافِرَةٌ | | لَهَا عَلَى الْأَيْنِ إرْقَالٌ وَتَبْغِيلُ |
مِنْ كُلّ نَضّاخَةِ الذّفْرَى إذَا عَرِقَتْ | | عُرْضَتُهَا طَامِسُ الْأَعْلَامِ مَجْهُولُ |
تَرْمِي الْغُيُوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرِدٍ لَهَقٍ | | إذَا تَوَقّدَتْ الْحِزّانُ وَالْمِيلُ |
ضَخْمٌ مُقَلّدُهَا فَعْمٌ مُقَيّدُهَا | | فِي خَلْقِهَا عَنْ بَنَاتِ الْفَحْلِ تَفْضِيلُ |
غَلْبَاءُ وَجْنَاءُ عُلْكُومٌ مُذّكّرَةٌ | | فِي دَفّهَا سَعَةٌ قُدّامُهَا مِيلُ |
وَجِلْدُهَا مِنْ أُطُومٍ مَا يُؤَيّسُهُ | | طِلْحٌ بِضَاحِيَةِ الْمَتْنَيْنِ مَهْزُولُ </SPAN> |
حَرْفٌ أَخُوهَا أَبُوهَا مِنْ مُهَجّنَةٍ | | وَعَمّهَا خَالُهَا قَوْدَاءُ شِمْلِيلُ |
يَمْشِي الْقُرَادُ عَلَيْهَا ثُمّ يُزْلِقُهُ | | مِنْهَا لَبَانٌ وَأَقْرَابٌ زَهَالِيلُ |
عَيْرَانَةٌ قُذِفَتْ بِالنّحْضِ عَنْ عُرُضٍ | | مِرْفَقُهَا عَنْ بَنَاتِ الزّوْرِ مَفْتُولُ |
كَأَنّمَا فَاتَ عَيْنَيْهَا وَمَذْبَحُهَا | | مِنْ خَطْمِهَا وَمِنْ اللّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ |
تَمُرّ مِثْلَ عَسِيبِ النّخْلِ ذَا خُصَلٍ | | فِي غَارِزٍ لَمْ تَخَوّنُهُ الْأَحَالِيلُ |
قَنْوَاءُ فِي حُرّتَيْهَا لِلْبَصِيرِ بِهَا | | عِتْقٌ مُبِينٌ وَفِي الْخَدّيْنِ تَسْهِيلُ |
تَخْدِي عَلَى يَسَرَاتٍ وَهِيَ لَاحِقَةٌ | | ذَوَابِلٌ مَسّهُنّ الْأَرْضَ تَحْلِيلُ |
سُمْرُ الْعُجَايَاتِ يَتْرُكْنَ الْحَصَى زِيَمًا | | لَمْ يَقِهِنّ رُءُوسُ الْأُكْمِ تَنْعِيلُ </SPAN> |
كَأَنّ أَوْبَ ذِرَاعَيْهَا وَقَدْ عَرِقَتْ | | وَقَدْ تَلَفّعَ بِالْقُورِ الْعَسَاقِيلُ |
يَوْمًا يَظَلّ بِهِ الْحِرْبَاءُ مُصْطَخِدًا | | كَأَنّ ضَاحِيَهُ بِالشّمْسِ مَمْلُولُ |
وَقَالَ لِلْقَوْمِ حَادِيهِمْ وَقَدْ جُعِلَتْ | | وُرْقُ الْجَنَادِبِ يَرْكُضْنَ الْحَصَا قِيلُوا |
شَدّ النّهَارُ ذِرَاعًا عَيْطَلٍ نَصَفٌ | | قَامَتْ فَجَاوَبَهَا نُكْدٌ مَثَاكِيلُ |
نَوّاحَةٌ رَخْوَةُ الضّبَعَيْنِ لَيْسَ لَهَا | | لَمّا نَعَى بِكْرَهَا النّاعُونَ مَعْقُولُ |
تَفْرِي اللّبَانَ بِكَفّيْهَا وَمِدْرَعِهَا | | مُشَقّقٌ عَنْ تَرَاقِيهَا رَعَابِيلُ |
تَسْعَى الْغُوَاةُ جَنَابَيْهَا وَقَوْلُهُمْ | | إنّك يَا ابْنَ أَبِي سُلْمَى لَمَقْتُولُ </SPAN> |
وَقَالَ كُلّ صَدِيقٍ كُنْت آمُلُهُ | | لَا أُلْهِيَنّكَ إنّي عَنْك مَشْغُولُ |
فَقُلْت خَلّوا سَبِيلِي لَا أَبَا لَكُمْ | | فَكُلّ مَا قَدّرَ الرّحْمَنُ مَفْعُولُ |
كُلّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهُ | | يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ |
نُبّئْت أَنّ رَسُولَ اللّهِ أَوْعَدَنِي | | وَالْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ مَأْمُولُ |
مَهْلًا هَدَاك الّذِي أَعْطَاك نَافِلَةَ الْ | | قُرْآنِ فِيهَا مَوَاعِيظٌ وَتَفْصِيلُ |
لَا تَأْخُذَنّي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ وَلَمْ | | أُذْنِبْ وَلَوْ كَثُرَتْ فِيّ الْأَقَاوِيلُ |
لَقَدْ أَقُومُ مَقَامًا لَوْ يَقُومُ بِهِ | | أَرَى وَأَسْمَعُ مَا لَوْ يَسْمَعُ الْفِيلُ |
لَظَلّ يَرْعَدُ إلّا أَنْ يَكُونَ لَهُ | | مِنْ الرّسُولِ بِإِذْنِ اللّهِ تَنْوِيلُ |
حَتّى وَضَعْت يَمِينِي مَا أُنَازِعُهُ | | فِي كَفّ ذِي نَقَمَاتٍ قِيلُهُ الْقِيلُ </SPAN> |
فَلَهُوَ أَخَوْفُ عِنْدِي إذْ أُكَلّمُهُ | | وَقِيلَ إنّك مَنْسُوبٌ وَمَسْئُولُ |
مِنْ ضَيْغَمٍ بِضَرّاءِ الْأَرْضِ مُخْدَرُهُ | | فِي بَطْنِ عَثّرَ غِيلٌ دُونَهُ غِيلُ |
يَغْدُو فَيَلْحَمُ ضِرْغَامَيْنِ عَيْشُهُمَا | | لَحْمٌ مِنْ النّاسِ مَعْفُورٌ خَرَادِيلُ |
إذَا يُسَاوِرُ قِرْنًا لَا يَحِلّ لَهُ | | أَنْ يَتْرُكَ الْقِرْنَ إلّا وَهُوَ مَفْلُولُ |
مِنْهُ تَظَلّ سِبَاعُ الْجَوّ نَافِرَةً | | وَلَا تَمْشِي بِوَادِيهِ الْأَرَاجِيلُ |
وَلَا يَزَالُ بِوَادِيهِ أَخُو ثِقَةٍ | | مُضَرّجُ الْبِزّ وَالدّرْسَانِ مَأْكُولُ |
إنّ الرّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ | | مُهَنّدٌ مِنْ سُيُوفِ اللّهِ مَسْلُولُ |
فِي عُصْبَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ | | بِبَطْنِ مَكّةَ لَمّا أَسْلَمُوا زُولُوا |
زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلَا كُشَفٌ | | عِنْدَ اللّقَاءِ وَلَا مِيلٌ مَعَازِيلُ |
شُمّ الْعَرَانِينِ أَبْطَالٌ لَبُوسُهُمْ | | مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ فِي الْهَيْجَا سَرَابِيلُ |
بِيضٌ سَوَابِغُ قَدْ شُكّتْ لَهَا حَلَقٌ | | كَأَنّهَا حَلَقُ الْقَفْعَاءِ مَجْدُولُ </SPAN> |
لَيْسُوا مَفَارِيحَ إنْ نَالَتْ رِمَاحُهُمْ | | قَوْمًا وَلَيْسُوا مَجَازِيعًا إذَا نِيلُوا |
يَمْشُونَ مَشْيَ الْجِمَالِ الزّهْرِ يَعْصِمُهُمْ | | ضَرْبٌ إذَا عَرّدَ السّودُ التّنَابِيلُ |
لَا يَقَعُ الطّعْنُ إلّا فِي نُحُورِهِمْ | | وَمَا لَهُمْ عَنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ تَهْلِيلُ </SPAN> |
قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ : قَالَ كَعْبٌ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ بَعْدَ قُدُومِهِ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
الْمَدِينَةَ وَبَيْتُهُ " حَرْفٌ أَخُوهَا أَبُوهَا " وَبَيْتُهُ " يَمْشِي الْقُرَادَ " وَبَيْتُهُ " عَيْرَانَةٌ قُذِفَتْ " ، وَبَيْتُهُ " تَمُرّ مِثْلَ عَسِيبِ النّخْلِ " ، وَبَيْتُهُ " تَفْرِي اللّبَانَ " وَبَيْتُهُ " إذَا يُسَاوِرُ قَرْنًا " وَبَيْتُهُ " وَلَا يَزَالُ بِوَادِي " : عَنْ غَيْرِ
ابْنِ إسْحَاقَ .
وَذَكَرَ قَصِيدَتَهُ
وَفِيهَا قَوْلُهُ شُجّتْ بِذِي شَبَمٍ .
يَعْنِي : الْخَمْرَ وَشُجّتْ كُسِرَتْ مِنْ أَعْلَاهَا لِأَنّ الشّجّةَ لَا تَكُونُ إلّا فِي الرّأْسِ وَالشّيَمُ الْبَرْدُ وَأَفْرَطَهُ أَيْ مَلَأَهُ . وَالْبِيضُ الْيَعَالِيلُ السّحَابُ وَقِيلَ جِبَالٌ يَنْحَدِرُ الْمَاءُ مِنْ أَعْلَاهَا ، وَالْيَعَالِيلُ أَيْضًا : الْغُدْرَانُ وَاحِدُهَا يَعْلُولٌ لِأَنّهُ يُعِلّ الْأَرْضَ بِمَائِهِ .
وَقَوْلُهُ
أَيْ خُلِطَ بِلَحْمِهَا وَدَمِهَا هَذِهِ الْأَخْلَاقُ الّتِي وَصَفَهَا بِهَا مِنْ الْوَلَعِ وَهُوَ الْخَلْفُ وَالْكَذِبُ وَالْمَطْلُ يُقَالُ سَاطَ الدّمَ وَالشّرَابَ إذَا ضَرَبَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ .
وَالْغُولُ الّتِي تَتَرَاءَى بِاللّيْلِ . وَالسّعْلَاةُ مَا تَرَاءَى بِالنّهَارِ مِنْ
الْجِنّ ، وَقَدْ أَبْطَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حُكْمَ الْغُولِ حَيْثُ قَالَ
لَا عَدْوَى وَلَا غُولَ
وَلَيْسَ يُعَارِضُ هَذَا مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ
إذَا تَغَوّلَتْ الْغِيلَانُ فَارْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْأَذَانِ
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي أَيّوبَ مَعَ الْغُولِ حِينَ أَخَذَهَا ، لِأَنّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السّلَامُ " لَا غُولَ إنّمَا أَبْطَلَ بِهِ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيّةُ تَتَقَوّلُهُ مِنْ أَخْبَارِهَا وَخُرَافَاتِهَا مَعَهَا " .
وَقَوْلُهُ
هُوَ عُرْقُوبُ بْنُ صَخْرٍ مِنْ الْعَمَالِيقِ الّذِينَ سَكَنُوا
يَثْرِبَ ، وَقِيلَ بَلْ هُوَ مِنْ
الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، وَقِصّتُهُ فِي إخْلَافِ الْوَعْدِ مَشْهُورَةٌ حِينَ وَعَدَ أَخَاهُ بِجَنَا
نَخْلَةٍ لَهُ وَعْدًا مِنْ بَعْدِ وَعْدٍ ثُمّ جَذّهَا لَيْلًا ، وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا .
وَالتّبْغِيلُ ضَرْبٌ مِنْ السّيْرِ سَرِيعٌ وَالْحِزّانُ
جَمْعُ حَزْنٍ وَهُوَ مَا غَلُظَ مِنْ الْأَرْضِ . وَالْمِيلُ مَا اتّسَعَ مِنْهَا .
وَقَوْلُهُ تَرْمِي النّجَادَ وَأَنْشَدَهُ أَبُو عَلِيّ تَرْمِي الْغُيُوبَ وَهُوَ
جَمْعُ غَيْبٍ وَهُوَ مَا غَار مِنْ الْأَرْضِ كَمَا قَالَ ابْنُ مِقْبَلٍ
وَقَوْلُهُ
الْقَوْدَاءُ الطّوِيلَةُ الْعُنُقِ . وَالشّمْلِيلُ السّرِيعَةُ . وَالْحَرْفُ النّاقَةُ الضّامِرُ .
وَقَوْلُهُ مِنْ مُهَجّنَةٍ أَيْ مِنْ إبِلٍ مُهَجّنَةٍ مُسْتَكْرَمَةٍ هِجَانٍ .
وَقَوْلُهُ أَبُوهَا أَخُوهَا أَيْ أَنّهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ الْكَرَمِ وَقِيلَ إنّهَا مِنْ
فَحْلٍ حَمَلَ عَلَى أُمّهِ فَجَاءَتْ بِهَذِهِ النّاقَةِ فَهُوَ أَبُوهَا وَأَخُوهَا ، وَكَانَتْ لِلنّاقَةِ الّتِي هِيَ أُمّ هَذِهِ بِنْتٌ أُخْرَى مِنْ الْفَحْلِ الْأَكْبَرِ فَعَمّهَا خَالُهَا عَلَى هَذَا ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَكْرَمِ النّتَاجِ وَالْقَوْلُ الْأَوّلُ ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيّ الْقَالِيّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَاَللّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ أَقْرَابٌ زَهَالِيلُ أَيْ خَوَاصِرُ مُلْسٌ وَاحِدُهَا : زُهْلُولٌ وَالْبِرْطِيلُ حَجَرٌ طَوِيلٌ وَيُقَالُ لِلْمِعْوَلِ أَيْضًا : بِرْطِيلٌ .
وَقَوْلُهُ
وَقَوْلُهُ بِالْقُورِ الْعَسَاقِيلُ . الْقُورُ
جَمْعُ قَارَةٍ وَهِيَ الْحِجَارَةُ السّودُ . وَالْعَسَاقِيلُ هُنَا السّرَابُ وَهَذَا مِنْ الْمَقْلُوبِ أَرَادَ وَقَدْ تَلَفّعَتْ الْقُودُ بِالْعَسَاقِيلِ .
وَفِيهَا قَوْلُهُ تَمْشِي الْغُوَاةُ بِجَنْبَيْهَا ، أَيْ بِجَنْبَيْ نَاقَتِهِ .
عَنْ الْقَوْلِ وَالْقِيلِ إعْرَابًا وَمَعْنًى
وَقَوْلُهُ
وَيُرْوَى : وَقَيْلُهُمْ وَهُوَ أَحْسَنُ فِي الْمَعْنَى ، وَأَوْلَى بِالصّوَابِ لِأَنّ الْقِيلَ هُوَ الْكَلَامُ الْمَقُولُ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ إنّك يَا
ابْنَ أَبِي سُلْمَى لَمَقْتُولُ خَبَرٌ تَقُولُ إذَا سُئِلْت مَا قِيلُك ؟ قِيلِي : إنّ اللّهَ وَاحِدٌ فَقَوْلُك : إنّ اللّهَ وَاحِدٌ هُوَ الْقِيلُ وَالْقَوْلُ مَصْدَرٌ كَالطّحْنِ وَالذّبْحِ وَالْقِيلُ اسْمٌ لِلْمَقُولِ كَالطّحْنِ وَالذّبْحِ بِكَسْرِ أَوّلِهِ وَإِنّمَا حَسُنَتْ هَذِهِ الرّوَايَةُ لِأَنّ الْقَوْلَ مَصْدَرٌ فَيَصِيرُ إنّك يَا
ابْنَ أَبِي سُلْمَى فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ فِيهِ فَيَبْقَى الْمُبْتَدَأُ بِلَا خَبَرٍ إلّا أَنْ تَجْعَلَ الْمَقُولَ هُوَ الْقَوْلَ عَلَى الْمَجَازِ كَمَا يُسَمّى الْمَخْلُوقُ خَلْقًا ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ عَزّ وَجَلّ
وَقِيلِهِ يَا رَبّ [ الزّخْرُفُ 88 ] فِي مَوْضِعِ الْبَدَلِ مِنْ الْقِيلِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ
إِلّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا [ الْوَاقِعَةُ 26 ] مُنْتَصِبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ فَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْبَدَلِ مِنْ قِيلًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ
وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلًا [ النّسَاءُ 122 ] أَيْ حَدِيثًا مَقُولًا ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَسْأَلَةٌ مِنْ النّحْوِ ذَكَرَهَا
سِيبَوَيْهِ ، وَابْنُ السّرَاجِ فِي كِتَابِهِ وَأَخَذَ الْفَارِسِيّ مِنْهُمَا ، أَوْ مِنْ ابْنِ السّرَاجِ فَكَثِيرًا مَا يَنْقُلُ مِنْ كِتَابِهِ بِلَفْظِهِ غَيْرَ أَنّهُ أَفْسَدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يَفْهَمْ مَا أَرَادَ بِهَا ، وَذَلِكَ أَنّهُمَا قَالَا : إذَا قُلْت أَوّلَ مَا أَقُولُ إنّي أَحْمَدُ اللّهَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ فَهُوَ عَلَى الْحِكَايَةِ فَظَنّ الْفَارِسِيّ أَنّهُ يُرِيدُ عَلَى الْحِكَايَةِ بِالْقَوْلِ فَجَعَلَ إنّي أَحْمَدُ اللّهَ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ بِأَقُولُ فَلَمّا بَقِيَ لَهُ الْمُبْتَدَأُ بِلَا خَبَرٍ تَكَلّفَ لَهُ تَقْدِيرًا لَا يُعْقَلُ فَقَالَ تَقْدِيرُهُ أَوّلُ مَا أَقُولُ إنّي أَحْمَدُ اللّهَ مَوْجُودٌ أَوْ ثَابِتٌ فَصَارَ مَعْنَى كَلَامِهِ إلَى أَنّ أَوّلَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الّتِي هِيَ إنّي أَحْمَدُ اللّهَ مَوْجُودٌ أَيْ أَوّلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مَوْجُودٌ فَآخِرُهَا إذًا مَعْدُومٌ وَهَذَا خُلْفٌ مِنْ الْقَوْلِ كَمَا تَرَى ، وَقَدْ وَافَقَهُ
ابْنُ جِنّي عَلَيْهِ رَأَيْته فِي بَعْضِ مَسَائِلِهِ قَالَ قُلْت لِأَبِي عَلِيّ لِمَ لَا يَكُونُ إنّي أَحْمَدُ اللّهَ فِي مَوْضِعِ
الْخَبَرِ ، كَمَا تَقُولُ أَوّلُ سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا :
إِنّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [
الْكَوْثَرُ : 1 ] أَوْ نَحْوَ هَذَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَذْفِ خَبَرٍ قَالَ فَسَكَتَ وَلَمْ يَجِدْ جَوَابًا ، وَإِنّمَا مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوّلُ مَا أَقُولُ أَيْ أَوّلُ الْقِيلِ الّذِي أَقُولُهُ إنّي أَحْمَدُ اللّهَ عَلَى حِكَايَةِ الْكَلَامِ الْمَقُولِ وَهَذَا الّذِي أَرَادَ
سِيبَوَيْهِ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ السّرَاجِ فَإِنْ فَتَحْت الْهَمْزَةَ مِنْ أَنّ صَارَ مَعْنَى الْكَلَامِ أَوّلُ الْقَوْلِ لَا أَوّلُ الْقِيلِ وَكَانَتْ مَا وَاقِعَةً عَلَى الْمَصْدَرِ وَصَارَ مَعْنَاهُ أَوّلُ قَوْلِي الْحَمْدُ إذْ الْحَمْدُ قَوْلٌ وَلَمْ يُبَيّنْ مَعَ فَتْحِ الْهَمْزَةِ كَيْفَ حَمِدَ اللّهَ هَلْ قَالَ الْحَمْدُ لِلّهِ بِهَذَا اللّفْظِ أَوْ غَيْرِهِ وَعَلَى كَسْرِ الْهَمْزَةِ قَدْ بَيّنَ كَيْفَ حَمِدَ حِينَ افْتَتَحَ كَلَامَهُ بِأَنّهُ قَالَ إنّي أَحْمَدُ اللّهَ بِهَذَا اللّفْظِ أَوْ غَيْرِهِ وَعَلَى كَسْرِ الْهَمْزَةِ قَدْ بَيّنَ كَيْفَ حَمِدَ حِينَ افْتَتَحَ كَلَامَهُ بِأَنّهُ قَالَ إنّي أَحْمَدُ اللّهَ بِهَذَا اللّفْظِ لَا بِلَفْظٍ آخَرَ فَقِفْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَدَبّرْهَا إعْرَابًا وَمَعْنًى ، فَقُلْ مَنْ أَحْكَمَهَا وَحَسْبُك أَنّ الْفَارِسِيّ لَمْ يَفْهَمْ عَمّنْ قَبْلَهُ وَجَاءَ بِالتّخْلِيطِ الْمُتَقَدّمِ وَاَللّهُ الْمُسْتَعَانُ .
وَالْخَرَادِيلُ الْقِطَعُ مِنْ اللّحْمِ وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الصّرَاطِ فَمِنْهُمْ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمْ الْمُخَرْدَلُ أَيْ تُخَرْدِلُ لَحْمَهُ الْكَلَالِيبُ الّتِي حَوْلَ الصّرَاطِ سَمِعْت شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ رَحِمَهُ اللّهُ يَقُولُ تِلْكَ الْكَلَالِيبُ هِيَ الشّهَوَاتُ لِأَنّهَا تَجْذِبُ الْعَبْدَ فِي الدّنْيَا عَنْ الِاسْتِقَامَةِ عَلَى سَوَاءِ الصّرَاطِ فَتُمَثّلُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ بِضَرَاءِ الْأَرْضِ . الضّرَاءُ مَا وَارَاك مِنْ شَجَرٍ وَالْخَمْرُ مَا وَارَاك مِنْ شَجَرٍ وَغَيْرِهِ .
وَقَوْلُهُ بِوَادِيهِ الْأَرَاجِيلُ أَيْ الرّجّالَةُ قِيلَ إنّهُ
جَمْعٌ الْجَمْعُ كَأَنّهُ
جَمْعُ الرّجْلِ وَهُمْ الرّجّالَةُ عَلَى أَرْجُلٍ ثُمّ
جَمَعَ أَرَجُلًا عَلَى أَرَاجِلَ وَزَادَ الْيَاءَ ضَرُورَةً . وَالدّرْسُ الثّوْبُ الْخَلِقُ . وَالْفَقْعَاءُ شَجَرَةٌ لَهَا ثَمَرٌ كَأَنّهُ حَلَقٌ .
وَيُرْوَى أَنّ النّبِيّ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - حِينَ أَنْشَدَهُ كَعْبٌ
نَظَرَ إلَى أَصْحَابِهِ كَالْمُعْجَبِ لَهُمْ مِنْ حُسْنِ الْقَوْلِ وَجَوْدَةِ الشّعْرِ .
وَقَوْلُهُ
التّهْلِيلُ أَيْ يَنْكُصُ الرّجُلُ عَنْ الْأَمْرِ جُبْنًا .
بَنُو عَلِيّ هُمْ
بَنُو كِنَانَةَ ، يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَلِيّ لِمَا تَقَدّمَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَرَادَ ضَرَبُوا قُرَيْشًا لِأَنّهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ .